سيّدتنا نفيسة رضوان الله عليها
سيّدتنا نفيسة رضوان الله عليها
17 نوفمبر 2016
مـعاذة بنت عبد الله العدوية
مـعاذة بنت عبد الله العدوية
17 نوفمبر 2016
سيّدتنا نفيسة رضوان الله عليها
سيّدتنا نفيسة رضوان الله عليها
17 نوفمبر 2016
مـعاذة بنت عبد الله العدوية
مـعاذة بنت عبد الله العدوية
17 نوفمبر 2016

كبشة بنت رافع الأنصارية

كبشة بنت رافع الأنصارية

كبشة بنت رافع الأنصارية الصادقة الصابرة

صاحبة هذه السيرة العطرة، واحدة من المسلمات اللاتي حظين بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم، ورافقن الرسالة النبوية الشريفة، منذ أشرقت أنوارها في المدينة المنورة، ففي ثنايا بيتها فاحت روائح الطيب في (طيبة) الطيبة فانتشر فيها الإسلام، فكانت خيرًا وبركة على أرجاء المعمورة.

نعم، ففي هذا الجو الإيماني العظيم، وفي ظل التقوى نشأت هذه الصحابية الجليلة، ونهلت من معين الإسلام الصافي النقي، فأعطت الكثير الكثير، فكانت أماً لشهيدين عظيمين، وبطلين مباركين من أبطال الإسلام.

فهي أم حارس رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم بدر، وحامل راية الأنصار أيضاً، وواحد من مجلس شورى النبي صلى الله عليه وسلم يومذاك.

وابنها هذا هو الصديق الثاني بعد سيدنا أبي بكر رضي الله عنه، وخليفة رسول الله على المدينة في غزوة بواط، إنها أم الأبطال، أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع بن معاوية بن عبيد الأنصارية الخدرية، واحدة من النساء الفاضلات اللاتي قدمن الخير في جميع المجالات، وهي واحدة ممن شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدق، ودعا لها بالخير والأجر العظيم.

كانت كبشة قد تزوجت معاذ بن النعمان الأشهلي فولدت له سعد بن معاذ وعمروًا وإياسًا وأوسًا وعقرب وأم حزام بني معاذ بن النعمان. في سجل الأوائل.
أسلمت كبشة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لها كبير الأثر في تاريخ الإسلام.

فها هي المدينة تستضيف شابًا وسيمًا من مكة هو مصعب بن عمير رضي الله عنه، سفير رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ليعلّم أهلها القرءان، ويفقههم في أمور الدين، وهكذا بدأ الإسلام ينتشر في دور الأنصار حتى وصلت الدعوة إلى دار بني عبد الأشهل، فأسلم سيد الأوس أسيد بن الحضير، وسعد بن معاذ الذي وقف أمام قومه بني عبد الأشهل، وقال لهم يا بني عبد الأشهل، كيف تعلمون أمري فيكم؟

قالوا سيدنا وأفضلنا، قال فإن كلام رجالكم ونسائكم عليّ حرام (أي أمنع نفسي من ذلك) حتى تؤمنوا بالله ورسوله فما أمسى في دار بني عبد الأشهل رجل ولا امرأة إلا مسلمًا أومسلمة.

وسارعت أم سعد إلى إعلان إسلامها، وسعدت بنعمة الإيمان سعادة عظيمة، بل ازدادت سعادتها عندما أضحت دارها وقرًا ومكانًا لسفير رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها انبعثت نسمات الإيمان تعطر أرجاء المدينة والدنيا كلها.

وذكر ابن الجوزي رحمه الله في صفة الصفوة، أنّ أول دار أسلمت من دور الأنصار دار بني عبد الأشهل، فأكرم بها من دار.
وذكر ابن حجر رحمه الله في الإصابة فقال أول من بايع النبي صلى الله عليه وسلم أم سعد بن معاذ وهي كبشة بنت رافع بن عبيد، وأم عامر بنت يزيد بن السّكن، وليلى بنت الخطيم.

وكم كان سرور أم سعد عظيمًا حينما ترامى إلى سمعها قول النبي صلى الله عليه وسلم يذكر دارها ودور الأنصار بخير، فقال (خير دور الأنصار بنو النّجار، ثم بنو عبد الأشهل، ثم بنو الحارث الخزرج، ثم بنو ساعدة، وفي كل دور الأنصار خير).

ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أنّ أختي كبشة قد أسلمتا وبايعتا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما الفريعة أو الفارعة بنت رافع، وسعاد بنت رافع وهي أم أسعد بن زرارة أحد النقباء الأخيار، وهو ابن خالة سعد بن معاذ رضي الله عنهم جميعًا.

أم الشهيدين:
سجّل التاريخ لأم سعد صفات وفضائل كريمة، ومواقف إيمانية تشير إلى مكانة النبي العظيم في نفسها، وتقديم الابناء شهداء في سبيل الله سبحانه وتعالى.

وأما في غزوة أحد فقد خرجت أم سعد رضي الله عنها مع من خرج من النساء ينظرن إلى سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن وردت الأخبار إلى المدينة باستشهاد عدد من المسلمين، وكان من بين الشهداء ابنها عمرو بن معاذ رضي الله عنه.

ولكن هذه الصحابية الجليلة كانت ترجو سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبلت بسرعة نحو أرض المعركة، فلما رأت النبي صلى الله عليه وسلم سالمًا، حمدت الله، وقالت أما إذا رأيتك سالمًا فقد أشوتِ (أي هانت) المصيبة، فعزَّاها النبي صلى الله عليه وسلم بابنهاعمرو.

شهادة صدق:
في إحدى الساعات الحرجة التي زاغت فيها الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وعلى وجه التحديد في غزوة الخندق أو غزوة الأحزاب، حظيت أم سعد بشهادة الصدق مختومة بختم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان ابنها سعد يرتدي درعًا قصيرة قد ظهرت منها ذراعه، فمرّ من أمام حصن بني حارثة، وكان فيه النساء والأطفال، ومن بينهم عائشة أم المؤمنين، وأمه كبشة رضي الله عنهما، فقالت له أمه تستعجله الْْحَقْ برسول الله يا بني فقد (والله) تأخرت.

وقد أرادت رضي الله عنها أن لا تفوته لحظة دون أن يحظى بمعية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت السيدة عائشة والله يا أم سعد لوددتُ أن درع سعد أطول على يده مما هي، فقالت أم سعد يقضي الله ما هو قاض. فقضى الله أمرًا كان مفعولاً، وأصيب سعد بسهم قطع منه الأكحل، وهو عِرق في الذراع يُسمى عرق الحياة، رماه به حبان بن العرقة.

قال الرسول صلى الله عليه وسلم في شأن سعد (اهتزَّ عرش الرحمن عزّ وجلّ لموت سعد بن معاذ).

والمعنى انتعش العرش وحاملوه فرحًا بقدوم روحه رضي الله عنه ، وفي هذا دليل علوّ مقامه ورفيع مكانته، لأن العرب تنسب الشيء العظيم لأعظم الأشياء ، فتقول أظلمت الأرض لموت فلان، واهتزت له الجبال. واحتسبت أم سعد ابنها الثاني شهيدًا، لعلمها بمكانة الشهيد وللبشرى التي بشرها بها النبي العظيم صلى الله عليه وسلم.

بشارتها بالجنة:
قال الله تعالى (الذين صبروا وعلى ربّهم يتوكلون)، هذه الصحابية الفاضلة ضربت أروع ءايات الصبر والتوكل في تاريخ النساء، وكانت تحث على مرضاة ربها، ومرضاة نبيه، وتؤثر محبة رسول الله على كل غال ونفيس من مال وولد، لقد صبرت عندما استشهد ولدها عمرو وأخوه سعد رضي الله عنهما.

وفي السنة إشارات كثيرة ودلائل واضحة تبشر بالجنة لمن صبر ابتغاء مرضاة الله.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من احتسب ثلاثة من صُلبه دخل الجنة)، فقامت امرأة فقالت أو اثنان؟
فقال (أو اثنان) فقالت يا ليتني قلت واحدة.
وبعد فهذه نفحات ندية من سيرة صحابية جليلة، فقد صبرت ابتغاء مرضاة الله عزَّ وجلَّ فرضي الله عنها وأرضاها لأنها ضربت الأمثلة في الصبر والوفاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *