من تمويهات الوهابية حـمْل الدعاء الوارد في مواضع من القرءان على معنى مجرد النداء لتكفير من يقول يا رسول الله أو يا عبد القادر

حديث (أُمِرتُ بقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى يَقُولُونَ يَثرِب وهيَ المدينَةُ تَنفِي النّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد)
حديث (أُمِرتُ بقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى يَقُولُونَ يَثرِب وهيَ المدينَةُ تَنفِي النّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد)
27 مارس 2018
قالوا في صِفَةِ رَسُولِ الله يتَلألأ وَجْهُه تَلألأ القَمر لَيلَةِ البَدْر
قالوا في صِفَةِ رَسُولِ الله يتَلألأ وَجْهُه تَلألأ القَمر لَيلَةِ البَدْر
29 مارس 2018
حديث (أُمِرتُ بقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى يَقُولُونَ يَثرِب وهيَ المدينَةُ تَنفِي النّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد)
حديث (أُمِرتُ بقَريَةٍ تَأكُلُ القُرَى يَقُولُونَ يَثرِب وهيَ المدينَةُ تَنفِي النّاسَ كَمَا يَنفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيد)
27 مارس 2018
قالوا في صِفَةِ رَسُولِ الله يتَلألأ وَجْهُه تَلألأ القَمر لَيلَةِ البَدْر
قالوا في صِفَةِ رَسُولِ الله يتَلألأ وَجْهُه تَلألأ القَمر لَيلَةِ البَدْر
29 مارس 2018

من تمويهات الوهابية حـمْل الدعاء الوارد في مواضع من القرءان على معنى مجرد النداء لتكفير من يقول يا رسول الله أو يا عبد القادر

من تمويهات الوهابية حـمْل الدعاء الوارد في مواضع من القرءان على معنى مجرد النداء لتكفير من يقول يا رسول الله أو يا عبد القادر

من تمويهات الوهابية حـمْل الدعاء الوارد في مواضع من القرءان كقوله تعالى {يدعوا لمن ضَرُّهُ أقرَبُ من نَفْعِهِ} وقوله تعالى {ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيبُ لهُ} على معنى مجرد النداء لتكفير من يقول يا رسول الله أو يا عبد القادر.

قال ابن تيمية في كتابه الفتاوى الكبرى ما نصه: وأما قول القائل إذا عثر: يا جاه محمد يا للست نفيسة أو يا سيدي الشيخ فلان أو نحوُ ذلك مما فيه استغاثته وسؤاله فهو من المحرمات وهو من جنس الشرك فإن الميت سواء كان نبيا أو غير نبي لا يُدعى ولا يُسأل ولا يُستغاث به لا عند قبره ولا مع البعد من قبره بل هذا من جنس دين النصارى الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله. اهـ

الـجـواب:
إنَّ حَـمْـلَ ابن تيمية والوهابية الدعاء الوارد في هذه الآيات على معنى مجرد النداء حمل فاسد باتفاق أهل التفسير على أن ذلك معناه العبادة التي هي غاية التذلل وغاية الخشوع والخضوع ولم يفسره أحد من اللغويين والمفسرين بالنداء الذي ادعاه ابن تيمية.

والذي يدل على فساد تفسيرهم هذا أن القرءان والحديث لا يجوز تفسيرهما بما لا يوافق اللغة العربية، بل يلزم ما يوافق اللغة التي نزل بها القرءان الكريم فقد روى البخاري في الأدب المفرد بإسناد صحيح لا علة فيه قال البخاري: بـاب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن أبي اسحق عن عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل: اذكر أحب الناس إليك فقال: يـا محمد.

وأما أبو نعيم فهو الفضل بن دُكيـن ثقة إمام كما في تهذيب الكمال، وأما سفيان فهو سفيان الثوري وهو إمام من أئمة الإسلام بلا شك، وأما أبو اسحق فهو السبيعي الذي يُدندنُ الألباني للطعن به وبروايته حتى يرد هذا الأثر الثابت الصحيح لأنه مما يُخالف عقيدته فنقول هذا الاثر ثابت أما ابو اسحاق قال فيه الذهبي في كتابه السير الجزء الخامس ان أبا اسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله ثقة حجة بلا نزاع شاخ ونسي ولم يختلط. اهـ واحتمل حديثه سفيان على قول من قال اختلط قبل اختلاطه.

وقال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب الجزء الرابع إن سفيان الثوري ممن روى عن أبي اسحق السبيعي وإنه أثبت الناس فيه. اهـ

ومثله قال الحافظ المزي في تهذيب الكمال الجزء الثاني والعشرون.
وقال الذهبي في ميزان الاعتدال الجزء الثاني إن أبـا اسحق السبيعي لم يختلط لما وقع في هرم الشيخوخة. اهـ

وقال الحافظ العراقي في البيان والتوضيح عن أبي اسحق: وثقه أحمد ويحيى والنسائي وأبو حاتم. اهـ ووثقه كذلك ابن معين والعجلي ومات سنة مائة وتسع وعشرون.

فبهذا يعلم كذب الألباني ونفاقه فيمن تتبع تصانيفه وتحقيقاته المتضاربة في دعواه الانتساب لعلم الحديث وهو يطعن في سلف الأمة وخلفها ليروج بضاعته الكاسدة، وانظر إن أردت الحق قول الحافظين ابن حجر والمزي: إن أثبت الناس في أبي اسحق سفيان وهو راوي حديث يـا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما عبد الرحمن بن سعد فقد قال النسائي وابن حبان فيه إنه ثقة. اهـ

وكذلك استحسن هذا الأثر أيضا ابن تيمية في كتابه الكلم الطيب حيث جعله في كتابه الذي أسماه بالكلم الطيب ولم يعقب عليه بل أورده كما أورد سائر الأذكار، وهذا الاستحسان منه يدل على مدى تخبطه لأنه ممن يقول بتكفير المتوسلين والمستغيثين ورميهم بالإشراك، وأنه كما قال فيه الحافظ العراقي: علمه أكبر من عقله، أي أنه يحفظ الكثير ولا يفهم. فماذا تقول الوهابية في شيخهم ابن تيمية في استحسانه لهذا الحديث فهل يكفرونه كما فعل ذلك أحد مشايخهم وهو الألباني في تعليقه على كتابه الكلم الطيب. فقد قال ص 55 وفيها ما يبدو أنها منافية للتوحيد والمؤلف حامل رايته كحديث المناداة ب (يا محمد) وقال الالباني معلقا ص 174 ولذلك فاني استقبحت ايراد المؤلف اياه ولكنه جرى على سنن من قبله من المؤلفين في الارواد كالامام النووي رحمه الله تعالى ثم تتابع المؤلفون على ذلك كابن القيم وابن الجزري وصديق حسن خان وغيرهم قلنا ثم ماذا وهذا الايراد الا فيصل بين الحق والباطل وهل يستدلون بالشرك أو ما ينافي التوحيد ويستحسنونها هؤلاء الذين أوردوه من كان منهم من أهل السنة أو من غيرهم ممن سطر به كتابه واستحسنه وهل يستحسنون الشرك بحيث لا يعرفون ولا يعلمون الايمان والتوحيد من الشرك والكفر المنافي للايمان، فمن كان على شاكلة الالباني، فهذا ليس ببعيد عنه كما تدل على ذلك نقولهم وأقوالهم من التخبط والتناقض، كما استحسن هذه الرواية العيني الحنفي في شرحه له الذي سماه العلم الهيب.

وأما إسناد ابن السني لأثر ابن عمر فمختلف فيه لتضعيف الهيثم بن حنش، وأما رواية البخاري في الأدب المفرد إسنادها صحيح كما بيّـنا وليس فيها الهيثم بن حنش.

وقد استحسن العلماء هذا الكلام عندما يصيب الرجل الخدر فذكروه في كتبهم كالإمام النووي في الأذكار والحافظ ابن السني في عمل اليوم والليلة والحافظ ابن الجزري في الحصن الحصين بل وقبلهم الإمام البخاري مقدم الـمحدثين، فكيف ساغ لكم أيها الوهابية أن تجعلوا المسلم الموحد لمجرد قوله يـا رسول الله مشركا وأبـا لهب وأبـا جهل من الموحدين وأخلص ايمانا؟؟؟ والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقل لمعاذ بن جبل الذي سجد له: أشركت، بل نهاه عن ذلك وقال: لا تفعل لو كنت ءامر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه ابن ماجه وابن حبان، والسجود مظهر كبير من مظاهر التذلل.

ومن المعلوم أن دعا في لغة العرب لفظ مشترك بين هذه المعاني العبادة كقوله تعالى {وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} والنسبة كقوله تعالى {ادعوهم لآبائهم} أي انسبوهم إليهم، والسؤال كقولـه تعالى {ادعوني أستجب لكم} أي اسألـوني أستجب لكم، ومنها الدعوة إلى الشىء كقولـه تعالى {ادع إلى سبيل ربك}.

قال ابن جزي ومنها التمني ومنه {ولهم ما يدعون} ومنها النداء {ادعوا شهداءكم} أي نادوهم، والتسمية كقوله تعالى {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} أي لا تجعلوا نداء الرسول كدعاء بعضكم أي لا تنادوه كما ينادي بعضكم بعضا. فهذه المعاني كلها يطلق عليها لفظ الدعاء في لغة العرب، وذكر هذه المعاني ايضا ابو بكر الطرطوشي المالكي.

والذي يدحض دعوى ابن تيمية هذه وأتباعه الوهابية ما ثبت بالتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم تعليم التشهد في الصلاة وفيه السلام عليه بالخطاب ونداؤه بقول: السلام عليك أيها النبي فيكون المعنى يـا أيها النبي، وبهذه الصيغة علمه على المنبر النبوي أبو بكر وعمر وابن الزبير ومعاوية واستقر عليه الإجماع. فيظهر بذلك أن مجرد النداء ليس شركا كما زعم الوهابية المشبهة.

فإن قيل: إن النداء بهذه الصيغة لا يكون إلا للحي الحاضر فيما يقدر عليه وما عدا ذلك فهو ضلال لأنه عبادة غير الله.

الـجـواب:

لو كان السبب أنه تحصل العبادة بمجرد النداء فعلى مقتضى ذلك ينبغي أن يكون دعاء الحي الحاضر عبادة كذلك لاشتراكهما في معنى النداء وإلا فلم التخصيص بالحي الحاضر فيما يقدر عليه وهذا لم يقل به أحد من أئمة المسلمين المعتبرين بل يكون هذا التفصيل على هذا النحو تحكما ظاهرا أي تقولا بلا دليل ولا عبرة بكلام قام الدليل على خلافه كما ظهر لك وسيظهر.

ومما يدل على بطلان ما ادعاه ابن تيمية أن مجرد النداء عبادة لغير الله ما رواه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد الجزء الثامن ما نصه: وعن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والذي نفس أبي القاسم بيده لينـزلن عيسى ابن مريم إماما مقسطا وحكما عدلا فليكسرن الصليب ويقتلن الخنـزير وليصلحن ذات البين وليذهبن الشحناء وليعرضن المال فلا يقبله أحد ثم لئن قام على قبري فقال يـا محمد لأجبته. قلت: هو في الصحيح باختصار ، رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. اهـ فهل يكفرون المسيح عليه السلام لقوله يـا محمد.

وهناك من كبار الصحابة من ثبت عنه هذا النداء (يـا محمد) فقد روى الحافظ أبو نعيم في الحلية وابن الجوزي في صفوة الصفوة ومرتضى الزبيدي في الإتحاف أن خُبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه لما قُدّمَ للقتل قال: يـا محمد.

وكذلك ما رواه ابن الأثير في الكامل وابن كثير في البداية أن خالد بن الوليد رضي الله عنه كان شعار كتيبته يوم اليمامة حرب مسيلمة الكذاب أنهم ينادون قائلين (يـا محمداه) وهذا نداء وافق عليه كثير من الصحابة وفيهم خيار، فخالد نادى بذلك ونادى بندائه الجيش، وقد كان في الجيش من الحفاظ والعلماء والبدريين فلم يُنكر عليه أحد ذلك النداء ولم يقل له أحد إن هذا النداء عبادة لغير الله. فهل الوهابية وابن تيمية ظهر لهم ما خفي على خالد وجيشه وأجلاء الصحابة وعلمائهم ومن بعدهم؟؟؟

ويقال للوهابية: أنتم وحدكم من بين أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهمتم هذه الآيات على خلاف ما فهمتها الصحابة والعلماء، ولو فهم الصحابة من نحو هذه الآيات ومن حديث: إذا سألت فاسأل الله أن نداء الغائب أو الميت كفر على ما زعمتم لما قال ابن عمر: يـا محمد ولما قال الصحابي بلال بن الحارث المزني لما زار قبر الرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله استسق لأمتك ولم يُنكر عليه أمير المؤمنين عمر ولا غيره من الصحابة وإسناد القصة صحيح كما قال الحافظ البيهقي وابن كثير وابن حجر وابن أبي شيبة بل قال زعيمكم الحراني عن هذه القصة: حق، كما في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم، ولما علم الصحابي عثمان بن حنيف رضي الله عنه ذلك الرجل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: يـا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي، بل لما علم الرسول ذلك الضرير أن يقول: يـا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي، ومن المعلوم أن الضرير قالها في غير حضرة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان ممنوعا على المسلمين أن يقولوا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم: يـا محمد بدليل قول الله تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا}، ولما قال عمر بن الخطاب وهو على المنبر: يـا سارية الجبل الجبل، وكان سارية في نهاوند وقد صحح إسناد القصة الحافظ الدمياطي ووافقه على ذلك الحافظ السيوطي، ولما استغاث أمير المؤمنين عمر بأبي موسى الأشعري وبعمرو بن العاص وهما غائبا وإسناد ذلك صحيح كما قال الحافظ ابن كثير وهو من تلامذة ابن تيمية في البداية والنهاية ولما قال الحافظ ابن حجر أمير المؤمنين بالحديث في النيرات السبع:

يـا سيد الرسل الذي منهاجه حاو كمال الفضل والتهذيب

إلى أن قال:

فاشفع لمادحك الذي بك يتقى أهـوال يوم الدين والتعذيب.

ولما قال الحافظ الثقة ابن المقرئ: يـا رسول الله الجوع الجوع وكان معه الحافظ الطبراني وأبو الشيخ كما ذكر ذلك ابن الجوزي في كتابه الوفا والحافظ الذهبي في كتابيه تذكرة الحفاظ وسير أعلام النبلاء، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم سمى المطر مغيثا لأنه يُنقذُ من الشدة بإذن الله كما ثبت في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح ولفظه: اللهم اسقنا غَيثا مُغيثا مَريعا نافعا غير ضار عاجلا غيرَ ءاجل .كذلك النبي والولي يُنقذان من الشدة بإذن الله تعالى.

فلو فهم الحفاظ والعلماء كما فهمتم لما أوردوا هذه الأحاديث والآثار واستحسنوها؟؟! وعلى حسب قاعدتكم العوجاء يقتضي تكفير هؤلاء الصحابة والعلماء. فتبين بذلك أنكم وحدكم أيها الوهابية ومن تبعكم وقبلكم إمام الضلالة ابن تيمية ومن تبعه تميزتم بهذا الفهم القاصر الذي أدّى بكم وجركم إلى تكفير المستغيثين بالأنبياء والصالحين لذلك أطلق عليكم المسلمون دعاة التكفير والتنفير والتحريف.

وأين الإشراك الذي ادعيتموه من قول المسلم الموحد: يـا محمد أو يـا رسول الله أغثني ما دام المستغيث يعتقد أن خالق النفع والضر هو الله وأن إغاثة الرسول تكون بمشيئة الله، فكما أن الحي الحاضر يغيثك بمشيئة الله كذلك الغائب أو الميت يغيثك بمشيئة الله، ولأي معنى التفريق بين التوسل بالحي الحاضر والتوسل بالغائب أو الميت ما دام كل ذلك بمشيئة الله. والذي يدل على ذلك أحاديث منها ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد عن عتبة بن غزوان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا أضلَّ أحدكم شيئًا أو أرادَ عونًا وهو بأرضٍ ليسَ بها أنيسٌ فليقل يا عبادَ الله أعينوني. وأخرجه السيوطي في جامع الأحاديث الجزء العاشر وعزاه إلى الطبراني في الجامع الكبير من طريق عتبة بن علوان بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا ضلَّ أحدُكُم شيئا أو أراد أحدُكم عَونًا وهو بأرضٍ ليس بها أنيسٌ فليقُل: يـا عباد الله أغيثوني يـا عباد الله أغيثوني يـا عباد الله أغيثوني، فإن لله عِبادا لا نراهم. قال الطبراني عقب الحديث وقد جرب. اهـ وهل يقوي الشرك ويمتدحه هؤلاء العلماء كما زعم نفاة التوسل، معاذ الله ان نتهم هؤلاء الصحابة والعلماء بذلك.

وعند أبي يعلى في مسنده وابن السني في عمل اليوم والليلة والطبراني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا عليَّ، يـا عباد الله احبسوا عليَّ، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم. اهـ وذكر النووي في الأذكار أنه جرّب هذا الحديث وكذا شيخه من قبله. بل ذكر ابن تيمية رواية ابن السني واستحسنها حيث سمى كتابه الكلم الطيب ورغب فيها وكذلك شارحه العيني في العلم الهيب.

وعند البزار في كشف الأستار والطبراني من حديث عبد الله بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله ملائكة سيّاحين في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد أعينوا عباد الله قال الهيثمي في مجمع الزوائد: ورجاله ثقات، وحسنه الحافظ ابن حجر في أماليه مرفوعا. اهـ

وأخرجه البيهقي في الشعب موقوفا على ابن عباس بلفظ: إن لله عز وجل ملائكة سوى الحَفظة يكتبون ما سقط من ورق الشجر فإذا أصاب أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: أعينوا عباد الله يرحمكم الله تعالى. وإذا روي الحديث موقوفا ومرفوعا كان الحكم للرفع.

وروى أبو داود والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر فأقبل الليل قال: يـا أرض ربي وربك الله واستحسن ابن تيمية الحراني رواية ابن عمر هذه عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث ذكرها في كتابه الذي سماه الكلم الطيب ورغب فيها فأنى لكم أيها التيميون أن تقولوا: إن مجرد نداء الغائب أو الميت شرك كما ذكر ذلك إمامكم إمام الضلالة محمد ابن عبد الوهاب في كتابه الأصول الثلاثة، سبحانك هذا بهتان عظيم. فثبت من مجموع الروايات أن مجرد النداء ليس عبادة لغير الله كما ادعت الفرقة الوهابية.

وروى ابن كثير في البداية والنهاية ما يدحض دعوى شيخه ابن تيمية ما نصه: وقد روينا أن عمر عسَّ المدينة عام الرمادة فلم يجد أحدا يضحك ولا يتحدثُ الناسُ في منازلهم على العادة ولم يرَ سائلا يسألُ، فسألَ عن سبب ذلك فقيل له يـا أمير المؤمنين إن السؤالَ سألوا فلم يُعطوا فقطعوا السؤالَ والناس في هم وضيق فهم لا يتحدثون ولا يضحكون، فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة أن يا غوثاه لأمة محمد وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر أن يـا غوثاه لأمة محمد، فبعثَ إليه كلُّ واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل الـبـُر وسائر الأطعمات ووصلت ميرة عمرو في البحر إلى جدة ومن جدة إلى مكة، وهذا الأثر جيد الإسناد. اهـ كلام ابن كثير.

فإيراد ابن كثير الذي هو أحد تلاميذ ابن تيمية لهذا الحديث يدل على أنه كان على اعتقاد أن التوسل جائز بالحي الحاضر أو الغائب خلافا لشيخه ابن تيمية الذي ابتدع ذلك، فماذا يقول التيميون بفعل عمر هل يكفرونه أم ماذا؟!!! نعوذ بالله من مسخ القلوب، إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور، وهل يكفرون ابن كثير لإيراده الحديث واستحسانه له؟

ومنها ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الدعاء: ما يقول الرجل إذا ندت به دابـتُـه أو بعيره في سفره ما نصه: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن اسحق عن أبان بن صالح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نفرت دابـة أحدكم أو بعيره بفلاة من الأرض لا يرى بها أحدا فليقل: أعينوني عباد الله فإنه يُستعان.

ففي هذا الحديث وما سـبقـه من الأحاديث دلالة واضحة على جواز الاستغاثة بغير الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم علّمنا أن نقول إذا أصاب أحدنا عرجة بأرض فلاة أي برية يـا عباد الله أعينوا فإن هذا ينفعه فإن الله تبارك وتعالى يُسمعُ هؤلاء الملائكة السياحين الذين وُكلوا بأن يكتبوا ما يسقط من ورق الشجر نداء هذا الشخص ولو كان على مسافة بعيدة منهم.

أما ابن تيمية والوهابية فيقولون: قول أغثني يـا رسول الله شرك إن كان في غيابه أو بعد وفاته، عند ابن تيمية لا يجوز التوسل إلا بالحي الحاضر. وقال الالباني في كتبه التوسل فهذا الذي يقول ذاك الكلام (أي واستغاث بالولي الفلاني او الصالح الفلاني) يجيز الاستغاثة بغير الله تعالى، هذه الاستغاثة التي هي الشرك الاكبر بعينه، وقال الالباني في مقدمة شرح الطحاوية ان مسالة التوسل ليست من مسائل العقيدة، والذي يدحض شبهة هؤلاء ما رواه الطبراني في معجميه الكبير والصغير واللفظ للكبير قال الطبراني في ترجمة عثمان بن حنيف من معجمه الكبير حدثنا طاهر بن عيسى بن قريش المصري المقري ثنا أصبغ بن الفرج ثنا ابن وهب يعني عبد الله عن أبي سعيد المكي يعني شبيب بن سعيد عن روح بن القاسم عن أبي جعفر الخطمي المدني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف إلى عثمان بن عفان فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته فلقي عثمان بن حنيف فشكى إليه ذلك وقال: ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يـا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي ثم رح حتى أروح معك، فانطلق الرجل ففعل ما قال، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب فأخذ بيده فأدخله على عثمان بن عفان فأجلسه على طِنفِسته فقال: ما حاجتك؟ فذكر له حاجته فقضى له حاجته وقال: ما ذكرتُ حاجتك حتى كانت هذه الساعة، ثم خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف فقال: جزاك الله خيرا ما كان ينظرُ في حاجتي ولا يلتفت إلي حتى كلّمتَه فيَّ، فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته ولكن شهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أتاه ضرير فشكى إليه ذهاب بصره فقال: إن شئت صبرتَ وإن شئت دعوتُ لك قال: يـا رسول الله إنه شقّ عليّ ذهابُ بصري وإنه ليس لي من قائد، فقال له: ائت الميضأة فتوضأ وصل ركعتين ثم ادع بهذه الدعوات، قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. ورواه في المعجم الصغير فيمن اسمه طاهر من شيوخه من هذا الطريق بهذا اللفظ، وقال ما نصه : لم يروه عن روح بن القاسم إلا شبيب بن سعيد أبو سعيد المكي وهو ثقة وهو الذي يروي عنه أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس بن يزيد الأيلي وقد روى هذا الحديث شعبة عن أبي جعفر الخطمي واسمه عمير بن يزيد وهو ثقة تفرد به عثمان بن عمر بن فارس عن شعبة، والحديث صحيح. اهـ هذا كلام الطبراني بحروفه.

قال ابن تيمية في قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة عقبه ص 84 طبعة ما يسمى المكتب الاسلامي، قلت والطبراني ذكر تفرده بمبلغ علمه ولم تبلغه رواية روح بن عبادة عن شعبة وذلك اسناد صحيح يبين أنه لم ينفرد به عثمان بن عمر .انتهى قال الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب ما نصه: الترغيب في صلاة الحاجة ودعائها عن عثمان بن حنيف رضي الله عنه أن أعمى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه اللهم شفعه في وشفعني في نفسي فرجع وقد كشف الله عن بصره. رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح غريب والنسائي واللفظ له وابن ماجه في باب صلاة الحاجة من سننه بسنده عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري ومسلم قال ولم يخرجاه وسلمه الحافظ الذهبي وليس عند الترمذي وصل ركعتين وراوه الطبراني وذكر القصة بتمامها ثم قال الطبراني بعد ذكر طرقه والحديث صحيح. هذا كلام الحافظ المنذري بنصه.

وكذا نقل تصحيح الطبراني ووافقه الحافظ الهيثمي في باب صلاة الحاجة من مجمع الزوائد كما وافق على تصحيح الحديث الحافظ أبو عبد الله المقدسي صاحب المختارة والحافظ عبد الغني المقدسي في كتاب النصيحة والامام النووي في باب أذكار صلاة الحاجة من كتاب الاذكار وابن تيمية والحافظ السخاوي في القول البديع والحافظ السيوطي في الخصائص الكبرى، وقال البيهقي في كتاب دلائل النبوة باب ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم يصبر وما ظهر في ذلك من اثار النبوة.

قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وفيه اللهم شفعه في وشفعني في نفسي هذا لفظ حديث العباس ورويناه في كتاب الدعوات باسناد صحيح عن روح بن عبادة عن شعبة قال ففعل الرجل فبرأ، وكذاك رواه حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي ثم قال أخبرنا ابو عبد الله الحافظ الى أن قال قال عثمان فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل وكأنه لم يكن فيه ضر قط، وأخبرنا الامام أبو بكر محمد بن علي بن اسماعيل الشاشي القفال الى ان قال عن ابي امامة عن عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة القصة الحديث بتمامه مع القصة قال البيهقي وراه احمد بن شبيب بن سعيد عن ابيه بطوله أيضا ذكره البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان حدثنا أحمد بن شبيب بن سعيد، قال البيهقي أخبرنا ابو علي الحسن بن احمد بن ابراهيم بن شاذان الى ان قال ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد ثنا أبي عن روح بن القاسم عن أبي جعفر المديني عن ابي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف الى عثمان رضي الله عنه في حاجة فذكر الحديث ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر عن أبي أمامة بن سهل عن عمه وهو عثمان بن حنيف. هذا كلام البيهقي بنصه. وذكره الامام أحمد في المسند حدثنا روح بن عبادة ثنا شعبة عن أبي جعفر الميني سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحديث ثم ذكر الدعاء نحو رواية الترمذي قال ففعل الرجل فبرئ. وراوه ابن السني وقال قال عثمان وما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة عن محمود بن غيلان ورواه ايضا عن زكريا بن يحي.

وقد صحح إسناد هذا الحديث الموقوف والمرفوع أيضا الحافظ السبكي في كتابه شفاء السقام. وذكر ابن تيمية في كتابه قاعدة جليلة من أخرجه كاحمد والترمذي والنسائي والطبراني والبيهقي قال وحديث الاعمى الذي رواه الترمذي والنسائي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه قال وهذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب وما أظهره الله ببركة دعائه من الخوارق والابراء من العاهات فانه صلى الله عليه وسلم ببركة دعائه لهذا الاعمى اعاد الله عليه بصره . قلت بل ذكره منهم في صلاة الحاجة كما هو عند ابن ماجه. وذكر ابن تيمية الحديث بتمامه مع القصة عن البيهقي ورواية الطبراني بتمامها بسند الطبراني عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عمه عثمان بن حنيف أن رجلا كان يختلف الى عثمان بن عفان في حاجة له فلقي عثمان بن حنيف فشكا اليه ذلك فقال له ابن حنيف الحديث بتمامه وطوله مع القصة وقال في اخره قال أبو عبد الله المقدسي والحديث صحيح. حيث صححه ابن تيمية في كتابه التوسل والوسيلة كما علمت، فقد وقع في الحيرة ابن تيمية كما في كتابه حتى قال بل غايتها أن يكون ذلك مما يسوغ فيه الاجتهاد ومما تنازعت فيه الامة فيجب رده الى الله ورسوله، قلنا الرسول علمه الدعاء وما اثبتناه من قوله في كتابه قاعدة جليلة وتصحيحه هو لدليل واضح كالشمس في وسط السماء ساطعة على مشروعية التوسل، وقال ص 78 ما نصه: وقد ذكر بعض هذه الحكايات من جمع في الادعية وروي في ذلك أثر عن بعض السلف مثل ما رواه ابن ابي الدنيا في كتابي مجابي الدعاء قال حدثنا أبو هاشم سمعت كثير بن محمد بن رفاعة يقول جاء رجل الى عبد الملك بن سعيد بن أبجر فجس بطنه فقال بك داء لا يبرأ قال ما هو؟ قال الدبيلة قال فتحول الرجل فقال الله الله الله ربي لا أشرك به شيئا اللهم اني أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم تسليما يا محمد اني أتوجه بك الى ربك وربي يرحمني مما بي قال فجس بطنه فقال قد برئت ما بك علة، قلت اي ابن تيمية فهذا الدعاء ونحوه قد روي أنه دعا به السلف ونقل عن أحمد بن حنبل في منسك المروذي التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في الدعاء ونهى عنه آخرون قال وان كان مقصودهم التوسل بذاته فهو محل النزاع، وما تنازعوا فيه يرد الى الله والرسول.

فالعجب من ابن تيمية كيف يصحح الحديث ويروي عن أحمد جواز التوسل برسول الله ثم يرمي المتوسلين بالشرك. قال ابن تيمية وقوله أتوجه اليك بنبيك محمد نبي الرحمة، أي بدعائه وشفاعته (قلت وهو مما ينكر المجاز، وقد قال الالباني وهنا تقدير حذف مضاف محذوف متفق عليه، ونوافق نحن هنا الالباني وهو من مجاز الحذف وهو نوع من أنواعه) وقد قال الحافظ السيوطي في كتابه التحبير فقد اتفق أهل البلاغة على ان المجاز أبلغ من الحقيقة ولهذا تمام الحديث اللهم فشفعه في وقال في موضع اخر فهذا الحديث فيه التوسل به الى الله في الدعاء وقال ص 106 فمن دعا المخلوقين من الموتى والغائبين واستغاث بهم كان مبتدعا في الدين مشركا برب العالمين، ثم تناقض في نفس الكتاب ص 90 قال واذا كان كذلك فمعلوم انه اذا ثبت عن عثمان بن حنيف أو غيره أنه جعل من المشروع المستحب أن يتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد موته من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم داعيا له ولا شافعا فيه، فقد علمنا أن عمر واكابر الصحابة لم يروا هذا مشروعا بعد مماته كما كان يشرع في حياته (قلت بل ثبت بالاسناد الصحيح عن سيدنا عمر خلاف قوله واقراره وهو يقضي على دعواه والاثر الثابت عن ابنه الذي أسنده الحافظ ابن أبي الدنيا ينقض مزاعمه وفيهم صحابة أيضا، كما أوضحنا ودللنا عليه بما لا لبس فيه بما هو صريح في الباب) وقال فانه انما أمر الاعمى أن يتوسل الى الله بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه لا بذاته، وقال له في الدعاء قل اللهم شفعه في واذا قدر أن بعض الصحابة أمر غيره أن يتوسل بذاته لا بشفاعته ولم يأمر بالدعاء المشروع بل ببعضه وترك سائره المتضمن للتوسل بشفاعته كان ما فعله عمر بن الخطاب هو الموافق لسنة رسول الله وكان المخالف لعمر محجوجا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر ان السؤال بانفسهم من العلماء من سوغه فتكون مسالة نزاع .ثم قال ص 119 وان كان سؤالا بمجرد ذات الانبياء والصالحين فهذا غير مشروع وقد نهى عنه غير واحد من العلماء وقالوا انه لا يجوز ورخص فيه بعضهم (قلت وهل يرخص سيدنا عثمان وسيدنا عمر وسيدنا خالد ومن معه من الصحابة وسيدنا أحمد وغيرهم بالشرك ؟ كما يزعم هذا المعتوه ومقلدوه) والاول أرجح كما تقدم. انتهى وقوله في الحديث اللهم شفعه في، معناه أي اقبل توسلي به.

قلت بل سيدنا عمر قد أقر مشروعية التوسل كما في الاثر الذي ذكرناه وهو صحيح كما قال الحافظ البيهقي وابن كثير وابن حجر العسقلاني وغيرهم. وبه نزيل الوهم عن اقرار سيدنا عمر حيث أثبت التوسل ونداء رسول الله بعد موته، لا كما يدعيه هذا المبتدع المغرور ومقلدوه كمحمد بن عبد الوهاب رأس هذه الفرقة الضالة والالباني ومحمد صالح عثيمين وجميل زينو وصاحب المنخل محمد بن عبد الرحمن الخميس وقد قال هذا الاخير أيضا في رده، قال صاحب المدخل: بل يبدأ بالتوسل إلى الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ هو العمدة في التوسل والاصل في ذلك كله، قلت أي هذا المبتدع لانه لم يثبت عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن أتباعهم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما الثابت عنهم التوسل بدعاء الحي الحاضر، وقال في رده عند قول صاحب المدخل ويكثر التوسل بهم إلى الله تعالى، قال هذا المبتدع، قلت هذا باطل، فإن الاكثار من هذا النوع من التوسل إكثار من وسائل الشرك وأسبابه وزيارة القبور إنما شرعت للاعتبار والدعاء للميت ولم تشرع للتبرك والدعاء للميت والتوسل به، وإنما كان ذلك في شرع دعاة القبورية.

ففي هذا الحديث دليل على أن الأعمى توسل بالنبي في غير حضرته بل ذهب إلى مكان الوضوء فتوضأ ثم صلى ودعا بهذا اللفظ الذي لقنه وعلمه إيـاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي لم يُفارق مجلسه بدليل ما قاله راوي الحديث عثمان بن حنيف الصحابي رضي الله عنه: فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط. فهذا الحديث الثابت الصحيح يرد دعوى ابن تيمية أن التوسل لا يجوز إلا بالحي الحاضر.

ومما يدل أيضا على أن الأعمى توسل في غير حضرته صلى الله عليه وسلم كونه قال: يـا محمد لأنه قد ثبت النهي عن نداء النبي صلى الله عليه وسلم باسمه في وجهه لقوله تعالى {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا} وهذا النداء أي نداء النبي بلفظ يـا محمد الذي علمه النبي لذلك الصحابي في غير حضرته معروف عند الوهابية أنه شرك، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم في مقام التشريع فلو كان ما تدعيه الفرقة الوهابية أن نداء شخص ميت أو غائب شرك هل كان علّم النبي صلى الله عليه وسلم أمته التوسل به كما ثبت في حديث توسل الأعمى. وقد صح في الحديث الذي رواه البخاري في الصحيح ومالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لي خَمْسة أَسماء أَنـا مُحَمَّد وأَحمد وأَنـا الْمَاحي الَّذي يَمْحُو اللَّهُ بي الْكُفْرَ فلو كان مجرد الاستغاثة بغير الله تعالى عبادة لغير الله وانه شرك كما تدعي الوهابية تبعا لشيخهم ابن تيمية هل كان النبي يعلَّمَ أمتهُ الاستغاثة والاستعاذة والتوسل به كما ثبت فبزعمهم يكون علم امته الشرك والاشراك وهو بابي وامي معلم التوحيد وهادم للشرك.

تتبع وتعقب تلبيس الالباني في كتابه التوسل، اعلم ان الالباني المبتدع ذكر كلام ابن تيمية وفيه بل غايته ان يكون ذلك مما يسوغ في الاجتهاد ومما تنازعت في الامة ص 90 من التوسل الطبعة الثالثة وقال ص 47 وأقل ما يقول فيه انها مختلف فيها، وقال بعد ان ذكر التوسل المتفق عليه 1 .. التوسل باسم من اسماء الله أو صفة من صفاته 2 .. التوسل بعمل صالح قام به الداعي 3.. التوسل بدعاء رجل صالح واما ما عدا هذه الانواع من التوسلات ففيه خلاف ثم قال مع انه قال ببعضه بعض الائمة فأجاز الامام أحمد التوسل بالرسول صلى الله عليه وسلم وحده فقط واجاز غيره كالامام الشوكاني التوسل به وبغيره من الانبياء والصالحين ولكننا كشأننا في جميع الامور الخلافية ندور مع الدليل حيث دار ولا نتعصب للرجال. ص 45 وقال لماذا عدل عمر رضي الله عنه عن التوسل بالنبي الى العباس مع العلم ان العباس مهما كان شانه ومقامه فانه لا يذكر امام شأن النبي ومقامه؟ اما الجواب براينا فهو لان التوسل بالنبي غير ممكن بعد وفاته. قلت سناتي في رد كلامه وغلطه وتخريفه وتحريفه. قال الالباني وقول الغماري في المصباح بان حمادا ثقة من رجال الصحيح وزيادة الثقة مقبولة غفلة منه أو تغافل عما تقرر في المصطلح ان القبول مشروط بما اذا لم يخالف الراوي من هو أوثق منه قال الحافظ (الاشعري الذي يقر بالتاويل والتوسل القائل واقصد له واسال به تعط المنى وقال بكم توسل يرجو العفو عن زلل من خوفه جفنه الهامي لقد ذرفا ويذهب اليه) في نخبة الفكر والزيادة مقبولة ما لم تقع منافية لمن هو أوثق، فان خولفت بأرجح فالراجح المحفوظ ومقابله الشاذ، قلت اي الالباني وهذا الشرط مفقود هنا فان حماد ابن سلمة وان كان من رجال مسلم فهو بلا شك دون شعبة في الحفظ. وقال قلت اذا تبين لك هذا عرفت ان مخالفة حماد لشعبة في هذا الحديث بزيادته عليه تلك غير مقبولة لانها منافية لمن هو اوثق منه فهي زيادة شاذة. ثم قال ولو صحت لم تكن دليلا على جواز التوسل بذاته لاحتمال أن يكون معنى قوله فافعل مثل ذلك يعني من اتيانه صلى الله عليه وسلم في حال حياته وطلب الدعاء منه والتوسل به. وقال فحينئذ يتبين له ان قول الاعمى في دعائه اللهم أتوسل اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم انما المراد به أتوسل اليك بدعاء نبيك أي على حذف المضاف وهذا امر معروف في اللغة كقوله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) أي أهل القرية وأصحاب العير ونحن ومخالفونا متفقون على ذلك أي على تقدير حذف مضاف محذوف. انتهى ص 76.

قلت في ردنا على الالباني من وجوه، اولا ان ايراده هذه الزيادة بعد اثبات طرق الحديث المتفق على صحته زيادة مقبولة لا تخالف الاصل وهو عمل الصحابي حيث ارشد السائل له بفعله فلم تخالف الحديث وقد قال ابن تيمية في قاعدته ص 85 وهذه اي الزيادة قد يقال انها توافق قول عثمان بن حنيف، قال الحافظ ابن الصلاح اذا انفرد الراوي بشئ نظر فيه فان كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ وأضبط به كان ما انفرد به شاذا مردودا وان لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وانما هو امر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد فان كان عدلا حافظا موثوقا باتقانه وضبطه قبل ما انفرد به ولم يقدح الانفراد فيه وان لم يكن ممن يوثق بحفظه واتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح. انتهى وهو ظاهر فقد روى حماد الزيادة وهو من رجال مسلم وهي مقبولة ولا مطعن فيها، وقال الامام الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثا لم يروه غيره وانما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثا فيشذ عنهم واحدا فيخالفهم. وكلام سيدنا الشافعي تأكيد لصحتها على حسب القواعد المقرره قلت الحديث بطريقه ومتنه متفق عليه وهذه الزيادة لم تخالف الاصل وقال الحافظ الذهبي هو ما خالف راويه الثقات أو ما انفرد به من لا يحتمل حاله قبول تفرده. قلت وحماد ممن يحتمل وهو من رجال مسلم وغيره وقال الحاكم فاما الشاذ فانه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة. ومن ثم كان شرط الشّاذ التفرّد والمخالفة، فلو تفرّد راو ثقة بحديث لم يخالف فيه غيره فحديثه صحيح غير شاذّ.

قال الحافظ السخاوي في التوضيح الابهر كل ذلك حيث لم يمكن الجمع: وليس الشاذ أن ينفرد الراوي المقبول أو غيره برواية ما لم يروه غيره وان اندرج الضعيف في بعضه للاستغناء بضعفه عن الوصف بالشذوذ. وذكره الخليلي في الارشاد. ولا يوجد تعارض في زيادة حمادو ابن ابي خيثمة.

ثانيا ان الالباني قال وانه لا علاقة له بالتوسل بالذات، فحينئذ يتبين له أن قول الاعمى في دعائه اللهم اني اسالك، وأتوسل اليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم انما المراد به أتوسل اليك بدعاء نبيك أي على حذف المضاف وهذا أمر معروف في اللغة كقوله تعالى (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) أي أهل القرية وأصحاب العير، ونحن ومخالفونا متفقون على ذلك أي على تقدير مضاف محذوف. ص 76 في كتابه التوسل.

قلت في معرض الاستغراب من هذه النحلة والفرقة أن التناقض والتخبط من شأنهم حيث يرد بعضهم على بعض فهذا ابن تيمية وابن قيم الجوزية ومن تبعهما ينكرون المجاز ايما انكار ويعتبره ابن قيم الجوزية كما في صواعقه طاغوت وهذا الالباني يستدل بالمجاز كما بينا عنه، قال ابن تيمية في كتابه المسمى الايمان ص 94 ما نصه (فهذا بتقدير أن يكون في اللغة مجاز، فلا مجاز في القرءان بل وتقسيم اللغة الى حقيقة ومجاز تقسيم مبتدع محدث لم ينطق به السلف، والخلف فيه على قولين، وليس النزاع فيه لفظيا، بل يقال نفس هذا التقسيم باطل لا يتميز هذا عن هذا. انتهى كلامه
وقال ابن القيم في كتاب الصواعق ص 271 ومابعده فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الاسماء والصفات وهو طاغوت المجاز، وقال هذا الطاغوت لهج به المتأخرون والتجأ اليه المعطلون ثم قال فصل واذا علم أن تقسيم الالفاظ الى حقيقة ومجاز ليس تقسيما شرعيا ولا عقليا ولا لغويا فهو اصطلاح محض وكان منشؤه من جهة المعتزلة والجهمية من سلك طريقهم من المتكلمين.

قلت وقد أدخل على حسب قوله المبتدع الالباني ايضا لما رأيت، ثم نقل ابن القيم عن احمد أنه قال واما قوله (اني معكم) فهذا من مجاز اللغة ثم قال قلت مراد أحمد أن هذا الاستعمال مما يجوز في اللغة، أي هو من جائز في اللغة لا من ممتنعاتها ولم يرد بالمجاز انه ليس بحقيقة وانه يصح نفيه، وهذا كما قال أبو عبيدة في تفسيره انه من مجاز القران، قال ولم يرد اي احمد ان في القران الفاظا استعملت في غير ما وضعت له وانها يفهم منها خلاف حقائقها وقد تمسك بكلام احمد هذا من ينسب الى مذهبه أن في القران مجازا كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وابن الخطاب وغيرهم (كابن قدامة صاحب المغتي) الخ كلامه، وقال: بعض الناس يحكي في ذلك عن أحمد روايتين قلت هو ممن نقل أن بعض الحنابلة من تمسك بقول احمد، ومن الشافعية العلامة بدر الدين الزركشي في البحر المحيط فقد نقل أحمد عنه المجاز ومن ائمة الحديث البخاري في كتابه خلق افعال العباد، والمجاز منقول عن الامام اللغوي النضر بن شميل ايضا ومن اراد مزيد اطلاع فعليه بكتب السيوطي والزركشي كالمزهر والاتقان وللثاني البرهان وتشنيف المسامع وكتب أصول الفقه، وقد قال ابن بدران الحنبلي في كتابه المدخل أن ابن قيم الجوزية قد كتب كتابا سماه الايجاز في المجاز وبه يكون أدخل نفسه بزعمه في جملة الطواغيت هذا ان لم يكن تراجعا منه عن انكاره للمجاز كما في كتابه المجاز الصواعق، وما انكاره هو وابن تيمية المجاز الا لشدة تعلقهم وهيامهم وتمسكهم بالتشبيه والتجسيم اجراء النصوص الواردة المتشابهة على ظاهرها وحقيقتها التي تعلقت في مخيلتهم وأذهانهم، نسأل الله السلامة والامان وصاحب كتاب أضواء البيان ومنع جواز المجاز الذي هو منه مع من سبقه من الذين ينكرون المجاز لم يقدروا أن ينقلوا الا عن أفراد قلة لا يتجاوز عددهم العشرة، مع كثرة هذة الامة بالعلماء والصلحاء والفضلاء من سلف وخلف ,حيث أورد بعض السلف المجاز منهم البخاري والامام أحمد والنضر بن شميل وجمهور الخلف كما نص عليه علماء الاصول من المذاهب الاربعة وغيرهم، وهل هذا الجمهور على التمسك بالطاغوت كما زعموا ولو أردنا حصرهم لاحتجنا الى مجلدات، ثم هذا المقلد محمد الامين بن محمد المختار الشنقيطي تبعا لمقلديه نقل عن ابن قيم الجوزية قال إن معنى إضافة الجناح إلى الذل أن للذل جناحا معنويا يناسبه لا جناح ريش. وقال عند قوله تعالى (واسال القرية) أن إطلاق القرية وإرادة أهلها من أساليب اللغة العربية أيضا.

قلت فقد وافقونا بالمنطوق و بالمفهوم وخالفونا بالتعريف والاصطلاح، فقد نقل ابن قيم الجوزية وشيخه ابن تيمية في الصواعق وشرح حديث النزول والقاضي أبو يعلى الحنبلي في إبطال التأويلات عن الامام أحمد قوله بالتأويل.

قال في الصواعق ص 447 طبعة دار الحديث، قال وحكى شيخنا عن طائفة من أصحابنا أنهم قالوا: ينزل معناه قدرته ولعل هذا القائل ذاهب إلى ظاهر كلام أحمد في رواية حنبل أنه قال يوم احتجوا على: يومئذ تجيء البقرة يوم القيامة ويجيء تبارك وتعالى، قلت لهم الثواب، قال الله تعالى (وجاء ربك والملك صفا صفا) إنما يأتي قدرته وإنما القران أمثال ومواعظ وزجر وذكر كلاما عن القاضي وحاصل البحث انهم لم يستطيعوا أن يدفعوا هذه الرواية عن أحمد بن حنبل، ثم ذكر تأويل الامام مالك في حديث النزول بمعنى نزول أمره، وقال فمن أصحابه من أثبت هذه الرواية ومنهم من لم يثبتها.
وقال ابو يعلى في كتابه إبطال التأويلات الجزء الثاني ص 396 ما نصه: وقال في رواية حنبل احتجوا علي يومئذ تجيء البقرة يوم القيامة، وتجيء تبارك، فقلت لهم: هذا الثواب فقد نص أحمد على المعنى الذي ذكرنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *