جَرِيْرُ بنُ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيُّ
20 نوفمبر 2016الصحابي الجليل أبو لبابة الأنصارى رضي الله عنه
22 نوفمبر 2016جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ الهَاشِمِيُّ
جَعْفَرُ بنُ أَبِي طَالِبٍ عَبْدِ مَنَافٍ الهَاشِمِيُّ
السَّيّدُ، الشَّهِيْدُ، الكَبِيْرُ الشَّأْنِ الهَاشِمِيُّ، أَبُو عَبْدِ اللهِ، ابْنُ عَمّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخُو عَلِيّ بنِ أَبِي طَالِبٍ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ عَلِيّ بِعَشْرِ سِنِيْنَ، هَاجَرَ الهِجْرَتَيْنِ، وَهَاجَرَ مِنَ الحَبَشَةِ إِلَى المَدِيْنَةِ، فَوَافَى المُسْلِمِيْنَ وَهُمْ عَلَى خَيْبَرَ إِثْرَ أَخْذِهَا، فَأَقَامَ بِالمَدِيْنَةِ أَشْهُرًا، ثُمَّ أَمَّرَهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَيْشِ غَزْوَةِ مُؤْتَةَ بِنَاحِيَةِ الكَرَكِ، فَاسْتُشْهِدَ، وَقَدْ سُرَّ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَثِيْراً بِقُدُوْمِهِ، وَحَزِنَ لِوَفَاتِهِ.
وعَنِ ابْنِ مَسْعُوْدٍ، قَالَ بَعَثَنَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّجَاشِيّ ثَمَانِيْنَ رَجُلاً أَنَا، وَجَعْفَرٌ، وَأَبُو مُوْسَى، وَعَبْدُ اللهِ بنُ عُرْفُطَةَ، وَعُثْمَانُ بنُ مَظْعُوْنٍ، وَبَعَثَتْ قُرَيْشٌ عَمْرَو بنَ العَاصِ، وَعُمَارَةَ بنَ الوَلِيْدِ بِهَدِيَّةٍ، فَقَدِمَا عَلَى النَّجَاشِيّ، فَلَمَّا دَخَلاَ سَجَدَا لَهُ، وَابْتَدَرَاهُ، فَقَعَدَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِيْنِهِ، وَالآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ، فَقَالاَ إِنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِنَا نَزَلُوا بِأَرْضِكَ، فَرَغِبُوا عَنْ مِلَّتِنَا، قَالَ وَأَيْنَ هُمْ؟ قَالُوا بِأَرْضِكَ، فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِم.
فَقَالَ جَعْفَرٌ أَنَا خَطِيْبُكُم، فَاتَّبَعُوْهُ، فَدَخَلَ، فَسَلَّمَ، فَقَالُوا مَا لَكَ لاَ تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ؟ قَالَ إِنَّا لاَ نَسْجُدُ إِلاَّ لِلِّهِ، قَالُوا وَلِمَ ذَاكَ؟ قَالَ إِنَّ اللهَ أَرْسَلَ فِيْنَا رَسُوْلاً، وَأَمَرَنَا أَنْ لاَ نَسْجُدَ إِلاَّ لِلّهِ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلاَةِ، وَالزَّكَاةِ، فَقَالَ عَمْرٌو إِنَّهُم يُخَالِفُوْنَكَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمّهِ، قَالَ مَا تَقُوْلُوْنَ فِي ابْنِ مَرْيَمَ وَأُمّهِ؟
قَالَ جَعْفَرٌ نَقُوْلُ كَمَا قَالَ اللهُ (ورُوْحُ منه) أي روحه مشرفة عند الله وصادرة من الله خلقا وتكوينا، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى العَذْرَاءِ البَتُوْلِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ، قَالَ فَرَفَعَ النَّجَاشِيُّ عُوْدا مِنَ الأَرْضِ، وَقَالَ يَا مَعْشَرَ الحَبَشَةِ! مَا تُرِيْدُوْنَ، مَا يَسُوْؤُنِي هَذَا! أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ عِيْسَى فِي الإِنْجِيْلِ، وَاللهِ لَوْلاَ مَا أَنَا فِيْهِ مِنَ المُلْكِ، لأَتَيْتُهُ، فَأَكُوْنَ أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ، وَأُوَضّئُهُ، وَقَالَ انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُم.
وعَنْ أُمّ سَلَمَةَ، قَالَتْ لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ، وَأُوْذِيَ أَصْحَابُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَأَوْا مَا يُصِيْبُهُم مِنَ البَلاَءِ، فَقَالَ لَهُم رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ بِأَرْضِ الحَبَشَةِ مَلِكاً لاَ يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ، فَالْحَقُوا بِبِلاَدِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُم فَرَجًا وَمَخْرَجًا) فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ أَرْسَالاً، حَتَّى اجْتَمَعْنَا، فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِيْنِنَا.
حَدَّثَ أَبُو قَتَادَةَ، قَالَ بَعَثَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَ الأُمَرَاءِ، وَقَالَ (عَلَيْكُم زَيْدٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ، فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ أُصِيْبَ جَعْفَرٌ، فَابْنُ رَوَاحَةَ) فَوَثَبَ جَعْفَرٌ، وَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ زَيْداً عَلَيَّ، قَالَ (امْضُوا، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ) انْطَلَقَ الجَيْشُ، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللهُ.
ثُمَّ إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَعِدَ المِنْبَرَ، وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى الصَّلاَةُ جَامِعَةٌ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَلاَ أُخْبِرُكُم عَنْ جَيْشِكُم، إِنَّهُم لَقُوا العَدُوَّ، فَأُصِيْبَ زَيْدٌ شَهِيْدًا، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ، فَشَدَّ عَلَى النَّاسِ حَتَّى قُتِلَ، ثُمَّ أَخَذَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ،فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيْبَ شَهِيْدًا، ثُمَّ أَخَذَ اللّوَاءَ خَالِدٌ) فَرَفَعَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُصْبُعَيْهِ، وَقَالَ (اللَّهُمَّ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوْفِكَ، فَانْصُرْهُ) فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللهِ.
كان جَعْفَر يَوْمَ مُؤْتَةَ، قد اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءَ، فَعَقَرَهَا، ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَقَرَ فِي الإِسْلاَمِ.
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَيْنَمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَرِيْبَةٌ، إِذْ قَالَ (يَا أَسْمَاءُ! هَذَا جَعْفَرٌ مَعَ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ مَرَّ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَقِي المُشْرِكِيْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَسَلَّمَ، فَرُدِّي عَلَيْهِ السَّلاَمَ) وَقَالَ (إِنَّهُ لَقِي المُشْرِكِيْنَ، فَأَصَابَهُ فِي مَقَادِيْمِهِ ثَلاَثٌ وَسَبْعُوْنَ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ اليُمْنَى، فَقُطِعَتْ، ثُمَّ أَخَذَ بِاليُسْرَى، فَقُطِعَتْ، قَالَ فَعَوَّضَنِي اللهُ مِنْ يَدَيَّ جَنَاحَيْنِ أَطِيْرُ بِهِمَا مَعَ جِبْرِيْلَ وَمِيْكَائِيْلَ فِي الجَنَّةِ، آكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا).
وَعَنْ أَسْمَاءَ، قَالَتْ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا بَنِي جَعْفَرٍ، فَرَأَيْتُهُ شَمَّهُم، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ فَقُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! أَبَلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ شَيْءٌ؟ قَالَ (نَعَمْ، قُتِلَ اليَوْمَ) فَقُمْنَا نَبْكِي، وَرَجَعَ، فَقَالَ (اصْنَعُوا لآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا، فَقَدْ شُغِلُوا عَنْ أَنْفُسِهِم).
وَعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ لَمَّا جَاءتْ وَفَاةُ جَعْفَرٍ، عَرَفْنَا فِي وَجْهِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحُزْنَ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أن رسول الله قال (رَأَيْتُ جَعْفَرا لَهُ جَنَاحَانِ فِي الجَنَّةِ).
وعَنِ الشَّعْبِيّ، قَالَ لَمَّا رَجَعَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَيْبَرَ تَلَقَّاهُ جَعْفَرٌ، فَالْتَزَمَهُ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَقَالَ (مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَفْرَحُ بِقُدُوْمِ جَعْفَرٍ، أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ) وَفِي روَايَةِ مُحَمَّدِ بنِ رَبِيْعَةَ، عَنْ أَجْلَح فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَضَمَّهُ، وَاعْتَنَقَهُ.
وعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِيْهِ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُوْلُ لِجَعْفَرٍ (أَشْبَهَ خَلْقُكَ خَلْقِي، وَأَشْبَهَ خُلُقُكَ خُلُقِي، فَأَنْتَ مِنِّي وَمِنْ شَجَرَتِي).
وعَنْ عَلِيّ، قَال إِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِجَعْفَرٍ (أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي).
قَالَ الشَّعْبِيُّ كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا سَلَّمَ عَلَى عَبْدِ اللهِ بنِ جَعْفَر، قَالَ السَّلاَم عَلَيْك يَا ابْنَ ذِي الجَنَاحَيْنِ.
هَاجَرَ جَعْفَرٌ إِلَى الحَبَشَةِ بِزَوْجَتِهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، فَوَلَدَتْ هُنَاكَ عَبْدَ اللهِ، وَعَوْنًا، وَمُحَمَّدًا.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ أَسْلَمَ جَعْفَرٌ بَعْدَ أَحَدٍ وَثَلاَثِيْنَ نَفْسًا.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ مَا احْتَذَى النِّعَالَ، وَلاَ رَكِبَ المَطَايَا بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ مِنْ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ يَعْنِي فِي الجُوْدِ وَالكَرَمِ.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ كُنَّا نُسَمّي جَعْفَرًا أَبَا المَسَاكِيْنِ، كَانَ يَذْهَبُ بِنَا إِلَى بَيْتِهِ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْ لَنَا شَيْئاً، أَخْرَجَ إِلَيْنَا عُكَّةً أَثَرُهَا عَسَلٌ، فَنشُقُّهَا، وَنَلْعَقُهَا.
يُقَالُ إنه عَاشَ بِضْعًا وَثَلاَثِيْنَ سَنَةً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
رحمه الله عز وجل وأمدنا بأمداده وجمعنا به في أعلى عليين.