أنوار فريضة الحج المباركة
7 أكتوبر 2018الأيام المعلومات وفضل يوم عرفة
8 أكتوبر 2018مُقَارَنَةٌ عِلْمِيَّةٌ فيهَا بَيَانُ أَنَّ أَدعياء السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَان-4
مُقَارَنَةٌ عِلْمِيَّةٌ فيهَا بَيَانُ أَنَّ أَدعياء السَّلَفِيَّةِ نُفَاةَ التَّوَسُّلِ انْتِسَابُهُمْ لِمَذْهَبِ أَحْمَدَ زُورٌ وَبُهْتَان-4
الجزء الرابع:
أحمدُ بنُ حنبلٍ يرى الطَّلاقَ الثَّلاثَ بلفظٍ واحدٍ ثلاثًا أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ يَرَوْنَهُ لا َشَىْءَ أَوْ يَعْتَبِرُونَهُ طَلاقًا وَاحِدًا اتِّبَاعًا لابْنِ تَيْمِيَةَ في هَذَا،
فقَدْ تَرَكُوا مَذْهَبَ أَحْمَدَ الْمُوَافِقَ لِلإجْمَاعِ وَلَحِقُوا بِقَوْلِ ابْنِ تَيْمِيَةَ الشَّاذِّ الَّذِي مَا أَنْزَلَ اللهُ بِهِ مِنْ سُلْطَان.
أحمدُ بنُ حنبلٍ يَعْتَبِرُ مَنْ حَلَفَ بِرَسُولِ اللهِ فَحَنِثَ أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً كَمَا أنَّ الَّذِي يَحْلِفُ بالله ثُم يَحْنَثُ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَيَجْعَلُونَ الْحَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ شِرْكًا مُطلقًا كالّذِي يَحْلِفُ بِغَيْرِ اللهِ وهوَ يُعظّمُهُ كتعظيمِ اللهِ اتِّبَاعًا لابْنِ تَيْمِيَةَ، وَقَوْلُهُ هَذَا مَرْدُودٌ أَنَّ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ) معْنَاهُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ مُعَظِّمًا لَهُ كَتَعْظِيمِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ، هَذَا الَّذِي يَصْدُقُ عَلَيْهِ حَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ (مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ).
أمَّا الشَّافِعِيُّ فَقَدْ قَالَ عَنِ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ (أَخْشَى أَنْ يَكُونَ مَعْصِيَةً) معْنَاهُ مَكْرُوهٌ كَرَاهة شَدِيدَة، لذَلِكَ في مَذْهَبِهِ الَّذِي يَحْلِفُ بِغَيرِ اللهِ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ الوَجْهِ لَيْسَ حَرَامًا فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ إِشْرَاكًا.
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لا يُحَرِّمُ إسْبَالَ الثَّوْبِ أَسْفَلَ الكَعْبيْن لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَلا خُيُلاءَ، قالَ الإمامُ الْمَرْدَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في الإنْصَافِ (يُكْرَهُ زَيادَتُهُ إِلى تَحْتِ كَعْبيْهِ بِلا حَاجَةٍ عَلَى الصَّحيْح مِنَ الرِّوَايَتَيْنِ). اهـ
أمَّا الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ حُرْمةُ ذلكَ مُطْلَقًا، وَهُمْ بِذَلِكَ قَدْ خَالَفُوا الْمَذْهَبَ بلْ حَتَّى إِمَامَهُمْ ابْنَ تيْميّةَ الضَّالَّ اخْتَارَ عَدَمَ تَحْرِيْمِهِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَرَاهَةٍ وَلا عَدَمِهَا كَمَا رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ ابْنُ مُفْلِحٍ الْمَقْدِسِيُّ في كِتَابِهِ الآدابُ الشَّرعيةُ (4/171).
أحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ لا يُحَرِّمُ شَدَّ الرِّحَالِ إِلى قَبْرِ النَّبِيِّ بَلْ يَعْتَبِرُهُ أَمْرًا مُسْتحَبًّا خلافًا لِلْمُجَسِّمَةِ أَدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ الَّذِينَ يَعْتَبِرُونَهُ مَعْصِيَةً بَلْ وَشِرْكًا إِنْ كَانَ لِلتَّبَرُّكِ اتِّبَاعًا لِشَيْخِهِمُ ابن تَيْمِيَةَ في هَذَا.
فقَدْ أَجْمَعَ فُقَهَاءُ الْحَنَابِلَةِ قَاطبَةً عَلَى أَنَّ مَنْ فرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ الْحَبيْبِ عَلَيْهِ أفْضَلُ الصَّلاةِ وَالتَّسْلِيم، أيْ يَشُدُّ رِحَالَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلى الْمَدِيْنةِ وَهِيَ مَسَافةُ قَصْرٍ قَاصِدًا زيَارةَ قبْرِ الْحَبيبِ محمّد.
قالَ ابْنُ قُدَامةَ في الْمُقْنِعِ (ص/35) (فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبيِّ وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا). اهـ
قالَ الإمَامُ الْمَرْدَاويُّ مُعَلِّقًا عَلَى هَذِهِ العِبَارَةِ كَمَا في الإنْصَافِ (4/53) (هَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الأَصْحَابُ قَاطِبَةً مُتَقَدِّمُهُمْ ومُتَأَخِّرُهُمْ). اهـ
وقَالَ في الكافي (1/499) (وَيُسْتَحَبُّ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبيِ وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا لِمَا رُوِيَ أَنَّ النَّبيَّ عليه السّلام قَالَ (مَنْ زَارَني أَوْ زَارَ قَبْرِي كُنْتُ لَهُ شَفيْعًا أَوْ شَهيْدًا) رواه أبو داودَ الطَّيالسيُّ). اهـ
بعْدَ هَذِهِ النُّقُولِ مِنْ مَشَاهِيرِ الْمَذْهَبِ الْحَنْبَلِيِّ مَاذَا يَقُولُ الْمُجَسِّمَةُ أدْعِياءُ السَّلَفِيَّةِ في تَحْرِيْمِهِمْ لِمَا هُوَ مُسْتَحَبٌّ بِإجْمَاعِ الْحَنَابِلَةِ بَلْ وَبِإجْمَاعِ الْمُسْلِمين؟!
الإِمَامُ أَحْمَدُ لا يَعْتَبِرُ الطَّوافَ بِالقبُورِ شِرْكًا إِنَّمَا يَعْتَبِرَهُ مَعْصِيَةً فَقَطْ فَقَدْ قَالَ الإمَامُ البُهُوتِيُّ في شَرْحِ الْمُنتَهَى (2/581) (وَيَحْرُمُ الطَّوَافُ بها [أيِ الحُجْرةِ النبويّةِ] بل وَبِغَيْرِ البَيْتِ العَتِيقِ اتِّفَاقًا. اهـ
أمَّا الْمُجَسِّمَةُ أَدْعِيَاءُ السَّلَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يُعْتَبرُونَهُ كُفْرًا مُخْرِجًا مِنَ الْمِلَّةِ.
في نهاية هذا البحث المهم العظيم النفع نختم فنقول:
يقَالُ لِلْمُجَسِّمَةِ أدْعِيَاءِ السَّلَفِيَّةِ:
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ كان منزّها لله، ويعتقد أنّ الله منزّه عن المكان والجهة والنّزول والصعود الحقيقيّين، ونقل عنه صاحب الخصال من الحنابلة تكفير المجسّمة.
وكان يَرَى الطَّلاقَ الثّلاثَ بِقَوْلٍ وَاحِدٍ ثَلاثً،
ويُقرُّ بِكِتَابَةِ الْحُرُوزِ وَتَعْلِيقِهَا بَلْ وَكَانَ يَكْتُبُهَا بِنَفْسِهِ،
وَيُثْبِتُ الإجْمَاعَ،
وَيُجِيزُ التَّوَسُّلَ،
وَيَحُثُّ عَلَى التَّبَرُّكِ،
ويؤَوِّلُ مَا تَشَابَهَ مِنَ الآيَاتِ،
ويُنَزِّهُ اللهَ تعالى عَنِ الْجِسْمِ وَصِفَاتِ الْجِسْمِ.
أَمَّا أَنتُم يَا أَدْعِيَاءَ السَّلَفِيَّةِ وَيَا مُجَسِّمَةَ الْعَصْرِ تَعْتَبِرُونَ هَذَا كُلَّهُ ضَلالا، فكيفَ تَنْتَسِبُونَ إِلَيْهِ وأنتُم تُضَلِّلونَ مَنِ اعْتَقَدَ عَقِيدَتَهُ في التَّنْزِيهِ وتُكَفِّرُونَ مَنْ عَمِلَ بِقَوْلِهِ في التَّأوِيلِ وَتَسْتَحِلُّونَ دَمَهُ، لِقَوْلِ زَعِيمِكُمْ في كِتَابِهِ فَتْحُ الْمَجيدِ (مَنْ دَخَلَ في دَعْوَتِنَا فَلَهُ مَا لَنَا وَعَلَيْهِ مَا عَلَيْنَا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ في دَعْوَتِنَا فَهَوَ كَافِرٌ حَلالُ الدَّمِ). اهـ
فَإِذًا مَا انْتِسَابُكُم لأَحْمَدَ إِلا كَانْتِسَابِ النَّصَارَى لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلامُ.