أَفْضَلُ صِيغَةٍ في الصَّلاةِ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هي الصَّلاةُ الإبْرَاهِيمِيَّةُ
28 أغسطس 2018حديث (السّفَرُ قِطعَةٌ مِنَ العَذاب يَمنَعُ أحَدَكُم طَعامَه وشَرابَه ونَومَه فإذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِه)
28 أغسطس 2018الإمام الكبير يحيى بن يحيى الليثي شيخ المالكية بالأندلس
يحيى بن يحيى الليثي
قال القاضي أبو الوليد ابن الفرضي: يحيى بن يحيى بن بكير بن وسلاس بن شمال بن منغايا، يكنى أبا محمد.
قال الأصيلي: ويحيى أبوه هو المكنى بأبي عيسى، وهو من مصمودة طنجة وينتمي إلى بني ليث.
ذكر ابتداء طلبه العلم ورحلته:
قال الرازي: كان سبب طلب يحيى بن يحيى العلم، أنه كان يمر بزياد وهو يقول على أصحابه فيميل إليه ويقعد عنده، فأعجب ذلك زياداً……واجتهد بتعليمه حتى برع تلاميذه……فحج وسمع مالكاً والليث وكان لقاؤه لمالك سنة تسع وسبعين السنة التي مات فيها مالك وانصرف إلى الأندلس، فلم يلبث إلا يسيراً حتى هلك أبوه بعمله بالجزيرة فأخذ ما طاب من مال أبيه، ثم عاد فحج ولقي جلة أصحاب مالك، ثم انصرف.
وذكر مثل هذا ابن حارث وأنه كانت ليحيى رحلتان من الأندلس سمع في أولهما من مالك والليث وابن وهب، واقتصر في الأخرى على ابن القاسم فبه تفقه.
قال ابن الفرضي وأبو عمر بن عبد البر وغيرهما [وبعضهم يزيد على بعض]:
سمع يحيى من زياد موطأ مالك بن أنس وسمع من يحيى بن مضر ثم رحل وهو ابن ثمان وعشرين سنة فسمع من مالك الموطأ……..وسمع من نافع بن أبي نعيم القارىء، والقاسم بن عبد الله العمري، وحسين بن ضميرة، وعبد الله بن نافع، وسمع بمكة من سفيان بن عيينة، وبمصر من الليث بن سعد وعبد الله بن وهب موطأه وجامعه وسمع من ابن القاسم مسائل، وحمل عنه عشرة كتب فكتب سماعه.
قال أبو عمر: ثم انصرف إلى المدينة ليسمعه من مالك فوجده عليلاً فأقام بالمدينة إلى أن توفي مالك رحمه الله تعالى وحضر جنازته. وقدم الأندلس بعلم كثير، فعادت فتيا الأندلس بعد عيسى بن دينار إلى رأيه وقوله…….
قال الشيرازي: رحل يحيى بن يحيى إلى مالك وهو صغير وتفقه بالمدنيين والمصريين من أصحابه.
قال أبو عبد الملك بن عبد البر: وبه وبعيسى بن دينار انتشر مذهب مالك، وانتهى الناس إلى سماع الموطأ من يحيى وأعجبوا بتقليده، فقلّدوه وتبعوه.
ذكر شيء من فضائله وأخباره:
قال أحمد بن خالد: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس منذ دخلها الإسلام من الحظوة وعظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى….
قال ابن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها ابن حبيب، وعاقلها يحيى بن يحيى.
قال الشيرازي: إليه انتهت الرئاسة بالأندلس في العلم وكان مالك يعجبه سمت يحيى وعقله.
روي عنه أنه كان عنده يوماً جالساً في جملة أصحاب مالك، إذ قال قائل: قد حضر الفيل فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه.
فقال له مالك ما لك لم تخرج فتراه، إذ ليس بأرض الأندلس.
فقال له يحيى: إنما جئت من بلدي، لأنظر إليك، وأتعلم من هديك وعلمك، لا إلى أن أنظر إلى الفيل.
فأعجب به مالك وسماه العاقل.
قال أبو عمر بن عبد البر: كان يحيى إمام بلده المقتدى به، المنظور إليه، المعول عليه وكان ثقة عاقلاً، حسن الهدي والسمت يشبه سمته سمت مالك.
قال يحيى: لما ودعت مالكاً سألته أن يوصيني.
فقال لي: عليك بالنصيحة لله، ولكتابه، ولأئمة المسلمين وعامتهم، ثم قدمت على الليث، فلما حان فراقي إياه، قلت له مثل مقالتي لمالك، فقال لي مثل قوله سواء.
وامتدت أيامه الى أن توفي لثمان بقين من رجب سنة أربع وثلاثين ومائتين، فيما قاله ابن الفرضي.
وقال الرازي عشية يوم الأربعاء لثمان بقين من ذي الحجة.
وقيل إنما توفي سنة ثلاث وثلاثين حكاه أبو عمر الحافظ.
وكان سنّه يوم توفي ثنتين وثمانين سنة، وترك ابنين.
ولما مات يحيى أسند وصيته إلى القاضي محمد بن زياد بن ربيع أحد خاصته وهو الذي صلى عليه بعد موته….
وليحيى بن يحيى وصية لطلبة العلم مشهورة.
رحمه الله تعالى.
من ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للإمام القاضي العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ثم السبتي المالكي توفي 544 هـ رحمه الله تعالى.