حَدِيثُ (كَفَى بالمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)
14 نوفمبر 2016حديث (أَرْخُوا اللِّحْيَةَ)
14 نوفمبر 2016حَدِيثُ (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي ظَاهِرِينَ علَى الحَقِّ)
الحمد لله ربّ العالـمين له النّعمة وله الفضل وله الثّناء الحسن صلوات الله البرّ الرّحيم والـملائكة الـمقرّبين على سيّدنا محمّد أشرف الـمرسلين وعلى جميع إخوانه من النّبيّين والـمرسلين أمّا بعد،
حَدِيثُ (لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِن أُمَّتِي ظَاهِرِينَ علَى الحَقِّ حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ) مَعْناهُ لَا يَزَالُ فِيهِم أَوْلِيَاءُ إلَى يَوْمِ القِيَامَةِ.
نَحْنُ المطْلُوبُ مِنَّا أَنْ نَقْتَدِيَ بِالأَنْبِيَاءِ وَالأَوْلِيَاءِ، سِيْرَتُهُم هِيَ خَيْرُ السِّيَرِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُم عَادَاتُ السَّادَاتِ سَادَاتُ العَادَاتِ، الأَنْبِيَاءُ هُمْ سَادَاتُ الخَلْقِ ثُمَّ بَعْدَهُم أَوْلِيَاءُ اللهِ، هَؤُلاءِ سَادَاتُ الخَلْقِ، فَعَادَاتُ الأَنْبِيَاءِ هِيَ سَادَاتُ العَادَاتِ، كَذَلِكَ الأَوْلِيَاءُ عَادَاتُهُم خَيْرُ العَادَاتِ، فَالعَاقِلُ يَقْتَدِي بِهِم.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿إِنَّ اللهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِـمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَـمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الّتِي يَـمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ﴾ هذا الـحديث أخرجه الإمام البخاري رضي الله عنه. هذا من الأحاديث القدسي.
قوله (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا) المُراد بوليّ الله العالم بالله المُواظب على طاعته المُخلص في عبادته، فالوليّ هو الّذي أدَّى الواجبات واجتنب الـمحرّمات وأكثر من النّوافل، فالطّبقة العُليا من الـمؤمنين بعد الأنبياء بالنّسبة إلى البشر والجنّ هم الأولياء ثمّ سائر الـمؤمنين أمّا الـملائكة فكلّهم أولياء اللهِ وإنْ كانوا على درجات فيما بينهم.
قوله (فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ) أيْ أعلمته، والإيذان الإعلام، في هذا تهديد شديد، لأنَّ من حاربه الله أهلكه.
قوله (وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَىْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِـمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ) ويدخل تحت هذا اللّفظ جميع فرائض العين والكفاية، ويُستفاد منه أنَّ أداء الفرائض أحبّ الأعمال إلى الله.
وفي الإتيان بالفرائض على الوجه المأمور به امتثال الأمر واحترام الآمر وتعظيمه بالانقياد إليه وإظهار عظمة الرّبوبيّة وذلّ العبودية فكان التّقرب بذلك أعظم العمل، والّذي يؤدّي الفرائض قد يفعله خوفًا من العقوبة ومؤدّي النّفل لا يفعله إلّا إيثارًا للخدمة فيُجازي بالمحبّة الّتي هي غاية مطلوب من يتقرّب بخدمته.
قوله (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) قُربُ العَبدِ مِن رَبِّهِ يَقَعَ أوّلًا بإيـمانِهِ ثمّ بإحسانِهِ، وقُربُ الربِّ مِن عبدِهِ ما يخصُّهُ به في الدُّنيا من عرفانه، وفي الآخرَةِ من رضوانِهِ، وفيما بين ذلك من وجوهُ لطفِهِ وامتِنانِهِ.
قوله (بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ) ظاهره أنّ محبّة الله تعالى للعبد تقع بـملازمة العبد التّقرب بالنّوافل.
معنى الحديث أنّه إذا أدّى الفرائض ودام على إتيان النّوافل من صلاة وصيام وغيرهما أفضى به ذلك إلى محبّة الله تعالى.
نسأل الله حسن الحال وحسن المآل والسلامة وحسن الفهم وأن ينفعنا الله بعباده الصَّالِحِين والحمد لله أوّلا وءاخر.