بَابُ احْتِيَالِ العَامِلِ لِيُهْدَى لَهُ (في الحديث دليل على أن هدايا العمال والولاة والقضاة سحت)
6 يونيو 2022قول الله تعالى (يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ)
11 يونيو 2022الرد على الغلاة الذين زعموا أن الرّسول يعلم كل شيء
الرد على الغلاة الذين زعموا أن الرّسول يعلم كل شيء
قال ملا علي القاري (المتوفى 1014 هـ) في كتابه الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة المعروف بالموضوعات الكبرى (وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ الْغُلَاةُ عِنْدَهُمْ أَنَّ عِلْمَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْطَبِقٌ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ فَكُلُّ مَا يَعْلَمَهُ الله رَسُوله يُعلمهُ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ (وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) وَهَذَا فِي بَرَاءَةٍ، وَهِيَ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ، هَذَا وَالْمُنَافِقُونَ جِيرَانُهُ فِي الْمَدِينَةِ، وَمَنِ اعْتَقَدَ تَسْوِيَةَ عِلْمِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ يَكْفُرُ إِجْمَاعًا كَمَا لَا يَخْفَى) كلامه بحروفه.
يقول الله تَعَالَى فِي كِتَابِهِ (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا الله) الْغَيْبُ فِي الآيَةِ أُرِيدَ بِهِ جَمِيعُ الْغَيْبِ، وَالْغَيْبُ هُوَ مَا غَابَ عَنْ حِسِّ الْخَلْقِ، فَمَا غَابَ عَنْ حِسِّ الْخَلْقِ لا يَعْلَمُ جَمِيعَهُ إِلَّا الله، وَلا يُطْلِعُ الله عَلَى ذَلِكَ نَبِيًّا وَلا مَلَكًا، إِنَّمَا يُطْلِعُ عَلَى بَعْضِ الْغَيْبِ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ مِنْ مَلائِكَةٍ وَأَنْبِيَاءَ وَأَوْلِيَاءَ، فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لا أَحَدَ مِنْ خَلْقِ الله يُحِيطُ بِالْغَيْبِ عِلْمًا، بَلِ الله هُوَ الْمُنْفَرِدُ بِالإِحَاطَةِ بِالْغَيْبِ عِلْمًا، وَمَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ أَحَدًا غَيْرَ الله يُحِيطُ بِالْغَيْبِ عِلْمًا فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْءانَ.
ثم هناكَ دلائلُ أخرى شرعيةٌ تَدُلُّ على أنَّ الغَيبَ لا يُحيطُ بهِ عِلمًا إلا اللهُ قال اللهُ تَعالى لنَبيّهِ صلَّى الله عليه وسلم (قُل لَو كُنتُ أَعلَمُ الغَيبَ لاستَكثَرْتُ منَ الخَيرِ وما مَسَّنِيَ السُّوء) معنَاهُ أنّه لا يَعلَمُ جميعَ الغَيبِ، لا يَعلَمُ إلا مَا عَلّمَه اللهُ منَ الغَيب، والشّواهِدُ على ذلكَ أي على أنّ الرَّسولَ لا يَعلَم جميعَ الغيبِ كثيرةٌ مرَّةً أَرسَل نَحوَ سَبعينَ مِن أصحابه وكانوا قُرَّاء إلى قبيلةٍ من قبائل العرَب ليُعلّمُوهم الدّينَ ويُفَقّهُوهُم ثم اعترضَتهُم قَبيلةٌ أُخرَى منَ المشركينَ في طَريقِهم فقتَلُوهم، فحزِنَ علَيهم رسولُ الله حُزنًا شديدًا وهذا مِصدَاقُ قَولِه تعالى (ومَا مَسّنيَ السُّوءُ) لأنّه لو كَانَ يَعلَمُ أنّ هؤلاءِ يُصَابُونَ مِن قِبَلِ الكفّارِ هَذه الإصابَةَ مَا أرسَلَهُم، الرَّسولُ صلّى الله عليه وسلم قال (إنّي لا أعلَمُ إلا مَا عَلَّمَني ربّي، الرَّسول لا يَعلَمُ منَ الغَيب إلاّ ما أطْلعَه اللهُ عليه).