أول كلمة قالها عيسى عليه السلام (إني عبد الله) اعترافٌ بالعبودية لله العزيز القهار
أول كلمة قالها عيسى عليه السلام (إني عبد الله) اعترافٌ بالعبودية لله العزيز القهار
28 يناير 2019
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
30 يناير 2019
أول كلمة قالها عيسى عليه السلام (إني عبد الله) اعترافٌ بالعبودية لله العزيز القهار
أول كلمة قالها عيسى عليه السلام (إني عبد الله) اعترافٌ بالعبودية لله العزيز القهار
28 يناير 2019
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
30 يناير 2019

الْهِجْرَةُ

الْهِجْرَةُ

الْهِجْرَةُ

   لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَهُ بِالتَّبْلِيغِ وَالإِنْذَارِ فَكَانَ يَدْعُو إِلَى دِينِ اللَّهِ وَعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ وَتَرْكِ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ فَكَانَ يَمُرُّ بَيْنَ الْعَرَبِ الْمُشْرِكِينَ حِينَ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ فِي الْمَوْسِمِ مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى وَيَقُولُ أَيَّهُا النَّاسُ قُولُوا لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ تُفْلِحُوا وَدَعَا إِلَى الْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَمَكَارِمِ الأَخْلاقِ وَنَهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْبَغِى فَآمَنَ بِهِ بَعْضُ النَّاسِ وَبَقِىَ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى الْكُفْرِ وَصَارُوا يُؤْذُونَهُ وَأَصْحَابَهُ فَلَمَّا اشْتَدَّ الأَذَى عَلَيْهِمْ هَاجَرَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ إِلَى الْحَبَشَةِ وَكَانَتْ هَذِهِ هِىَ الْهِجْرَةُ الأُولَى وَكَانُوا نَحْوَ ثَمَانِينَ مِنْهُمْ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ وَجَعْفَرُ بنُ أَبِى طَالِبٍ.

   وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِىَ فِى الْمَوْسِمِ نَفَرًا مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ مِنَ الْخَزْرَجِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ فَأَسْلَمُوا ثُمَّ ازْدَادَ عَدَدُهُمْ فِى الْعَامِ التَّالِي فَلَمَّا انْصَرَفُوا بَعَثَ مَعَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ لِيُعَلِّمُوهُمُ الْقُرْءَانَ وَلِيَدْعُوا مَنْ لَمْ يُسْلِمْ إِلَى الإِسْلامِ فَلَمَّا كَثُرَ أَنْصَارُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَثْرِبَ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا.

   فَهَاجَرَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَكْثَرُهُمْ تَحْتَ جُنْحِ الظَّلامِ وَكَانَ مِمَّنْ هَاجَرَ سَيِّدُنَا عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَكِنَّهُ خَرَجَ فِى وَضْحِ النَّهَارِ وَمَعَهُ أَرْبَعُونَ مِنَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مُمْتَشِقًا سَيْفَهُ قَائِلًا لِصَنَادِيدِ قُرَيْشٍ بِصَوْتٍ جَهِيرٍ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ تُفْصَلَ رَأْسُهُ أَوْ تَثْكَلَهُ أُمُّهُ أَوْ تَتَرَمَّلَ امْرَأَتُهُ أَوْ يُيَتَّمَ وَلَدُهُ أَوْ تَذْهَبَ نَفْسُهُ فَلْيَتْبَعْنِى وَرَاءَ هَذَا الْوَادِى فَإِنِّى مُهَاجِرٌ إِلَى يَثْرِبَ فَمَا تَجَرَّأَ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّ يَحُولَ دُونَهُ وَدُونَ الْهِجْرَةِ.

   وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ قَدْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَمَعُوا مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلًا جَلْدًا نَسِيبًا وَسِيطًا لِيَضْرِبُوهُ ضَرْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ حَتَّى يَتَفَرَّقَ دَمُهُ فِى الْقَبَائِلِ فَأَتَى جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ يُخْبِرُهُ بِكَيْدِ الْمُشْرِكِينَ وَأَمَرَهُ أَنْ لا يَبِيتَ فِى مَضْجَعِهِ الَّذِى كَانَ يَبِيتُ فِيهِ.

   فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِىَّ بنَ أَبِى طَالِبٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيتَ عَلَى فِرَاشِهِ وَيَتَسَجَّى بِبُرْدٍ لَهُ أَخْضَرَ فَفَعَلَ ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ عَلَى الْقَوْمِ وَهُمْ عَلَى بَابِهِ وَمَعَهُ حَفْنَةُ تُرَابٍ فَجَعَلَ يَذُرُّهَا عَلَى رُؤُوسِهِمْ وَهُوَ يَقْرَأُ ﴿يس وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ﴾ إِلَى قَوْلِهِ ﴿فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ﴾ وَأَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَبْصَارِهِمْ فَلَمَّا أَصْبَحُوا فَإِذَا هُمْ بِعَلِىِّ بنِ أَبِى طَالِبِ فَسَأَلُوهُ عَنِ النَّبِىِّ فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّهُ خَرَجَ فَرَكِبُوا يَطْلُبُونَهُ.

   وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَارَ مَعَ أَبِى بَكْرٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَالَّذِى كَانَ يَنْتَظِرُ بِفَارِغِ الصَّبْرِ مُرَافَقَتَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ حَيْثُ إِنَّهُ كَانَ اسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ ذَلِكَ بِالْهِجْرَةِ فَقَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ السَّلامُ لا تَعْجَلْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لَكَ صَاحِبًا.

   وَكَانَتِ الصُّحْبَةُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَارَا حَتَّى وَصَلا إِلَى غَارِ ثَوْرٍ فَدَخَلاهُ وَجَاءَتِ الْعَنْكَبُوتُ فَنَسَجَتْ عَلَى بَابِهِ وَجَاءَتْ حَمَامَةٌ فَبَاضَتْ وَرَقَدَتْ فَلَمَّا وَصَلَ رِجَالُ قُرَيْشٍ إِلَى الْغَارِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنَّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِى يَحْفَظُنَا وَيَنْصُرُنَا وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَوْجُودٌ مَعَهُمَا فِى الْغَارِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ ﴿لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا﴾ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بِذَاتِهِ مَعَهُمَا فِى الْغَارِ بَلِ الْمَعِيَّةُ هُنَا هِىَ مَعِيَّةُ النُّصْرَةِ أَىِ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِى يَنْصُرُنَا وَيَحْمِينَا لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لا يُوصَفُ بِأَنَّهُ يَحُلُّ مَكَانًا فَهُوَ الْمَوْجُودُ بِلا مَكَانٍ وَهُوَ الْمُنَزَّهُ عَنْ كُلِّ صِفَاتِ الْخَلْقِ.

   لَقْدَ حَمَى اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ وَمَنْ مَعَهُ وَأَكْمَلا طَرِيقَهُمَا حَتَّى وَصَلا إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ حَيْثُ اسْتَقْبَلَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْفَرَحِ وَاسْتَبْشَرُوا بِقُدُومِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَمَّى الرَّسُولُ يَثْرِبَ الْمَدِينَةَ الْمُنَوَّرَةَ وَسَمَّى أَهْلَهَا الأَنْصَارَ وَبَنَى فِيهَا مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَهُ.

   فَائِدَةٌ لَمْ تَكُنْ هِجْرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَرَبًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَهُوَ أَشْجَعُ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ تَكُنْ لِأَجْلِ الشُّهْرَةِ وَالْجَاهِ وَالسُّلْطَانِ فَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ أَشْرَافُ مَكَّةَ وَسَادَاتُهَا وَقَالُوا لَهُ إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ بِمَا جِئْتَ بِهِ مَالًا جَمَعْنَا لَكَ حَتَّى تَكُونَ أَكْثَرَنَا مَالًا وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ مُلْكًا مَلَّكْنَاكَ إِيَّاهُ وَلَكِنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ دَعْوَتَهُ دَعْوَةُ حَقٍّ لا بُدَّ أَنْ يُؤَدِّيَهَا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَهُوَ أَشْرَفُ وَأَسْمَى مِنْ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ الدُّنْيَا وَالْجَاهَ وَالسُّلْطَانَ لِهَذَا فَقَدْ قَالَ لِعَمِّهِ أَبِى طَالِبٍ وَاللَّهِ يَا عَمُّ لَوْ وَضَعُوا الشَّمْسَ فِى يَمِينِى وَالْقَمَرَ فِى يَسَارِى عَلَى أَنْ أَتْرُكَ هَذَا الأَمْرَ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى يُظْهِرَهُ اللَّهُ أَوْ أَهْلِكَ دُونَهُ.

   وَلَمْ تَكُنْ هِجْرَتُهُ طَلَبًا لِلرَّاحَةِ وَالتَّنَعُّمِ بَلْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَشْرِ دِينِ اللَّهِ وَإِقَامَةِ دَوْلَةِ الإِيـمَانِ وَنَشْرِ كَلِمَةِ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فِى أَرْجَاءِ الْمَعْمُورَةِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *