رد شبهة احتجاج المنكرين لعمل المولد بكلام ابن الحاج المالكي
13 أكتوبر 2023خبر الواحد وحجيته عند المالكية
12 نوفمبر 2023الرد على من زعم أن الفاطميين هم أول من احتفل بالمولد النبوي
رد بعض الشبه حول المولد النبوي الشريف
الرد على من زعم أن الفاطميين هم أول من احتفل بالمولد النبوي
ذكر عبد المنعم سلطان في كتابه الحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي أن الفاطميين هم أول من احتفل بالمولد النبوي كما رجح المؤرخ التونسي عبد الستار عمامو أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف عادة انطلقت في تونس في العهد الفاطمي، وقد استند هاذان الباحثان على ما قاله تقي الدين المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار وأحمد بن علي القلقشندي في كتابه صبح الأعشا في صناعة الإنشا وغيرهما.
قال تقي الدين المقريزي (كان للخلفاء الفاطميين في طول السنة أعيادٌ ومواسم وهي موسم رأس السنة، ويوم عاشوراء، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم……).
وذكر الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي الديار المصرية سابقاً في كتابه أحسن الكلام فيما يتعلق بالسنة والبدعة من الأحكام أن أول من أحدث تلك الاحتفالات بالموالد الستة هو المعز لدين الله وذلك في سنة 362 هـجري، والقول بأن العبيديين هم أول من احتفال بالمولد مشكل من جهات ثلاثة:
الأولى أن احتفال العبيدين بهذه الذكرى كان فيه دعوة إلى مذهبهم في التشيع وهذا معناه أن احتفالهم مشوب بمخالطة البدعة الضلالة فلا يجوز أن يقاس على احتفال أهل السنة والجماعة لخلو الأخير من الدعوة إلى اتباع أهل الأهواء فمن قاس الباطل على الحق كان قياسه باطلا.
فالفاطميين لم يحتفلوا بالمولد النبوي على طريقة أهل السنة من ذكر شئ من سيرة الرسول صلى الله عليه و سلم واطعام الفقراء تقربا إلى الله، بل كان ذلك لدوافع سياسية بالأساس لاستمالة أعدائه من أهل السنة.
قال الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه المعز لدين الله (وهكذا اتخذ المعز من الاحتفال بهذه الأعياد وسيلة لجذب رعاياه إليه ونشر مبادئ المذهب الإسماعيلي). انتهى
أما الاحتفال بالمولد النبوي على الطريقة السنية فكان أول من أظهره كاحتفال هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبري، حاكم أربيل كما ذكر ذلك الإمام جلال الدين السيوطي.
وقال ابن كثير (كان الملك المظفر يعمل المولد الشريف في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً، وكان مع ذلك شهمًا شجاعًا بطلاً عاقلاً عالمًا عادلا). انتهى
و قال أبو القاسم البرزلي (ولمَّا رحل العلامة أبو الخطَّاب عمر المعروف بابن دِحية البلنسي المالكي رحلته الشهيرة إلى الشرق أول القرن السابع، واتصل بالملك الجليل مظفر الدين أبي سعيد كوكبوري ابن زين الدين صاحب إربل، حسَّن الشيخ للملك التسنن بهذا السنن فرغبت همته في الاتسام بميسم أفاضل الزمن، لذلك أقام في سنة ست وستمائة حفلا عظيما، وأنشأ له ابن دحية كتابا سمّاهُ التنوير بمولد السراجِ المنير، ليُقْرَأَ في ذلك اليوم، وجعل يُعيد قراءته كل عام، تارة في اليوم الثامن، وتارة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول، فهو أوَّل الملوك نَظَّمَ هذا الاحتفال في سلك رُسوم دولته).
وأما في المغرب الاسلامي، فقد قال الشيخ الإمام محمد الطاهر بن عاشور في تحقيق القول في أول من سن الاحتفال بذكرى المولد النبوي (وأول من علمته صرف همته إلى الاحتفال باليوم الموافق يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم فيما حكاه ابن مرزوق هو القاضي أحمد محمد العزفي السبتي المالكي في أواسط القرن السادس وأوائل السابع واستحسنه جمهور مشيخة المغرب ووصفوه بالمسلك الحسن). انتهى
ولعل أول من ألف في مدح يوم ولادته صلى الله عليه وسلم من علماء تونس هو أبو محمد عبد الله بن أبي زكرياء التوزري الشقراطسي المتوفى سنة 466 هـ فقد نظم قصيدة تعرف بالقصيدة الشقراطسية في مدح المصطفى خير البرية ومما جاء فيها:
ضَاءت لِمولده الآفاقُ واتَّصَلَت بُشرى الهواتف في الإشراق والطُّفُلِ
وصرح كسرى تداعى من قواعده وانقض منكسر الأرجاء ذا ميل
ونار فارس لم توقد وما خمدت مذ ألف عام ونهر القوم لم يسل
الثانية: دخل الرَّحَّالة ابن جُبير إلى مكة سنة 579 للهجرة وأخبر أن أهل مكة كانوا يحتفلون بالمولد دون تحديد متى بدأ ذلك في مكة وبهذا يقوم احتمال أن يكون احتفال أهل مكة سابق لاحتفال العبيدين الذي بدأ سنة 362 هجري فكيف يُقطع بعد ذلك بأن العبيدين أول من احتفل بالمولد!؟
الثالثة: بعض المصنفين أخبر أن سبب احتفال الفاطميين بالمولد هو إرادة التقرب إلى أهل السنة فيحتمل مع هذا أن يكون عمل المولد معروفا في مصر قبل الفاطميين وإنما أمر الفاطميون به ليحظوا بقبول عامة أهل السنة لهم فلا يُقطع بعد هذا بأن الفاطميين أول من احتفل بالمولد النبوي.
قال الشيخ حسن السندوبي في كتابه تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي ما نصه (ولمّا استقر له الحك (أي المعز لدين الله) أخذ يفكّر في الوسائل الكفيلة باستمالة القلوب، وامتلاك النفوس، واستثارة العواطف حتى تألف الأمة المصرية تصرفات هذه الحكومة الجديدة وترضى عن سياستها في إدارة البلاد، ولمّا كانت الميول العامة لطبقات الأمة المصرية متجهة إلى حب آل بيت الرسول مع الاعتدال في التشيع لهم … رأى المعز لدين الله أنّ أقرب الأسباب للوصول إلى أغراضه من هذا الميل العام الالتجاء إلى الأمور التي تمتّ بصلة إلى المظهر الديني، فهداه تفكيره إلى أن يقرر إقامة مواسم حافلة وأعياد شاملة في مواعيد مقررة وكان من أولها وأجلّها وأفضلها الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف). انتهى
وقال الدكتور حسن إبراهيم حسن في كتابه المعز لدين الله (المعز كان يشترك مع رعاياه في الاحتفال بعيد رأس السنة الهجرية، ومولد النبي صلى الله عليه وسلم، وليلة أول رجب ونصفه، وليلة أول شعبان ونصفه، وموسم غرة رمضان حتى لا يثير نفوس السنيين. ويقرب مسافة الخلف بين المبادئ السنية والعقائد الشيعية). انتهى