لا يقالُ مُنذُ كَمْ للهِ في الألوهيّة
3 نوفمبر 2016اللهُ تعالى كاملٌ بكمالٍ أزليّ أبَديّ لا يزيدُ ولا يَنقُص
3 نوفمبر 2016قولُ الله تعالى (وجَاءَ ربّكَ والملَكُ صَفّا صَفّا)
معنى قول الله تعالى (وجَاءَ ربّكَ والملَكُ صَفّا صَفّا) (سورة الفجر آية 22) عند أهل السنة
الإمام أحمدُ بنُ حَنبل قال في قولِ الله تعالى (وجَاءَ ربّكَ والملَكُ صَفّا صَفّا)، قالَ (وجاءَ ربّكَ) أي جاءَت قُدرتُه.
المعنى أنّ الله تبارك وتعالى لا يجوزُ عليهِ الحركةُ والسّكون، المجيءُ الذي نعرفهُ مِنَ المخلوقينَ الذي هو مجيءٌ بالحركةِ والسّكون لا يجوزُ على الله، لذلكَ الإمام أحمد قالَ (وجاءَ ربُّكَ) أي جاءَت قُدرتُه وهكذا الآياتُ وكلُّ الأحاديث التي تُوهِم بأنّ الله متصّفٌ بشَىء مِن صفاتِ البشر ليسَ تَفسيرُها على ظاهرِه، ومعنى قولِه جاءَت قُدرتُه أي قُدرةُ الله أي الأمورُ العظِيمةُ التي خلقَها الله تعالى لذلكَ اليوم، يوم القيامة، الأمورُ العِظام التي خلقَها الله تعالى ليَوم القيامة هذه الأمور هيَ أَثرُ القُدرة، بقدرةِ الله تأتي، عن هذه الإمامُ أحمد فَسّر قولَ الله (وجَاءَ ربُّك) بمجيءِ هذِه الأمورِ العظيمة التي تكون بقُدرة الله ذلكَ اليوم.
يوم القِيامة حين يَحضُر الملَكُ أي الملائكةُ صفُوفًا لِعُظْم ذلكَ اليوم حتى يُحِيطُوا بالإنس والجنّ، الجِنُّ والإنسُ يكونُونَ مُحاطِينَ، مُكتَنَفِين، بهذه الصّفوفِ منَ الملائكة، لا أحَدَ يستَطيعُ أن يخرجَ ويُفارِقَ هذا المكانَ لا مِنْ طَريق الجوّ ولا مِن طريقِ الأرض إلا بسُلطان أي إلا بإذنٍ منَ الله وحُجّةٍ، مَن أَذِنَ الله لهُ هذا يستَطيعُ أن يُفارقَ ذلكَ المكان، الملائكةُ أكثَرُ عبادِ الله تعالى، الجنُّ والإنسُ في الكثرةِ بالنّسبة للملائكةِ نِسبتُهم ضئيلةٌ، ملائكةُ الله ملَؤوا السّماواتِ السّبع، السّماءُ أعظَمُ مِن هذه الأرض التي تحمِلُنا، والكرسي أعظم من السموات السبع، الكُرسيّ الذي هذه السماواتُ السبعُ والأرض بالنّسبة إليهِ كحَلْقَةٍ مَرميّةٍ في الفَلاة، ماذا تكون هذهِ الحَلْقةُ بالنّسبة لسَعةِ الفَلاة؟
ثم هذا الكرسيّ بالنّسبة للعَرش كحلْقةٍ في فَلاةٍ مُلقَاةٍ، مَرميّة في الفَلاة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا ذر ما السموات السبع مع الكرسى إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسى كفضل الفلاة على الحلقة) رواه ابن حبان.
الإمامُ أحمد بنُ حنبل مات سنة 245 تقريبًا، هذا الإمام أحمد رضي الله عنه قالَ في تفسير قوله تعالى (وجَاءَ ربّكَ) أي جاءَت قُدرَتُه، الأمورُ العِظامُ التي يُظهِرُها الله بقُدرتِه ذلكَ اليوم، ذلكَ اليوم أمورٌ عظيمَةٌ تظهَرُ، جَهنّم مَسافتها بعيدةٌ تحتَ الأرض السّابعة ذلكَ اليوم سَبعُونَ ألفًا مِنَ الملائكةِ يجُرّونها كلُّ ملَكٍ بيَدِه سِلسِلةٌ مَربُوطةٌ بجهنّم وكلُّ ملَكٍ في القُوّةِ يزيدُ على قُوّة هذا البشر، يجُرُّونَ جهَنّم ليَراها الناسُ في الموقف، وهُم في الموقف يَنظُرونَ إليها ثم تُرَدُّ إلى مكانها، هذا شىءٌ واحِد مِن كثيرٍ مِن أهوالِ القيامة.
معنى قولِ الله تعالى (وجاءَ ربّكَ) أي قُدرتُه أي هذه الآثار، آثارُ القُدرة العظيمةِ هذه الآثار العظيمةُ التي يخلُقها الله بقدرتِه في ذلك اليوم هذا معنى قولِ الله تعالى (وجَاءَ ربّكَ)، وهكذا أيّ آيةٍ في القرآن أو أيّ حديثٍ ظاهرُه يُوهِمُ أنّ الله يتَحرك أو أنّ اللهَ لهُ أعضاءٌ فلا يُفسَّر بظاهِره بل يفسَّرُ بمعنى يلِيقُ بالله تعالى أو يُقالُ بغَير تفسيرٍ بلا كيفٍ، معناه ليسَ على المعنى الذي يكونُ في المخلوق.
الإمام القرطبي يفسر قول الله سبحانه وتعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا)، يقول قوله تعالى (وَجَاءَ رَبُّكَ) أي أمره وقضاؤه، ثم يقول (والله جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكان إلى مكان وأنّى له التحول والانتقال ولا مكان له ولا أوان ولا يجري وقت ولا زمان) انتهى كلام الإمام القرطبي.
المجلد العاشر من تفسير القرطبي للإمام أبي عبد الله محمد القرطبي الذي توفي سنة 671هـ في الجزء العشرين، من طبعة دار الكتب العلمية، الطبعة الثانية سنة 1424هـ الصحيفة 37.
هذا إجماع المسلمين، هذه عقيدة الأنبياء، الله تبارك و تعالى موجود بلا مكان والحمد له سبحانه وتعالى الذي أعاننا إلى هذا البرهان والبيان.