جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية
جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية
31 يناير 2019
غَزْوَةُ أُحُدٍ
غَزْوَةُ أُحُدٍ
2 فبراير 2019
جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية
جَوازِ قِراءةِ القرءان عِنْدَ الْمَيِّت ولأهل القبور من المؤمنين وفضل الإحسان إلى الأمة المحمّدية
31 يناير 2019
غَزْوَةُ أُحُدٍ
غَزْوَةُ أُحُدٍ
2 فبراير 2019

غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى

   أَطَاعَ الْمُسْلِمُونَ أَمْرَ اللَّهِ وَهَاجَرُوا مِنْ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ بَعْدَ أَنِ اشْتَدَّ الأَذَى وَالتَّعْذِيبُ عَلَيْهِمْ وَتَرَكُوا مُمْتَلَكَاتِهِمْ وَأَمْوَالَهُمْ حَيْثُ إِنَّ النَّبِىَّ الصَّادِقَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَدَهُمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَيُعَوِّضُ عَنْهُمْ وَيُخْلِفُ عَلَيْهِمْ وَمَا كَانَ مِنْ كُفَّارِ قُرَيْشٍ اللِّئَامِ إِلَّا أَنِ اسْتَوْلَوْا عَلَى هَذِهِ الأَمْوَالِ وَذَهَبُوا إِلَى الشَّامِ لِيُتَاجِرُوا بِهَا ثُمَّ عَادُوا إِلَى مَكَّةَ فِى قَافِلَةٍ مُحَمَّلَةٍ بِالْكَثِيرِ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَحْمَالِ وَالْجِمَالِ.

   وَصَلَتْ أَخْبَارُ هَذِهِ الْقَافِلَةِ إِلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ الَّتِى كَانَتْ قَدِ امْتَلَأَتْ خَيْرًا بِالنَّبِىِّ وَصَحَابَتِهِ الأَبْرَارِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اشْتَدَّ سَاعِدُهُمْ وَزَادَتْ قُوَّتُهُمْ وَتَعَبَّأَتْ نُفُوسُهُمْ لِمُجَاهَدَةِ عَدُّوِهِمْ.

   وَكَانَ ذَلِكَ فِى السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ فِى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لِلْهِجْرَةِ الْمُشَرَّفَةِ فَخَرَجَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ جَيْشٍ مِنَ الصَّحَابَةِ الأَبْطَالِ الْمُقْبِلِينَ عَلَى الْجِهَادِ بِقُلُوبٍ قَوِيَّةٍ وَاثِقَةٍ مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَكَانَ عَدَدُهُمْ ثَلاثَمِائَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَالأَعْلامُ وَالْبَيَارِقُ حَوْلَهُمْ تُرَفْرِفُ وَتَعْلُو.

   لَكِنَّ خَبَرَ خُرُوجِ الْمُسْلِمِينَ لِلْقِتَالِ بَلَغَ الْقَافِلَةَ الَّتِى كَانَ عَلَى رَأْسِهَا أَبُو سُفْيَانَ بنُ حَرْبٍ وَهُوَ أَحَدُ رُءُوسِ الْكُفْرِ فِى ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ حِرَاسَةٌ كَافِيَةٌ لِتَمْنَعَ عَنْهُ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتَهُ فَبَعَثَ بِرَجُلٍ اسْمُهُ ضِمْضِم إِلَى مَكَّةَ يَسْتَنْجِدُ بِأَهْلِهَا.

   وَوَصَلَ ضِمْضِمُ إِلَى مَكَّةَ صَارِخًا مُوَلْوِلًا طَالِبًا النَّجْدَةَ فَأَسْرَعَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ بِتَجْمِيعِ قُوَاهُمْ وَجُنْدِهِمْ وَسِلاحِهِمْ وَمَضَوْا إِلَى مُحَارَبَةِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

   فِى هَذِهِ الأَثْنَاءِ غَيَّرَ أَبُو سُفْيَانَ مَسِيرَةَ الْقَافِلَةِ بَيْنَ الشَّامِ وَمَكَّةَ وَابْتَعَدَ عَنِ الطَّرِيقِ الْمَعْهُودِ إِلَى نَاحِيَةِ الْبَحْرِ وَلَمْ يَعْلَمِ الْمُسْلِمُونَ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ خَرَجُوا لِمُسَاعَدَةِ الْقَافِلَةِ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى مَا قَبْلَ بَدْرٍ وَهِىَ اسْمُ نَاحِيَةٍ فَنَزَلُوا هُنَاكَ وَأَرْسَلُوا ثَلاثَةَ أَشْخَاصٍ لِلِاسْتِكْشَافِ فَعَادُوا وَقَدْ قَبَضُوا عَلَى غُلامَيْنِ خَرَجَا لِجَلْبِ الْمَاءِ لِمُعَسْكَرِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَعَلِمَ عِنْدَهَا النَّبِىُّ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ وَصَحَابَتُهُ بِخُرُوجِ قُرَيْشٍ لِمُقَاتَلَتِهِمْ وَأَنَّ عَدَدَهُمْ قَرِيبُ أَلْفِ مُقَاتِلٍ.

   اسْتَشَارَ النَّبِىُّ الأَعْظَمُ صَحَابَتَهُ فَقَامَ كِبَارُهُمْ وَتَكَلَّمُوا فَأَحْسَنُوا وَأَجَادُوا وَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ خَيْرًا وَالأَنْصَارُ خَيْرًا وَكَانَ مِنْهُمْ سَيِّدُنَا سَعْدُ بنُ مُعَاذٍ الَّذِى أَخْبَرَ النَّبِىَّ أَنَّ الأَنْصَارَ لَنْ يَخْذُلُوهُ أَبَدًا وَلَوْ أَمَرَهُمْ بِخَوْضِ الْبَحْرِ لَخَاضُوهُ مَعَهُ وَخَتَمَ بِقَوْلِهِ فَسِرْ بِنَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَسَارَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَيْشِهِ وَهُوَ يَقُولُ (أَبْشِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِى إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ) أَىْ إِمَّا أَنْ نَرْبَحَ الْغَنَائِمَ الَّتِى فِى الْقَافِلَةِ وَإِمَّا أَنْ نَهْزِمَ الْجَيْشَ الَّذِى خَرَجَ لِحِمَايَتِهَا وَنَزَلُوا قُرْبَ بَدْرٍ ذَاتِ الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ.

   وَكَانَ كُفَّارُ قُرَيْشٍ قَدْ بَلَغَهُمْ أَنَّ الْقَافِلَةَ الَّتِى خَرَجُوا لِحِمَايَتِهَا قَدْ نَجَتْ وَوَصَلَتْ إِلَى مَكَّةَ وَمَعَ ذَلِكَ رَفَضُوا الْعَوْدَةَ وَأَصَرُّوا عَلَى مُقَاتَلَةِ النَّبِىِّ حِقْدًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ وَعَلَى دَعْوَتِهِ الإِسْلامِيَّةِ الْعَظِيمَةِ وَكَرَاهِيَةً لِصَحابَتِهِ الْكِرَامِ.

   وَبَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَطَرَ الْخَفِيفَ فَصَارَ التُّرَابُ تَحْتَ أَقْدَامِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ جَامِدًا يَسْهُلُ الْمَسِيرُ عَلَيْهِ وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَقَدْ صَارَ الرَّمْلُ مِنْ تَحْتِهِمْ وَحْلًا مُزْعِجًا تَغُوصُ فِيهِ أَقْدَامُهُمْ وَأَقْدَامُ بَعِيرِهِمْ مِمَّا أَعَاقَهُمْ وَأَخَّرَهُمْ.

   وَأَحَاطَ الْمُسْلِمُونَ بِتِلالٍ مُطِلَّةٍ عَلَى بِرْكَةِ مَاءٍ كَبِيرَةٍ فِى بَدْرٍ وَجَاءَهَا الْكُفَّارُ لِيَشْرَبُوا مِنْهَا فَصَارَ الْمُسْلِمُونَ يَصْطَادُونَهُمْ الْوَاحِدَ تِلْوَ الآخَرِ وَتَقَابَلَ الْجَيْشَانِ جَيْشُ الْمُسْلِمِينَ وَفِيهِ الصَّحَابَةُ الأَفَاضِلُ الشُّجْعَانُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ إِعْلاءَ كَلِمَةِ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَجَيْشُ الْكُفَّارِ الَّذِينَ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ وَيُرِيدُونَ قَتْلَ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْقَضَاءَ عَلَيْهِ وَعَلَى دَعْوَتِهِ الْمُبَارَكَةِ.

   وَكَانَتْ خِطَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا أَشَارَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لا يَبْدَأُوا الْقِتَالَ حَتَّى يُحِيطَ بِهِمُ الْكُفَّارُ عِنْدَهَا يَظْهَرُ الرُّمَاةُ الْمُخْتَبِئُونَ عَلَى التِّلالِ الْمُحِيطَةِ بِمَكَانِ الْمَعْرَكَةِ وَيَرْمُونَ ظُهُورَ الْكُفَّارِ بِرِمَاحِهِمْ وَهَكَذَا كَانَ.

   وَاقْتَتَلَ النَّاسُ قِتَالًا شَدِيدًا وَتَضَارَبَتِ السُّيُوفُ وَلَمَعَتِ الرِّمَاحُ وَتَطَايَرَ الْغُبَارُ وَعَلَتِ التَّكْبِيرَاتُ الصَّادِحَةُ وَكَانَ الْمَدَدُ الْكَبِيرُ.

   فَقَدْ أَمَدَّ اللَّهُ تَعَالَى جَيْشَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِئَاتٍ وَءَالافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ الْكِرَامِ أَتَوْا عَلَى خُيُولِهِمْ يُحَارِبُونَ وَيُقَاتِلُونَ يَتَقَدَّمُهُمْ سَيِّدُنَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى فَرَسِهِ حَيْزُوم.

   وَكَانَ الْمُقَاتِلُ الْمُسْلِمُ يُشِيرُ بِسَيْفِهِ إِلَى الْمُشْرِكِ فَيَقَعُ رَأْسُهُ عَنْ جَسَدِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهِ السَّيْفُ وَكَانَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الْمَلائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ بِأَمْرِ اللَّهِ وَفِى نِهَايَةِ الْمَعْرَكَةِ أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَفْنَةً مِنَ التُّرَابِ وَرَمَى بِهَا قُرَيْشًا وَقَالَ (شَاهَتِ الْوُجُوهُ) وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ (شُدُّوا عَلَيْهِمْ) فَكَانَتْ هَزِيمَةُ الْمُشْرِكِينَ وَقُتِلَ مِنْهُمُ الْكَثِيرُ وَأُسِرَ الْكَثِيرُ. كَانَ بَيْنَ قَتْلَى الْمُشْرِكِينَ رَأْسُ الْكُفْرِ أَبُو جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ وَأُمَيَّةُ بنُ خَلَفٍ وَهُوَ الَّذِى كَانَ يُعَذِّبُ سَيِّدَنَا بِلالًا الْحَبَشِىَّ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ وَعِنْدَمَا أَرَادُوا طَرْحَهُ فِى بِئْرِ الْقَلِيبِ كَانَ قَدْ تَقَطَّعَ فَوَضَعُوا عَلَيْهِ مِنَ التُّرَابِ وَالْحِجَارَةِ مَا طَمَرَهُ.

   وَعَادَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَحَابَتُهُ الأَجِلَّاءُ مُنْتَصِرِينَ مُعَزَّزِينَ وَلَهُمْ فِى غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى عِبْرَةٌ أَنَّ الْفِئَةَ الْقَلِيلَةَ قَدْ تَغْلِبُ الْفِئَةَ الْكَثِيرَةَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَشَهِدَ رَمَضَانُ نَصْرًا كَبِيرًا لِلْمُسْلِمِينَ سَجَّلَهُ التَّارِيخُ بِسُطُورٍ مِنْ نُورٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *