زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ الكَلْبِيُّ
زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ الكَلْبِيُّ بْن شرَاحِيْلَ أَوْ شُرَحْبِيْلَ بن كَعْبِ بنِ عَبْدِ العُزَّى بنِ يَزِيْدَ بنِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ عَامِرِ بنِ النُّعْمَانِ، الأَمِيْرُ، الشَّهِيْدُ، أَبُو أُسَامَةَ الكَلْبِيُّ، سَيِّدُ المَوَالِي، وَأَسْبَقُهُم إِلَى الإِسْلاَمِ، المُسَمَّى فِي سُوْرَةِ الأَحْزَابِ، وَحِبُّ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو حِبِّهِ، وَمَا أَحَبَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلاَّ طَيِّبًا، وَلَمْ يُسَمِّ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ صَحَابِيًّا بِاسْمِهِ إِلاَّ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ.
وعَنِ الحَسَنِ بنِ أُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْبَرَ مِنْ زَيْدٍ بِعَشْرِ سِنِيْنَ.
وعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ كَانَ جَبَلَةُ بنُ حَارِثَةَ فِي الحَيِّ، فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ أَكْبَرُ أَمْ زَيْدٌ؟ قَالَ زَيْدٌ أَكْبَرُ مِنِّي، وَأَنَا وُلِدْتُ قَبْلَهُ، وَسَأُخْبِرُكُم إِنَّ أُمَّنَا كَانَتْ مِنْ طَيِّئٍ، فَمَاتَتْ، فَبَقِيْنَا فِي حِجْرِ جَدِّنَا، فَقَالَ عَمَّايَ لِجَدِّنَا نَحْنُ أَحَقُّ بَابْنَي أَخِيْنَا. فَقَالَ: خُذَا جَبَلَةَ، وَدَعَا زَيْدا، فَأَخَذَانِي، فَانْطَلَقَا بِي، فَجَاءتْ خَيْلٌ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَخَذَتْ زَيْدًا، فَوَقَعَ إِلَى خَدِيْجَةَ، فَوَهَبَتْهُ لِرَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وعن عَبْد المَلِكِ بنِ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا أَبُو فَزَارَةَ، قَالَ أَبْصَرَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْدَ بنَ حَارِثَةَ غُلاَمًا ذَا ذُؤَابَةٍ قَدْ أَوْقَفَهُ قَوْمُهُ بِالبَطْحَاءِ لِلْبَيْعِ، فَأَتَى خَدِيْجَةَ، فَقَالَتْ كَمْ ثَمَنُهُ؟ قَالَ (سَبْعُ مَائَةٍ) قَالَتْ خُذْ سَبْعَ مَائَةٍ، فَاشْتَرَاهُ، وَجَاءَ بِهِ إِلَيْهَا، فَقَالَ (أَمَا إِنَّهُ لَوْ كَانَ لِي لأَعْتَقْتُهُ) قَالَتْ فَهُوَ لَكَ. فَأَعْتَقَهُ.
وقد أَخْبَرَ جَبَلَةُ بنُ حَارِثَةَ، قَالَ قَدِمْتُ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ يَا رَسُوْلَ اللهِ! ابْعَثْ مَعِي أَخِي زَيْدًا، قَالَ (هُوَ ذَا، فَإِنِ انْطَلَقَ، لَمْ أَمْنَعْهُ) فَقَالَ زَيْدٌ لاَ وَاللهِ لاَ أَخْتَارُ عَلَيْكَ أَحَدًا أَبَدًا، قَالَ فَرَأَيْتُ رَأْيَ أَخِي أَفْضَلَ مِنْ رَأْيِي.
وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْوَقَدِمَ زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ مِنْ وَجْهِهِ ذَلِكَ (تَعْنِي مِنْ سَرِيَّةِ أُمِّ قِرْفَةَ) وَرَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِي، فَقَرَعَ زَيْدٌ البَابَ، فَقَامَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ ثَوْبَهُ حَتَّى اعْتَنَقَهُ وَقبَّلَهُ ثُمَّ سَاءلَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا ظَفَّرَهُ اللهُ.
وَكَانَتْ أُمُّ قِرْفَةَ جَهَّزَتْ أَرْبَعِيْنَ رَاكِبًا مِنْ وَلَدِهَا، وَوَلَدِ وَلَدِهَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُقَاتِلُوْهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِم زَيْدًا، فَقَتَلَهُم، وَقَتَلَهَا، وَأَرْسَلَ بِدِرْعِهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَصَبَهُ بِالمَدِيْنَةِ بَيْنَ رُمْحَيْنِ.
وعَنْ مُحَمَّدِ بنِ أُسَامَةَ، عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ (يَا زَيْدُ أَنْتَ مَوْلاَيَ، وَمِنِّي، وَإِلَيَّ، وَأَحَبُّ القَوْمِ إِلَيَّ) رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي المُسْنَدِ.
وعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ دِيْنَارٍ، سَمِعَ ابْنَ عُمَرَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّرَ أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ فَقَالَ (إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ طَعَنْتُم فِي إِمَارَةِ أَبِيْهِ، وَايمُ اللهِ، إِنْ كَانَ لَخَلِيْقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ ابْنَهُ هَذَا لأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ).
قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرَضَ عُمَرُ لأُسَامَةَ بنِ زَيْدٍ أَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ لِي، فَكَلَّمْتُهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ إِنَّهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ مِنْكَ، وَإِنَّ أَبَاهُ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَبِيْكَ.
قَالَ الوَاقِدِيُّ عَقَدَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَيْدٍ عَلَى النَّاسِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ، وَقَدَّمَهُ عَلَى الأُمَرَاءِ.
فَلَمَّا الْتَقَى الجَمْعَانِ، كَانَ الأُمَرَاءُ يُقَاتِلُوْنَ عَلَى أَرْجُلِهِم، فَأَخَذَ زَيْدٌ اللِّوَاءَ، فَقَاتَلَ، وَقَاتَلَ مَعَهُ النَّاسُ حَتَّى قُتِلَ طَعْنًا بِالرِّمَاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ (أَيْ دَعَا لَهُ) وَقَالَ (اسْتَغْفِرُوا لأَخِيْكُم، قَدْ دَخَلَ الجَنَّةَ وَهُوَ يَسْعَى) وَكَانَتْ مُؤْتَةُ فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
وعَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ، قَالَ لَمَّا بَلَغَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ زَيْدٍ، وَجَعْفَرٍ، وَابنِ رَوَاحَةَ، قَامَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ شَأْنَهُم، فَبَدَأَ بِزَيْدٍ، فَقَالَ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِزَيْدٍ، ثَلاَثًا، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِجَعْفَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بنِ رَوَاحَةَ).
وعن حَمَّادِ بنِ زَيْدٍ لَمَّا جَاءَ مُصَابُ زَيْدٍ وَأَصْحَابِهِ، أَتَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْزِلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَقِيَتْهُ بِنْتُ زَيْدٍ، فَأَجْهَشَتْ بِالبُكَاءِ فِي وَجْهِهِ، فَلَمَّا رَآهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَكَى حَتَّى انْتحَبَ، فَقِيْلَ مَا هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ (شَوْقُ الحَبِيْبِ إِلَى الحَبِيْبِ).
وروي أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (دَخَلْتُ الجَنَّةَ، فَاسْتَقْبَلَتْنِي جَارِيَةٌ شَابَّةٌ، فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ (أَنَا لِزَيْدِ بنِ حَارِثَةَ) إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
كان استشهادُ زيدِ بنِ حارثة في غزوة مؤتة فِي جُمَادَى الأُوْلَى، سَنَةَ ثَمَانٍ، وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَخَمْسِيْنَ سَنَةً.
رضي الله عنه وأسكنه فسيح جناته وجمعنا معه في مقام كريم ءامين.
1 Comment
زَيْدُ بنُ حَارِثَةَ الكَلْبِيُّ