الرّد على شبهة الوهابية في إيرادهم للحديث الذي في سنده ابن لهيعة (راو ضعيف عند أهل الحديث) لتحريم الاستغاثة
18 مارس 2018عجائب الشفاء بالحبة السوداء
19 مارس 2018أين في توسّل عمر بالعباس التحريم الذي ادعته الوهابية خَلَفُ اليهود في المعتقد
من شبه الوهابية فَهمهم الفاسد مِنْ توسُل عمر بالعباس تحريم التوسل بالنبي بعد موته، فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب الاستسقاء قال: حدثنا الحسن بنُ محمدٍ قال حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال حدثنا أبي عبدُ الله بنُ المثنّـى عن ثُمامةَ بن عبدِ الله بنِ أنسٍ أن عمر بنَ الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إنّـا كنّا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنـا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال فيُسقون. اهـ
الـجـواب هو ما ذكره أئمّة الإسلام كما بين ذلك الشيخ عبد الله بن الصديق والشيخ عبد الله الهرري وغيرهما وفيه:
أين في توسل عمر بالعباس التحريم الذي ادعته الوهابية خَلَفُ اليهود في المعتقد هل قال عمر لكم أو العباس إن هذا التوسل لأن الرسول كان قد توفي كما تزعمون فعمر لم يقل ذلك ولا العباس ولا أشارا إليه إنما هو محض افتراء منكم عليهما لتؤيدوا به هواكم وهو تكفير المتوسل بالنبي صلى الله عليه وءاله وصحبه وسلم، وإن فِعْلَ عمر هذا ليس لأن الرسول قد مات بل لأجل رعاية حق قرابته من النبي صلى الله عليه وءاله وصحبه وسلم بدليل ما رواه الحافظ ابن حجر في الفتح قال: وقد بين الزبير بن بكار في الأنساب صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فأخرج بإسناد له أن العباس لمـا استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينـزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث. اهـ
والذي يوضح سبب توسل عمر بالعباس أيضا ما رواه الحاكم في مستدركه كتاب معرفة الصحابة من حديث الزبير بن بكار قال حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني عن داود بن عطاء المدني عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أنه قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا فما برحوا حتى سقاهم الله، قال: فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يُعظمه ويُفخمه ويُـبر قسمه فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وءاله وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله عز وجل فيما ينـزل بكم. اهـ قال الذهبي في تلخيصه: هو في جزء البانياسي بعلو وصح نحوه من حديث أنس فأما داود فمتروك. اهـ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح بعد أن ساق الحديث وفيه (فما برحوا حتى سقاهم الله) تابعه عليه هشام بن سعد أخرجه البلاذري من طريقه عن زيد بن أسلم فقال: عن أبيه بدل ابن عمر فيحتمل أن يكون لزيد فيه شيخان، وكذلك أخرجه ابن حبان في صحيحه من طريق محمد بن المثنى بالإسناد المذكور. اهـ
فيظهر من ذلك أن توسل عمر بالعباس إنما هو توسل بالنبي صلى الله عليه وءاله وسلم في الحقيقة فأي حجة لهم بعد ذلك، وقد أراد سيدنا عمر بذلك بيان جواز التوسل بغير النبي صلى الله عليه وءاله وسلم من أهل الصلاح ممن ترجى بركته كما فهم ذلك أهل الفهم لذا قال الحافظ في الفتح عقب الحديث ما نصه: ويستفاد من قصة العباس استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة. اهـ
قال الشيخ محمد الحامد في كتابه ردود على أباطيل ما نصه: واكتفاؤه بالاستسقاء به إذا لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وسلم كان لدفع توهم عدم جواز الاستسقاء بغيره عليه وعلىءاله الصلاة والسلام لا لحصر الاستسقاء بالحي الحياة الظاهرة فقد توسل الصحابة به صلى الله عليه وءاله وسلم بعد وفاته.
ولنكتة أخرى هي جواز التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل فإن عليا رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه أفضل من عمه العباس رضي الله تعالى عنه فتوسل عمر بالعباس لهذا الملحظ لشرف أهل البيت النبوي. اهـ
وفي هذا الحديث وجوه في الدلالة على التوسل أحدها: أنه صريح أن الصحابة كانوا يتوسلون به صلى الله عليه وسلم عمر وغيره لقوله كنا، وثانيها: أنهم يعلمون أن التوسل بالصالحين إلى الله تعالى مرضي عند الله وإنه أقرب في حصول مرادهم من دعائهم بغير توسل، ثالثها: وقوعه بلفظ التوسل الذي يكرهه المخالف في ذلك فهو نص في محل النـزاع، رابعها: يفيد إجماع الصحابة على ذلك لكونه بمحضر جمع كثير من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وغيرهم من الصحابة ولم يُنكروا ذلك وغير ذلك مما يظهر للمتأمل فيه.