لو توجزون لنا حال الحلاج؟
24 يناير 2018حديث (كُلُّ شَىْءٍ بِقَدَرٍ حَتَّى الْعَجْزُ وَالْكَيْسُ)
24 يناير 2018الرد على الملحدين
الاستدلال على وجود الله والرد على الملحدين
الحمد لله رب العالمين له النعمة والفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين،
أما بعد يا أخي المسلم فإن من الواجبات الكفائية معرفة العقائد الايمانية بدلائلها النقلية الواردة في القرآن والحديث والادلة العقلية الى الحد الكافي لرد الملحدين، أي يجب أن يكون في المسلمين من يعرف الادلة الكافية لابطال تمويهات الملحدين من الشيوعية ونحوهم من سائر أعداء الاسلام والمحرفين للدين المنتسبين اليه وهم ليسوا منه والسعي في ذلك أمرٌ مهم عظيم في الدين.
قال الله تعالى (فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ( سورة التوبة 122).
إذ ليس محور الاعتقاد على الوهم، بل على ما يقتضيه العقل الصحيح السليم الذي هو شاهد للشرع، والشرع لا يأتي الا بمجوزات العقل، والشرع شرع الله.
وإنه مما لا يخفى عليك أخي المسلم أنك عندما تناقش واحدا من الملحدين وتريد أن تثبت له أن لهذا العالم خالقا وهو الله وأنه موجود لا يشبه الموجودات فعليك بيان ذلك بالدليل العقلي لأن الملحد لا يؤمن بالقرءان ولا بنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
النقاط الثمانية هي :
1- بيان سبلِ المعرفة للعبد
2- إثبات أن العالم مخلوق ٌ أي له بداية
3- إثبات وجود الله عقلاً
4- إثبات أن الله هو خالق العالم وأنه لا يشبه المخلوقات
5- إثبات وجود سيدنا محمد
6- إثبات أن سيدنا محمداً هو نبيّ
7- إثبات أنه صادق في جميع ما أخبر به وبلّغه عن الله
8- إثبات أن القرءان الكريم منزَلٌ من عند الله
1- بيان سبل المعرفة للعبد :
أ-الحواس السليمة: وهي السمع والبصر والشم والذوق واللمس. لو قال لك أحدهم: هذه الطبشورة بيضاء، كيف عرفنا أن لونها أبيض؟
عن طريق النظر وهو من الحواس.
ب- العقل السليم : العقل صفة راسخة في الانسان يميّز بها بين القبيح من الحسن. وذوو العقول ثلاثة: الملائكة، والإنس، والجن، وأما البهائم فليسوا من ذوي العقول.
إن العلم الحاصل بالعقل إما أن يكون بديهيا أي ضروريا أو اكتسابيا. فالعلم الضروري ما لم يقع عن نظر واستدلالٍ كالعلم الحاصل بالحواس الخمس وكالعلم بان الكلّ أعظم من جزئه وأما العلم الاكتسابي فهو الموقوف على النظر والاستدلال كالعلم بأن العالم حادث (أي مخلوق).
إذا قال لك شخص إنه يوجد داخل هذه الساعة فيل طوله 4 أمتار وعرضه 3 أمتار، هل تصدقه؟ هل تقول له دعني أفتح الساعة لأرى إن كان هناك فيل، كيف تعرف أن ذلك غير صحيح؟ عن طريق العقل.
والحكم العقلي ينقسم الى ثلاثة أقسام: وجوب واستحالة وجواز.
الواجب العقلي: ما لا يتصور في العقل عدمه وهو الله وصفاته.
المستحيل العقلي: ما لا يتصّور في العقل وجودُه كوجود الشريك لله.
الجائز العقلي: ما يتصوّرُ في العقل وجوده تارة وعدمه تارة أخرى كالبشر.
ج- الخبر المتواتر :هو الخبر الذي نقله جمع كثير عن جمع كثير ٍ بحيث تُحيلُ العادة تواطؤَهم على الكذب، بل يتحتّم موافقته للواقع، فإن ما كان بهذه الصفة في الطبقة الاولى والوسطى والاخيرة يوجب العلم اليقيني. وأما ما كان في الطبقة أقلّ من هذا القدر ثم حصلت تلك الكثرة فإنه ليس موجِبا للعلم (أي العلم اليقيني) كخبر النصارى بقتل عيسى عليه السلام وصلبه فإنّه لم يحصل تواترٌ بذلك في الطبقة الاولى ولا يُنظر الى كثرة الطبقة التي بعدها فلا يُسمى هذا الخبر متواترا مفيدا للعلم.
والخبر المتواتر موجب للعلم الضروري كالعلم بالملوك الخلية في الازمنة الماضية والبلدان النائية. إذا شخص أنكر الخبر المتواتر يكون وكانه يُنكر أن أمه ولدته لأنه لم يشاهدها وهي تلده.
أما الاشاعة فهي تُنقلُ عن جمع عن جمع أقل حتى نَصل الى إثنين أو ثلاثة من الكذّابين.
2- إثبات أن العالم مخلوق ٌأي له بداية:
عندما نقول عن شيء مخلوق معناه أنه وجد بعد أن لم يكن موجودا. والدليل العقلي على حدوث العالم هو:
إن العالم مؤلف من جواهر وأعراض فالجوهر أي الجسم هو ما يقوم بنفسه كالجدار، والعرَضُ ما لا يقوم بنفسه بل يقوم بغيره كاللون والحركة والسكون.
إن الجسم لا يخلو من الحركة والسكون وهما حادثان لأنه بحدوث أحدهما ينعدم الاخر فما لا يخلو من الحادث حادث فالاجسام حادثة.
وفي هذا البرهان ثلاث قضايا :
الاولى : أن الاجسام لا تخلو من الحركة والسكون وهي ظاهرة مدْركة بالبديهية فلا تحتاج الى تأمل فإن من قال عن جسم انه لا ساكن ولا متحرك كان للواقع مكابرا.
الثانية: قولنا إنهما حادثان يدل على ذلك تعاقبهما وذلك مشاهدٌ في جميع الاجسام فما من ساكن الا والعقل قاض بجواز حركته كالسماء، وما من متحرك الا والعقل قاض بجواز سكونه كالنجوم فالطارئ منهما حادث بطريانه والسابق حادث لعدمه لانه لو ثبت قدمه لاستحال عدمه لان القول بذلك يؤدي الى التسلسل وهو محال.
الثالثة: قولنا ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث لانه لو لم يكن كذلك لكان قبل كل حادث حوادث لا اول لها، ونقول في إبطال القول بحوادث لا أول لها ما كفى وشفى فنمثّل ذلك بملتزم قال: لا أعطي فلانا في اليوم الفلاني درهما حتى أعطيه درهما قبله ولا أعطيه درهما قبله حتى أعطيه درها قبله وهكذا لا الى أول فمن المعلوم ضرورة أنّ إعطاء الدرهم الموعود به في اليوم الفلاني محال لتوقفه على محال وهو فراغ ما لا نهاية له بالاعطاء شيئا بعد شيء، ولا ريب أن من ادّعى وجود حوادث لا أول لها مطابق لهذا المثال.
فملخص ذلك نقول بإثبات حدوث الحركة والسكون يثبت حدوث الاجسام لأن ما قام به الحادث فهو حادث فإذا العالم مؤلف من حوادث فهو حادث.
3- إثبات وجود الله عقلا :
إن الذين ينفون وجود الله ليبرروا اعتقادهم بعد أن أثبتنا لهم حدوث العالم على أقسام :
أ) بعضهم يقول إنّ الطبيعة خلقت العالم
ب) وبعضهم يقول إنّ العالم خلق نفسه
ج) وبعضهم يقول إنّ العالم وجد صدفة عن طريق big bang theory
اعلم رحمك الله بتوفيقه أنّ وجود العالم دليل على وجود الله لانه لا يصح في العقل وجود فعل ما بدون فاعل كما لايصح وجود ضرب بلا ضارب ووجود نسخ وكتابة من غير ناسخ وكاتب أو بناء بلا بان فمن الأولى أنّه لا يصح في العقل وجود هذا العالم بلا خالق، والعلم بذلك مركوز في فطرة طباع الصبيان، فإنك إذا لطمت وجه الصبي من حيث لا يراك وقلت إنه حصلت هذه اللطمة من غير فاعل البتة لا يصدقك، وهذا الامر- أي حدوث العالم- عليه كل الطوائف التي تنتحل الأديان ولم يخالف في ذلك الا الفلاسفة.
أ) ولا يصح كون ذلك الفاعل طبيعة لان الطبيعة لا إرادة لها فكيف تخلق؟ كيف تخصص المعدوم بالوجود بدل العدم ثم بحالة دون حالة؟
ومعلوم أن الحوادث جائزة الوجود إذ يجوز عقلاً أن تستمر في العدم ولا توجد، فاذا اختصت بالوجود الممكن افتقرت الى مخصص ثم يستحيل أن يكون المخصص طبيعة لا اختيار لها ولا ارادة فلا يتأتى منها تخصيص الجائز بالوجود بدلَ العدم وبوقت دون وقت أوبصفة دون صفة كتخصيص الانسان بالمشي على رجليه بدل المشي على البطن كالحيّة.
فإن قال الملحدون كالشيوعيون إنها قديمة أزلية قلنا لا تصح الازلية إلا لموجود ذي حياة وعلم وإرادة وقدرة والطبيعة ليست كذلك.
وإن قالوا حادثة قلنا الحادث محتاج لمحدِث فهي تحتاج في وجودها لمحدث أزلي فاعل بالارادة والاختيار والالزام احتياج ذلك المحدث الى محدث ومحدثه الى محدث الى غير نهاية وذلك قول بوجود حوادث لا أول لها وقد تبين بطلان ذلك بالدليل العقلي.
ثم إنّ الطبيعة جزء من العالم، وسوف يظهر لنا بالدليل العقلي أن العالم كله لم يخلق نفسه فإذا جزء العالم لا يمكن أن يكون قد خلقه.
ب) وكذلك لا يصح في العقل أن يكون الشيء خالق نفسه لأن في ذلك جمعاً بين متناقضين: لأنك اذا قلت (خلق زيد نفسه) جعلت زيداً قبل نفسه باعتبار ومتأخراً عن نفسه باعتبار.
– فباعتبار خالقيته جعلته متقدما
– وباعتبار مخلوقيته جعلته متأخراوذلك محال عقلا.
وكذلك لا يصح في العقل أن يخلق الشيء مثله أي مشابهه لان أحد المِثلين ليس بأوْلى بأن يخلق مثله من الآخر فالأب والإبن لا يصح أن يخلق أحدهما الاخر لأن كلا منهما كان معدوماً ثم وجد.
فمن فكّر بعقله علم أن هذا العالم كان بعد أن لم يكن وما كان بعد أن لم يكن فلا بد له من مكون أي محدث من العدم (الخالق) موصوف بالحياة والعلم والقدرة والارادة لأن من لم يكن بهذه الصفات كان موصوفاً بأضدادها وأضدادها نقائص وءافات تمنع صحة الفعل.
ج) ولا يصح أن يكون وجود العالم بالصدفة لأن العقل يحيل وجود شيء ما بدون فاعل لانّه يلزَم من ذلك محالٌ وهو ترجّح وجود الجائز على عدمه بدون مرجّح وذلك لأن وجود الممكن وعدمه متساويان عقلاً فلا يترجّح أحدهما على مقابله إلا بمرجح. كما أنّه تبين بما تقدّم استحالة استناد وجود الممكن العقلي إلى ممكن حادث قبله بالتسلسل إلى غير نهاية.
وإن النظرية المسمّاة الانفجار الكبير ( Big Bang) نظريةٌ فاسدة تقول بأن الكون كان عبارة عن مادة واحدة مضغوطة، انفجرت انفجارا كبيرا وأخذت الجزيئات الأولى تتجّمع بشكل إلكترونات وبروتونات، ثمّ ظهر غاز الهيدروجين وغاز الهليوم، فكان الكون، كما يزعمون عبارة عن تجمعات من هذين الغازين، ثمّ أخذت هذه الغازات الساخنة تتجمع وتتكاثف بفعل الجاذبية مشكلة ما يشبه الدخان وظهر منها النجوم والكواكب والارض ونظامنا الشمسي الخ!!!
وهي مجرد نظرية لا يقبلها العقل السليم. الكيمائيون والفيزيائيون والبيولوجيون ونحوهم يُقسّمون العلم إلى حقائق علمية لا شك فيها وإلى نظريات. وتعريف النظرية عندهم أنّها مجموعة قوانين والقانون هو مجموعة فرضيات، والفرضية هي شيء غير أكيد. فلنأخذ الكيمياء على سبيل المثال: L1+L2 = L3+ PP3
هذه حقيقة (fact) يعني لو علمناها قبل 10 سنوات أو الآن أو بعد 10 سنوات نصل الى النتيجة ذاتها لانها حقيقة علمية.
ولكن في النظرية يعرضون رأيهم بما حصل داخل الانبوب الذي فيه التفاعل لتفسير ما حصل كأن يتكلّموا عن الالكترونات والبروتونات، ولكن لم يُشاهد أحد منهم إلكترونا، كل هذه ءاراء ونظريات أشخاص.
يقول إميل جبر ضومط في كتابه مرشد المعلمين في أصول تدريس العلوم (منشورات دائرة التربية في الجامعة الاميركية) الجزء الاول ص 100: أما النظريات فهي افتراضات غير قابلة للاثبات النهائي بالاختبار العملي كالافتراض عن منشأ الكون.
ونردّ على هذه النظرية بما يلي:
1- من أين أتت النجوم؟
2- من أين أتى الغبار؟
3- في الفيزياء يقولون إذا كان هناك جُسيْمان (particules ) وصار هناك تنافر (repulsion) لا يقتربان من بعضهما أكثر من مسافة معينة، ولا يصير انفجار، فكيف سيقتربان أكثر من هذا حتى يصير انفجار من قوة التنافر.
4- لو جئنا ببالون مليء بالغاز وانفجر، ماذا يحصل للغاز، هل يتجمّع في مكان معيّن؟ لا بل ينتشر!!
5- من نَفْس غيمة الغبار والغاز يخرج أشياء لها طبيعة متشابهة، ولكن الأرض لا تشبه الكواكب!!
وهذه النظرية مخالفةٌ لقول الله تعالى (قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ).
ثم إنّ هذه النظرية يعتمد عليها كلّ النظريات الاخرى كنظرية النشوء والإرتقاء ونظرية اينشتاين وغيرها، فلمّا تبين فساد هذه النظرية ظهر لنا أنّ بقية النظريات المذكورة سابقا بُنيت على باطل وهي باطلة.
4- إثبات أن الله خالق العالم وأنه لا يشبه المخلوقات
واعلم أن الله واحد لا شريك له في الألوهية لأنه لو كان للعالم خالقان وجب أن يكون كل واحد منهما حيّا قادراً عالماً مريداً مختاراً، والمختاران يجوز اختلافهما في الاختيار لأنّ كل واحد منهما غير مجبر على موافقة الاخر في اختياره. فلو أراد أحدهما خلاف مراد الآخر في شىء لم يَخلُ أن يتِم مراد أحدهما ولم يتم مراد الآخر فإنّ الذي لم يتم مراده عاجز ولا يكون العاجزُ إلهاً ولا قديماً وهذه الدلالة معروفة عند الموحّدين تسمى بدلالة التمانع، وهو مأخوذ من الآية {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}.
يجب لله القدم بمعنى الازلية. أما برهان قدمه تعالى فهو لو لم يكن قديماً (أي أزلي بلا بداية) للزِم حدوثه فيفتقر إلى محدث فيلزَم الدور أو التسلسل وكلٌ منهما محال.
ولما ثبت وجوب القدم لله عقلاً وجب له البقاء لأنه لو أمكن أن يلحقه العدم لانتفى عنه القدم.
ويجب لله المخالفة للحوادث لأن مماثلة شيء لاخر معناه كون الشيئين بحيث يسدّ أحدهما مسدّ الاخر أي يصلح كل لما يصلح له الآخر فإن شيئاً من الموجودات لا يسد مسدّه في شيء من الأوصاف.
5- إثبات وجود سيدنا محمد :
وذلك عن طريق الخبر المتواتر الذي هو أحد سُبُل المعرفة للعبد.
6- إثبات أنّ محمداً هو نبي :
يبعث الله الانبياء رحمة للعباد إذ ليس في العقل ما يُستغنى به عنهم لأن العقل لا يستقل بمعرفة الاشياء المنجية في الاخرة، ففي بعثة الأنبياء مصلحة ضرورية لحاجاتهم لذلك فالله متفضل بها على عباده. ثمّ السبيل الى معرفة النبي المعجزة، وهي أمر خارق للعادة موافق للدعوى سالم من المعارضة بالمثل يظهر على يد من ادعى النبوّة، فما ليس بخارقٍ للعادة بأن كان معتادا لا يسمى معجزة.
أما أنه ادعى الرسالة فبالمشاهدة للمعاصر، ولغيره بالتواتر اللفظي والمعنوي ثم إن معجزاته قسمان :
أ) باقية دائمةٌ يشاهدها من كان في عصره ومن سيكون بعده وذلك هو القرءان العظيم:
من ءايات رسول الله سيدنا محمد التي تحدّى بها كافة العرب: القرءان، فإنّهم مع تميزهم بالفصاحة والبلاغة لم يقدِروا على معارضته بالمثل.
وعجزهم عن ذلك متواتر بانصرافهم عن المعارضة الى المقارعة مع توفر مقتضيات المعارضةِ منهم من حيث قوة الفصاحة.
مع ما فيه من أخبار الأولين مع كونه أميّا غير ممارس للكتب والانباءِ عن الغَيْبِ في أمور كثيرة تحقق صدقه فيها في الاستقبال.
ب) غير دائمة وهو ما صدر عنه من الخوارق الفعلية
إبطال شبهة يوردها بعض الملحدين: قال بعض الملاحدة: وقوع الخارق على يد من ادّعى النبوة لا يكفي دليلا على صدقه لاننا نشاهد كثيرا من الخوارق يُتوصّل اليها بالسحر.
فالجواب: هذه الاشياء تُعارَض بالمثل فيعارض ساحرٌ ساحراً بخلاف المعجزة. فهل استطاع أحدٌ من المكذّبين المعارضين للأنبياء في عصورهم وفيما بعد إلى يومنا هذا أن يأتي بمثل معجزةٍ للأنبياء؟
فإن قال الملحدُ إنّ هذه الحوادث من قبيل الخُرافات التي تروى من غير أساس.
فالجواب أنّ هذا من الخبر المتواتر الذي يفيد علماً قطعياً (وليس من الأخبار التي تحتمل الصدق والكذبَ) (كأخبار البلاد والاماكن النائية والملوك الماضية التيِ تناقلتها الكافةُ عن الكافةِ) فكما أنّ هؤلاء الملحدين يقطعون بصحّة بعض الأخبار كلِينين وماركس، وبعض حوادث من قبلهما كنابليون، ولم يَرَوْهم ولم يشهدوا تلك الحوادثَ، كذلك نقطعُ بصحّة حوادثِ الأنبياء التي تناقلتها الكافةُ عن الكافة.
7- ثبات أنّه صادقٌ في جميع ما أخبر به وبلّغه عن الله:
فإذا عُرِف معنى المعجزة كما شرحنا دلّ العقل على أنّ الذي قام بدعوى النبوّة يتحتم تصديقه فيما دعا إليه من وجود صانع للعالم هو الله الذي تجب عبادته وأنّ هذا النبيّ مُبلّغ عنه وكان ذلك في تقدير منزلة قول الله (صدق عبدي في كلّ ما يُبلّغُ عنّي)، أي لو لا أنّه صادق في دعواه لما أظهر الله له هذه المعجزةَ.
8- القرءان الكريم :
إنه من المعلوم والثابت الذي يُذعن له كل منصف ويصدق به كلّ عاقل أنّ معجزةَ القرءان الكريم استمرت ومازالت رُغم توالي الحُقُب ومرور السنين بما فيه من الاعجاز العظيم على مختلف أغراضِ العلم كيف لا وهو الكتابُ الذي يقول الله فيه (قُلْ لَئِنْ اِجْتَمَعَتْ الْإِنْس وَالْجِنّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآن لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضهمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا). الاسراء 88.
وسنتكلم ان شاء الله عن ثلاثة وجوه من الاعجاز في القرءان الكريم:
أ) أحدها ما يتضمن الإخبار عن الغيب وذلك مما لا يقدِرُ عليه البشرُ، ولا سبيل لهم إليه.
من ذلك قوله تعالى (غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ) الآية. (الروم) فظهرت الروم على فارسَ بعدما هُزموا قبل ذلك ببضع سنين. (تسع سنين).
ب) الوجه الثاني: الإعجاز اللغوي فهو في أعلى طبقات البلاغةِ والفصاحة التي لا يأتي بمثلها بشرٌ ولهذا كان فيه تحدٍ لكفّار قريش.
وإنّ من شواهد ما نقول ما ذكره الأصمعي أنه سمِع في البيداء فتاةً تُنشدُ الشعر فقال: يا جارية ما أبلغك، قالت: وَيْحَكَ وهل هذا بلاغة في جَنْبِ قولهِ عزّ وجلّ (وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) (القصص) فقد جمع فيها بين أمرين: قوله (أَرْضِعِيهِ) وقوله (فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ) ونهيَيْنِ قوله (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي) وبشارتين قوله (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) في ءاية واحدة.
حتى أن بعض كفار قريش لما سمع القرءان مدحه وأثنى عليه منهم الوليد بن المغيرة لما سمع الاية (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلّكُمْ تَذَكّرُونَ)، فقال إن به لحلاوة وإن عليه لطلاوة، وإن أوله لمثمر وإن آخرَه لمُغدِقٌ وما هذا بقول بشر.
ج) الوجه الثالث: هو الإعجاز العلمي، فقد جاءت أبحاث وتجارب عديدة موافقةٌ لما نصّ عليه القرءان ومن ذلك:
1- أثبت أهل الطِبِ أن الإحساس بألم الحريق محصور بالجلد لأن نهايات الاعصاب المتخصصةِ بالاحساس بالحرارة والبرودةِ محصورة بالجلد ولو ذاب الجلد فلن يشعر الانسان في الدنيا بألم الحريق والله تعالى يقول في القرءان (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ). ( سورة النساء).
2- أثبت الطِبُ الجَنينيُ أن الجنين يُحفظ في بطن أمه من وصول النور إليه بواسطة أغشية ثلاثةٍ وتُشكِل هذه الأغشية الثلاثة ثلاث طبقاتٍ مظلمة تمنع وصول النور الى الجنين.
هذه الأغشية عُرفت بواسطة أجهزة مِخبريةٍ متطورة وهذه الأجهزة لم تكن في زمن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولا حتى قبل سبعين عاما لم تكن هذه الاشياء معروفة وقد قال الله تعالى في القرءان (يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِّن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ).( سورة الزمر).