سُورَةُ اللَّيْلِ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجْمَاعِهِمْ وَهِىَ إِحْدَى وَعِشْرُونَ ءَايَةً
4 سبتمبر 2021سُورَةُ الشَّرْحِ مَكِّيَّةٌ وَهِىَ ثَمَانِ ءَايَات
13 سبتمبر 2021سُورَةُ الضُّحَى مَكِّيَّةٌ إِجْمَاعًا وَهِىَ إِحْدَى عَشْرَةَ ءَايَةً
سُورَةُ الضُّحَى مَكِّيَّةٌ إِجْمَاعًا وَهِىَ إِحْدَى عَشْرَةَ ءَايَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
وَالضُّحَى (1) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (2) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى (3) وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى (4) وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5) أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8) فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)
اتَّفَقَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ نَزَلَتْ بَعْدَ انْقِطَاعِ الْوَحْىِ مُدَّةً، رَوَى الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ عَنْ جُنْدُبِ بنِ سُفْيَانَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَىْ مَرِضَ فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ يَا مُحَمَّدُ إِنِّى لَأَرْجُو أَنَّ يَكُونَ شَيْطَانُكَ قَدْ تَرَكَكَ لَمْ أَرَهُ قَرِبَكَ مُنْذُ لَيْلَتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ﴿وَالضُّحَى وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾. اهـ وَالْقَائِلَةُ هِىَ أُمُّ جَمِيلٍ الْعَوْرَاءُ بِنْتُ حَرْبٍ امْرَأَةُ أَبِى لَهَبٍ قَالَهُ الْحَافِظُ فِى فَتْحِ الْبَارِى.
﴿وَالضُّحَى﴾ وَهُوَ قَسَمٌ بِالضُّحَى وَهُوَ ضَوْءُ النَّهَارِ.
﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ وَهُوَ قَسَمٌ بَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى قَالَ الْبُخَارِىُّ قَالَ مُجَاهِدٌ ﴿إِذَا سَجَى﴾ اسْتَوَى وَقَالَ غَيْرُهُ سَجَى أَظْلَمَ وَسَكَنَ، قَالَ الْحَافِظُ فِى الْفَتْحِ قاَلَ الْفَرَّاءُ ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى﴾ إِذَا أَظْلَمَ وَرَكَدَ فِى طُولِهِ.
﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ أَىْ يَا مُحَمَّدُ مَا تَرَكَكَ رَبُّكَ وَمَا كَرِهَكَ، قَالَ الرَّاغِبُ فِى الْمُفْرَدَاتِ عُبِّرَ عَنِ التَّرْكِ بِهِ فِى قَوْلِهِ ﴿مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ﴾ كَقَوْلِكَ وَدَّعْتُ فُلانًا نَحْوُ خَلَّيْتُهُ وَالْقِلَى شِدَّةُ الْبُغْضِ.
﴿وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الأُولَى﴾ أَىْ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا لِأَنَّ الَّذِى أَعَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْظَمُ مِمَّا أَعْطَاهُ مِنْ كَرَامَةِ الدُّنْيَا.
﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ أَىْ سَيُعْطِيكَ اللَّهُ فى الآخِرَةِ مِنَ الْخَيْرَاتِ عَطَاءً جَزِيلًا فَتَرْضَى بِمَا تُعْطَاهُ، قَالَ سَيِّدُنَا عَلِىٌّ وَالْحَسَنُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا هُوَ الشَّفَاعَةُ فِى أُمَّتِهِ حَتَّى يَرْضَى.
﴿أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى﴾ أَىْ أَلَمْ يَعْلَمِ اللَّهُ مِنْ حَالِكَ أَنَّكَ صِرْتَ يَتِيمًا بِفَقْدِ أَبِيكَ قَبْلَ أُمِّكَ فآوَاكَ بِأَنْ جَعَلَ لَكَ مَأْوًى إِذْ ضَمَّكَ إِلَى عَمِّكَ أَبِى طَالِبٍ فَكَفَاكَ الْمَؤُنَةَ.
﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ أَىْ لَمْ تَكُنْ تَدْرِى الْقُرْءَانَ وَتَفَاصِيلَ الشَّرَائِعِ فَهَدَاكَ اللَّهُ أَىْ أَرْشَدَكَ إِلَى مَعْرِفَةِ الْقُرْءَانِ وَشَرَائِعِ الإِسْلامِ قَالَ تَعَالَى ﴿مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ﴾ (سُورَةَ الشُّورَى 52) مَعْنَاهُ مَا كُنْتَ تَعْلَمُ الْقُرْءَانَ وَلا تَفَاصِيلَ الإِيمَانِ، فَالرَّسُولُ قَبْلَ نُزُولِ الْوَحْىِ كَانَ مُؤْمِنًا بِرَبِّهِ مُعْتَقِدًا تَوْحِيدَهُ تَعَالَى بِمَا أَلْهَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقِيلَ إِنَّهُ ضَلَّ وَهُوَ صَبِىٌّ صَغِيرٌ فِى شِعَابِ مَكَّةَ فَرَدَّهُ اللَّهُ إِلَى جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
﴿وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى﴾ أَىْ ذَا فَقْرٍ فَأَرْضَاكَ بِمَا أَعْطَاكَ مِنَ الرِّزْقِ وَمَعْنَى فَأَغْنَى صَارَ عِنْدَكَ الْكِفَايَةُ.
﴿فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ﴾ أَىْ فَلا تَحْتَقِرْ قَالَهُ مُجَاهِدٌ، قَالَ الْقُرْطُبِىُّ وَدَلَّتِ الآيَةُ عَلَى اللُّطْفِ بِالْيَتِيمِ وَبِرِّهِ وَالإِحْسَانِ إِلَيْهِ وَفِى مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِى أُمَامَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ مَسَحَ رَأْسَ يَتِيمٍ لَمْ يَمْسَحْهُ إِلَّا لِلَّهِ كَانَ لَهُ فِى كُلِّ شَعْرَةٍ مَرَّتْ عَلَيْهَا يَدُهُ حَسَنَاتٍ).
﴿وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ﴾ أَىْ لا تَزْجُرِ الْمُسْتَعْطِى لَكِنْ أَعْطِهِ أَوْ رُدَّهُ رَدًّا جَمِيلًا، قَالَ أَبُو حَيَّانَ وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَالْحَسَنُ وَغَيْرُهُمَا السَّائِلُ هُنَا السَّائِلُ عَنِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ لا سَائِلُ الْمَالِ.
﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ قَالَ الْقُرْطُبِىُّ أَىِ انْشُرْ مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِالشُّكْرِ وَالثَّنَاءِ فَإِنَّ التَّحَدُّثَ بِنِعَمِ اللَّهِ وَالِاعْتِرَافَ بَهَا شُكْرٌ، وَفِى الرِّسَالَةِ الْقُشَيْرِيَّةِ قَالَ سَمِعْتُ الشَّيْخَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الأُسْتَاذَ أَبَا سَهْلٍ الصُّعْلُوكِىَّ يَقُولُ سَمِعْتُ الْمُرْتَعِشَ يَقُولُ سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ يَقُولُ كُنْتُ بَيْنَ يَدَىِ السَّرِىِّ أَلْعَبُ وَأَنَا ابْنُ سَبْعِ سِنِينَ وَبَيْنَ يَدَىَّ جَمَاعَةٌ يَتَكَلَّمُونَ فِى الشُّكْرِ فَقَالَ لِى يَا غُلامُ مَا الشُّكْرُ فَقُلْتُ أَنْ لا تَعْصِىَ اللَّهَ بِنِعْمَةٍ.
وَسُئِلَ مُحَمَّدُ بنُ الْفَضْلِ الْبَلْخِىُّ عَنْ ثَمَرَةِ الشُّكْرِ فَقَالَ الْحُبُّ لِلَّهِ وَالْخَوْفُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِى سَعْدَانَ الْبَغْدَادِىُّ الشُّكْرُ أَنْ يَشْكُرَ عَلَى الْبَلاءِ شُكْرَهُ عَلَى النَّعْمَاءِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنِّعْمَةِ النُّبُوَّةُ وَالْمُرَادُ بِالتَّحَدُّثِ بِهَا تَبْلِيغُهَا.