حديث (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)

كَيْفَ نَدْعُو الْكَافِرَ إِلَى الإِسْلامِ
كَيْفَ نَدْعُو الْكَافِرَ إِلَى الإِسْلامِ
8 ديسمبر 2022
براءة السيّدة عائشة رضي الله عنها
براءة السيّدة عائشة رضي الله عنها
30 ديسمبر 2022
كَيْفَ نَدْعُو الْكَافِرَ إِلَى الإِسْلامِ
كَيْفَ نَدْعُو الْكَافِرَ إِلَى الإِسْلامِ
8 ديسمبر 2022
براءة السيّدة عائشة رضي الله عنها
براءة السيّدة عائشة رضي الله عنها
30 ديسمبر 2022

حديث (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)

حديث (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)

الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ

أحيانًا الشّخصُ يرَى شَخصًا لا يَعرفُه فيَظُنُّ نَفسَه وكأَنّه يَعرفُه منذُ سنِينَ هذا مِن تقَارُبِ الأرواح وتآلُفِها، هذا مِنَ التّآنُسِ والتّجَانُس.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، بِحَدِيثٍ يَرْفَعُهُ، قَالَ (النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَالْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ والبُخارِيُّ وأحمدُ وغيرُهُمْ.
وَعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَـٰنِ قَالَتْ كَانَتْ بِمَكَّةَ امْرَأَةٌ مَزَّاحَةٌ فَنَزَلَتْ عَلَى امْرَأَةٍ مِثْلِهَا فَبَلَغَ ذَلِكَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها، فَقَالَتْ صَدَقَ حِبِّي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) وَلَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا تَعْرِفُ تِلْكَ الْمَرْأَةِ (1).
قال في النّهايةِ (مُجَنَّدَة أي مَجْمُوعَة كما يُقال ألُوف مُؤلَّفَة ومعْناهُ الإِخْبار عَنْ مَبْدَإِ كَوْن الأرْوَاح وتَقَدُّمِها الأجْسَاد أي أنَّها خُلِقَت أوّل خَلْقِها على قِسْمَين مِن ائتِلاف واخْتِلاف كالجُنودِ المَجْمُوعة إذا تقَابَلَتْ وتَواجَهَت).
ومعْنَى تقَابُل الأرواح ما جَعَلَها اللهُ عليه مِنَ السَّعادَةِ والشَّقَاوَةِ والأخلاقِ في مَبْدإِ الخَلقِ.
يقولُ إنّ الأجسادَ الَّتي فيها الأرواحُ تَلْتَقِي في الدُّنْيا فتَأتَلِفُ وتَخْتَلِفُ على حَسَب ما خُلِقَتْ عليه ولهذا ترَى الخَيّرَ يُحبُّ الأخيارَ ويَميل إليهم والشِّرِّيرَ يُحِبُّ الأشرارَ ويَمِيل إلَيْهم.

وفي شَرْح صَحِيح مُسْلِمِ لِلقَاضِى عِيَاض (بَاب الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ (يَعْنِى ابْنَ مُحَمَّدٍ) عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).
حَدَّثَنِى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ بِحَدِيثٍ يَرْفَعُهُ، قَالَ (النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، خِيَارُهُمْ فِى الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِى الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا، وَالْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ، فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ، وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).
وقوله (الأرواح جنود مجندة) أى أجناس مجنسة (فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) قيل معنى أجناد مجندة أى جموع مجمعة، وقيل أجناس مختلفة، هذا التعارف لأمر جعله الله فيها وجبلها عليه، وأشبه ما فيه أن يكون تعارفها موافقة صفاتها التى خلقت عليها وتشابهها فى شيمها التى خلقت بها وقيل تعارفها أنها خلقت مجتمعة ثم فصلت فى أجسادها…..فمن وافق قسمه ألفه ومن باعده نافره……..وقال الخطابى تآلفها هو ما خلقها عليه من السعادة أو الشقاوة في المبدأ الأول، وفيه تقدمها على خلق الأجساد كما جاء فى الحديث وأخبر أنه قسمها قسمين مختلفة ومؤتلفة).

قال الحافظ النووي معلقا على الحديث (الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ جُمُوعٌ مُجْتَمَعَةٌ أَوْ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ وَأَمَّا تَعَارَفُهَا فَهُوَ لِأَمْرٍ جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ إِنَّهَا مُوَافَقَةُ صِفَاتِهَا الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهَا وَتَنَاسُبُهَا فِي شِيَمِهَا وَقِيلَ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مُجْتَمِعَةً ثُمَّ فُرِّقَتْ فِي أَجْسَادِهَا فَمَنْ وَافَقَ بِشِيَمِهِ أَلِفَهُ وَمَنْ بَاعَدَهُ نَافَرَهُ وَخَالَفَهُ وَقَالَ الخطابي وغيره تآلفها هو ماخلقها اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ السَّعَادَةِ أَوِ الشَّقَاوَةِ فِي الْمُبْتَدَأِ وَكَانَتِ الْأَرْوَاحُ قِسْمَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ فَإِذَا تَلَاقَتِ الْأَجْسَادُ فِي الدُّنْيَا ائْتَلَفَتْ وَاخْتَلَفَتْ بِحَسَبِ مَا خُلِقَتْ عَلَيْهِ فَيَمِيلُ الْأَخْيَارُ إِلَى الْأَخْيَارِ وَالْأَشْرَارُ إلى الأشرار والله أعلم).
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (قوله الأرواح جنود مجندة..) إلخ
قال الخطابي يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخير من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت، ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام وكانت تلتقي فتتشاءم، فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم،
وقال غيره المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين، ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف) انتهى.

اللَّهُمَّ أَلِّفْ بَيْنَ قُلوبِنا وَأَصْلِحْ ذاتَ بَينِنا، واهدِنا سَبيلَ السَّلامِ وَنَجِّنا مِن الظُلماتِ إلى النّورِ، وَجَنِّبنا الفواحِشَ ما ظَهرَ مِنها وما بَطَنَ، وبارِك لنا في أسماعِنا وأبصارِنا وقلوبِنا وأزواجِنا وذُرِّياتِنا، ويسّر لنا توبةً نصوحا إنكَ أنت التوابُ الرّحيم، واجعلنا شاكرينََ لنعمتِك مُثنينَ بها وأتِمَّها عَلينا.

(1) أمثال الحديث لأبي الشّيخ الأصبهاني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *