أَفضَلُ الأُمَم بَعدَ الأنبياء أُمّةُ سَيّدِنا محمّد، ثم هَذه الأُمّةُ أَفضَلُهم الذينَ كَانوا في المائةِ الأُولى ثم المائةِ الثّانية ثم المائةِ الثّالثَة
26 نوفمبر 2021سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَجَابِرٍ مَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَءَايَاتُهَا ثَمَان
27 نوفمبر 2021سُورَةُ الْبَيِّنَةِ وَهِىَ سُورَةُ ﴿لَمْ يَكُنْ﴾ وَهِىَ مَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ مَكِّيَّةٌ وَهِىَ ثَمَانِ ءَايَات
سُورَةُ الْبَيِّنَةِ وَهِىَ سُورَةُ ﴿لَمْ يَكُنْ﴾ وَهِىَ مَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ الْجُمْهُورِ وَقِيلَ مَكِّيَّةٌ وَهِىَ ثَمَانِ ءَايَات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ (8).
رَوَى الْبُخَارِىُّ عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبَىّ (إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِى أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾) قَالَ أَىْ أُبَىُّ بنُ كَعْبٍ وَسَمَّانِى قَالَ (نَعْمْ) فَبَكَى، قَالَ الْحَافِظُ (بَكَى إِمَّا فَرَحًا وَسُرُورًا بِذَلِكَ وَإِمَّا خُشُوعًا وَخَوْفًا مِنَ التَّقْصِيرِ فِى شُكْرِ تِلْكَ النِّعْمَةِ) ثُمَّ قَالَ (قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ عَلَى أُبَىّ لِيَتَعَلَّمَ أُبَىُّ مِنْهُ الْقِرَاءَةَ وَيَتَثَبَّتَ فِيهَا وَلِيَكُونَ عَرْضُ الْقُرْءَانِ سُنَّةً ولِلتَّنْبِيهِ عَلَى فَضِيلَةِ أُبَىِّ ابْنِ كَعْبٍ وَتَقَدُّمِهِ فِى حِفْظِ الْقُرْءَانِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَسْتَذْكِرَ مِنْهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا بِذَلِكَ الْعَرْضِ) وَقَالَ الْقُرْطُبِىُّ فِى تَفْسِيرِهِ (وَفِى هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفِقْهِ قِرَاءَةُ الْعَالِمِ عَلَى الْمُتَعَلِّمِ قَالَ بَعْضُهُمْ إِنَّمَا قَرَأَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أُبَىّ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ التَّوَاضُعَ لِئَلَّا يَأْنَفَ أَحَدٌ مِنَ التَّعَلُّمِ وَالْقِرَاءَةِ عَلَى مَنْ دُونَهُ فِى الْمَنْزِلَةِ).
قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ يَعْنِى الْيَهُودَ، وَقَوْلُهُ ﴿وَالْمُشْرِكِينَ﴾ أَىْ عَبَدَةُ الأَوْثَانِ أَىِ الأَصْنَامِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مُنْفَكِّينَ﴾ أَىْ مُنْتَهِينَ عَنِ الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ أَىْ حَتَّى أَتَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ وَالْمُرَادُ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيَّنَ لَهُمْ ضَلالَهُمْ وَجَهْلَهُمْ فَآمَنَ بِهِ بَعْضُ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ، وَفِى الآيَةِ بَيَانُ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَى مَنْ ءَامَنَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ إِذْ أَنْقَذَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ الْكُفْرِ بِبِعْثَةِ رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾ قَوْلُهُ ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ﴾ أَىْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يَتْلُوا صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾ أَىْ يَقْرَؤُهَا عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ لا مِنْ كِتَابٍ وَالصُّحُفُ الْمُطَهَّرَةُ الْقُرْءَانُ وَهُوَ مُطَهَّرٌ مِنَ الزُّورِ وَالشَّكِ.
﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ أَىْ فِى الصُّحُفِ مَكْتُوبَاتٌ قَيِّمَةٌ أَىْ مُسْتَقِيمَةٌ لا اعْوِجَاجَ فِيهَا تُبَيِّنُ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ وَهِىَ الآيَاتُ الْكَرِيمَاتُ.
﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ الْمُرَادُ بِالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ أَىْ أَتَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ الْوَاضِحَةُ وَالْمَعْنِىُّ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ عَلَى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ جَحَدُوا نُبُوَّتَهُ وَتَفَرَّقُوا فَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ بَغْيًا وَحَسَدًا وَمِنْهُمْ مَنْ ءَامَنَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَمَا أُمِرُوا﴾ أَىْ فِى كِتَابَيْهِمُ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَقَوْلُهُ ﴿إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ﴾ أَىْ إِلَّا أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ أَىْ مِنَ الشِّرْكِ لا يَعْبُدُونَ سِوَاهُ وَالدِّينُ الْعِبَادَةُ وَقَوْلُهُ ﴿حُنَفَاءَ﴾ أَىْ مُسْتَقِيمِينَ عَلَى دِينِ نَبِىِّ اللَّهِ إِبْرَاهِيمَ وَنَبِىِّ اللَّهِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا الصَّلاةُ وَالسَّلامُ، قَالَ الْقُرْطُبِىُّ (حُنَفَاءَ أَىْ مَائِلِينَ عَنِ الأَدْيَانِ كُلِّهَا إِلَى دِينِ الإِسْلامِ) وَقَالَ الرَّاغِبُ فِى الْمُفْرَدَاتِ (الْحَنَفُ هُوَ مَيْلٌ عَنِ الضَّلالِ إِلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالْحَنِيفُ هُوَ الْمَائِلُ إِلَى ذَلِكَ وَتَحَنَّفَ فُلانٌ أَىْ تَحَرَّى طَرِيقَ الِاسْتِقَامَةِ وَسَمَّتِ الْعَرَبُ كُلَّ مَنْ حَجَّ أَوْ اخْتَتَنَ حَنِيفًا) قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ﴾ أَىِ الْمَكْتُوبَةَ فِى أَوْقَاتِهَا وَقَوْلُهُ ﴿وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ﴾ أَىْ عِنْدَ وُجُوبِهَا وَقَوْلُهُ ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ أَىْ وَذَلِكَ الَّذِى أُمِرُوا بِهِ هُوَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، قَالَ الزَّجَّاجُ أَىْ ذَلِكَ دِينُ الْمِلَّةِ الْمُسْتَقِيمَةِ، قَالَ الْقُرْطُبِىُّ أَوْ يُقَالُ دِينُ الأُمَّةِ الْقَيِّمَةِ بِالْحَقِّ.
﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِى نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ أَىْ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَكَمَ عَلَى الْكُفَّارِ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِالْخُلُودِ فِى نَارِ جَهَنَّمَ وَذَلِكَ إِلَى غَيْرِ نِهَايَةٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ الأَحْزَابِ ﴿إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا﴾ وَعَلَى ذَلِكَ إِجْمَاعُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرَ الطَّحَاوِىُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِى رِسَالَتِهِ الَّتِى أَلَّفَهَا لِبَيَانِ عَقِيدَةِ السَّلَفِ وَالَّتِى بَدَأَهَا بِقَوْلِهِ (هَذَا ذِكْرُ بَيَانِ عَقِيدَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ) وَفِيهَا قَوْلُهُ (وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ مَخْلُوقَتَانِ لا تَفْنَيَانِ أَبَدًا وَلا تَبِيدَانِ).
وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ بُطْلانُ قَوْلِ ابْنِ تَيْمِيَةَ الْحَرَّانِىِّ الَّذِى قَالَ بِفَنَاءِ النَّارِ كَمَا أَثْبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّة فِى كِتَابِهِ حَادِي الأَرْوَاحِ إِلَى بِلادِ الأَفْرَاحِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ فِى كِتَابِ مَرَاتِبِ الإِجْمَاعِ مَا نَصُّهُ (بَابُ الإِجْمَاعِ فِى الِاعْتِقَادَاتِ يَكْفُرُ مَنْ خَالَفَهُ بِإِجْمَاعٍ وَاتَّفَقُوا أَىْ أَهْلُ الْحَقِّ أَنَّ النَّارَ حَقٌّ وَأَنَّهَا دَارُ عَذَابٍ أَبَدًا لا تَفْنَى وَلا يَفْنَى أَهْلُهَا أَبَدًا بِلا نِهَايَةٍ).
وَاللَّهُ تَعَالَى بَدَأَ بِذِكْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِى نُبُوَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجِنَايَتُهُمْ أَعْظَمُ لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوهُ مَعَ الْعِلْمِ بِهِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ أَىْ شَرُّ الْخَلِيقَةِ وَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَقِيلَ الْمُرَادُ شَرُّ الْبَرِيَّةِ أَىْ مِنَ الَّذِينَ عَاصَرُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ فِى كُفَّارِ الأُمَمِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْ هَؤُلاءِ كَفِرْعَوْنَ وَعَاقِرِ نَاقَةِ صَالِحٍ.
﴿إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ﴾ أَىْ خَيْرُ الْخَلِيقَةِ.
﴿جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ﴾ أَىْ ثَوَابُهُمْ عِنْدَ خَالِقِهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ يُقِيمُونَ فِيهَا، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿تَجْرِى مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ أَىْ رَضِىَ أَعْمَالَهُمْ وَقَبِلَهَا وَأَثَابَهُمْ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ أَىْ رَضُوا هُمْ بِثَوَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ﴾ أَىْ أَنَّ هَذَا الْخَيْرَ الْكَبِيرَ الَّذِى وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَذِهِ الأَوْصَافِ الْكَرِيمَةِ وَوَعَدَ بِهِ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ خَافَ اللَّهَ فِى الدُّنْيَا فِى سِرِّهِ وَعَلانِيَتِهِ بِأَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ.