التَّوَكُّلُ عَلى اللهِ والتَّحْذِيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين

التحذير من الكذب وعادة أول أفريل
التحذير من الكذب وعادة أول أفريل
28 ديسمبر 2018
إن من أصول عقائد المسلمين الإيمان بقَدَرِ الله سبحانه وتعالى
إن من أصول عقائد المسلمين الإيمان بقَدَرِ الله سبحانه وتعالى
29 ديسمبر 2018
التحذير من الكذب وعادة أول أفريل
التحذير من الكذب وعادة أول أفريل
28 ديسمبر 2018
إن من أصول عقائد المسلمين الإيمان بقَدَرِ الله سبحانه وتعالى
إن من أصول عقائد المسلمين الإيمان بقَدَرِ الله سبحانه وتعالى
29 ديسمبر 2018

التَّوَكُّلُ عَلى اللهِ والتَّحْذِيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين

التَّوَكُّلُ عَلى اللهِ والتَّحْذِيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين

التَّوَكُّلُ عَلى اللهِ والتَّحْذِيرُ مِنَ الكَهَنَةِ والعَرّافِين

إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَهْدِيهِ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَشْكُرُهُ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنَا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ ومَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ولا مَثِيلَ لَهُ ولا شَبِيهَ لَهُ ولا صُورَةَ ولا أَعْضاءَ لَهُ ولا جُثَّةَ ولا جِسْمَ ولا مَكانَ لَهُ، خَلَقَ العالَمَ وهُوَ غَنِيٌّ عَنِ العالَمِين، خَلَقَ العَرْشَ إِظْهارًا لِقُدْرَتِهِ ولَمْ يَتَّخِذْهُ مَكانًا لِذاتِه، جَلَّ رَبِّي فَهُوَ الواحِدُ القَهّار. وأَشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا وعَظِيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أَعْيُنِنا محمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ وصَفِيُّهُ وحَبِيبُه، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سيِّدِنا محمَّدٍ صَلاةً تَقْضِي بِها حاجاتِنا وتُفَرِّجُ بِها كُرُباتِنا وتَكْفِينا بِها شَرَّ أَعْدائِنا وسَلِّمْ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وأَصْحابِهِ تَسْلِيمًا كَثِيرا.

أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ القَدِيرِ القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلۡيَتَوَكَّلِ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١٣﴾(سورة التغابن/13).

إِخْوَةَ الإِيمانِ، مِنَ الواجِباتِ القَلْبِيَّةِ التَّوَكُّلُ عَلى اللهِ وهُوَ الاِعْتِمادُ عَلَيْهِ تَعالى، فَيَجِبُ عَلى العَبْدِ أَنْ يَكُونَ اعْتِمادُهُ عَلى اللهِ لِأَنَّهُ خالِقُ كُلِّ شَىْءٍ مِنَ الْمَنافِعِ والْمَضارِّ وسائِرِ ما يَدْخُلُ في الوُجُود، فَلا ضارَّ ولا نافِعَ على الحَقِيقَةِ إِلاَّ اللهُ، فَإِذا اعْتَقَدَ العَبْدُ ذَلِكَ وَوَطَّنَ قَلْبَهُ عَلَيْهِ كانَ اعْتِمادُهُ عَلى اللهِ في أُمُورِ الرِّزْقِ والسَّلامَةِ مِنَ الْمَضارّ، فَالتَّوَكُّلُ هُوَ ثِقَةُ القَلْبِ بِالله، وقالَ الجُنَيْدُ البَغْدادِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ [التَّوَكُّلُ هُوَ تَرْكُ الاِعْتِمادِ الحَقِيقِيِّ عَلى غَيْرِ اللهِ]. اهـ

فَمَنْ تَوَكَّلَ عَلى اللهِ تَجَنَّبَ أَنْ يَلْجَأَ إِلى ما حَرَّمَ اللهُ مِنَ العَمَلِ بِالسِّحْرِ وإِتْيانِ العَرّافِينَ والْمُنَجِّمِينَ، فَقَدْ قالَ حَبِيبُنا محمَّدٌ صَلَواتُ رَبِّي وسَلامُهُ عَلَيْهِ (مَنْ أَتَى كاهِنًا أَوْ عَرّافًا فَصَدَّقَهُ بِما يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِما أُنْزِلَ عَلى محمَّدٍ)  رَواهُ الحاكِم.

فَالكاهِنُ هُوَ مَنْ يَتَعاطَى الإِخْبارَ عَمّا يَقَعُ في الْمُسْتَقْبَلِ كَالَّذِينَ لَهُمْ أَصْحابٌ مِنَ الجِنِّ يَأْتُونَهُمْ بِالأَخْبارِ فَيَعْتَمِدُونَ عَلى أَخْبارِهِمْ فَيُحَدِّثُونَ النّاسَ بِأَنَّهُ سَيَحْصُلُ كَذا.

والعَرّافُ هُوَ مَنْ يَتَحَدَّثُ عَنِ الْماضِي مِنَ الْمَسْرُوقِ ونَحْوِه، فَمَنْ ذَهَبَ إِلى عَرّافٍ أَوْ كاهِنٍ واعْتَقَدَ أَنَّهُ يَطَّلِعُ عَلى الغَيْبِ فَقَدْ كَفَرَ بِاللهِ ورَسُولِهِ لِأَنَّهُ لا يَعْلَمُ الغَيْبَ أَحَدٌ إِلاّ اللهُ، قالَ تَعالى ﴿قُل لَّا يَعۡلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ ٱلۡغَيۡبَ إِلَّا ٱللَّهُۚ ٦٥﴾ (سورة النمل/65) ولَيْسَ الْمُرادُ مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَدْ يُوافِقُ الواقِعَ وقَدْ لا يُوافِقُ الواقِعَ فَإِنَّهُ لا يَكْفُرُ بَلْ يَكُونُ عاصِيًا بِسُؤالِهِ إِيّاهُم.

ولْيُعْلَمْ أَنَّ مِنَ الجِنِّ أَحْيانًا مَنْ يَسْتَرِقُونَ السَّمْعَ مِنَ الْمَلائِكَةِ الْمُوَكَّلِينَ بِإِنْزالِ الْمَطَرِ وهُمْ في الغَمامِ يَصْعَدُ الجِنُّ إِلى مَكانٍ قَرِيبٍ مِنْ هَذا الغَمامِ والْمَلائِكَةُ يَتَحَدَّثُونَ فِيما بَيْنَهُمْ بِما يَصِيرُ هَذا العامَ في أَرْضِ كَذا ومِنَ الحَوادِثِ كَذا وكَذا كَمَوْتِ شَخْصٍ أَوْ وِلادَةِ مَوْلُودٍ أَوْ أَنْ يَتَوَلَّى شَخْصٌ الرِّئاسَةَ أَوْ أَنْ يُعْزَلَ عَنِ الرِّئاسَةِ ونَحْوِ ذَلِكَ مِمّا أَطْلَعَ اللهُ الْمَلائِكَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللهَ يُطْلِعُ الْمَلائِكَةَ والأَنْبِيَاءَ والأَوْلِيَاءَ عَلى شَىْءٍ مِنَ الغَيْبِ ولا يُطْلِعُهُمْ عَلى الغَيْبِ كُلِّه، فَبَعْدَ أَنْ يَسْتَرِقَ هَؤُلاءِ الجِنُّ السَّمْعَ مِنَ الْمَلائِكَةِ يَنْزِلُونَ عَلى الأَرْضِ ويُخْبِرُونَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ لَهُمْ مَعَهُمْ صُحْبَةٌ مِنَ البَشَر.

فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِنْ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ تَحْضِيرَ الأَرْواحِ وهُوَ في الواقِعِ تَحْضِيرٌ لِلْجِنِّ، فَأَرْواحُ الأَتْقِيَاءِ لا يُحِبُّونَ أَنْ يَرْجِعُوا إِلى الدُّنْيا ولَوْ مَلَكُوا الدُّنْيا وما فِيها، وأَرْواحُ الكُفّارِ تَحْتَ مَلائِكَةِ العَذابِ ولا يَسْتَطِيعُ هَؤُلاءِ الدَّجاجِلَةُ أَنْ يَسْحَبُوا رُوحَ الكافِرِ مِنْ مَلائِكَةِ العَذابِ إِنَّما الَّذِينَ يَحْضُرُونَ إِلى مَجْلِسِ هَؤُلاءِ هُمُ الجِنُّ الَّذِينَ كانُوا يَعْرِفُونَ حالَ هَذا الشَّخْصِ وعاشُوا مَعَهُ إِمّا قَرِينُهُ أَوْ واحِدٌ أخَرُ يَعْرِفُ أَحْوالَهُ يَكْذِبُ فَيَقُولُ: أَنا رُوحُ فُلانٍ والعِياذُ بِاللهِ تَعالى.

ولا يَدْخُلُ فِيمَنْ ذَكَرْنا مَنْ يُرَدِّدُ أيَةً بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ لِمَقْصِدٍ حَسَنٍ فَإِنَّ هَذا قَدْ يَحْضُرُهُ مَلائِكَةُ الرَّحْمَةِ بِبَرَكَةِ هَذِهِ الآيَة، أَمّا مَنْ كانَ غَرَضُهُ الدُّنْيا فَهَذا لا يَحْضُرُ إِلَيْهِ مَلائِكَةُ الرَّحْمَة، وأَغْلَبُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ إِنَّهُمْ رُوحانِيُّونَ هُمْ يَعْمَلُونَ مَعَ الجِنِّ لَكِنَّهُمْ لا يَقُولُونَ لِلنّاسِ نَحْنُ نَعْمَلُ مَعَ الجِنِّ لِأَنَّهُمْ إِنْ قالُوا ذَلِكَ لِلنّاسِ فَالنّاسُ لا يَعْتَقِدُونَهُم، أَمّا إِنْ قالُوا رُوحانِيُّونَ النّاسُ يَقْصِدُونَهُم، في البَدْءِ أَحْيانًا الجِنُّ يُظْهِرُونَ أَنَّهُمْ قائِمُونَ بِالشَّرِيعَةِ
ثُمَّ يُدْخِلُونَ أَشْياءَ مُخالِفَةً لِلشَّرِيعَة.

ولقد ذكر الحافظ العبدري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنْ رَجُلٍ كانَ في ناحِيَتِهِمْ يَقُولُ إِنَّنِي رُوحانِيٌّ أَيْ مَعِي مَلائِكَةٌ ثُمَّ النّاسُ يَطْلُبُونَهُ لِمَرِيضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، يَأْتِي بَعْدَ الْمَغْرِبِ ثُمَّ النّاسُ يَحْضُرُونَ إِلَيْهِ ثُمَّ بَعْدَ بُرْهَةٍ يُطْفِئُ الضَّوْءَ فَيُحِسُّ الحاضِرُونَ بِحَرَكاتٍ كَأَنَّ أَحَدًا حَضَرَ ثُمَّ يَسْمَعُونَ صَوْتَ أَشْخاصٍ لا يَرَوْنَهُمْ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ نَحْنُ رُوحانِيُّونَ ولا يَقُولُونَ نَحْنُ جِنٌّ ثُمَّ يَتَكَلَّمُونَ فَيَقُولُونَ هَذا الْمَرِيضُ مَرَضُهُ كَذا ودَواؤُهُ كَذا، ثُمَّ مَرَّةً لَمّا حَضَرُوا قالُوا أَيِ الجِنُّ بَعْضُ النّاسِ يُسِيئُونَ الظَّنَّ بِنا يَقُولُونَ نَحْنُ جِنٌّ، نَحْنُ لَسْنا جِنًّا، نَحْنُ الْمَلَكُ بِلا أَبٍ ولا أُمٍّ، ثُمَّ فَضَحَهُمُ اللهُ تَعالى لِأَنَّ بَعضَهُمْ اعْتَرَفَ فَقالَ أمُرُ ابْنِي مَيْمُونَ بِكَذا، فَضَحَهُ اللهُ تَعالى، لِأَنَّهُ مِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَلائِكَةَ لا يَتَناكَحُونَ لَيْسُوا ذُكُورًا ولا إِناثًا إِنَّما أَجْسامٌ نُورانِيَّةٌ لا يَأْكُلُونَ ولا يَشْرَبُونَ ولا يَتَناكَحُونَ ولا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُون.

إِخْوَةَ الإِيمانِ، قالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الوَهّابِ الشَّعْرانِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في كِتابِهِ (لَطائِفُ الْمِنَنِ والأَخْلاقِ) نَقْلاً عَنِ ابْنِ عَرَبِيٍّ أَنَّهُ قالَ [مَنْ أَرادَ أَنْ لاَ يَضِلَّ فَلاَ يَرْمِ مِيزَانَ الشَّرِيعَةِ مِنْ يَدِهِ طَرْفَةَ عَيْنٍ بَلْ يَسْتَصْحِبُها لَيْلاً ونَهارًا عِنْدَ كُلِّ قَوْلٍ وفِعْلٍ واعْتِقاد] فَكُلَّما حَضَرْتَ أَخِي الْمُصَلِّيَ في مَجالِسِ عِلْمِ الدِّينِ الَّتِي نُعْطِيها يَقْوَى عِنْدَكَ مِيزانُ الشَّرِيعَة، فَمَنْ تَعَلَّمَ شَرْعَ اللهِ يُمَيِّزُ بَيْنَ الحَسَنِ والقَبِيحِ والطَّيِّبِ والخَبِيثِ والحَلالِ والحَرامِ والكُفْرِ والإِيمان.

اَللَّهُمَّ عَلِّمْنا ما يَنْفَعُنا وانْفَعْنا بِما عَلَّمْتَنا وزِدْنا عْلَما.

هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *