السَّيِّدُ الكَبِيْرُ أَبُو أَيُّوْب الأَنْصَارِيُّ
8 نوفمبر 2016أَبُو الدَّرْدَاءِ الأَنْصَارِيُّ الإِمَامُ القُدْوَةُ قَاضِي دِمَشْقَ
8 نوفمبر 2016أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ العَلاَّمَةُ الفَاضِلُ قَاضِي البَصْرَةِ
أَبُو الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيُّ
يُقَالُ الدِّيْلِيُّ العَلاَّمَةُ الفَاضِلُ قَاضِي البَصْرَةِ وَاسْمُهُ ظَالِمُ بنُ عَمْرٍو عَلَى الأَشْهَرِ، وُلِدَ فِي أَيَّامِ النُّبُوَّةِ، قَالَ الوَاقِدِيُّ أَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَورد في تَارِيْخِ دِمَشْقَ الدُّؤَلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِ الهَمْزَةِ قَبِيْلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ.
حَدَّثَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ، وَعَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ، وَالزُّبَيْرِ بنِ العَوَّامِ، وَطَائِفَةٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرٍو الدَّانِيُّ قَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَحَدَّثَ عَنْهُ ابْنُهُ، وَيَحْيَى بنُ يَعْمَرَ، وَابْنُ بُرَيْدَةَ، وَآخَرُوْنَ، قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ ثِقَةٌ، كَانَ أَوَّلَ مَنْ تَكَلَّمَ فِي النَّحْوِ.
قال السيوطيُّ: ظالمُ بنُ الدئلِ بنِ بكرٍ بنِ كنانةٍ أبو الأسودِ الدُّؤَليُّ البَصْريُّ أولُ من أسسَ النحوَ ووقعَ في اسمِه ونسبِه خلافٌ.
كان من ساداتِ التابعينَ ومِن أكملِ الرجالِ رأيا وأسدِّهم عقلا، شاعرًا سريعَ الجوابِ، ثقةً في حديثِه، روى عن عمرَ وعليٍّ وابنِ عباسٍ وأبي ذرٍّ وغيرِهم وعنهُ ابنُه ويحيى بنُ يعمُرَ، وصحِبَ عليَّ بنِ أبي طالبٍ، وشهدَ معه صفينَ، وقدِمَ على معاويةَ فأُكرِه وأَعْظَمَ جائزتَه، ووليَ قضاءَ البصرةَ.
ومن شعرِه يخاطبُ ولدَه:
وما طلبُ المعيشةِ بالتمنّي *** ولكنْ ألقِ دَلْوَكَ في الدِّلاءِ
تجيءُ بملئِها طورًا وطورا *** تجيءُ بحمأةٍ وقليلِ ماءِ
وهو أولُ من نقطَ الـمُصحفَ.
قال الحافظُ: أبو الأسودِ معدودٌ في طبقاتِ الناسِ، وهو في كلِّها مقدَّمٌ مأثورٌ عنه في جميعِها، معدودٌ في التابعينَ، والفقهاءِ، والمحدثينَ، والشعراءِ، والأشرافِ، والفرسانِ، والأمراءِ، والدُّهاةِ، والنُّحاةِ، والحاضرِي الجوابِ، والبخلاءِ، والصُّلْعِ الأشرافِ، والبُخْرِ الأشرافِ، ماتَ سنةَ تسعٍ وستينَ للهجرة بطاعونِ الجارفِ انتهى كلامُ السيوطي.
وهو أول من وضع النحو، قيل إن عليًا رضي الله عنه وضع له الكلام كله ثلاثة أضرب اسم وفعل وحرف، ثم رفعه إليه وقال له تمم على هذا وَقَدْ أَمَرَهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِوَضْعِ شَيْءٍ فِي النَّحْوِ لَمَّا سَمِعَ اللَّحْنَ.
قَالَ فَأَرَاهُ أَبُو الأَسْوَدِ مَا وَضَعَ فَقَالَ عَلِيٌّ مَا أَحْسَنَ هَذَا النَّحْوَ الَّذِي نَحَوْتَ! فَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْوُ نَحْوًا.
وقال أبو طاهر المقرئُ: اختلف الناسُ في أول من رسمَ النحوَ وأكثرُ الناسِ على أبي الأسودِ الدُّؤَليِّ ويُقالُ إنّ ابنتَه قالت له يوما يا أبتِ ما أحسنُ السماءِ قالَ أيْ بنيةُ نجومُها، قالت إني لم أُرِدْ أيَّ شيءٍ منها أحسنَ إنما تعجبتُ من حسنِها، قال إذًا فتقولي ما أحسنَ السماء، فحينئذٍ وضع َكتابًا ويُقالُ إن ابنتَه قالت لهُ يا أبتِ ما أشدُّ الحرِّ في يومٍ شديدِ الحرِّ فقالَ لها إذا كانتِ الصَّقْعاءُ من فوقِكِ والرمضاءُ من تحتِكِ، قالت إنما أردتُ أنَّ الحرَّ شديدٌ، قالَ فقولي إذا ما أشدَّ الحرَّ، والصقْعاءُ الشمسُ.
ويُروى أنّ أبا الأسودِ لقيَ ابنَ صديقٍ له فقالَ له ما فعلَ أبوك، قال أخذتْهُ الحُمَّى ففضخَتْه فَضْخا وطبختْه طبْخا ورضختْه رضْخا فتركتْه فَرْخا، قال أبو الأسودِ فما فعلت امرأتُه التي كانتْ تُسارُّهُ وتُجارُّهُ وتُزارُّهُ وتُهارُّهُ وتُمارُّهُ، قالَ طلَّقَها وتزوَّجَ غيرَها فحظيَت عندَه ورضيتْ وبَظِيَت، قال أبو الأسودِ فما معنى بظيت؟ قال حرفٌ من اللغةِ لم تدرِ من أيِّ بيضٍ خرجَ ولا في أي عُشٍّ درجَ، قال يا ابنَ أخي لا خيرَ لكَ فيما لم أدرِ انتهى كلام أبي طاهر المقرئِ.
وَقَالَ المُبَرِّدُ: حَدَّثَنَا المَازِنِيُّ، قَالَ السَّبَبُ الَّذِي وُضِعَتْ لَهُ أَبْوَابُ النَّحْوِ أَنَّ بِنْتَ أَبِي الأَسْوَدِ قَالَتْ لَهُ مَا أَشَدُّ الحَرّ! فَقَالَ الحَصْبَاءُ بِالرَّمْضَاءِ قَالَتْ إِنَّمَا تَعَجَّبْتُ مِنْ شِدَّتِهِ فَقَالَ أَوَقَدْ لَحَنَ النَّاسُ؟! فَأَخْبَرَ بِذَلِكَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَأَعْطَاهُ أُصُوْلًا بَنَى مِنْهَا، وَعَمِلَ بَعْدَهُ عَلَيْهَا.
وعَنْ أَبِي الأَسْوَدِ، قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيٍّ، فَرَأَيْتُهُ مُطْرِقًا، فَقُلْتُ فِيْمَ تَتَفَكَّرُ يَا أَمِيَرَ المُؤْمِنِيْنَ؟ قَالَ سَمِعْتُ بِبَلَدِكُم لَحْنًا، فَأَرَدْتُ أَنْ أَضَعَ كِتَابًا فِي أُصُوْلِ العَرَبِيَّةِ فَقُلْتُ إِنْ فَعَلْتَ هَذَا، أَحْيَيْتَنَا فَأَتَيْتُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ، فَأَلْقَى إِلَيَّ صَحِيْفَةً، فِيْهَا الكَلاَمُ كُلُّهُ اسْمٌ، وَفِعْلٌ، وَحَرْفٌ، فَالاسْمُ مَا أَنْبَأَ عَنِ المُسَمَّى، وَالفِعْلُ مَا أَنْبَأَ عَنْ حَرَكَةِ المُسَمَّى، وَالحَرْفُ مَا أَنْبَأَ عَنْ مَعْنَىً لَيْسَ بِاسْمٍ وَلاَ فِعْلٍ ثُمَّ قَالَ لِي زِدْهُ وَتَتَبَّعْهُ فَجَمَعْتُ أَشْيَاءَ، ثُمَّ عَرَضْتُهَا عَلَيْهِ.
حكى ولده أبو حرب قال أول ما وضع والدي باب التعجب، وقيل له من أين لك النحو؟، قال تلقنت حدوده من عليٍّ رضي اللّه عنه. انتهى.
وباع داراً له بالبصرة، فقيل له بعت دارك، فقال بل بعت جاري، وكان جار سوء.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: أَبُو الأَسْوَدِ هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ بَابَ الفَاعِلِ، وَالمَفْعُوْلِ، وَالمُضَافِ، وَحَرْف الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالجَرِّ وَالجَزْمِ، فَأَخَذَ ذَلِكَ عَنْهُ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَخَذَ أَبُو الأَسْوَدِ عَنْ عَلِيٍّ العَرَبِيَّةَ، فَسَمِعَ قَارِئاً يَقْرَأُ (أَنَّ اللهَ بَرِيْءٌ مِنَ المُشْرِكِيْنَ وَرَسُوْلِهِ) بِكَسْرِ اللاَّمِ بَدَلاً عَنْ ضَمِّهَا التَّوْبَةُ 3، فَقَالَ مَا ظَنَنْتُ أَنَّ أَمْرَ النَّاسِ قَدْ صَارَ إِلَى هَذَا.
فَقَالَ لِزِيَادٍ الأَمِيْرِ ابْغِنِي كَاتِبًا لَقِنًا فَأَتَى بِهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الأَسْوَدِ إِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ فَتَحْتُ فَمِي بِالحَرْفِ، فَانْقُطْ نُقْطَةً أَعْلاَهُ، وَإِذَا رَأَيْتَنِي قَدْ ضَمَمْتُ فَمِي، فَانْقُطْ نُقْطَةً بَيْنَ يَدَيِ الحَرْفِ، وَإِنْ كَسَرْتُ، فَانْقُطْ نُقْطَةً تَحْتَ الحَرْفِ، فَإِذَا أَتْبَعْتُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ غُنَّةً، فَاجْعَلْ مَكَانَ النُّقْطَةِ نُقْطَتَيْنِ، فَهَذَا نَقْطُ أَبِي الأَسْوَدِ.
قَالَ يَحْيَى بنُ مَعِيْنٍ: كان ثقة وهو أول من تكلم في النحو مَاتَ فِي طَاعُوْنِ الجَارِفِ، سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيْحُ وَقِيْلَ مَاتَ قُبَيْلَ ذَلِكَ وَعَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.