المذهب الأشعري كان مذهبا معتمدا عند المرابطين ومما يدل على ذلك فتاوى ابن رشد الجد
11 يوليو 2023هَذَا نَصٌّ مِنْ إِمَامٍ عَارِفٍ فِي الْمَذْهَبِ يُؤَكِّد أَشْعَرِيَّة الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي
24 يوليو 2023الرد على خرافة التيمية حول عقيدة علماء الغرب الإسلامي
الرد على خرافة التيمية حول عقيدة علماء الغرب الإسلامي
افتراءات وجهالات الدكتور الوهابي فركوس
قَالَ الْدُّكْتُور الْوَهَّابِي فَرْكُوس فِي كَذِبِهِ الْـمَفْضُوح (فأين أدعياءُ المالكيَّة مِنْ مقالات مالكٍ رحمه الله وكبارِ أصحابه وأئمَّةِ السُّنَّة الفحول في ذمِّهم لطريقة أهل الكلام والجدل والفلسفة مِنَ الأشاعرة وغيرهم؟!)) (1)؟!.
الْتَّعْلِيق:
يُقَالُ لِهَذَا الْمُتَهَوِّك بَلْ كَانَ جَمَاعَة مِنْ كِبَارِ مُتَقَدِّمي عُلَمَاءِ الْسَّادَة الْـمَالِكِيَّةِ يَنْتَحِلُونَ عِلْم الْكَلَامِ لِلْدِّفَاعِ عَنْ حِيَاضِ عَقِيْدَة الْإِسْلَام، وَلَيْسَ الْأَمْر كَـمَا تُلَبِّس بِجَهْلِكَ الْفَاحِش؟!
وَيَتَوَجَّبُ هَا هُنَا الْتَّنْبِيه إِلَى أَنَّ كِبَار عُلَمَاء الْمَالِكِيَّة كَانُوا رُؤُوسًا يُشَارُ إِلَيْهَا بِالْبَنَانِ فِي تَوْظِيفِ عِلْمِ الْكَلَام الْسُّنِّي لِلذَّبِّ عَنْ عَقِيدَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَالَّتِي أَرْسَى قَوَاعِدهَا بَعْدُ الْسَّادَة الْأَشَاعِرَة وَالْـمَاتُرِيدِيَّةِ وَفُضَلَاءِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.
نَعَمْ، فَقَد عَقَد الْمُؤَرِّخُ الْأَدِيْبُ الْمُحَدِّثُ الْفَقِيْهُ أَبُو عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت361 هـ) بَابًا فِي كِتَابِهِ طَبَقَات عُلَمَاء إِفْرِيْقِيَّة عَنْوَنَهُ بِقَوْلِهِ (بَابُ تَسْمِيَة مَنِ انْتَحَلَ النَّظَرَ وَتَحَلَّى بِالْجَدَلِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَغَيْرِهِم مِنْ طَبَقَةِ الْعُلَمَاءِ بِالْقَيْرَوَانِ) (2) وَذَكَرَ مِنْهُم مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت 256 هـ) وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت 302 هـ) وَغَيْرهم.
قَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت361 هـ) فِي تَرْجَمَةِ مُحَمَّد بْن سَحْنُون (ت 256 هـ) مَا نَصُّهُ (وَمُحَمَّد بْن سَحْنُونٍ؛ كَانَتْ لَهُ أَوْضَاعٌ فِي الْمُنَاظَرَةِ فِي فِقْهِ الْفُقَهَاءِ [وَ] فِي كَلَامِ الْمُتَكَلِّميْنَ.
قَالَ لَهُ سُلَيْـمَانُ الْفَرَّاءُ الْمَعْرُوف بِابْنِ أَبِي عُصْفُورٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؛ اللهُ سَمَّى نَفْسَهُ؟ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَهُ نَعَمْ فَيُثْبِت عَلَيْهِ الاِقْرَار بِحُدُوثِ الْأَسْمَاءِ وَالْصِّفَاتِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ سَحْنُونٍ اللهُ سَـمَّى نَفْسَهُ لَنَا، وَلَمْ يَزَلْ وَلَهُ الْأَسْـمَاءُ الْحُسْنَى) (3).
وَقَوْل الْإِمَام (وَلَمْ يَزَلْ وَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى)) فِيْهِ تَقْرِيْرٌ لِأَصْلٍ عَظِيْمٍ فِي الْعَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ أَلَا وَهُوَ وُجُوب قِدَمِ الْصِّفَاتِ الْإِلَهيَّةِ الْوُجُودِيَّة وَاسْتِحَالَةِ الْحُدُوثِ عَلَيْهَا، وَهَذَا الْأَصْلُ السُّنِّي يُصَادِمُ بِالْكُلِّيَةِ الْعَقِيدَة التَّيْمِيَّة الْقَائِمَةِ عَلَى إِثْبَاتِ صِفَاتٍ حَادِثَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ الْإِلَهِيَّةِ، يُحْدِثُهَا رَبُّهُم فِي ذَاتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَمِنْهَا الاِسْتِوَاء أَيْ الْجُلُوس عَلَى الْعَرْش بَعْد خَلْقِ الْعَرْشِ، وَالنُّزُول وَالْمَجِيء بِمَعْنَى أَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ يُحَرِّكُ نَفْسَهُ فِي الْأَحْيَازِ، وَغَيْرهَا مِنْ عَقَائِدِهِم الْوَثَنِيَّةِ.
وَقَالَ سَعِيْد بْنُ الْحَدَّاد (ت 302 هـ) (جَالَسْتُ الْمُتَكَلِّمِيْنَ، وَكُلِّ مَنْ لَقَيْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْـمِ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْهُم أَصَحّ غَرِيْزَةً مِنْ سَحْنُونٍ، وَكَانَ وَقُوراً مَهِيْبًا) (4) وَهَذَا مَا يُؤَكِّد بِمَكَانٍ أَنَّ الْإِمَام مُحَمَّد بْن سَحْنُون كَانَ مِنْ كِبَارِ مُتَكلِّمَةِ أَهْل الْسُّنَّةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ (ت 361 هـ) فِي تَرْجَمَةِ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت 302هـ) (وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ كَانَ الْكَلَامُ وَالْجَدَلُ وَالْمُنَاظَرَةُ بَابَهُ، قَالَ لَهُ سُلَيْمَانُ الْفَرَّاءُ يَا أَبَا عُثْمَانَ أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا إِذْ لَا مَكَانَ؟ فَقَالَ لَهُ السُّؤَالُ مُحَالٌ لِأَنَّ قَوْلَكَ أَيْنَ كَانَ؟ يَقْتَضِي الْمَكَانَ وَقَوْلَكَ إِذْ لَا مَكَانَ يَنْفِي الْمَكَانَ فَهَذَا نَعَمْ، لَا!!!. قَالَ فَكَيْفَ كَانَ رَبُّنَا إِذْ لَا مَكَانَ؟ قَالَ لَهُ السُّؤَالُ صَحِيْحٌ ثُمَّ أَجَابَهُ بِجَوَابٍ لَمْ أَحْفَظْهُ عَنْ حَاكِيهِ) (5) وَقَدْ أَوْضَح الْجَوَاب أَحْمَد بْنُ مُحَمَّد الطَّلَمَنْكي (ت 429) فِي نُسْخَتِهِ عَلَى طَبَقَات الْخُشَنِيِّ، فَقَالَ (الْجَوَابُ أَنَّهُ [تَعَالَى] الآنَ عَلَى مَا عَلَيْهِ كَانَ وَلَا مَكَان) (6) وَفِي هَذِه الْقِصَّة أَكْبَر دَلِيْلٍ عَلَى كَوْن كِبَار عُلَمَاء الْمَالِكِيَّة مِنَ الْقُدَامَى كَانُوا وللهِ الْحَمْد عَلَى عَقِيْدَةِ الْتَّنْزِيه أَيْ تَنْزِيه الله عَنِ الْجِهَةِ وَالْمَكَان وَغَيْرها مِن سِمَاتِ الْمُحْدَثَاتِ، عَكْس مَا هُوَ مُقَرَّر عِنْدَ الْتَّيْمِيَّةِ الْـمُجَسِّمَةِ.
وَقَالَ الْخُشَنِيُّ الْقَيْرَوَانِيُّ (ت 361 هـ) أَيْضًا (وَأَبُو عُثْمَانَ سَعِيْد بْن مُحَمَّدٍ [بْنِ الْحَدَّادِ] غَزِيْرُ الْتَّأْلِيفِ، كَثِيْرُ الْوَضْعِ لَهُ كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ فِي فَنِّ الْكَلَامِ، وَالْجَدَلِ وَلَهُ كُتُبٌ فِي فَنِّ الْفِقْهِ وَالْمَسَائِلِ وَلَهُ كُتُبٌ فِي النَّظَرِ) (7) وَقَالَ عَنْهُ الْمَالِكِي (كَانَ عَالِمًا ثِقَة فِي الْفِقْهِ وَالْكَلَامِ وَالْذَّبِّ عَنِ الْدِّيْنِ وَالرَّدِّ عَلَى فِرَقِ الْمُخَالِفِيْنَ لِلْجَمَاعَةِ، مِنْ أَذْهن الْنَّاسِ وَأَعْلَمهم بِمَا قَالَهُ الْنَّاس) (8) فَالْرَّجُلُ كَانَ مِنْ قُدَامَى نُظَّارِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ الْقَائِمِيْنَ عَلَى نُصْرَةِ عَقِيْدَة الْإِسْلَامِ بِعِلْـمِ الْكَلَامِ الْسُّنِّي.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاض (ت 544 هـ) فِي تَرْجَمَةِ عَلِي بْن أَحْمَد بْن اسْمَاعِيل الْبَغْدَادِي مَا نَصُّهُ (سَكَنَ مِصْر، وَكَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَب مَالِك بْن أَنَس وَيَقُولُ بِالِاعْتِزَالِ، وَكَانَ دَاعِيَة فِي ذَلِكَ، وَكَتَبَ إِلَى فُقَهَاءِ الْقَيْرَوَان رِسَالَةً مَعْرُوفَةً يَدْعُوهُم فِيْهَا إِلَى الِاعْتِزَالِ وَالْقَوْل بِالْقَدَرِ وَالْمَخْلُوقِ، وَغَيْر ذَلِك مِنْ مَذَاهِبِهِم، وَيَقُولُ لَهُم إِنَّ هَذَا لَهُوَ مَذْهَبُ مَالِك رَحِمَهُ الله وَيَذُمُّ لَهُم طَرِيقَة مُتَكَلِّمِي أَهْلِ الْسُّنَّةِ، وَمَذْهَب الْأَشْعَرِي وَيُبَدِّعهُ، فَجَاوَبَهُ فُقَهَاءُ الْقَيْرَوَان بِالاِنْكَارِ عَلَيْهِ، وَجَاوَبَهُ أَبُو مُحَمَّد بْن أَبِي زَيْدٍ رَحِمَهُ الله عَنْ كِتَابِهِ بِرِسَالَةٍ مَعْرُوفَةٍ، ظَهَرَ فِيْهَا عِلْمُهُ وَقُوَّتُهُ فِي الْكَلَامِ، وَالْرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَنَفَى عَنْ مَالِك وَأَصْحَابِهِ جَمِيع مَا نَسَبَ إِلَيْهِ، وَجَعَلَ يَحْتَجُّ عَلَى نَقْضِ قَوْله فِي الْقَدَرِ مِنْ كَلَامِ مَالِك الْبَدِيع فِي رِسَالَتِهِ فِي الْقَدَرِ إِلَى ابْنِ وَهْبٍ) (9) وَفِي هَذَا الْتَّقْرِيْر مَا يُؤَكِّدُ تَوْظِيف الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَاني (ت 386 هـ) لِعِلْمِ الْكَلَامِ السُّنِّي لِلدِّفَاعِ عَنْ عَقِيْدَةِ الْإِسْلَامِ الْصَّحِيْحَةِ.
وَقَالَ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر (ت571 هـ) (وَمِنَ الْشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِيْنَ الْمَشَاهِيْرِ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ [الْقَيْرَوَانِي]، وَشُهْرَتُهُ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ فَضْلِهِ، اجْتَمَعَ فِيْهِ الْعَقْلُ وَالْدِّيْنُ وَالْعِلْمُ وَالْوَرَعُ، وَكَانَ يُلَقَّبُ بِـمَالِكٍ الْصَّغِيْرِ، وَخَاطَبَهُ مِنْ بَغْدَادَ رَجُلٌ مُعْتَزِلِيٌّ يُرَغِّبُهُ فِي مَذْهَبِ الاِعْتِزَالِ، وَيَقُولُ لَهُ إِنَّهُ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، فَجَاوَبَهُ بِجَوَابٍ مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ نِهَايَةً فِي عِلْمِ الْأُصُولِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) (10).
وَقَالَ أَيْضًا (وَقَدْ قَرَأْتُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ بَقَاءٍ الْوَرَّاقِ الْمُحَدِّثِ الْمِصْرِيِّ رِسَالَةً كَتَبَ بِهَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِيُّ الْفَقِيهُ الْمَالِكِيُّ وَكَانَ مُقَدَّمَ أَصْحَابِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهِ بِالْـمَغْرَبِ فِي زَمَانِهِ إِلَى عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبَغْدَادِيِّ الْـمُعْتَزِلِيِّ جَوَابًا عَنْ رِسَالَةٍ كَتَبَ بِهَا إِلَى الْـمَالِكِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْقَيْرَوَانِ، يُظْهِرُ نَصِيحَتَهُمْ بِمَا يُدْخِلُهُمْ بِهِ فِي أَقَاوِيْلَ أَهْلِ الاِعْتِزَالِ، فَذَكَرَ الْرِّسَالَةَ بِطُولِهَا فِي جُزْءٍ، وَهِيَ مَعْرُوفَةٌ، فَمِنْ جُمْلَةِ جَوَابِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ لَهُ أَنْ قَالَ وَنَسَبْتَ ابْنَ كُلَّابٍ إِلَى الْبِدْعَةِ؟!، ثُمَّ لَمْ تَحْكِ عَنْهُ قَوْلًا يُعْرَفُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ فَيُوسَمُ بِهَذَا الِاسْمِ، وَمَا عَلِمْنَا مَنْ نَسَبَ إِلَى ابْنِ كُلَّابٍ الْبِدْعَةَ، وَالَّذِي بَلَغَنَا أَنَّهُ يَتَقَلَّدُ الْسُّنَّةَ وَيَتَوَلَّى الْرَّدَّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ (يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنِ سَعِيْدٍ بْنِ كُلَّابٍ).
وَذَكَرْتَ الْأَشْعَرِيَّ فَنَسَبْتَهُ إِلَى الْكُفْرِ؟!، وَقُلْتَ إِنَّهُ كَانَ مَشْهُوراً بالْكُفْرِ؟! وَهَذَا مَا عَلِمْنَا أَنَّ أَحَداً رَمَاهُ بِالْكُفْرِ غَيْرُكَ؟!، وَلَمْ تَذْكُرِ الَّذِي كُفِّرَ بِهِ، وَكَيْفَ يَكُونُ مَشْهُوراً بِالْكُفْرِ مَنْ لَمْ يَنْسِبْ هَذَا إِلَيْهِ أَحَدٌ عَلِمْنَاهُ فِي عَصْرِهِ وَلَا بَعْدَ عَصْرِهِ؟!، وَقُلْتَ إِنَّهُ قَدِمَ بَغْدَادَ وَلَمْ يَقْرُبْ أَحَداً مِنَ الْـمَالِكِيِّينَ وَلَا مِنْ آلِ حَمَّادَ بْنِ زَيْدٍ لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ كَافِرٌ، وَلَمْ تَذْكُرْ مَا الَّذِي كَفَّرُوهُ بِهِ؟!.
ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ تَشْنِيعَ عَليِّ بْنِ أَحْمَدَ الْبَغْدَادِيِّ عَلَى الْأَشْعَرِيِّ فِي مَسْأَلَةِ اللَّفْظِ، ثُمَّ قَالَ ابْن أَبِي زَيْدٍ فِي الْرَّدِّ عَلَى الْبَغْدَادِيِّ وَالْقَارِئُ إِذَا تَلَا كِتَابَ اللَّهِ لَوْ جَازَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ كَلَامَ هَذَا الْقَارِئِ كَلَامُ اللَّهِ عَلَى الْحَقِيْقَةِ؟! لَفَسَدَ هَذَا، لِأَنَّ كَلَامَ الْقَارِئِ مُحْدَثٌ وَيَفْنَى كَلَامُهُ وَيَزُوْلُ، وَكَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ وَلَا يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ. وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيْلَ الْبُخَارِيِّ، وَدَاوُدَ الْأَصْبَهَانِيِّ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ تَكَلَّمَ فِي هَذَا، وَكَلَامُ مُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ إِمَامِ الْمَغْرِبِ، وَكَلَامُ سَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ وَكَانَ مِنْ الْمُتَكَلِّمِيْنَ مِنْ أَهْلِ الْسُّنَّةِ وَمِمَّنْ يَرُدُّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ) (11).
وَتَأَمَّل يَا عَبْد الله قَوْل الْإِمَام ابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت 386هـ) (وَكَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ بِمُحْدَثٍ وَلَا يَفْنَى، وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ، وَصِفَتُهُ لَا تَكُونُ صِفَةً لِغَيْرِهِ) فَهَذَا دَلِيْلٌ عَلَى اتِّبَاعِهِ مَذْهب أَهْل الْسُّنَّة الْأَشَاعِرَة الْقَائِم عَلَى أَنَّ صِفَاته جَلَّ وَعَزَّ قَدِيمَة وَمِنْهَا صِفَة الْكَلَام، وَلَيْسَت بِمُحْدَثَة الْبَتَّةَ.
فَكِبَار عُلَمَاء الْمَالِكِيَّةِ مِنَ الْمُتَقَدِّمِيْنَ كَمُحَمَّد بْنِ سَحْنُونَ (ت 256 هـ)، وَسَعِيدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَدَّادِ (ت 302 هـ) وَابْن أَبِي زَيْدٍ الْقَيْرَوَانِي (ت 386 هـ) وَغَيْرهم مِمَّنْ لَا يَتَّسِعُ الْمَقَام لِذِكْرِهِم كَانُوا مِنْ مُتَكَلِّمَةِ أَهْلِ الْسُّنَّةِ يَرُدُّونَ عَلَى أَهْلِ الْبِدَعِ بِعِلْمِ الْكَلَام السُّنِّي، وَلَا يَصِحُّ بِحَالٍ الْقَوْل بِأَنَّهُم أَطْبَقُوا عَلَى مُنَابَذَةِ هَذَا الْعِلْم الْشَّرِيف جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا.
يُتْبَعُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى..
(1) الْـمَوْقِع الاِلِكْتْرُونِي لِلْوَهَّابِي.
(2) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص 256).
(3) الْـمَصْدَر الْسَّابِق (ص:256)
(4) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك لِلْقَاضِي عِيَاض الْـمَالِكِي (4/52).
(5) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص 257).
(6) عُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة تَأْلِيْف مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِي لِأَحْمَد بْن مُحَمَّد الْطَّلَمَنْكِي (هَامِش ص 199).
(7) قُضَاةُ قُرْطُبَة وَعُلَمَاءُ إِفْرِيْقِيَّة لِلْـمُؤَرِّخِ الْأَدِيْبِ وَالْـمُحَدِّثِ الْفَقِيْهِ أَبِي عَبْد الله مُحَمَّد بْن حَارِث بْن أَسدٍ الْخُشَنِيِّ (ص 204).
(8) رِيَاضُ الْنُّفُوسِ لِأَبِي بَكْرٍ عَبْد الله بْن مُحَمَّد الْـمَالِكِي (2/58).
(9) تَرْتِيبُ الْـمَدَارِك (6/207-208).
(10) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص 122).
(11) تَبْيِينُ كَذِبِ الْـمُفْتَرِي فِيْمَا نُسَبَ إِلَى الْإِمَام أَبِي الْحَسَن الْأَشْعَرِي لِلْحَافِظ هِبَة الله ابْن عَسَاكِر (ص:406-407).