نصوص أئمّة المالكيّة في التوسل والتبرك والاستغاثة والمدد
29 سبتمبر 2021حديث (إذَا عَمِلتَ سَيِّئَةً فأَتْبِعْها بالحَسَنة)
4 أكتوبر 2021سُورَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ الأَكْثَرِينَ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ الضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِ وَهَىَ خَمْسُ ءَايَاتٍ
سُورَةُ الْقَدْرِ مَكِّيَّةٌ فِى قَوْلِ الأَكْثَرِينَ وَمَدَنِيَّةٌ فِى قَوْلِ الضَّحَّاكِ وَغَيْرِهِ وَهَىَ خَمْسُ ءَايَاتٍ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلامٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ قَالَ الْبُخَارِىُّ ﴿أَنزَلْنَاهُ﴾ الْهَاءُ كِنَايَةٌ عَنِ الْقُرْءَانِ، ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ﴾ خَرَجَ مَخْرَجَ الْجَمِيعِ وَالْمُنْزِلُ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْعَرَبُ تُؤَكِّدُ فِعْلَ الْوَاحِدِ فَتَجْعَلُهُ بِلَفْظِ الْجَمْعِ لِيَكُونَ أَثْبَتَ وَأَوْكَدَ، قَالَ الْحَافِظُ فِى الْفَتْحِ (قَالَ ابْنُ التِّينِ النُّحَاةُ يَقُولُونَ إِنَّهُ لِلتَّعْظِيمِ يَقُولُهُ الْمُعَظِّمُ عَنْ نَفْسِهِ وَيُقَالُ عَنْهُ) ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ (وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ هَذَا جَمْعُ التَّعْظِيمِ) وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ فِى مُسْتَدْرَكِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ (أُنْزِلَ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ ثُمَّ نَزَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِى عِشْرِينَ سَنَةً) قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ.
وَكَانَ نُزُولُهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا دَفْعَةً وَاحِدَةً فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِى الرَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ ثُمَّ نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُجُومًا نُجُومًا أَىْ مُتَفَرِّقًا وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِعِظَمِهَا وَشَرَفِهَا وَقَدْرِهَا.
﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ﴾، ﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ أَىْ وَمَا أَعْلَمَكَ يَا مُحَمَّدُ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَالتَّشَوُّقِ إِلَى خَيْرِهَا وَهَذَا لِتَعْظِيمِ شَأْنِهَا، ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ الظَّاهِرُ أَنَّ أَلْفَ شَهْرٍ يُرَادُ بِهِ حَقِيقَةُ الْعَدَدِ وَهِىَ ثَلاثٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً وَثُلُثُ سَنَةٍ مِنَ السِّنِينَ الَّتِى لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ الرِّيَاحِىُّ كَمَا ذَكَرَهُ الْقُرْطُبِىُّ فَالْعَمَلُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ أَفْضَلُ مِنَ الْعَمَلِ فِى هَذِهِ الشُّهُورِ.
﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ أَىْ تَهْبِطُ الْمَلائِكَةُ مِنْ كُلِّ سَمَاءٍ إِلَى الأَرْضِ وَالْمُرَادُ بالرُّوحِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ وَهُوَ أَشْرَفُ الْمَلائِكَةِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فِيهَا﴾ أَىْ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَقَوْلُهُ ﴿بِإِذْنِ رَبِّهِمْ﴾ أَىْ بِأَمْرِهِ وَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مِّنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ أَىْ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَقَضَاهُ يَتَنَزَّلُونَ بِكُلِّ أَمْرٍ قَضَاهُ اللَّهُ فِى تِلْكَ السَّنَةِ إِلَى قَابِلٍ.
﴿سَلامٌ هِىَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ أَىْ إِنَّ لَيْلَةِ الْقَدْرِ سَلامَةٌ وَخَيْرٌ كُلُّهَا لا شَرَّ فِيهَا بَلْ فِيهَا خَيْرٌ وَبَرَكَةٌ وَقِيلَ إِنَّهُ لا يَحْدُثُ فِيهَا دَاءٌ وَلا يُرْسَلُ فِيهَا شَيْطَانٌ وَحَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ أَىْ إِلَى وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
فَائِدَةٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِى تَعْيِينِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَعلامَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِىِّ وَالأَوْزَاعِىِّ وَأَبِى ثَوْرٍ وَأَحْمَدَ لِمَا رَوَاهُ الْبُخَارِىُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ (الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانِ) الْحَدِيثَ وَقَالَ عَلِىٌّ وَعَائِشَةُ وَأُبَىُّ بنُ كَعْبٍ هِىَ لَيْلَةُ السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ وَقَالَ بَعْضٌ أَخْفَاهَا فِى جَمِيعِ شَهْرِ رَمَضَانَ لِيَجْتَهِدَ الْمَرْءُ فِى الْعَمَلِ وَالطَّاعَاتِ لَيَالِىَ رَمَضَانَ الْمُكَرَّم.