الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُجْتَهِدُ الحَافِظُ أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ

الإِمَامُ الكَبِيْرُ الفَقِيْهُ المُقْرِئُ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ
الإِمَامُ الكَبِيْرُ الفَقِيْهُ المُقْرِئُ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ
8 نوفمبر 2016
حافظٌ حنبلي يتبرك بقبر الإمام أحمد بن حنبل في بغداد
حافظٌ حنبلي يتبرك بقبر الإمام أحمد بن حنبل في بغداد
8 نوفمبر 2016
الإِمَامُ الكَبِيْرُ الفَقِيْهُ المُقْرِئُ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ
الإِمَامُ الكَبِيْرُ الفَقِيْهُ المُقْرِئُ أَبُو مُوْسَى الأَشْعَرِيُّ
8 نوفمبر 2016
حافظٌ حنبلي يتبرك بقبر الإمام أحمد بن حنبل في بغداد
حافظٌ حنبلي يتبرك بقبر الإمام أحمد بن حنبل في بغداد
8 نوفمبر 2016

الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُجْتَهِدُ الحَافِظُ أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ

الإِمَامُ الفَقِيْهُ المُجْتَهِدُ الحَافِظُ أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ

أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ الإِمَامُ، الفَقِيْهُ، المُجْتَهِدُ، الحَافِظُ، صَاحِبُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ، اليَمَانِيُّ، سَيِّدُ الحُفَّاظِ الأَثْبَاتِ.

اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ جَمَّةٍ، أَرْجَحُهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ صَخْرٍ، وروي أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَقُوْلُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُوْنِي أَبَا هِرٍّ، وَالمَشْهُوْرُ عَنْهُ أَنَّهُ كُنِيَ بِأَوْلاَدِ هِرَّةٍ بَرِّيَّةٍ، قَالَ وَجَدْتُهَا فَأَخَذْتُهَا فِي كُمِّي، فَكُنِيْتُ بَذَلِكَ.
قَالَ الطَّبَرَانِيُّ وَأُمُّهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا هِيَ مَيْمُوْنَةُ بِنْتُ صَبِيْحٍ.
صَحِبَ رسول الله أَرْبَعَ سِنِيْنَ حَمَلَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ، لَمْ يُلْحَقْ فِي كَثْرَتِهِ، وحمل َعَنْ أُبَيٍّ، وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ وَعَائِشَةَ، حَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ كَثِيْرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِيْنَ.

كَانَ مَقْدَمُهُ وَإِسْلاَمُهُ فِي أَوَّلِ سَنَةِ سَبْعٍ، عَامَ خَيْبَرَ، وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ لُبَيْنَةَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رَجُلاً آدَمَ، بَعِيْدَ مَا بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ، أَفْرَقَ الثَّنِيَّتَيْنِ، ذَا ضَفِيْرَتَيْنِ، وَقَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَبْيَضَ، لَيِّناً، لِحْيَتُهُ حَمْرَاءُ.

فقره رضى الله عنه ورقة حاله:
عَطَاءُ بنُ السَّائِبِ عَنْ عَامِرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ كُنْتُ فِي الصُّفَّةِ، فَبَعَثَ إِلَيْنَا رَسُوْلُ اللهِ بِتَمْر عَجْوَةٍ، فَكُنَّا نَقْرِنُ التَّمْرَتَيْنِ مِنَ الجُوْعِ، وَكَانَ أَحَدُنَا إِذَا قَرَنَ، يَقُوْلُ لِصَاحِبِهِ قَدْ قَرَنْتُ، فَاقْرِنُوا، جَاعَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَاحْتَاجَ، وَلَزِمَ المَسْجِدَ، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي أُصْرَعُ بَيْنَ القَبْرِ وَالمِنْبَرِ مِنَ الجُوْعِ، حَتَّى يَقُوْلُوا مَجْنُوْنٌ، وقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُنِي وَإِنِّي لأَخِرُّ فِيْمَا بَيْنَ مَنْزِلِ عَائِشَةَ وَالمِنْبَرِ مَغْشِيّاً عَلَيَّ مِنَ الجُوْعِ، فَيَمُرُّ الرَّجُلُ، فَيَجْلِسُ عَلَى صَدْرِي، فَأَرْفَعُ رَأْسِي، فَأَقُوْلُ لَيْسَ الَّذِي تَرَى، إِنَّمَا هُوَ الجُوْعُ وكَانَ يَظُنُّهُ مَنْ يَرَاهُ مَصْرُوْعاً، فَيْجْلِسُ فَوْقَهُ لِيَرْقِيْهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.

