بَابُ مَا جَاءَ فِى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ
بَابُ مَا جَاءَ فِى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ
1 سبتمبر 2023
شبهة أن مولد الرَّسول هو يوم وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم وشبهة أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت
شبهة أن مولد الرَّسول هو يوم وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم وشبهة أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت
29 سبتمبر 2023
بَابُ مَا جَاءَ فِى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ
بَابُ مَا جَاءَ فِى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ
1 سبتمبر 2023
شبهة أن مولد الرَّسول هو يوم وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم وشبهة أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت
شبهة أن مولد الرَّسول هو يوم وفاته صلَّى الله عليه وسلَّم وشبهة أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم غير ثابت
29 سبتمبر 2023

رد دعوى احتجاج المنكرين لمشروعية عمل المولد النبوي بكلام الإمام الشاطبي

رد دعوى احتجاج المنكرين لمشروعية عمل المولد النبوي بكلام الإمام الشاطبي

رد بعض الشبه حول المولد النبوي الشريف
رد دعوى احتجاج المنكرين لمشروعية عمل المولد النبوي بكلام الإمام الشاطبي

ينشر بعض المنكرين لمشروعية المولد النبوي كلاما للإمام أبـي إسحاق إبراهيـم بن موسـى بن محمد اللخمـي الغرناطـي المالكــي الأشعري المتوفى سنة 790 هـجري ويطلقونه بدعوى تحريم المولد، والتحقيق أنها مقيدة باحتفال معهود، وذلك في قوله الوصف المعهود.

قال الإمام الشاطبي في فتاويه، المسألة الخمسون، صحيفة 203 ما نصه (الأولى، وهي الوصية بالثلث لِيُوقَف على إقامة ليلـة مـولد النبــي صلى الله عليه وسلـم، فمعلــوم أن إقامـة ليلـة المـولد على الوصف المعهود بين الناس بدعة محدثة، وكل بدعة ضلالة، فالإنفاق علــى إقامــة البدعــة لا يجوز، والوصية به غير نافذة، بل يجب على القاضي فسخه، ورد الثلث إلـى الورثــة يقتسمونـه فيما بينهـم). انتهى

وقد بيّن الشيخ البناني ماهية الوصف المعهود الممنوع بين الناس في زمنهم، فقال (عَلَى الْوَجْـــــهِ الَّذِى يَقَــــــــعُ فِى هَذِهِ الأَزْمِنَــــــــةِ مِنْ اخْتِلاطِ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ، وَالنَّظَرِ لِلْمُحَرَّمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْمُنْكَرِ) انتهى من حاشية الدسوقي على الكبير.
وعليه فإن خلت الموالد من المحرمات والبدع المذمومة وما يقوم به بعض المنتسبين للتصوف فلا شك أنها داخلة تحت حكم المباح وفق قواعد المذهب ومنها سد الذرائع، وأما في ما يتعلق بمفهوم البدعة فقد ردُّ الشَّيْخ محمَّد الطَّاهر ابن عَاشُور على مَنْحَى العلاَّمة الشَّاطِبِي ومن تبعه في مسألة البِدْعة، فقد جاء في فَتَاوى الشَّيْخ الإمَام محمَّد الطَّاهر ابن عَاشُور، صحيفة 112 – 115، جمع وتحقيق د. محمَّد بن إبراهيم بُوزغيبة، مركز جمعة الـماجد للثَّقافة والتُّراث دبي، ما نصه (قال الشَّيْخ الإمَام محمَّد الطَّاهر ابن عَاشُور صَرَّح عزُّ الدِّين بن عبد السَّلام في قواعده بأنَّ البدعة تَعتَريها الأحكام الـخمسة وأجمَلَ الأمثلة وفصَّلَ ذلك شِهاب الدِّين القِرافِي في الفرق 251 من كتاب الفروق أقسام البدعة خمسة منها:

الأوَّل واجبٌ هو ما تَناولته أدلَّة الوجوب، كتدوين القرآن والشَّرائع إذا خيف عليها الضَّياع، فإنَّ التَّبليغ لـمن بعدنا من القرون واجبٌ إجمَاعًا.
الثَّاني مُحرَّمٌ وهو ما تناولته أدلَّة التَّحريم كالـمكوس والـمَظالِـم.
الثَّالث مندوبٌ وهو ما تناولته قواعد النَّدب كصلاة التَّراويح وإقامة صُوَر الأئمَّة والقُضاة على خلافِ ما كان عليه أمر الصَّحابة، بسبب أنَّ الـمصالح الشَّرعيَّة لا تحصل إلاَّ بِعَظمة الولاَّة في نفوس النَّاس، وكان النَّاس في زمن الصَّحابة مُعظم تَعظيمهم إنَّـما هو بالدِّين، ثمَّ حدثَ قرن لا يُعظِّمون إلاَّ بالصُّوَرِ.
الرَّابع بدعٌ مكروهة لتخصيص الأيَّام الفاضلة أو غيرها بنوعٍ من العبادات كالزِّيادة في الـمندوبات، مثل الزِّيادة في التَّسبيح عقِبَ الصَّلَوَاتِ على ثَلاَثَةٍ وثَلاثين والزِّيادة في زكاة الفطر على الصَّاعِ.
الـخامس البِدع الـمُباحة كاتِّخاذِ الـمناخل للدَّقيق، فالبدعة إذا عرضت تُعرضُ على قواعِدِ الشَّريعة وأدِلَّتها، فأيُّ تناولَها من الأدلَّة والقواعد أُلحقَت بهِ، وإن نُظِرَ إليهَا من حيثُ الـجُملةِ بالنَّظَرِ إلى كَونهَا بدعة مع قَطْعِ النَّظَرِ عـمَّا يَتَقَاضَاهَا كُرِهَت، وهو كلامٌ نَفيسٌ جَارٍ على القَوَاعِدِ ومُوَافِقٌ لـمذهبِ مالِكٍ، وقد سلَّمَه ابن الشَّاطِ (723 هـ / 1323م) وغيره.
ومِنَ العَجَبِ مُحَاوَلَة الشَّاطِبِي في كِتَاب الاِعْتِصَام أنْ يَنْقُضَهُ بِتَطْوِيلٍ لاَ طَائِلَ تَحْتَهُ، ولاَ تُوَافِقُهُ نُصُوص أئِمَّة الـمَذهَبِ ولاَ مَدَاركِهُ، وقَدْ حَاوَلَ أن يُبَيِّن فَرقًا بَيْنَ مَا أَدْخَلَهُ القرَافِي مِنَ البِدَعِ فِي حُكْمِ الوَاجِبِ والـمَنْدُوبِ والـمُبَاحِ والـمَكْرُوهِ، فَحَاوَل عَسَفًا وحَارَ اسْتْدْلاَلهُ فِيهَا خَلَفًا.
وَمِنَ العَجِيبِ أَنِّي رَأَيتُ مَنْ يُعَوِّلُ على كَلَام الشَّاطِبِي، وَ يَرُدُّ بِهِ عَلَى كَلاَم القرَافِي، وهذا مَنْعٌ بِاليَدِ وهَلاَّ عَكَسَ أَوْ تَوقَّفَ؟!.
ثُمَّ إنَّ كَلاَم القرَافِي صَرِيحٌ فِي أنَّ الكَرَاهَة تُوصَفُ بِهَا البِدْعَة فِي العِبَادَة كَمَا مَثَّلَ بِهِ القرَافِي، وَكَمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ رَضيَ الله عنْهُ مِنِ قِرَاءةِ القُرْآن على الـمَيِّتِ، فَمِنَ العَجَبِ أَنْ يَزْعُمَ أَبُو إِسْحَاقٍ الشَّاطِبِي أنَّ البِدْعَة فِي العِبَادَةِ لاَ تُوصَفُ بِالكَرَاهَةِ، وأنَّ مُرَادَ مَالِكٍ بالكَرَاهَةِ هُنَا الـحُرْمَة، فَيُخَالِفَ أَصْحَابَ مَالِكٍ وأَئِمَّةَ مَذْهَبِه قَاطِبَةً.
واعْلَم أنَّ أَبَا إِسْحَاق الشَّاطِبِي أَلَّفَ كِتَابَ الاِعْتِصَام فِي البِدَعِ، وَحَصَرَ البِدْعَةَ فِي إِحْدَاثِ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَن يَرْسَـمَهُ الشَّارِعُ للتَّعَبُّدِ، وكَانَ رَائِدَه فِي ذلكَ أنَّهُ يُحَاوِل حَمْلَ حَدِيثِ (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) علَى ظَاهِر عُمُومِهِ، لِيَحْصُرَ مُسَمَّى البِدْعَة فِيمَا هُو حَرَامٌ، لِيَصحَّ الـحُكْم عَلَيْهِ بِأنَّهُ ضَلاَلَة، ويُرِيدُ التَّفَصِّي مِنْ حَمْلِ لَفْظ البِدْعَة عَلَى أَصْلِ مَعْنَاهُ، وهو مَا حَدَثَ بَعْدَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَيْثُ لَـمْ يَـجِدْ مَحِيصًا مِنَ الاِعْتِرَاف بِأنَّ الـحَادِثَات بَعْدَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وسَلَّمَ تَعْتَرِيهَا الأَحْكَام الـخَمْسَة!، فَلاَ يَصِحُّ الـحُكْم عَلَى عُمُومِهَا بِأَنَّهَا ضَلاَلَة!، فَخَصَّ لَفْظ البِدْعَة بِالـمُحْدَثِ فِي العِبَادَةِ، وهُوَ مَنْعٌ بِالْيَدِ، وَمِنْ هُنَالِكَ تَرَقَّى إلى الـجَزْمِ بِأَنَّ حُكْمَ هَذَا النَّوْعِ التَّحْرِيم، وأَخَذَ يُرَتِّبُهَا فِي دَرَكَاتِ العِصْيَانِ! وهِيَ طَرِيقَةٌ غَرِيبَةٌ لَـمْ يَقُل بِهَا أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّة الـمَذْهَبِ!، وأَرَاهُ لاَ مَلْجَأَ لَهُ مِنْ أَحَد الأَمْرَيْنِ:
* إِمَّا الاِعْتِرَاف بِأَنَّ بَعْض البِدَعِ دَاخِلٌ تَحْتَ الـمَأْذُون فِيهِ مِنَ وَاجِبٍ ومَنْدُوبٍ ومُبَاحٍ، أَو تَحْتَ الـمَنْهِيّ عنهُ نَهْيًا غير جَازِمٍ، وهو الـمَكْرُوه كَمَا هو مُقْتَضَى اللُّغَة، وكمَا ورَدَ فِي كَلاَمِ بَعض السَّلَفِ ومُصْطَلَحِ الـجُمهُور الذي جَرى عَلَيْهِ مَالِكٌ وأَصْحَابهُ، وأَفْصَحَ عَنْهُ كَلاَم ابن العَرَبِي والغزَالِي وعزُّ الدِّين بن عَبد السَّلام والقرَافِي، وتِلكَ غَيْر دَاخِلَةٍ تَحْتَ عُمُوم الأَحَادِيث القَائِلَة إِنَّ كلّ بِدْعَةٍ ضَلاَلةٌ، فَلَزِمَ تَخْصِيص هَذِه الأَحَادِيث.

*وَإِمَّا إِبَايَة ذلكَ بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ اَسْمَ البِدْعَة لاَ يُطْلَقُ شَرْعًا إلاَّ عَلَى الـمُحْدَثِ فِي العِبَادَةِ، ولاَ يُطْلَقُ عَلَى كلّ مُحْدَثٍ ولاَ عَلَى كلّ مُحْدَثٍ يَتَعَلَّقُ بالدِّينِ، فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ مِنَ البِدْعَة مَا حَدَثَ مِنَ العَقَائِدِ الضَّالَّةِ والـمُعَامَلاَتِ البَاطِلَةِ كَالطَّلاَقِ البِدْعِيِّ!، فَلاَ يَحْصُل الـمَقْصُودُ مِنْ بَقَاءِ حَدِيثِ (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) عَلَى عُمُومِهِ!، ويَلْزَمُهُ القَوْل إنَّ لَفْظَ (البِدْعَة) صَارَ مِنَ الـمَنْقُولاَتِ الشَّرْعِيَّة!، والنَّقْل خِلاَف الأَصْل، والتَّخْصِيص أَوْلَى مِنَ النَّقْلِ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الأُصُولِ، ويَتَطَرَّق الاِحْتِمَال إِلَى الإِطْلاَقَاتِ فَيَسْقُط الاِسْتِدْلاَل بِكَثِيرٍ مِنْ تِلْك الشَّوَاهِد التِي جَلَبَهَا مِنْ كَلاَمِ السَّلَفِ، ثُـمَّ دَعْوَاهُ أَنَّ الـمُحْدَثَ فِي العِبَادَةِ لاَ يَكُونُ إلاَّ حَرَامًا كَلاَمٌ لاَ يَسْتَقِيم إلاَّ إذَا حَمَلَهُ عَلَى إِحْداثِ أَجْنَاس العِبَادَاتِ، أَمَّا إِحْدَاثُ مَوَاقِيتَ أوْ أَحْوَال أَوْ اِلْتِزَام أَسْبَابٍ فَلاَ يُسَبّب لَهُ التَّحْرِيم.
وإنَّ أَقْصَى أَقْوَال الـمُشَدِّدِينَ فِيهِ مِثْلَ مَالِكٍ رَضِي الله عنه هو الكَرَاهَة، وعَلَى تَسْلِيم هَذا صَارَ الـخِلاَف فِي مُسمَّى اللَّفْظِ، ويَلْزَمُهُ أَنْ يَكُون إِطْلاَقُ اِسم البِدْعَة عَلَى غَيْر ذَلِكَ إِطْلاَقًا مَجَازِيًّا!، ويَتَطَرَّقُ الاِحْتِمَال إِلى الاِطْلاَقَاتِ!، فَيَسْقُط الاِسْتِدْلاَل بِكَثِيرٍ مِنْ تِلْك الشَّوَاهِد التي جَلَبَهَا مِنْ كَلاَمِ السَّلَفِ فِي لَفْظِ البِدْعَة بِأنَّهُم أَرَادُوا بِهَا الـمَعْنَى الـمَجَازِي!، عَلى أَنَّ صَنِيعَهُ وإِنْ اِنْتَفَعَ بِهِ حَديث (كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ) لاَ يَنْفَعهُ فِي حَدِيث (كُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ) إلاَّ إِذَا لَجَأَ إِلَى تَخْصِيصِ العُمُوم بِصِنْفٍ مِنَ الـمُحْدَثَاتِ، وقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ تَجَنَّبَ التَّخْصِيصَ فِي نَظِيرِهِ!، وبِهَذَا الاِلْتِجَاء تَنْحَلُّ عُرَى كِتَابه!.
فَهَذَا إِقْلِيد الدُّخُول إِلَى مَبَاحث البِدْعَةِ، فَسدَّ بِهِ يَداً، ولاَ تَكُن كَالَّذِين أَصْبَحُوا فِيهِ طَرَائِقَ قِدَداً.
كتَبَهُ الشَّيخ محمَّد الطَّاهر ابن عَاشُور في 17 صفر 1355هـ /19 ماي 1936م. انتهى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *