الرّد على شبهة الوهابية في إيرادهم ما يُروى عن أبي يوسف أنه قال (لا يُدعى الله بغيره) لإبطالهم التوسل بالأنبياء والصالحين

يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَرْضَى عَنِ اللَّهِ أَيْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ اعْتِقَادًا وَلا لَفْظًا
يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَرْضَى عَنِ اللَّهِ أَيْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ اعْتِقَادًا وَلا لَفْظًا
23 مارس 2018
السَّمَنْدل هذا معروف أنّه لا يحصل له احتراق، جلدُه لا يحترق بالنار
السَّمَنْدل هذا معروف أنّه لا يحصل له احتراق، جلدُه لا يحترق بالنار
26 مارس 2018
يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَرْضَى عَنِ اللَّهِ أَيْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ اعْتِقَادًا وَلا لَفْظًا
يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَرْضَى عَنِ اللَّهِ أَيْ لا يَعْتَرِضَ عَلَى اللَّهِ اعْتِقَادًا وَلا لَفْظًا
23 مارس 2018
السَّمَنْدل هذا معروف أنّه لا يحصل له احتراق، جلدُه لا يحترق بالنار
السَّمَنْدل هذا معروف أنّه لا يحصل له احتراق، جلدُه لا يحترق بالنار
26 مارس 2018

الرّد على شبهة الوهابية في إيرادهم ما يُروى عن أبي يوسف أنه قال (لا يُدعى الله بغيره) لإبطالهم التوسل بالأنبياء والصالحين

الرّد على شبهة الوهابية في إيرادهم ما يُروى عن أبي يوسف أنه قال (لا يُدعى الله بغيره) لإبطالهم التوسل بالأنبياء والصالحين

تمسك الوهابية في تحريمهم التوسل بما يروى عن أبي يوسف أنه قال (لا يُدعى الله بغيره).

الجـواب :

إن ما يروى عن أبي يوسف لا حجة فيه لأنه مصادم للنص الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء الثلاثة الذين أواهم المطر إلى الغار فانطبقت صخرة من أعلى الجبل على باب الغار فسدته فكل واحد منهم دعا الله بصالح عمله وهذا أخرجه البخاري ومسلم ونصه: روى مسلم في صحيحه باب قصة أصحاب الغار الثلاثة والتوسل بصالح الأعمال قال: حَدَّثَني محمّد بن إِسحـقَ الْمُسيـّبي حدثني أنسٌ يعني ابن عياض أبا ضَمْرة عن موسى بن عقبة عن نافع عن عبدِ اللَّه بنِ عمر عن رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أنه قال: بينما ثلاثة نفر يتَمشَّونَ أخذهم المطرُ فأوَوا إلى غار في جبل فانحطّت على فم غارهم صخرة من الجبل فانطبقت عليهم فقال بعضُهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها صالحة للَّه فادعوا اللَّهَ تَعَالَى بها لعلَّ اللَّهَ يفرُجُها عنكم فقال أحدُهم اللهمَّ إنه كان لي والدان شيخان كبيران وامرأتي ولي صبيـة صِغار أرعى عليهم فإذا أرحت عليهم حلَبتُ فبدأت بوالديَّ فسقيتهما قبل بنـيَّ وأنه نأى بي ذات يوم الشَّجر فلم ءات حَتَّى أمسيت فوجدتهما قد ناما فحَلبتُ كما كنتُ أحلبُ فجئتُ بالحِلاب فقمت عند رؤسهما أكره أن أوقظهما من نومهما وأكره أن أسقي الصِّبية قبلهما والصِّبية يتضاغون عند قدمي فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر فإن كنت تعلمُ أني فعلتُ ذلك ابتغاء وجهِك فافرُج لنا منها فُرجة نرى منها السَّماءَ فَفَرَجَ اللَّه منها فرجة فرأوا منها السَّماء وقال الآخر اللهم إنه كانت لي ابنة عمّ أحببتها كأشدّ مَا يُحِبُّ الرِّجال النساء وطلبت إليها نفسها فأبت حتى ءاتيها بمائة دينار فتعبتُ حتى جمعت مائة دينار فجئتها بها فلما وقعتُ بين رجليها قالت يا عبد اللَّه اتق اللَّه ولا تفتح الخاتم إلا بحقه فقمت عنها فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافـرُج لنا منها فرجة ففرَج لهم وقال الآخر اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق أرز فلمّا قضى عمله قال أعطني حقي فعرضت عليه فرقه فرغب عنه فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا ورعاءها فجاءني فقال اتق اللَّه ولا تظلمني حقي قلت اذهب إلى تلك البقر ورعائها فخذها فقال اتق اللَّه ولا تستهزئ بي فقلتُ إني لا أستهزئ بك خذ ذلك البقر ورعاءها فأخذه فذهب به فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرُج لنا ما بقي ففرج اللَّه ما بقي. قال النووي في شرحه للحديث: استدل أصحابنا على أنه يستحب للإنسان أن يدعو في حال كربه وفي دعاء الاستسقاء وغيره بصالح عمله ويتوسل إلى الله تعالى به لأن هؤلاء فعلوه فاستجيب لهم وذكره النبي صلى الله عليه وسلم في معرض الثناء عليهم وجميل فضائلهم. اهـ ولاشك أن النووي رحمه الله يجيز التوسل بذوات الانبياء والصالحين كذلك كما هو معلوم عنه وقد بينا هذا في كتابنا.

فالأحاديث والآثار التي تدل على جواز التوسل بذوات الصالحين في حال حياتهم أو مماتهم كثيرة منها توسل الشافعي بأبي حنيفة النعمان رضي الله عنهما فقد روى الخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد الجزء الأول ما نصه: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن علي بن محمد الصيمري قال: أنبأنا عمر بن إبراهيم المقري قال: نبأنا مُكْرَم بن أحمد قال: نبأنا عمر ابن اسحق بن إبراهيم قال: نبأنا علي ابن ميمون قال سمعتُ الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يوم ـ يعني زائرا ـ فإذا عرضَت لي حاجة صليتُ ركعتين وجئتُ إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تُقضى.

ومنها ما رواه ابن سعد في الطبقات الجزء السابع ما نصه: يزيدُ بن الأسود الجُرشي: أُخبرتُ عن أبي اليمان عن صفوان بن عمر عن سليم بن عامر الخبائري أن السماء قَحِطَت فخرج معاوية بن أبي سفيان وأهل دمشق يستسقون فلما قعد معاوية على المنبر قال أين يزيدُ بن الأسود الجرشي؟ قال: فناداه الناس فأقبل يتخطى فأمره معاوية فصعد المنبر فقعد عند رجليه فقال معاوية: اللهم إنا نستشفع إليك اليوم بخيرنا وأفضلنا، اللهم إنا نستشفع إليك بيزيد بن الأسود الجرشي، يا يزيد ارفع يديك إلى الله، فرفع يزيد يديه ورفع الناس أيديهم فما كان أوشك أن ثارت سحابة من المغرب وهبّت لها ريح فسُقينا حتى كاد الناس لا يَصِلون إلى منازلهم. اهـ

قال الحافظ ابن حجر في التلخيص: إن معاوية استسقى بـيزيد بن الأسود أخرجه أبو زرعة الدمشقي في تاريخه بسند صحيح ورواه أبو قاسم اللالكائي في كتاب السنة في باب كرامات الأولياء منه: وروى ابن بشكوال من طريق ضمرة عن ابن أبي حلمة قال: أصاب الناس قحط بدمشق فخرج الضحاك بن قيس يستسقي فقال: أين يزيد بن الأسود فقام وعليه برنس ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: أي رب إن عبادك تقربوا بي إليك فاسقهم قال فما انصرفوا إلا وهم يخوضون في الماء. وروى أحمد في الزهد أن نحو ذلك لمعاوية مع أبي مسلم الخولاني. اهـ

فكان توسل كل من الضحاك ومعاوية بيزيد بن الأسود الجرشي وعمر بالعباس بمحضر من الصاحبة والتابعين فلم يُنكر عليهم أحد فعلم من ذلك أن الوسيلة المطلوبة في الآية الكريمة {وابتغوا إليه الوسيلة} شاملة للذوات والأعمال لأن الوسيلة كل ما يتوسل به أي يتقرب به إلى الله من قرابة أو صنيعة فلو كان التوسل بذوات الصالحين شركا كما يزعم المنكرون لأنكر الصحابة والتابعون فعل عمر بتوسله بالعباس وفعل معاوية والضحاك، وهذا في الحقيقة إجماع من الصحابة ومن بعدهم على جواز التوسل بذوات الصالحين لأن ما رءاه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن كما قال عبدُ الله بنُ مسعود، وقال الغزالي: من يُستمد به في حياته يُستمد به بعد مماته.

وقال الإمام النووي في كتابه الأذكار باب الأذكار في الاستسقاء ما نصه: ويستحب إذا كان فيهم رجل مشهور بالصلاح أن يستسقوا به فيقولوا: اللهم إنـا نستسقي ونتشَفَّعُ إليك بعبدك فلان.

وكذلك توسَلَ الشافعي بأهل البيت النبوي كما نقل ذلك ابن حجر كما في الصواعق المحرقة ونصه قال الشافعي: ءال النبي ذريعتي وهم إليه وسيلتي أرجو بهم أعطى غدا بيد اليمين صحيفتي. اهـ

قال ابن الحاج المالكي المعروف بإنكاره الشديد للبدع في كتابه المدخل الجزء الأول ما نصه :
وأما عظيم جناب الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فيأتي إليهم الزائر، إلى أن قال: ثم يصلي عليهم ويترضى عن أصحابهم ثم يترحم على التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين ثم يتوسل إلى الله تعالى بهم في قضاء مآربه ومغفرة ذنوبه ويستغيث بهم ويطلب حوائجه منهم ويجزم بالإجابة ببركتهم ويقوي حسن ظنه في ذلك فإنهم باب الله المفتوح وجرت سنته سبحانه وتعالى في قضاء الحوائج على أيديهم وبسببهم ومن عجز الوصول إليهم فليرسل بالسلام عليهم ويذكر ما يحتاج إليه من حوائجه ومغفرة ذنوبه وستر عيوبه إلى غير ذلك فإنهم السادة الكرام والكرام لا يردون من سألهم ولا من توسل بهم ولا من قصدهم ولا من لجأ إليهم.

ثم قال في الصفحة التي تليها ما نصه: فالتوسل به عليه الصلاة والسلام هو محل حط أحمال الأوزار وأثقال الذنوب والخطايا لأن بركة شفاعته عليه الصلاة والسلام وعظمها عند ربه لا يتعاظمها ذنب إذ أنها أعظم من الجميع فليستبشر من زاره ويلجأ إلى الله تعالى بشفاعة نبيه عليه الصلاة والسلام من لم يزره، اللهم لا تحرمنا شفاعته بحرمته عندك ءامين يا رب العالمين ومن اعتقد خلاف هذا فهو المحروم ألم يسمع قول الله عز وجل {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءُوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما} [سورة النساء 64] فمن جاء ووقف ببابه وتوسل به وجد الله توابا رحيما لأن الله عز وجل منـزه عن خُلفِ الميعاد وقد وعد سبحانه وتعالى بالتوبة لمن جاءه ووقف ببابه وسأله واستغفر ربه فهذا لا يشك فيه ولا يرتاب إلا جاحد للدين معاند لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم نعوذ بالله من الحرمان. اهـ كلام ابن الحاج.

قال النووي في المجموع 8-274: قال ومن أحسن ما يقول ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له قال: كنت جالسا عند قبر رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فجاء أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول سمعت الله يقول (ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما) وقد جئتك مستغفرا من ذنبي مستشفعا بك الى ربي….الخ كلام النووي رحمه الله، وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره وقبله القرطبي في تفسيره والحافظ السخاوي في القول البديع وغيرهم قصة العتبي، قال القرطبي روى أبو صادق عن علي قال: قدم علينا أعرابي بعد ما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، فرمى بنفسه على قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحثا على رأسه من ترابه، فقال قلت يا رسول الله فسمعنا قولك ووعيت عن الله فوعينا عنك، وكان فيما أنزل الله عليك، ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم….الاية وقد ظلمت نفسي وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر أنه قد غفر لك، لوجدوا الله توابا رحيما، أي قابلا لتوبتهم، وهما مفعولان لا غير. النساء 64.

قلت لا جرم أن هؤلاء الحفاظ والعلماء انما ذكروا هذه القصة في كتبهم في محل الاستشهاد وليس الانكار وما ذاك الا لاعتقادهم صحة التوسل والاستشفاع به صلى الله عليه وسلم وهم يميزون بين الشرك والايمان والتوسل بلا شك و الذي هو حق ومحل اتفاق وهذا الذي ذكرته بين واضح جلي لا يمتري فيه اثنان من العقلاء وأصحاب الافهام السليمة، وحجتنا تنصيصها في محل الاشتشهاد من غير نكير، وتناقلها العلماء والحفاظ للشاهد المطلوب، وهل يستحسنون الشرك يحيث لا يعلمون الحق من الباطل؟ والاعتقاد فيهم أنهم أهل الحق والعلم والمعرفة والصدق والامانة والعدل والثقة وهذا مما يعترف به الخصم ويقرون هؤلاء المحرفة أصحاب العقول السقيمة بفضلهم وعلمهم، ولكن التقليد لمشايخهم أعماهم وأصمهم عن الحق والحقيقة، والله المستعان.

وفي كتاب كشاف القناع لمنصور بن يونس البهوتي الحنبلي المتوفـى سنة 1051هـ الجزء الثاني ما نصه: وقال السامري وصاحب التلخيص لا بأس بالتوسل للاستسقاء بالشيوخ والعلماء المتقين، وقال في المذهَّب: يجوز أن يُستشفعَ إلى الله برجل صالح وقيل يُستحب، قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمِروَذي: إنه يتوسّلُ بالنبي في دعائه وجزم به في المستوعب وغيره، ثم قال: قال إبراهيم الحربي: الدعاء عند قبر معروف الكرخي الترياق المجرب. اهـ

وفي كتاب الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل للشيخ علاء الدين المرداوي الحنبلي المتوفى سنة 885هـ ما نصه: يجوز التوسل بالرجل الصالح على الصحيح من المذهب وقيل يستحب. اهـ

وفي الكتاب نفسه ما نصه: وقال ابن مفلح الحنبلي شمس الدين بن مفلح وهو من أخص تلاميذ ابن تيمية في الفروع ما نصه: ويجوز التوسل بصالح وقيل يستحب. اهـ

وفي كتاب الوفـا بأحوال المصطفى للحافظ الإمام أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي المتوفى سنة 597هـ ما نصه: عن أبي بكر المنقري قال: كنتُ أنا والطبراني وأبو الشيخ في حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا على حالة فأثّر فينا الجوع فواصلنا ذلك اليوم فلما كان وقت العَشاء حضرتُ قبرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت: يا رسول الله الجوع الجوع!! وانصرفتُ فقال لي أبو الشيخ: اجلس فإما أن يكون الرزق أو الموت. قال أبو بكر: فنمتُ أنا وأبو الشيخ، والطبراني جالس ينظرُ في شىء فحضر بالباب علَويٌ فدقَّ الباب فإذا غلامان مع كل واحد منهما زنبيل كبير فيه شىء كثير فجلسنا وأكلنا وظننا أن الباقي يأخذه الغلام فولّى وترك عندنا الباقي فلما فرغنا من الطعام قال العلوي: يا قوم أشكوتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فإني رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فأمرني بحمل شىء إليكم. اهـ

ففي هذه القصة أن هؤلاء الأكابر رأوا الاستغاثة بالرسول أمرا جائزا حسنا وهذه القصة نقلها عدد غفير من العلماء في مؤلفاتهم من حنابلة وغيرهم فهؤلاء العلماء في نظر المسلمين من أجلاء الموحدين وأما في نظر نفاة التوسل أتباع اليهود في عقيدة التجسيم قد أشركوا على زعمهم، فماذا يقول هؤلاء عن أمثال هذه الحادثة التي لو تتبعت وجمعت لجاءت مجلدا واسعا.

وقال الإمام علي بن عقيل الذي هو أحد أركان الحنابلة المتوفى سنة 503 هـ في كتابه التذكرة وهو مخطوط في ظاهرية دمشق ما نصه: ويُستـحبُ له قدوم مدينة الرسول صلوات الله وسلامه عليه فيأتي مسجده فيقول عند دخوله: بسم الله، اللهم صلّ على محمد وءال محمد وافتح لي أبواب رحمتك…اللهم إني أتوجه إليك بنبيك صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يـا رسول الله إني أتوجه بك إلى ربي ليغفر لي ذنوبي، اللهم إني أسألك بحقه أن تغفر لي ذنوبي. اهـ

ففي هذا التوسل الذي أورده ركن الحنابلة في وقته ابن عقيل وكذلك ما أورده الإمام ابن الجوزي دليل ظاهر ظهور الشمس في رابعة النهار على أن الحنابلة وغيرهم كانوا يرون التوسل أمر مشروع حتى جاء ابن تيمية فحرم التوسل بل ورمى من يفعله بالشرك، فابن عقيل وابن الجوزي توفيا قبل أن يولد ابن تيمية بسنين طوال.

وقد قال شيخ الحنابلة في وقته الحسن بن إبراهيم المعروف بأبي علي الخلال ما نصه: ما همني أمر فقصدتُ قبر موسى بن جعفر يعني الكاظم فتوسلتُ به إلا سَهلَ الله لي ما أحبُ. رواه الإمام الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.

قال الشيخ كمال الدين محمد بن عبد الواحد في كتابه فتح القدير ما نصه: المقصد الثالث في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم: قال مشايخنا رحمهم الله تعالى: من أفضل المندوبات…إلى أن قال: ثم يأتي القبر الشريف فيستقبل جداره ويستدبر القبلة على نحو أربعة أذرع، ثم قال: ويسأل الله تعالى حاجته متوسلا إلى الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام ثم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم الشفاعة فيقول: يـا رسول الله أسألك الشفاعة وأتوسل بك إلى الله تعالى في أن أموت مسلما. اهـ

وقال الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين في باب زيارة المدينة وءادابـها ما نصه: يقول الزائر: اللهم قصدنـا نبيك مستشفعين به إليك في ذنوبنا….ثم قال في ءاخره: ونسألك بمنـزلته عندك وحقه إليك. اهـ

ومن العبر التي يعتبر بها مَن فتح الله قلبه ما ذكره الشيخ تقي الدين الحصني في كتابه دفع شبه من شبه وتمرد ما نصه: وذكر ابن عساكر في تاريخه أن أبـا القاسم بن ثابت البغدادي رأى رجلا بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم أذّنَ عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال فيه: الصلاة خير من النوم، فجاءه خادم من خدم المسجد فلطمه حين سمع ذلك منه، فبكى واستغاث بالنبي صلى الله عليه وسلم وقال: يـا رسول الله في حضرتك يُفعل بي هذا، قال: فضربه الفالج في الحال أي الخادم، وحمل إلى داره فمكث ثلاثة أيام ثم مات. اهـ وفي القصة دليل على أن محدث الدنيا في وقته ابن عساكر كان على جواز التوسل وكان قبل ابن تيمية.

وكذلك ما رواه الحافظ ابن حجر في الإصابة في ترجمة الصحابي الشهير عبدُ الرحمنِ بنُ ربيعة الباهلي الملقب بذي النور قال ما نصه: استشهد بلنجر من أرض الترك ناحية باب الأبواب ودفن هناك فهم يستسقون به إلى الآن. اهـ

وقال موفق الدين ابن قدامة المقدسي الحنبلي المتوفى سنة 620هـ في كتابه المغني ما نصه: ويستـحب أن يستسقي بمن ظهر صلاحه لأنه أقرب إلى إجابة الدعاء فإن عمر رضي الله عنه استسقى بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ

وفي كتاب إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين الجزء العاشر ما نصه: وكان صفوان بن سُليم المدني أبو عبد الله وقيل أبو الحارث القرشي الزهري الفقيه العابد وأبوه سُليم مولى حميد بن عبد الرحمن بن عوف قال أحمد أي ابن حنبل: هو يُستسقى بحديثه وينـزل القطر من السماء بذكره، وقال مرة: هو ثقة من خيار عباد الله الصالحين، قال الواقدي وغيره مات سنة مائة واثنين وثلاثين عن اثنتين وسبعين سنة. اهـ وكذا رواه الحافظ السيوطي في طبقات الحفاظ فقال: وذُكر أي صفوان بن سليم عند أحمد فقال: هذا رجل يُستشفى بحديثه وينـزل القطر من السماء بذكره. اهـ

وفي كتاب الجامع في العلل ومعرفة الرجال للإمام أحمد بن حنبل ج1 روى عبدُ الله بنُ أحمد بن حنبل ما نصه: قال أبي قال ابن عيينة: رجلان صالحان يُستسقى بهما: ابن عجلان ويزيد بن يزيد بن جابر.اهـ

فالإمام أحمد ابن حنبل المتوفى سنة 241هـ لم يقل إنه يستسقى بدعائه كما زعم ابن تيمية أن التوسل بدعاء الشخص لا بذاته ولا بذكره، بل جعل الإمام أحمد ذكر صفوان سببا لنـزول المطر فمن أين تحريم ابن تيمية للتوسل بالذوات الفاضلة؟ فـتبـين من مجموع ما ذكرناه من الروايات من التوسل بذوات الصالحين تحريف ابن تيمية للتوسل بالذوات الفاضلة. فقد أثبت الشوكاني كذلك التوسل بذوي أهل الصلاح في كتابه نيل الأوطار حيث ترجم الباب، باب الاستسقاء بذوي الصلاح فساق حديث استسقاء عمر بالعباس رضي الله عنهما، وقال الشوكاني في كتابه تحفة الذاكرين (قوله ويتوسل الى الله بأنبيائه والصالحين) أقول ومن التوسل بالانبياء ما أخرجه الترمذي) بعد ان عقد بابا سماه (وجه التوسل بالانبياء وبالصالحين)، وصرح الشوكاني في (باب صلاة الضر والحاجة) قال ما نصه، وفي الحديث دليل على جواز التوسل برسول الله صلى الله عليه وسلم الى الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالى).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *