الاحتكامُ إلى الدِّينِ
30 أغسطس 2018حَديث (خَيْرُ الصَّدَقَةِ المَاءُ والمَنِيحَةُ)
30 أغسطس 2018الإمام العلامة فقيه الأندلس أبو مروان عبد الملك بن حبيب الأندلسي القرطبي المالكي أحد الأعلام
عبد الملك بن حبيب
قال القاضي أبو الوليد بن الفرضي في كتابه في رجال الأندلس:
هو عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن جلهمة بن عباس بن مرداس السلمي يكنى أبا مروان.
ونقلت عن خط الحكم المستنصر بالله أنه عبد الملك بن حبيب بن ربيع بن سليمان.
وقال علي بن معاذ عن علي بن الحسن إنه عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن حبيب السلمي، وكان يعرف أبوه بحبيب العطار…… كان يعصر الأدهان ويستخرجها.
قال ابن الفرضي قيل إنه من مواليهم.
كان أصلهم من طليطلة وانتقل جده سليمان الى قرطبة، وانتقل أبو حبيب وإخوته في فتنة الربض الى البيرة، وروى بالأندلس عن صعصعة بن سلام والغازي بن قيس وزياد بن عبد الرحمن.
ورحل سنة ثمان ومائتين وقيل سنة سبع فسمع ابن الماجشون ومطرف وابراهيم بن المنذر، وعبد الله بن نافع الزبيري، وابن أبي أويس وعبد الله بن عبد الحكم، وعبد الله بن المبارك والخزامي، وأصبغ بن الفرج، وأسد بن موسى وجماعة سواهم وانصرف الى الأندلس سنة عشرة وقد جمع علماً عظيماً.
قال ابن حارث: فنزل بلدة البيرة وقد انتشر علمه وروايته، فنقله الأمير عبد الرحمن بن الحكم الى قرطبة ورتبه في طبقة المفتيين بها، فأقام مع يحيى بن يحيى زعيمها في المشاورة والمناظرة.
سمع منه ابناه محمد وعبد الله وسعيد بن نمير، وأحمد بن راشد، وابراهيم بن خالد، وابراهيم بن شعيب، ومحمد بن فطيس، وروى عنه من علماء القطربيين، مطرف بن قيس، وبقي بن مخلد، وابن وضاح والمغامي في جماعة، وكان المغامي آخرهم موتاً.
ذكر مكانه من العلم وثناء الفضلاء عليه:
قال ابن الفرضي: كان عبد الملك حافظاً للفقه على مذهب مالك، نبيلا فيه.
وسئل ابن الماجشون من أعلم الرجلين القروي التنوخي أم الأندلسي السلمي؟ فقال السلمي مقدمه علينا أعلم من التنوخي منصرفه عنا.
قال أحمد بن عبد البر: كان جمّاعاً للعلم، كثير الكتب، طويل اللسان، فقيه البدن، نحوياً عروضياً شاعراً، نسابة إخبارياً.
وقال ابراهيم بن قاسم بن هلال: رحم الله عبد الملك بن حبيب فلقد كان ذاباً عن قول مالك.
قال غيره: رأيته يخرج من الجامع وخلفه نحو من ثلاثمائة بين طالب حديث وفرائض وفقه واعراب.
ذكر الزبيدي أنه نعي الى سحنون فاسترجع وقال مات عالم الأندلس بل والله عالم الدنيا وهذا يرد ما روي عنه من خلاف هذا.
وذكره الشيرازي فقال فيه: فقيه الأندلس.
وذكره أيضاً ابن الفرضي في كتابه المؤلف في طبقات الأدباء فجعله صدراً فيهم.
وقال: كان قد جمع الى إمامته في الفقه، التبحر في الأدب والتفنن فيه، وفي ضروب العلوم، وكان فقيهاً مفتياً نحوياً لغوياً نسّابة اخبارياً عروضياً فائقاً شاعراً محسناً مرسلاً حاذقاً مؤلفاً متفنناً.
وقال العتبي (وذكر الواضحة): رحم الله عبد الملك ما أعلم أحداً ألف على مذهب أهل المدينة تأليفه، ولا لطالب أنفع من كتبه ولا أحسن من اختياره.
قال بعضهم: ركبت البحر الى الأندلس مع ابن حبيب، فهال علينا وخشينا العطب، فرأيت ابن حبيب متعلقاً بحبال السفينة وهو يقول: اللهم إن كنت تعلم أني إنما أردت بما ابتغيته لوجهك وما عندك فخلصنا برحمتك وانفع بما آتيت به عبادك، فما كان إلاّ يسير حتى سكنت الحال، ووصلنا سالمين بحمد الله.
ذكر تواليفه:
وألف ابن حبيب كتباً كثيرة حساناً في الفقه والتواريخ والأدب ومنها الكتب المسماة بالواضحة في السنن والفقه لم يؤلف مثلها والجوامع وكتاب فضائل الصحابة وكتاب غريب الحديث وكتاب تفسير الموطّأ وكتاب طبقات الفقهاء والتابعين وكتاب مصابيح الهدى………..وغير ذلك.
توفي ابن حبيب في ذي الحجة سنة ثمان وثلاثين وقيل تسع وثلاثين ومائتين وقد بلغ ستاً وخمسين سنة.
قال الشيرازي ثلاثاً وخمسين سنة.
وقبره بقرطبة بمقبرة أم سلمة في قبلة مسجد الضيافة وصلى عليه ابنه يحيى.
وقال محمد بن حارث: توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين إلا ستة شهور من ولاية الأمير محمد.
قال ابن لبابة: احتفر لإبن وضاح الى جانب قبر ابن حبيب فانفتح ما بين القبرين فأدخل الحافر يده الى جنبه فوجده وافر لم تأكله الأرض والتصق بيده من الكفن.
وخلف ابنين محمد وعبيد الله.
سمع عبيد الله من والده، وكان له حظ من العلم إلا أن الزهد غلب عليه والعبادة فانقطع إليهما ولم يرغب في الدنيا، وعاد الى بلده البيرة فلزمها الى أن توفي سنة إحدى وتسعين ومائتين وقيل في نيف عليها.
حدث عنه محمد بن فطيس الألبيري وكان يثني عليه ويحيى بن فطر وغيرهما.
من ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للإمام القاضي العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ثم السبتي المالكي توفي 544 هـ رحمه الله تعالى.