حديث (لا يَزالُ النّاسُ يتَساءَلُونَ حتّى يقُولوا هذا اللهُ خَلقَ الخلْقَ فمَن خلَق اللهَ فإذا وجَدَ أحَدُكم ذلكَ فلْيَنتَهِ ولْيَقُل ءامَنتُ باللهِ ورسُلِه)
حديث (لا يَزالُ النّاسُ يتَساءَلُونَ حتّى يقُولوا هذا اللهُ خَلقَ الخلْقَ فمَن خلَق اللهَ فإذا وجَدَ أحَدُكم ذلكَ فلْيَنتَهِ ولْيَقُل ءامَنتُ باللهِ ورسُلِه)
6 فبراير 2023
من أصحاب الإمام مالك بن أنس في المائة الثانية
من أصحاب الإمام مالك بن أنس في المائة الثانية
8 فبراير 2023

بيان أهم علوم الدين والتحذير من المعتزلة

بيان أهم علوم الدين والتحذير من المعتزلة

بيان أهم علوم الدين والتحذير من المعتزلة

الحمدُ للهِ ربّ العالمين له النعمةُ وله الفضل وله الثّناءُ الحسن صلواتُ الله البرّ الرّحيم والملائكةِ المقرّبين على سيدِنا محمدٍ أشرف المرسلين وعلى إخوانِه الأنبياء والمرسلين عليهم سلامُ الله أجمعين.
أمّا بعدُ، فإنّ أهمَّ عُلوم الدِّين العِلمُ الذي يُعرف به اللهُ تبَارك وتعالى فكانَ مِن أهمِّ عِلم التّوحيد معرفةُ أنّ الله تباركَ وتعالى هو المنفردُ بالخَلق، فكلُّ ما يحصُل مِنَ العَبدِ مِن حَركةٍ وسكون ونيةٍ وقَصدٍ فالله خالقُه في العبدِ، العبدُ ليسَ إلا مُكتَسِبًا يَكتَسِبُ هذه الحرَكات والسّكَنات وهذه النّوايا القلبية، هذا المعتقدُ مَن حَادَ عنه ضلَّ وهَلكَ وإنْ زعَم أنّه مُسلِم.

فالمعتزلةُ حَادُوا عن هذا المعتَقَدِ يعتقدونَ بأنّ الله تعالى خلقَهُم وأعطاهُمُ القُدرةَ على حَركاتهِم وسكَناتهِم وهم يخلقونَ بهذه القُدرةِ التي أعطاهُمُ الله حَركاتهم وسكناتهم ونوَاياهُم إنْ كانَت خَيرًا وإنْ كانت شَرًّا، إن كانَت إيمانًا وإنْ كانت كُفرًا، هؤلاء يدّعونَ أنهم خِيْرةُ المسلمين، كانوا فيما مَضى كثيرين، في عصر المأمونِ الخليفةِ العبّاسي كانوا كَثْرةً كانَ لهم ظُهورٌ قَويّ حتى المأمون انخدَع بقولهم في مسئلةِ خَلق القرءان، ما وافَقَهم في سائِر مسائلهِم إنما وافقَهم بهذه المسئلةِ القولِ بأنّ القرءانَ مخلوق، ثم لم يكن المأمونُ يُفرّق ويُفَصّل فيقولُ القرءانُ بمعنى اللّفظ المنزَّل على سيدنا محمد مخلوقٌ وأمّا بمعنى الكلام الذاتي القائمِ بذاتِ الله الذي هو ليسَ حَرفًا ولا صوتًا فليسَ بمخلوق ما كانَ يقول هذا التّفصيل، إنما كانَ يُطلِقُ هذه العبارةَ القرءانُ مخلوق، فكانَ يُعَذّبُ مَن يقولُ القرءانُ غَيرُ مخلُوق كالإمام أحمد بنِ حَنبل.

مَنْ قالوا القرءانُ غيرُ مخلوقٍ مِن أهلِ السُّنّة يَعنُونَ الكلامَ الذّاتي الذي هو صفةُ ذاتِ الله تعالى كعِلمِه وقُدرتِه، هذا ليسَ مخلُوقًا لأنّ هذا أزليّ أبديّ والأزليُّ لا يصِحُّ فيه التّعاقُب أي حصولُه شَيئًا بعدَ شىء، ما يحصُل شيئًا بعدَ شىء حَادثٌ ليسَ أزليّا أبديًّا، فأهلُ الحقِّ يقولونَ القرءانُ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ لكن لا يَعنُونَ اللّفظَ الذي نَتلُوهُ إنما يَعنُونَ كلامَ الله الذاتيَّ الأزليّ الأبديّ الذي لا يُوصَفُ بأنّهُ حَرفٌ ولا صَوتٌ، يَعنُونَ ذلكَ فيقولونَ القرءانُ كلامُ الله غيرُ مخلوقٍ ولا يَعنُونَ بقولهم غيرُ مخلوقٍ اللفظَ المنزّلَ على سيدِنا محمّد، هذا يجوزُ أن نقولَ في مَقام تعليمِ العقيدةِ هذا اللفظُ مخلوقٌ لله لكن ليسَ مِن تأليفِ جِبريلَ ولا مِن تأليفِ محمّد.

فإذَا قال قائل (كيفَ نُضَلِّلُ المعتزلةَ الذين كانَ خليفةُ المسلمينَ المأمونُ بن هارونَ معَهُم في هذه المسئلة القول بخَلْق القرءان، كيفَ تقولونَ ضَالُّون؟! لو كانَ قولهم هذا ضَلالًا لَلَزِم مِن ذلك أنّ خليفةَ المسلمين كان ضَالًّا وهذا إقْدامٌ على أمرٍ عظيم).

يقالُ لهم الجوابُ أنّ المأمونَ لم يُوافِقْهُم إلا بمسئلةِ القولِ بخَلقِ القرءان ولم يقلْ إنّ كلامَ الله الذي هو صفتُه الذاتيّة مخلوقٌ لله، لم يقل إنما أطلَقَ العبارةَ كما تُطلِقُها المعتزلةُ فلم يكنْ هوَ مِنهُم، لا يُعدُّ معتزليًّا لأنّه وافقَهم في هذه المسئلةِ فقط، لأنّ الاعتزالَ عُمدَتُه ليسَ على هذا، الاعتزالُ عُمدَتُه أنّ العبدَ يخلُق أفعالَه والله ليسَ له تصَرُّفٌ في ذلكَ جَعَلوا الله كإنسانٍ أَدْخَل شَخصًا فَقيرًا غَريبًا إلى بَيتِه ثم هذا استَعصَى في البيتِ وتمَرَّد فطَرَد صاحبَ البيت، هذهِ أكبرُ مسَائلِهم الضّلاليّة التي أَوجَبت كفرَهُم.

ثمّ أئمّةُ الهدى منذُ الصَّدْر الأوّل أي عَصر الصّحابَةِ لم يَزالُوا يُضَلّلونَ المعتزلةَ يَعتَبرونهم ضالّينَ حتى قال الإمامُ مالك رضي الله عنهُ لَمّا سُئِل عن نكاح القَدَريّة أي نكاحِ المعتزلة (ولَعَبدٌ مؤمِنٌ خَيرٌ مِن مُشرِكٍ ولَو أَعْجَبَكُم) (البقرة 221) كَفَّرهم، كذلكَ عمرُ بنُ عبدِ العزيز الخليفةُ الرّاشد هوَ بعدَ الخلفاءِ الأربعة والحسنُ بنُ عليّ هو الخليفة الرّاشدُ السّادس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *