الإمام الكبير يحيى بن يحيى الليثي شيخ المالكية بالأندلس
28 أغسطس 2018فضلُ صلاةِ الجمُعةِ وأهمّيتُهَا
29 أغسطس 2018حديث (السّفَرُ قِطعَةٌ مِنَ العَذاب يَمنَعُ أحَدَكُم طَعامَه وشَرابَه ونَومَه فإذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِه)
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النّبيّ صَلّى الله عليه وسلم قال (السّفَرُ قِطعَةٌ مِنَ العَذاب يَمنَعُ أحَدَكُم طَعامَه وشَرابَه ونَومَه فإذَا قَضَى نَهْمَتَهُ فلْيُعَجِّلْ إلى أهْلِه) رواه مالكٌ والطّبراني والدّارقُطني وأحمد في مسنَده والحاكم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ وَجْهِهِ فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ).
قال النووي في شرح مسلم (معناه يمنعه كمالها ولذيذها لما فيه من المشقة والتعب ومقاساة الحر والبرد والخوف ومفارقة الأهل والأصحاب وخشونة العيش).
قوله صلى الله عليه وسلم (فإذَا قَضَى أحَدُكُم نَهمَتَه مِن وَجْهِه فَلْيُعَجّلْ إلى أَهْلِه) النَّهْمَةُ بفَتْح النّون وإسكَانِ الهاءِ هيَ الحَاجَةُ والمقصُودُ فى هذا الحَديثِ استِحبَابُ تَعجِيل الرُّجُوع إلى الأهل بَعدَ قَضَاءِ شُغلِه ولا يَتَأخَّر بما ليسَ لهُ بمُهِمّ.
قال ابن الأثير في النهاية (النَّهْمَةُ بُلُوغُ الهِمَّةِ في الشّىء).
قالَ أبو الحسن بنُ بَطّال (ولا تَعارُضَ بَينَ هَذا الحديثِ وحديثِ ابنِ عمرَ مَرفُوعًا (سَافِرُوا تَصِحُّوا) فإنّهُ لا يَلزَمُ مِن الصّحّةِ بالسّفَر لما فيهِ مِنَ الرّياضَةِ أنْ لا يكونَ قِطعَةً مِن العذابِ لما فيهِ مِنَ المشَقّة فصَار كالدّواء المرّ الـمُعْقِب للصّحّة وإن كانَ في تَناوُلِه الكَراهَة).
قالَ ابنُ بَطّال (قيلَ وليسَ كونُ السّفَر قِطعَةً مِنَ العَذاب بمانِع أنْ يَكونَ فيهِ مَنفَعةٌ ومَصَحَّةٌ لكَثِيرٍ مِنَ النّاس لأنّ في الحركة والرّياضَة مَنفَعَةٌ ولا سِيّمَا لأهلِ الدَّعَةِ والرّفَاهِيَةِ، كالدّواءِ المرّ الـمُعقِب للصّحّةِ وإنْ كانَ في تَناوُلِه كَراهِيَة).
وسئل إمامُ الحرَمين حِينَ جَلَس مَوضِع أَبِيه لم كانَ السّفَرُ قِطعَةً مِنَ العَذاب فأجَابَ على الفَور لأنّ فيهِ فِرَاقَ الأحبَاب.
وقال المنَاويّ: الحَديث (سَافِرُوا تَصِحُّوا وتَغنَمُوا) قال البيهقيُّ دَلّ بهِ على ما فيهِ سبَبُ الغِنى ومما عُزِيَ للشّافعِيّ:
تغَرَّبْ عن الأوطَانِ في طَلَبِ العُلا *** وسَافِرْ ففِي الأسفَارِ خَمسُ فَوائدِ
تَفَرُّجُ هَمّ واكتِسَابُ مَعِيشَةٍ *** وعِلمٌ وءادَابٌ وصُحبَةُ ماجِدِ
قوله (وتَغنَموا) أي يُوسِّعُ علَيكُم في رزقَكُم بأنْ يُبارَكَ لَكُمْ فيهِ.