العرش له حدٌّ ومقدار والربُّ لا تُدركه الأبصار
1 يوليو 2023المذهب الأشعري كان مذهبا معتمدا عند المرابطين ومما يدل على ذلك فتاوى ابن رشد الجد
11 يوليو 2023تأمَّل يا عبد الله كيف فهم كبار علماء السَّادة المالكيَّة حديث النزول وفق أصول إمام مذهبهم سيّدنا مالك بن أنس
قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَلَّامَةُ الْهُمَامُ الْقَاضِي المَالِكِي أَبُو الْوَلِيدِ سُلَيْمَانُ بْنُ خَلَفٍ الْبَاجِيُّ (ت 474 هـ) في شرح موطأ الإمام مالك عند حديث النزول (قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ (يَنْزِلُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ كُلَّ لَيْلَةٍ إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا) إخْبَارٌ عَنْ إجَابَةِ الدُّعَاءِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَإِعْطَاءِ السَّائِلِينَ مَا سَأَلُوهُ وَغُفْرَانِهِ لِلْمُسْتَغْفِرَيْنِ، وَتَنْبِيهٌ عَلَى فَضِيلَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَحَضٌّ عَلَى كَثْرَةِ الدُّعَاءِ وَالسُّؤَالِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِيهِ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِذَا تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ بَاعًا وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُ إلَيْهِ هَرْوَلَةً” وَلَمْ يُرِدْ بِهِ التَّقَرُّبَ فِي الْمَسَافَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَلَا مَوْجُودٍ، وَإِنَّمَا أَرَادَ التَّقَرُّبَ بِالْعَمَلِ مِنْ الْعَبْدِ وَالْقُرْبَ مِنْهُ تَعَالَى بِالْإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُقَالُ فُلَانٌ قَرِيبٌ مِنْ فُلَانٍ وَيَقُولُونَ فِي الرَّئِيسِ هُوَ قَرِيبٌ مِنْ النَّاسِ إذَا كَانَ كَثِيرَ الْإِسْعَافِ لَهُمْ وَالتَّرْحِيبَ بِهِمْ، وَهُوَ مَشْهُورٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ).
وَفِي الْعُتْبِيَّةِ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ فِي جِنَازَةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْعَرْشِ فَقَالَ (لَا يَتَحَدَّثْنَ بِهِ وَمَا يَدْعُو الْإِنْسَانَ إلَى أَنْ يَتَحَدَّثَ بِهِ؟ وَهُوَ يَرَى مَا فِيهِ مِنْ التَّغْرِيرِ)، وَحَدِيثِ (إنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)، وَحَدِيثِ السَّاقِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَنْبَغِي لِمَنْ يَتَّقِي اللَّهَ أَنْ يُحَدِّثَ بِمِثْلِ هَذَا، قِيلَ لَهُ:فَالْحَدِيثُ الَّذِي جَاءَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ضَحِكَ؟ فَلَمْ يَرَهُ مِنْ هَذَا وَأَجَازَهُ، وَقَالَ وَحَدِيثِ التَّنَزُّلِ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:
(أ) أَحَدُهُمَا أَنَّ حَدِيثَ التَّنَزُّلِ وَالضَّحِكِ أَحَادِيثُ صِحَاحٌ لَمْ يُطْعَنْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَحَدِيثَ اهْتِزَازِ الْعَرْشِ قَدْ تَقَدَّمَ الْإِنْكَارُ لَهُ وَالْمُخَالَفَةُ فِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَحَدِيثَ الصُّورَةِ وَالسَّاقِ لَيْسَتْ أَسَانِيدُهَا تَبْلُغُ فِي الصِّحَّةِ دَرَجَةَ حَدِيثِ التَّنَزُّلِ.
(بـ) وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنَّ:
التَّأْوِيلَ فِي حَدِيثِ التَّنَزُّلِ أَقْرَبُ وَأَبْيَنُ، وَالْغَرَرُ بِسُوءِ التَّأْوِيلِ فِيهَا أَبْعَدُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ) المُنتقى (357/1).
فتأمَّل يا عبد الله كيف فهم كبار علماء السَّادة المالكيَّة حديث النزول وفق أصول إمام مذهبهم سيدنا مالك بن أنس، وأمعن النظر في تخريج القاضي الباجي لتفريقهم بين حديث النُّزول وحديث الضَّحك من جهة، وبين حديث السَّاق وحديث اهتزاز العرش عند موت سيِّدنا سعد بن معاذ رضي الله عنه من جهة أخرى.
والله الموَفِّق.
1 Comment
حديث النزول