الاستقامة على الطاعة
الاستقامة على الطاعة
3 أكتوبر 2018
من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كظم الغيظ وصلة الرَحم
من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كظم الغيظ وصلة الرَحم
4 أكتوبر 2018
الاستقامة على الطاعة
الاستقامة على الطاعة
3 أكتوبر 2018
من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كظم الغيظ وصلة الرَحم
من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم كظم الغيظ وصلة الرَحم
4 أكتوبر 2018

للأشاعرة قولان مشهوران في إثبات الصفات

للأشاعرة قولان مشهوران في إثبات الصفات

قال الإمام تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى (ثم أقول للأشاعرة قولان مشهوران في إثبات الصفات، هل تمر على ظاهرها مع اعتقاد التنزيه، أو تُؤَوَّل؟ والقول بالإمرار مع اعتقاد التنزيه هو المعزو إلى السلف، وهو اختيار الإمام في الرسالة النظامية (أي إمام الحرمين الجويني رحمه الله) وفي مواضع من كلامه، فرجوعه معناه الرجوع عن التأويل إلى التفويض، ولا إنكار فِي هذا، ولا في مقابله، فإنها مسألة اجتهادية، أعني مسألة التأويل أو التفويض مع اعتقاد التنزيه، إنما المصيبة الكبرى والداهية الدهياء الإمرار على الظاهر، والاعتقاد أنه المراد، وأنه لا يستحيل على الباري، فذلك قول المجسمة عباد الوثن، الذين في قلوبهم زيغ يحملهم الزيغ على اتباع المتشابه، ابتغاء الفتنة، عليهم لعائن الله تترى واحدة بعد أخرى، ما أجرأهم على الكذب، وأقل فهمهم للحقائق). اهـ من طبقات الشافعية الكبرى.

وهذا العلامة السيد الشريف أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي التلمساني الإدريسي الحسني الأشعري (توفي سنة 895 هـ) محدث متكلم فقيه قارىء دفن في تلمسان له تصانيف كثيرة، من مؤلفاته كتاب شرح المقدمات قال فيه ما نصه (التمسك في عقائد الإيمان بمجرد ظواهر الكتاب والسُنة من غير تفصيل بين ما يستحيل ظاهره منها وما لا يستحيل، فلا خفاء من كونه أصلا للكفر والبدعة، أما الكفر فكأخذ الثانوية القائلين بألوهية النور والظلمة من قوله تعالى (ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ) أن النور أحد الإلهين وإسمه (الله) ولم ينظروا إلى استحالة كون النور إلهًا لأنه مُتغير حادث يُوجَد ويُعدَم، والإله يستحيل عليه التغير والحدوث، ويجب له القِدم والبقاء).
وردّ الإمام السنوسي على المُشبّهة الذين نسبوا لله تعالى جهة فوق (نعوذ بالله تعالى من ضلالهم) فقال رحمه الله في كتابه العقيدة الوسطى وشرحها ما نصه (ولم يقل أحد بالجهة من أهل السنة، وإنما قال بها طائفة من المبتدعة وهم الحشوية والكرّامية…..تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) انتهى.
هذا علم أهل السنة والجماعة الذي ضلّ عنه أدعياء السلفية حيث تمسكوا بظاهر ما تشابه من الكتاب والسُنة فوقعوا في تشبيه الخالق بالمخلوق. هذه مصيبتهم التي يَسعون إلى بثها اليوم بنشاط ظاهر، فالحذر الحذر.

وهذا العلامة الشيخ إسحاق بن عقيل عزوز الحسني المكي (المتوفى سنة 1415 ھ) كان وكيلا لإمارة منطقة مكة المكرمة في زمن الملك سعود بن عبد العزيز ومُديرا لمدرسة الفلاح في مكة المكرمة في كتابه القول الوجيه في تنزيه الله عن التشبيه وصف حال المُجسمة والمُشبهة فقال ما نصه (وأثبتوا له تعالى ما يَتقدّس عنه من الجِسميّة ولوازمها من الكون في الجهة والاستقرار في المكان، والنزول والصعود الحسيّ في الأمكنة والهيئة والصورة والتركيب في الأجزاء والأعضاء، ونَسبوا ذلك إلى مقتضى كتاب الله وسُنة رسوله ﷺ وإلى أصحابه وسلف هذه الأمة، ويَحشُرون في مُصنفاتهم من النُقول ما لا يصح نِسبته إليهم، أو ما لم يفهَموا ما أراده السلف منه……وهم يَزعمون بعد ذلك كُله أنهم لا يُشبهون ولا يُجسمون، وسَمَّوا ذلك التشبيه توحيد الأسماء والصفات) انتهى.

ولبيان حقيقة ما كان عليه السلف الصالح في فهم النصوص المتشابهات كقول الله تعالى (الرحمن على العرش استوى) يَنقل الشيخ إسحاق بن عقيل عن مُفسر الأزهر العلامة الشيخ يوسف الدجوي ما نصه (السلف في آيات الصفات وأحاديثها يُفوِّضون بعد التنزيه، أي يُنزهونه (أي الله تعالى) عن الجارحة وما لا يليق ولا يُعيِّنون بعد ذلك شيئًا خاصًا من المعاني التنزيهية، والخَلَف يُؤولون خوفًا من التشبيه، فالكل أي السلف والخلف متَّفقون على التنزيه، أما أولئك المُتفيهِقُون الذين يُشبِّهون فهم مُجسِّمون يبرأُ منهم السلف والخلف جميعًا فهم كَرَّامِيون لا سَلفيون ولا خلفيون).

والقرءان وحديث الرسول لا يناقض بعضه بعضا، فوجب التوفيق بين النصوص وتجنب إلغاء واحد منها، ولا يمكن ذلك إلا بحمل ءايات الصفات على مقتضى المحكم الصريح كقوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ) (سورة الشورى) ومقتضى البرهان العقلي القطعي على استحالة مشابهة الخالق المخلوق بالجسمية واللون والأعضاء والتحيز في المكان والحد والكمية والعقل شاهد الشرع فلا يأتي الشرع إلا بمُجَوزات العقول ولا يأتي بما يحيله العقل، قال تعالى (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (سورة الحشر) فيحتم العقل تنزُّهه تعالى عن الانفعال بالغضب والرضا والاتصاف بالذوق للمطعومات والمشمومات والروائح والشهوة والحزن والتأسّف والإشفاق والتمني والتندم فلا يتَّصف ذاته بقبول التغير والانتقال ومقارنة الزمن لأن الزمان إن فسّر بمرور الأيام والليالي أو مقارنة متجدد لمتجدد توقيتًا للمجهول بالمعلوم أو بحركات الأفلاك فهو حادث، فالله كان ولا زمان كما أنه كان ولا مكان، وقد قام البرهان العقلي على حدوث جميع ما سوى الله.

وقال بعض أهل السنة كما أن الله يرى بلا أحداقٍ وأجفان ويسمع بلا أصمخة وءاذان فهو متكلم بكلام ليس حرفًا ولا صوتًا وهذا الذي يُفهم من قوله تعالى (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ) إلا عند من أقفل الله قلبه فإنه لا يفهم الفرق بين الصفات الحادثة التي لا تجوز على الله القديم الأزلي الأبدي ويجعلُه كخلقه محلًّا للحوادث.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *