جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية

مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
30 يناير 2019
غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى
غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى
31 يناير 2019
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
30 يناير 2019
غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى
غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى
31 يناير 2019

جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية

جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية

جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية

يجوز قراءة القرآن لينتفع بذلك أموات المسلمين، ومن أقوى الأدلة على ذلك صلاة الجنازة وهي فرض واجب على الكفاية وعند بعضهم سنة مؤكدة وبعد أول تكبيرة منها الفاتحة قول الشافعية وأشهب من المالكية وغيرهم فكيف مع ذلك يُحرّم بعض المبتدعة ذلك؟! ثم الإمام الشافعي وهو من أكابر السلف نص على استحسان ذلك نقله النووي في الأذكار وفي رياض الصالحين فلا عبرة بالمانعين.

قال الإمام المفسّر القرطبي المالكي (باب ما جاء في قراءة القران عند القبر حالة الدَّفْنِ وَبَعْدَهُ وَأَنَّهُ يَصِلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابَ مَا يَقْرَأُ وَيُدْعَى وَيُسْتَغْفَرُ لَهُ وَيُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ) من كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة.

وقَالَ الشَّيخُ أَحْمَدُ الدرْدِيرُ وهو من فقهاء المالكية فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ خَلِيلٍ المُسَمَّى الشَّرْحُ الكَبِيرُ ما نصه ((وَ) كُرِهَ (1) (قِرَاءَةٌ عِنْدَ مَوْتِهِ) إنْ فُعِلَتْ اسْتِنَانًا (كَتَجْمِيرِ الدَّارِ) أَيْ تَبْخِيرِهَا إلَّا أَنْ يُقْصَدَ زَوَالُ رَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ (وَ) كُرِهَ قِرَاءَةٌ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِهِ (وَعَلَى قَبْرِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ (2) لَكِنْ الْمُتَأَخِّرُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَجَعْلِ ثَوَابِهِ لِلْمَيِّتِ وَيَحْصُلُ لَهُ الْأَجْرُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الصَّالِحِينَ مِنْ أَهْلِ الْكَشْفِ) الشرح الكبير (1 – 423).

وقال الدسوقي محشي الدردير (وَفِي آخِرِ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ فِي السُّؤَالِ عَنْ قَوْله تَعَالَى (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلا مَا سَعَى) (النجم 39) قَالَ وَإِنْ قَرَأَ الرَّجُلُ وَأَهْدَى ثَوَابَ قِرَاءَتِهِ لِلْمَيِّتِ جَازَ ذَلِكَ وَحَصَلَ لِلْمَيِّتِ أَجْرُهُ) وَقَالَ ابْنُ هِلَالٍ فِي نَوَازِلِهِ (الَّذِي أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٌ وَذَهَبَ إلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الْمَيِّتَ يَنْتَفِعُ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ وَيَصِلُ إلَيْهِ نَفْعُهُ، وَيَحْصُلُ لَهُ أَجْرُهُ إذَا وَهَبَ الْقَارِئُ ثَوَابَهُ لَهُ، وَبِهِ جَرَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ شَرْقًا وَغَرْبًا وَوَقَفُوا عَلَى ذَلِكَ أَوْقَافًا وَاسْتَمَرَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ مُنْذُ أَزْمِنَةٍ سَالِفَةٍ، ثُمَّ قَالَ وَمِنْ اللَّطَائِفِ أَنَّ عِزَّ الدِّينِ بْنَ عَبْدِ السَّلَامِ الشَّافِعِيَّ رُئِيَ فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقِيلَ لَهُ مَا تَقُولُ فِيمَا كُنْتَ تُنْكِرُ مِنْ وُصُولِ مَا يُهْدَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَوْتَى فَقَالَ هَيْهَاتَ وَجَدْتُ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا كُنْت أَظُنُّ) حاشية الدسوقي على شرح الدردير لمختصر خليل (1 – 423).

وفي الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني لأحمد بن غانم بن سالم ابن مهنا شهاب الدين النفراوي الأزهري المالكي (المتوفى 1126هـ) باب ما يفعل بالمحتضر وفي غسل الميت، البكاء عند موت الميت (قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ (وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ إذَا فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ، وَأَمَّا لَوْ فُعِلَتْ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّكِ بِهَا وَرَجَاءَ حُصُولِ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْمَيِّتِ فَلَا، وَأَقُولُ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ بِالْقِرَاءَةِ فَلَا يَنْبَغِي كَرَاهَةُ ذَلِكَ فِي هَذَا الزَّمَانِ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا).
قَالَ الْقَرَافِيُّ (وَاَلَّذِي يَظْهَرُ حُصُولُ بَرَكَةِ الْقُرْآنِ لِلْأَمْوَاتِ كَحُصُولِهَا بِمُجَاوَرَةِ الرَّجُلِ الصَّالِحِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يَنْبَغِي إهْمَالُ أَمْرِ الْمَوْتَى مِنْ الْقِرَاءَةِ وَلَا مِنْ التَّهْلِيلِ الَّذِي يُفْعَلُ عِنْدَ الدَّفْنِ، وَالِاعْتِمَادُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَسِعَةِ رَحْمَتِهِ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَدْخَلِ أَنَّ مَنْ أَرَادَ حُصُولَ بَرَكَةِ قِرَاءَتِهِ وَثَوَابِهَا لِلْمَيِّتِ بِلَا خِلَافٍ فَلْيَجْعَلْ ذَلِكَ دُعَاءً فَيَقُولُ اللَّهُمَّ أَوْصِلْ ثَوَابَ مَا أَقْرَؤُهُ لِفُلَانٍ أَوْ مَا قَرَأْته، وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ لِلْمَيِّتِ ثَوَابُ الْقِرَاءَةِ وَلِلْقَارِئِ ثَوَابُ الدُّعَاءِ).

وقالَ القُرْطُبِيُّ (واستَدَلَّ بعضُ علمائِنا على قراءَةِ القُرءانِ على القبرِ بِحَديثِ العَسيبِ الرَّطبِ الذي شَقَّهُ النبيُّ صلى اللهَُ عليه وسلم اثنينِ ثم غَرَسَ علَى قَبرٍ نِصْفًا وعلَى قَبْرٍ نِصْفًا وقالَ لَعَلَّهُ يُخَفَّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا رواهُ الشَّيخَانِ”، قالَ ويُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا غرْسُ الأَشْجَارِ وقراءَةُ القُرْءَانِ علَى القُبور، وإذا خُفِّفَ عَنهُمْ بالأَشْجارِ فكيفَ بقراءَةِ الرَّجلِ المؤمِنِ القُرءانَ).

وقال الإمام القاضي أبو الفضل عياض في شرحه على صحيح مسلم في حديث الجريدتين عند قوله صلى الله عليه وسلم (لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين) ما نصه (أخذ العلماء من هذا استحباب قراءة القرءان على الميت لأنه إذا خفف عنه بتسبيح الجريدتين وهما جماد فقراءة القرءان أولى) ونقله عنه الأبي في شرح مسلم وأقره. ومما يشهد لنفع الميت بقراءة غيره حديث معقل بن يسار (اقرءوا يس على موتاكم) رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان وصححه.

وقال الزَّيلَعِي الحنفي (باب الحج عن الغير، الأصل في هذا الباب أن الإنسان له أن يجعل ثواب عمله لغيره عند أهل السنة والجماعة صلاةً كان أو صوماً أو حجاً أو صدقة أو تلاوة قرآن أو الأذكار أو غير ذلك من جميع أنواع البِرِّ، ويَصِلُ ذلك إلى الميِّتِ وَيَنْفَعُهُ) من تبيين الحقائق شرح كنـز الدقائق.

وَنَقَلَ ابنُ قُدامَةَ الْمَقْدِسيُّ شيخُ الحَنابِلةِ وأحَدُ أشهَرِ أئِمَّتِهم في القَرْن السابعِ الهِجريّ (ت 620 هـ) في كِتابِ الْمُغْنِي الإجْماعَ علَى جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت، فقالَ ما نَصُّه (وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا قُرِئَ الْقُرْءانُ عِنْدَ الْمَيِّتِ أَوْ أُهْدِيَ إلَيْهِ ثَوَابُهُ كَانَ الثَّوَابُ لِقَارِئِهِ وَيَكُونُ الْمَيِّتُ كَأَنَّهُ حَاضِرُهَا فَتُرْجَى لَهُ الرَّحْمَةُ، وَلَنَا مَا ذَكَرْنَاهُ وَأَنَّهُ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَمِصْرٍ يَجْتَمِعُونَ وَيَقْرَءُونَ الْقُرْءانَ، وَيُهْدُونَ ثَوَابَهُ إلَى مَوْتَاهُمْ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ). انتهى

وروى الحافظ ابن النَّجَّار البغدادي في تاريخه عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال (دخلتُ المقبرةَ ليلةَ الجمعة فإذا أنا بنورٍ مشرقٍ، فقلت (أي تعجباً) لا إلهَ إلَّا الله! نرى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ قد غَفرَ لأهل المقابر…، قال فإذا أنا بهاتفٍ من البعد وهو يقول يا مالك بن دينار، هذه هدية المؤمنين إلى إخوانهم من أهل المقابر.
قلتُ بالذي أنطقَكَ إلَّا أخبرتني ما هو؟
قال رَجلٌ منَ المؤمنينَ قامَ الليلةَ فأسبَغَ الوضوءَ وصلَّى ركعتَينِ وقرَأَ فيهما فاتحةَ الكتَابِ وقُلْ يا أيُّهَا الكافرون وقُلْ هو الله أحد، وقال اللَّهُمَّ إني قد وَهَبتُ ثوابَها لأهلِ المقابِرِ منَ المُؤمنين، فأدخلَ الله علينا الضِّياءَ والنُّورَ والفَسحةَ والسُّرورَ في المَشرقِ والمَغرب، قال مالكٌ فلَمْ أزَلْ أقرَؤُها في كُلِّ جُمعة، فرأيتُ النَّبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في منامي يَقولُ لي يا مالك، قد غَفرَ اللهُ لكَ بعدد النُّورِ الذي أهديتَهُ إلى أُمَّتي ولكَ ثَوابُ ذلك، ثمَّ قال لي وبَنَى الله لكَ بَيتًا في الجَنَّةِ في قصرٍ يُقالُ له المُنِيفُ، قلت ومَا المُنِيف؟ قال المُطلّ على أهلِ الجَنَّة). اهـ

وقد استحبّ علماء المسلمين ذلك سلفهم وخلفهم، قال الحافظ النووي في الأذكار ما نصه (قال الشافعيُّ والأصحاب يستحبّ أن يقرؤوا عنده (أي الميت المسلم) شيئاً من القرآن، قالوا فإن ختموا القرآن كله كان حسناً).

وقال أحمد بن حنبل وهو من أكابر تلامذة الشافعي رضي الله عنهما (إذا دَخَلْتُمْ المقَابِر فَاقْرَؤوا آيَةَ الْكُرْسِيّ وَقُلْ هُوَ الله أَحَد ثَلاَثَ مَرَّات، ثم قولوا اللَّهُمّ اجْعَلْ فَضْلَهُ لأَهْلِ المقَابِرِ) ذكره الفقيه ابن مفلح الحنبلي في كتاب المقصد الأرشد، وذكَر مثلَ ذلك عدد من فقهاء المذاهب السّنية الأربعة وغيرهم من العلماء المعتبرين.

فائدة:
قد صنف جملة من علماء المالكية مصنفات في حكم ثواب القراءة على الأموات منها إسعاف المسلمين والمسلمات بجواز القراءات ووصول ثوابها إلى الأموات للعلامة المحدث العربي التباني رحمه الله، والإثبات في وصول ثواب القرآن على الأموات للشيخ طالب عبد الرحمن الوهراني، وكشف الشبهات عن إهداء القراءة و سائر القرب للأموات للشيخ محمود حسن ربيع المالكي، هذا، والله تعالى أعلم وأحكم.

(1) الكراهة مقيدة بقصد الاستنان وإلا فمستحب.
(2) قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ السَّلَفِ أَيْ فَقَدْ كَانَ عَمَلُهُمْ التَّصَدُّقَ وَالدُّعَاءَ لَا الْقِرَاءَةَ.

3 Comments

  1. يقول محمد البشير:

    جزاكم الله عن أمة رسول الله كل خير

  2. يقول Amany:

    جزاكم الله خيرا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *