ما الدليل على وجوب الغسل من الماء الدافق؟
28 مايو 2022قول الله تعالى (وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ)
4 يونيو 2022قَولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ)
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (سورة البقرة 210).
اعلم أن الله تبارك وتعالى منزَّهٌ عن كل صفات المخلوقين فلا يُشبِه شيئًا ولا يشبهه شىء قال تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ) وقال صلى الله عليه وسلم (لَا فِكْرَةَ في الرَّبِّ) رواه أبو القاسم الأنصاري، وقال سيِّدنا عليّ رضي الله عنه (التوحيد أن لا تتوهمه والعدل أن لا تتهمه) رواه تقي الدين الحصني في دفع شبه من شبَّه وتمرَّد، وقال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر) فالله تعالى منزَّهٌ عن المجيء بمعنى الانتقال فقد قال الحافظ الكبير ابن الجوزي الحنبلي في دفع شبه التشبيه (وذكر القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد بن حنبل أنه قال في قوله تعالى (أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) قال المراد به قدرته وأمره وقد بيَّنه في قوله تعالى (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (النحل 33)).
وفي زاد المسير لابن الجوزي أيضًا ما نصه (كان جماعة من السلف يمسكون عن الكلام في مثل هذا، وقد ذكر القاضي أبو يعلى عن أحمد أنه قال المراد به قدرته وأمره، قال وقد بيّنه في قوله تعالى (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ) (النحل 33)).
وقال المفسّر شمس الدين القرطبي المالكي في جامعه في تأويل هذه الآية (وقيل ليس الكلام على ظاهره في حقه سبحانه، وإنما المعنى يأتيهم أمر الله وحكمه، وقيل أي بما وعدهم من الحساب والعذاب في ظلل مثل قوله تعالى (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) أي بخذلانه إياهم، هذا قول الزَّجَّاج، والأول قول الأخفش، وقد يحتمل أن يكون معنى الإتيان راجعًا إلى الجزاء فسمى الجزاء إتيانًا كما سمى التخويف والتعذيب في قصة نمرود إتيانًا فقال (فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) (النحل 26)، وقال في قصة يهود بني النضير (فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ) (الحشر 2)، وقال (وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا) (الأنبياء 47) وإنما احتمل الإتيان هذه المعاني لأن أصل الإتيان عند أهل اللغة هو القصد إلى الشىء).
وفيه للقرطبي أيضا قال (ولا يجوز أن يحمل هذا وما أشبهه مما جاء في القرءان والخبر على وجه الانتقال والحركة والزوال لأن ذلك من صفات الأجرام والأجسام تعالى الله الكبير المتعال ذو الجلال والإكرام عن مماثلة الأجسام علوًا كبيرا وفيه أيضا قال وقد سكت بعضهم عن تأويلها).
وقال المفسّر الفخر الرازي الشافعي في التفسير الكبير في تأويل (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُور) ما نصه (أجمع المعتبرون من العقلاء على أنه سبحانه وتعالى منزَّهٌ عن المجيء والذهاب ويدل عليه وجوه أحدها ما ثبت في علم الأصول أن كل ما يصح عليه المجيء والذهاب لا ينفَكُّ عن الحركة والسكون وهما مُحدَثان، وما لا ينفك عن المُحدَث فهو مُحدَث فيلزم أن كل ما يصح عليه المجيء والذهاب يجب أن يكون مُحدَثًا مخلوقًا والإله القديم يستحيل أن يكون كذلك).
ثم أطال بكلام بليغ في التنزيه وإقامة الأدلة عليه، ثم قال (عَلِمنا قطعًا أنه ليس مراد الله تعالى من هذه الآية هو المجيء والذهاب، ثم ذكر في تأويل الآية وجوها أحدها (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) أي آيات الله، وثانيها أي أمر الله، وثالثها أن يأتيهم الله بما وعد من العذاب والحساب، فحذف ما يأتي به تهويلًا عليهم، وحكى عن القفال عن أبي العالية أن الإتيان في الظلل مضاف إلى الملائكة فأما المضاف إلى الله جل جلاله فهو الإتيان فقط) انتهى من التفسير الكبير للفخر الرازي رحمه الله.
والإتيان في لغة العرب يحتمل أوجهًا، وقد ثبت عقلًا ونقلًا أن الله جَلَّ وعَزَّ مُنزَّهٌ عن صفات المخلوقين فوجب ترك الأخذ بالظاهر وحمل الآية على ما يوافق التنزيه، وقد وضح الحق لذي عينين وفيما ذكرنا مقنع لمن يقنع.
وفي كلام ابن الجوزي الحنبلي بيانٌ ورَدٌّ على المجسِّمة المشبِّهة الذين ينسبون أنفسهم زورًا وبهتانًا إلى مذهب الأمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنه.
1 Comment
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) (سورة البقرة 210).