النَّومُ يُقالُ له مَوتٌ، النَّومُ الموتُ الأصغَرُ أخُو الموتِ الأكبرِ
1 فبراير 2023بيان أهم علوم الدين والتحذير من المعتزلة
8 فبراير 2023حديث (لا يَزالُ النّاسُ يتَساءَلُونَ حتّى يقُولوا هذا اللهُ خَلقَ الخلْقَ فمَن خلَق اللهَ فإذا وجَدَ أحَدُكم ذلكَ فلْيَنتَهِ ولْيَقُل ءامَنتُ باللهِ ورسُلِه)
قال رسول الله ﷺ (لا يَزالُ النّاسُ يتَساءَلُونَ حتّى يقُولوا هذا اللهُ خلَقَ السّماواتِ والأرضَ فمَن خلَق اللهَ) وفي لفظٍ لهذا الحديثِ (هذا اللهُ خَلقَ الخلْقَ فمَن خلَق اللهَ فإذا وجَدَ أحَدُكم ذلكَ فلْيَنتَهِ ولْيَقُل ءامَنتُ باللهِ ورسُلِه) وفي لفظٍ (ءامَنتُ باللهِ وبرُسُله).
الحديثُ فيهِ بيانُ أَمرَينِ أحَدُهما أنّ مَن خَطَرَ لهُ ذلكَ خُطورًا مطلُوبٌ منه أن ينتَهيَ أي لا يتبَعَ ذلكَ الخاطرَ ويَبقَى على ما كانَ يعتقدُه جَزمًا بلا تَردُّدٍ، أنّ اللهَ خَالقٌ لا خالقَ لهُ لأنَّ الخالقَ مِن شأنه أنّهُ مَوجُودٌ بلا ابتداءٍ، فيَستَحيلُ أن يحتاجَ إلى خَالِق، أي مَطلوبٌ منَ المؤمن المعتقدِ أن يَبقَى على اعتقادِه هذا وأنْ يُعرِض عن هذا الخاطِر، لأنّه مَن تَبِعَه قد يَصِلُ إلى حَدّ الشّكّ أي التَّردُّد أو الجَزْم بهذا الكفرِ الَّذي هو خِلافُ معتقَدِ المؤمن، وأن يَستَعِينَ بالله تباركَ وتعالى في دَفع هذا الخاطِر بقَولِ ءامَنتُ بالله وبرسُلِه، هذا ما دَلَّ عليه الحديثُ بطريقِ النّصِّ، وأمّا الأمرُ الثّاني فهو أنّ مَن سمِعَ هذا مِن غَيرِه يتَلفَّظُ به كما يَحصُل في زمَاننا هذا وقَبلَ هذا (اللهُ خلَق العالم فمَن خلَق الله) علَيهِ أن يَنتَهيَ عن شَغْلِ بالِه بهذا الكلام الفاسِد وأن يَستَعينَ باللهِ تعالى للنّجاةِ مِن شَرّ هذا الكلام بأنْ يقولَ ءامَنتُ بالله وبرُسُلِه، وأمّا قائلُ هذا الكلام لَفظًا ونُطْقًا فلا يَخلُو مِن أحَدِ أمرَيْنِ، وهو إمّا أن يكونَ زِنديقًا لا يَدِيْنُ بدِينٍ مِنَ الأديان، وإمّا أن يكونَ جَاهلًا بالحقيقةِ التَبسَ علَيهِ الأمرُ، وكِلا هذَينِ على ضَلالٍ وكُفر، والإلهُ معناهُ الموجودُ الَّذي لا ابتداءَ لوجُودِه المستحِقُّ للعبادةِ أي نهايةِ التّذلّل، فمِنْ لازِمِ الألوهيّة أي مما يجبُ لِمَن ثبتَت لهُ الألوهيّةُ أن يكونَ منفَردًا بالأزليّة أي لا أحدَ سِوَاه أَزَلِيٌّ ويكونَ جميعُ ما سواه حَادِثًا.
ومِن الفلاسِفَةِ المنتَسِبينَ إلى الإسلام مع اعتقادِ أنّ العالَم أزليٌّ الَّذي أجمعَ المسلمونَ أنّ مُعتقِدَه كافرٌ طائفةٌ انتَسبَت إلى الإسلام وليسَ لها في الإسلام نصِيبٌ مِنهم ابنُ سِيْنا والفَارابيُّ ومَن تبِعَهُما، هذانِ قالا العالَم أزليٌّ بمَادَّتِه وصُورتِه لكنَّ وجودَ الله تعالى الأزليَّ اقتضَى وجُودَ هذا العالَم، فاللهُ أزليٌّ والعالَم أزليٌّ بمادّتِه وصُورَتِه، والآخَرونَ وهم مُحْدَثُو الفلاسفَةِ الذِينَ ليسُوا مِن قُدمائِهم قالوا العالَم أزليُّ الجنسِ والنَّوع حَادثُ الأفراد، حَادثُ الأشخَاص، قالوا الأفرادُ حادثةٌ سبَقَها العدَم أمّا جِنسُ العالم لم يَسبقْه العدَم فهوَ أزليّ كما أنّ اللهَ أزليّ، وكلا الفَريقَينِ ضَلّلَهُم المسلِمُونَ أي حَكَمُوا علَيهم بأنّهم ضَالّونَ وأَنّهم كافرونَ، قالَ ذلكَ العلماء ونصَّ علَيه كثيرٌ منهُم الفَقيهُ المحدّث الأصوليُّ بَدرُ الدّين الزَّرْكَشيُّ في تشنيفِ المسامع.