حب المؤمنين لأبى هريرة:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ خَرَجْتُ يَوْماً مِنْ بَيْتِي إِلَى المَسْجِدِ، فَوَجَدْتُ نَفَراً، فَقَالُوا مَا أَخْرَجَكَ؟ قُلْتُ الجُوْعُ فَقَالُوا وَنَحْنُ وَاللهِ مَا أَخْرَجَنَا إِلاَّ الجُوْعُ، فَقُمْنَا، فَدَخَلْنَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ (مَا جَاءَ بِكُمْ هَذِهِ السَّاعَةَ) فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا بِطَبَقٍ فِيْهِ تَمْرٌ، فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا تَمْرَتَيْنِ، فَقَالَ (كُلُوا هَاتَيْنِ التَّمْرَتَيْنِ، وَاشْرَبُوا عَلَيْهِمَا مِنَ المَاءِ، فَإِنَّهُمَا سَتَجْزِيَانِكُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا) فَأَكَلْتُ تَمَرَّةً، وَخَبَّأْتُ الأُخْرَى، فَقَالَ (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لِمَ رَفَعْتَهَا؟) قُلْتُ لأُمِّي قَالَ (كُلْهَا، فَسَنُعْطِيْكَ لَهَا تَمْرَتَيْنِ) وقَالَ إِنَّ أُمِّي كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوْهَا إِلَى الإِسْلاَمِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ وَأَنَا أَبْكِي، فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا، فَقَالَ (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ) فَخَرَجْتُ أَعْدُو، أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ، فَإِذَا البَابُ مُجَافٍ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي، فَقَالَتْ كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، وَقَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ أَبْكِي مِنَ الفَرَحِ، كَمَا بَكَيْتُ مِنَ الحُزْنِ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَقُلْتُ ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِيْنَ، فَقَالَ (اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ المُؤْمِنِيْنَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا) إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟ قَالَ (لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ لاَ يَسْأَلُنِي عَنْ هَذَا الحَدِيْثِ أَحَدٌ أَوَّلَ مِنْكَ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيْثِ، إِنَّ أَسْعَدَ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، خَالِصًا مِنْ نَفْسِهِ).
وعَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَبُو هُرَيْرَةَ وِعَاءٌ مِنَ العِلْمِ).
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ حَفِظْتُ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وِعَاءيْنِ، فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ فِي النَّاسِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَلَوْ بَثَثْتُهُ، لَقُطِعَ هَذَا البُلْعُوْمُ.
كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُوْلُ رُبَّ كِيْسٍ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَمْ يَفْتَحْهُ (يَعْنِي مِنَ العِلْمِ) أي ما سمعه من رسول الله عن أسماء بعض المنافقين وأصحاب الفتنة ولم يأمره النبي ببثهِ، أَمَا حَدِيْثٌ يَتَعَلَّقُ بِحِلٍّ أَوْ حَرَامٍ فَلاَ يَحِلُّ كِتْمَانُهُ بِوَجْهٍ، فَإِنَّهُ مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى.
وقَالَ الشَّافِعِيُّ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى الحَدِيْثَ فِي دَهْرِهِ.
كَانَ يَبْتَدِئُ حَدِيْثَهُ بِأَنْ يَقُوْلَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ).
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كُنْتَ أَلْزَمَنَا لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَعْلَمَنَا بِحَدِيْثِهِ.

حبه لأهل بيت نبينا:
لقد كان أبو هريرة رضي الله عنه كغيره من الصحابة محبا لأهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى أحاديث كثيرة في مدح ءال البيت، فمن جملة ما روى أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ قَالَ للْحَسَن (اللَّهُمَّ إنّيْ أُحبُّهُ، فَأَحبَّهُ، وَأَحبَّ مَنْ يُحبُّهُ).
عَنْ عُمَيْر بن إسْحَاقَ، قَالَ كُنْتُ مَعَ الحَسَن، فَلَقيَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، فَقَالَ أَرني أُقَبّلُ منْكَ حَيْثُ رَأَيتُ رَسُوْلَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ يُقَبّلُ، فَقَالَ بقميْصه، فَقَبَّلَ سُرَّتَهُ.
وعن ابْنِ إسْحَاقَ قال حَدَّثَني مُسَاورٌ السَّعْديُّ، قَالَ رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ قَائما عَلَى مَسجد رَسُوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ الحَسَنُ يَبْكي، وَيُنَادي بأَعلَى صَوْته يَاأَيُّهَا النَّاسُ! مَاتَ اليَوْمَ حبُّ رَسُوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ فَابْكُوا.
عَنْ أَبي المُهَزّم، قَالَ كُنَّا في جَنَازَةٍ، فَأَقْبَلَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَنْفُضُ بثَوْبه التُّرَابَ عَنْ قَدَم الحُسَيْن.

عبادته وورعه:
روى حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ عَنْ عَبَّاسٍ الجُرَيْرِيِّ، سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ، قَالَ تَضَيَّفْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ سَبْعاً، فَكَانَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَخَادِمُهُ يَعْتَقِبُوْنَ اللَّيْلَ أَثْلاَثاً، يُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا، وَيُصَلِّي هَذَا، ثُمَّ يُوْقِظُ هَذَا، قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، كَيْفَ تَصُوْمُ؟ قَالَ أَصُوْمُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثَلاَثاً.
وعَنْ شُرَحْبِيْلَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يَصُوْمُ الاثْنَيْنَ وَالخَمِيْسَ.
وعَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ كَانَ يُسَبِّحُ كُلَّ يَوْمٍ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ تَسْبِيْحَةٍ.
وعَنْ مَيْمُوْنِ بنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ كَانَتْ لأَبِي هُرَيْرَةَ صَيْحَتَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ، يَقُوْلُ ذَهَبَ اللَّيْلُ وَجَاءَ النَّهَارُ، وَعُرِضَ آلُ فِرْعَوْنَ عَلَى النَّارِ، فَلاَ يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلاَّ اسْتَعَاذَ بِاللهِ مِنَ النَّارِ.
وَقَالَ حَزْمٌ القُطَعِيُّ سَمِعْتُ الحَسَنَ يَقُوْلُ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِذَا مَرَّتْ بِهِ جِنَازَةٌ، قَالَ اغْدُوا، فَإِنَّا رَائِحُوْنَ، وَرُوْحُوا فَإِنَّا غَادُوْنَ.
وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ مَرَّ بِأَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يُحَدِّثُ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ تَبِعَ جِنَازَةً، فَلَهُ قِيْرَاطٌ).
وَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَجْهَرُ فِي صَلاَتِهِ بِبِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ.
قَالَ الحَافِظُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ سَمِعْتُ أَبَا المَعْمَرِ المُبَارَكَ بنَ أَحْمَدَ، سَمِعْتُ أَبَا القَاسِمِ يُوْسُفَ بنَ عَلِيٍّ الزَّنْجَانِيَّ الفَقِيْهَ، سَمِعْتُ الفَقِيْهَ أَبَا إِسْحَاقَ الفَيْرُوْزَابَادِيَّ، سَمِعْتُ القَاضِي أَبَا الطَّيِّبِ يَقُوْلُ كُنَّا فِي مَجْلِسِ النَّظَرِ بِجَامِعِ المَنْصُوْرِ، فَجَاءَ شَابٌّ خُرَاسَانِيٌّ، فَسَأَلَ عَنْ مَسْأَلَةٍ، فَطَالَبَ بِالدَّلِيْلِ، حَتَّى اسْتَدَلَّ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الوَارِدِ فِيْهَا، فَقَالَ الرجل أَبُو هُرَيْرَةَ غَيْرُ مَقْبُوْلِ الحَدِيْثِ، فَمَا اسْتَتَمَّ كَلاَمُهُ حَتَّى سَقَطَت عَلَيْهِ حَيَّةٌ عَظِيْمَةٌ مِنْ سَقْفِ الجَامِعِ، فَوَثَبَ النَّاسُ مِنْ أَجْلِهَا، وَهَرَبَ الشَّابُّ مِنْهَا وَهِيَ تَتْبَعُهُ، فَقِيْلَ لَهُ تُبْ تُبْ فَقَالَ تُبْتُ فَغَابَتِ الحَيَّةُ، فَلَمْ يُرَ لَهَا أَثَرٌ، إِسْنَادُهَا أَئِمَّةٌ.

وَكَذَلِكَ أَفْتَى أَبُو هُرَيْرَةَ فِي دِقَاقِ المَسَائِلِ مَعَ مِثْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ عَمِلَ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ بِحَدِيْثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي مَسَائِلَ كَثِيْرَةٍ، كَمَا عَمِلُوا كُلُّهُمْ بِحَدِيْثِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (لا تُنْكَحُ المَرْأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلاَ خَالَتِهَا) وَعَمِلَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمَا بِحَدِيْثِهِ (أَنَّ مَنْ أَكَلَ نَاسِيًا، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ).
وروى نُعَيْمُ بنُ المُحَرَّرِ بنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ خَيْطٌ، فِيْهِ أَلْفَا عُقْدَةٍ، لاَ يَنَامُ حَتَّى يُسَبِّحَ بِهِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيْلِ المُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيْهَا مُؤْمِنًا، وَيُمْسِيْ كَافِراً، يَبِيْعُ دِيْنَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا قَلِيْلٍ، المُتَمَسِّكُ مِنْهُم عَلَى دِيْنِهِ، كَالقَابِضِ عَلَى خَبَطِ الشَّوْكِ، أَوْ جَمْرِ الغَضَى).

وفاته:
يروى أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ بَكَى فِي مَرَضِهِ، فَقِيْلَ مَا يُبْكِيْكَ؟ قَالَ مَا أَبْكِي عَلَى دُنْيَاكُمْ هَذِهِ، وَلَكِنْ عَلَى بُعْدِ سَفَرِي، وَقِلَّةِ زَادِي، وَأَنِّي أَمْسَيْتُ فِي صُعُوْدٍ، وَمَهْبَطُهُ عَلَى جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ، فَلاَ أَدْرِي أَيُّهُمَا يُؤْخَذُ بِي؟ مَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَخَمْسِيْنَ، وَلَهُ ثَمَانٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً، وَدُفِنَ بِالبَقِيْعِ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *