سُورَةُ الْعَلَق مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَهِىَ تِسْعَ عَشْرَةَ ءَايَةً

لفظ الساتر والستار لم يردا في تعداد أسماء الله الحسنى في ‏القرآن ولا في الحديث ولكن يجوز تسمية عبد الساتر ‏وعبد الستار
لفظ الساتر والستار لم يردا في تعداد أسماء الله الحسنى في ‏القرآن ولا في الحديث ولكن يجوز تسمية عبد الساتر ‏وعبد الستار
18 سبتمبر 2021
نصوص أئمّة المالكيّة في التوسل والتبرك والاستغاثة والمدد
نصوص أئمّة المالكيّة في التوسل والتبرك والاستغاثة والمدد
29 سبتمبر 2021
لفظ الساتر والستار لم يردا في تعداد أسماء الله الحسنى في ‏القرآن ولا في الحديث ولكن يجوز تسمية عبد الساتر ‏وعبد الستار
لفظ الساتر والستار لم يردا في تعداد أسماء الله الحسنى في ‏القرآن ولا في الحديث ولكن يجوز تسمية عبد الساتر ‏وعبد الستار
18 سبتمبر 2021
نصوص أئمّة المالكيّة في التوسل والتبرك والاستغاثة والمدد
نصوص أئمّة المالكيّة في التوسل والتبرك والاستغاثة والمدد
29 سبتمبر 2021

سُورَةُ الْعَلَق مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَهِىَ تِسْعَ عَشْرَةَ ءَايَةً

سُورَةُ الْعَلَق مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَهِىَ تِسْعَ عَشْرَةَ ءَايَةً

سُورَةُ الْعَلَق مَكِّيَّةٌ بِالإِجْمَاعِ وَهِىَ تِسْعَ عَشْرَةَ ءَايَةً
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيم

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِى عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَّءَاهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِى يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَّمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِىِّ هِىَ أَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْءَانِ وَهُوَ قَوْلُ مُعْظَمِ الْمُفَسِّرِينَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ﴾. اهـ وَأَوَّلُ مَا نَزَلَ مِنْهَا إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ وَبَقِيَّةُ السُّورَةِ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَمَانٍ قَالَهُ الْحَافِظُ فِى الْفَتْحِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِى خَلَقَ﴾ أَىِ اذْكُرِ اسْمَهُ تَعَالَى مُسْتَفْتِحًا بِهِ قِرَاءَتَكَ وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ الْخَلائِقَ.

﴿خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾ أَىْ خَلَقَ اللَّهُ ابْنَ ءَادَمَ مِنْ عَلَقٍ جَمْعُ عَلَقَةٍ وَالْعَلَقَةُ الدَّمُ الْجامِدُ الَّذِى لَمْ يَيْبَسْ وَقَدْ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بنُ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ (إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِى بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَةً ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يُرْسَلُ إِلَيْهِ الْمَلَكُ فَيَنْفُخُ فِيهِ الرُّوحَ وَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ بِكَتْبِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقِىٌّ أَوْ سَعِيدُّ) رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ وَمُسْلِمٌ، وَالنُّطْفَةُ الْمَنِىُّ، وَالْعَلَقَةُ الْقِطْعَةُ الْيَسِيرَةُ مِنَ الدَّمِ الْغَلِيظِ وَالْمُضْغَةُ قِطْعَةُ لَحْمٍ قَدْرُ مَا يُمْضَغُ.

﴿اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ﴾ هَذَا تَأْكِيدٌ لِلأَوَّلِ وَهُوَ تَعَالَى الْكَرِيمُ الأَكْرَمُ الَّذِى لا يَلْحَقُهُ نَقْصٌ وَالأَكْرَمُ صِفَةٌ تَدُلُّ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِى الْكَرَمِ.

﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ أَىْ عَلَّمَ الإِنْسَانَ الْكِتَابَةَ بِالْقَلَمِ وَأَوَّلُ مَنْ خَطَّ بِهِ نَبِىُّ اللَّهِ إِدْرِيسُ عَلَيْهِ السَّلامُ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.

﴿عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ أَىْ مِنَ الْخَطِّ وَالصَّنَائِعِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالإِنْسَانِ هُنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَلِيلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِى سُورَةِ النِّسَاءِ ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾.

﴿كَلَّا إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَّءَاهُ اسْتَغْنَى﴾ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿كَلَّا﴾ هُوَ رَدْعٌ وَزَجْرٌ لِمَنْ كَفَرَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ بِطُغْيَانِهِ وَقَوْلُهُ ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ يَعْنِى أَبَا جَهْلٍ وَهُوَ عَمْرُو بنُ هِشَامٍ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَكَانَ مِنْ قَتْلاهَا السَّنَةَ الثَّانِيَةَ مِنَ الْهِجْرَةِ أَخْرَجَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ وَالطُّغْيَانُ مُجَاوَزَةُ الْحَدِّ فِى الْعِصْيَانِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿أَنْ رَّءَاهُ اسْتَغْنَى﴾ أَىْ لَئِنْ رَأَى نَفْسَهُ اسْتَغْنَى أَىْ صَارَ ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ اسْتَغْنَى بِمَالِهِ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ.

﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ وَالرُّجْعَى الرُّجُوعُ وَالْمَرْجِعُ وَفِيهِ وَعِيدٌ لِلطَّاغِى الْمُسْتَغْنِى وَتَحْقِيرٌ لِمَا هُوَ فِيهِ حَيْثُ إِنَّ مَآلَهُ إِلَى الْبَعْثِ وَالْحِسَابِ فَيُجَازَى عَلَى طُغْيَانِهِ.

﴿أَرَأَيْتَ الَّذِى يَنْهَى عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ وَالْمُرَادُ بِالَّذِي يَنْهَى أَبُو جَهْلٍ حَيْثُ إِنَّهُ نَهَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّلاةِ فِى الْمَسْجِدِ أَخْرَجَ ذَلِكَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ أَىْ أَرَأَيْتَ يَا أَبَا جَهْلٍ إِنْ كَانَ مُحَمَّدٌ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ أَلَيْسَ نَاهِيهِ عَنِ التَّقْوَى وَالصَّلاةِ هَالِكًا.

﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ يَعْنِى أَبَا جَهْلٍ حَيْثُ كَذَّبَ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَعْرَضَ عَنِ الإِيـمَانِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَرَاهُ وَيَعْلَمُ فِعْلَهُ وَهَذَا تَوْبِيخٌ لِأَبِى جَهْلٍ.

﴿كَلَّا لَئِنْ لَّمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ رَوَى الْبُخَارِىُّ فِى صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ أَبُو جَهْلٍ لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّى عِنْدَ الْكَعْبَةِ لَأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ (لَوْ فَعَلَهُ لَأَخَذَتْهُ الْمَلائِكَةُ) اهـ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿كَلَّا﴾ رَدْعٌ وَزَجْرٌ لِأَبِى جَهْلٍ وَمَنْ كَانَ فِى طَبَقَتِهِ عَنْ نَهْىِ عِبَادِ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَوْلُهُ ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ أَىْ لَنَأْخُذَنَّ بِنَاصِيَتِهِ أَخْذَ إِذْلالٍ وَالنَّاصِيَةُ شَعْرُ مُقَدَّمِ الرَّأْسِ، وَسَفَعْتُ بِالشَّىْءِ إِذَا قَبَضْتُ عَلَيْهِ وَجَذَبْتُهُ جَذْبًا شَدِيدًا وَخَصَّ النَّاصِيَةَ بِالذِّكْرِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِيمَنْ أَرَادُوا إِذْلالَهُ وَإِهَانَتَهُ أَخَذُوا بِنَاصِيَتِهِ وَقَدْ يُعَبَّرُ بِالنَّاصِيَةِ عَنْ جُمْلَةِ الإِنْسَانِ.

وَقَوْلُهُ ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ أَىْ إِنَّ صَاحِبَهَا كَاذِبٌ خَاطِئٌ.

﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ أَىْ فَلْيَدْعُ أَهْلَ مَجْلِسِهِ وَعَشِيرَتَهُ فَلْيَسْتَنْصِرْ بِهِمْ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ، وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِىُّ وَغَيْرُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّى فَجَاءَ أَبُو جَهْلٍ فَقَالَ أَلَمْ أَنْهَكَ عَنْ هَذَا فَزَجَرَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا بِهَا نَادٍ أَكْثَرَ مِنِّى فَنَزَلَتِ الآيَةُ.

﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ أَىِ الْمَلائِكَةَ الْغِلاظَ الشِّدَادَ.

﴿كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ﴾ ﴿كَلَّا﴾ أَىْ لَيْسَ الأَمْرُ عَلَى مَا يَظُنُّهُ أَبُو جَهْلٍ فَلا تُطِعْهُ أَىْ فِيمَا دَعَاكَ إِلَيْهِ مِنْ تَرْكِ الصَّلاةِ ﴿وَاسْجُدْ﴾ أَىْ صَلِّ لِلَّهِ تَعَالَى ﴿وَاقْتَرِبْ﴾ أَىْ تَقَرَّبْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ.

فَائِدَةٌ: قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِى الْفِقْهِ الأَكْبَرِ (وَلَيْسَ قُرْبُ اللَّهِ تَعَالَى وَلا بُعْدُهُ مِنْ طَرِيقِ طُولِ الْمَسَافَةِ وَقِصَرِهَا وَلَكِنْ عَلَى مَعْنَى الْكَرَامَةِ وَالْهَوَانِ وَالْمُطِيعُ قَرِيبٌ مِنْهُ بِلا كَيْفٍ وَالْعَاصِى بَعِيدٌ عَنْهُ بِلا كَيْفٍ وَالْقُرْبُ وَالْبُعْدُ وَالإِقْبَالُ يَقَعُ عَلَى الْمُنَاجِى وَكَذَلِكَ جِوَارُهُ فِى الْجَنَّةِ وَالْوُقُوفُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِلا كَيْفٍ) اهـ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُم نَفَوُا الْكَيْفَ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ قَالَ الإِمَامُ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِىُّ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِىُّ فِى الأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ (إِنَّ الَّذِى عَلَيْنَا وَعَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَعْلَمَهُ أَنَّ رَبَّنَا لَيْسَ بِذِى صُورَةٍ وَلا هَيْئَةٍ فَإِنَّ الصُّورَةَ تَقْتَضِى الْكَيْفِيَّةَ وَالْكَيْفِيَّةُ مَنْفِيَّةٌ عَنِ اللَّهِ وَعَنْ صِفَاتِهِ).

وفي البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة للقاضي الفقيه أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي (المتوفى 520 هـ) كتاب المرتدين والمحاربين، مسألة: قال سحنون وأخبرني بعض أصحاب مالك أنه كان قاعدا عند مالك فأتاه رجل فقال يا أبا عبد الله مسألة، فسكت عنه، ثم قال له مسألة، فسكت عنه، ثم عاد عليه، فرفع إليه مالك رأسه كالمجيب له، فقال له السائل يا أبا عبد الله (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه 5) كيف كان استواؤه؟ قال فطأطأ مالك رأسه ساعة ثم رفعه، فقال سألت عن غير مجهول وتكلمت في غير معقول، ولا أراك إلا امرأ سوء، أخرجوه.
قال محمد بن رشد رحمه الله: قد روي عن مالك أنه أجاب هذا بأن قال استواء منه غير مجهول والكيف منه غير معقول والسؤال عن هذا بدعة وأراك صاحب بدعة وأمر بإخراجه، وهذه الرواية تبين معنى قوله سألت عن غير مجهول وتكلمت في غير معقول لأن التكييف هو الذي لا يعقل، إذ لا يصح في صفات البارئ عز وجل لما يوجبه من التشبيه بخلقه تعالى عن ذلك، وأما الاستواء فهو معلوم غير مجهول كما قال لأن الله وصف به نفسه فقال في محكم كتابه (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طه 5) (لهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى) (طه 6) وقال (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) (الفرقان 59) فوجب الإيمان بذلك…..) إلى ءاخر كلامه رحمه الله.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *