لماذا جرت العادة في المساجد بقراءة صحيح البخاري؟ وهل قراءته بنية التبرك مثلا يعد بدعة ضلالة كما يدندن بعض أدعياء السلفية؟
13 نوفمبر 2022التَّوسُّل والاستغاثة لفضيلة الأستاذ الكبير حجة الإسلام الشيخ يوسف الدجوي (2)
17 نوفمبر 2022قَوْلُ اللهِ تَعَالى (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا)
قال الله عز وجلّ (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) سورة الفرقان ءاية 70، ففي الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله القرطبي، سورة الفرقان (٢٥) آية ٧٠ (وَقَالَ الزَّجَّاجُ لَيْسَ بِجَعْلِ مَكَانِ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ، وَلَكِنْ بِجَعْلِ مَكَانَ السَّيِّئَةِ التَّوْبَةَ وَالْحَسَنَةُ مَعَ التَّوْبَةِ).
وليعلم أنه لا يجوز أن يعتقد أن السيئة تنقلب حسنة بحال من الأحوال وليس معنى هذه الآية أن الكافر إن أسلم أو العاصي إن تاب فإن السيئات بعينها تنقلب حسنات بل يكفر من اعتقد ذلك فإن هذا الاعتقاد معناه لو أن كافرا كان لا يؤذي الناس وكافرا كان يؤذي الناس ويتمادى في الفساد ثم أسلما فإن هذا الكافر الذي كان يؤذي الناس ويتمادى في الفساد له بإسلامه أجر أعظم من الأجر الذي يكون بإسلام ذاك بزعم من ادعى أن السيئات بذاتها تنقلب حسنات فكلما كانت السيئات أكثر كانت الحسنات أكثر بزعم من ادعى هذا المعنى وهذا معتقد فاسد يجب على من اعتقده أن يتبرأ منه للخلاص من الكفر بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
وإنما معنى الآية كما في الدر المنثور للجلال السيوطي عن قتادة (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) قال إنما التبديل طاعة الله بعد عصيانه وذكر الله بعد نسيانه والخير تعمله بعد الشر.
وبمعنى ما جاء عن قتادة روي عن ابن عباس والحسن ومجاهد كما ذكره الفخر الرازي في التفسير الكبير وقال أيضا قال الزجاج السيئة بعينها لا تصير حسنة وروى هذا التأويل أيضا عن ابن عباس والحسن ومجاهد السيوطي في الدر المنثور والطبري في جامع البيان عن ابن عباس وغيرهم.
معناه الكافر الذي يدخل في الإسلام فيغفر الله تعالى له بإسلامه ويوفقه للعمل الصالح فتحل الحسنات التي عملها بعد إسلامه محل تلك السيئات التي سبق أن ارتكبها وغفرت له بإسلامه.
فليعلم هذا فإنه نفيس وليحذر من اعتقاد أن الذنب ينقلب بعينه حسنة فإنه كفر خطير وشر مستطير وفساده ظاهر لمن عنده مسكة (1) عقل فيجب على من كان اعتقد هذا المعنى الباطل أن يتشهد للخلاص من الكفر بقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.
فالخلاصة أنّ السيئات لا تنقلب إلى حسنات، إنما هذا العبد الذي كان كافرًا كان مجوسيًا أو كان يهوديًا ثم هداه الله إلى الإسلام يمحى كل ما كان عمله من السيئات بإسلامه ثم يكتب له الآن حسنات مكان هذه السيئات لأعماله التي يعملها الحسنة بعد إسلامه، فالذي ورد في القرآن الكريم (يُبَدّلُ اللهُ سَيٍّئاتِهِم حَسَنات) ليسَ مَعناهُ أنَّ عينَ الذنوب تنقلبُ إلى حسنات بل معناها أنَّ الكافر الأصلي الذي يدخل في الإسلام، الذنوب التي عملها أثناء كُفره تمحى بعدَ دخوله في الإسلام، قال عليه الصلاة والسلام (أَلَم تعلم أن الإسلام يَهدِمُ ما قَبلَه)، حاصل المسألة الكافر الأصلي كيهودي أو مجوسي إذا أسلم بإسلامهِ انهدمت كل سيئاته، الإسلام يهدم ما قبله، الآن هو يعمل حسنات، تُسجل له هذه الحسنات، ليس تنقلب سيئاته بإسلامه حسنات، السيئات لا تنقلب حسنات، والذي يعتقد أن كُفْرَهُ وسيئاتهِ تَنْقَلبُ حسنات إذا أسلم هذا يضر العقيدة.
(1) معنى مسكة (بضم الميم) عقل أي شيء من العقل.
نسأل الله أن يرزقنا حسن الفهم والله تعالى أعلم وأحكم.