تأويل حديث النزول على قِسمين (من كتاب الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد على مذهب السلف وأصحاب الحديث للإمام الكبير الفقيه الحافظ الأصولي أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى 458هـ)
3 نوفمبر 2016الله لا يُشبه شيئًا من العالَم
3 نوفمبر 2016أهل السنة قاطبة على تأويل المتشابه الموهم معانى لا تليق بالله وعدم حمله على الظاهر
أهل السنة قاطبة على تأويل المتشابه الموهم معانى لا تليق بالله وعدم حمله على الظاهر
قال الله عزّ وجل (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ مَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) سورة آل عمران الآية ٧.
قال الحافظ النووي الشّافعي (ت 676) قال القاضي عياض المالكي (ت 544) (لا خِلافَ بين المسلمين قاطبةً فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أنّ الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى (ءأمنتم من في السماء) ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم) ذكره في كتابه صحيح مسلم بشرح النووي الجزء الخامس الطبعة الثانية لدار الكتب العلمية في الصحيفة 22.
و قال الإمام القرطبي المالكي (ت 671) في تفسيره في قول الله تعالى (ءأمنتم من في السماء) (قيل هو إشارة إلى الملائكة وقيل الى جبريل الموكل بالعذاب، قلت ويحتمل أن يكون المعنى خالق من في السماء أن يخسف بكم الارض كما خسفها بقارون) كتاب تفسير القرطبي المجلد 9 الجزء 18 طبع دار الكتب العلمية صحيفة 141.
وقال الإمام الرَّازيُّ الشّافعي (ت 604) (واعلم أنّ المشبهة احتجوا على اثبات المكان لله تعالى بقوله (ءأمنتم من في السماء) والجواب عنه أنّ هذه الاية لا يمكن إجراؤها على ظاهرها باتفاق المسلمين لأن كونه في السماء يقتضي كونَ السماء محيطاً به من جميع الجوانب فيكون أصغر من السماء والسماء أصغر من العرش بكثير فيلزم أن يكون الله شيئاً حقيرا بالنسبة للعرش وذلك باتفاق علماء الاسلام محال لأنه تعالى قال (قل لمن ما في السماوات والارض قل لله) فلو كان اللهُ في السماء لوجب أن يكون مالكاً لنفسه وهذا محال فعلمنا أنّ هذه الاية يجب صرفها عن ظاهرها الى التأويل) كتاب التفسير الكبير( ج15 جزء30 ص61).
وهذا العلامة السيد الشريف أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي التلمساني الإدريسي الحسني الأشعري المالكي (توفي سنة 895 هـ) محدث فقيه متكلم قارىء دفن في تلمسان الجزائر له تصانيف كثيرة، من مؤلفاته كتاب شرح المقدمات قال فيه ما نصه (التمسك في عقائد الإيمان بمجرد ظواهر الكتاب والسُنة من غير تفصيل بين ما يستحيل ظاهره منها وما لا يستحيل، فلا خفاء من كونه أصلا للكفر والبدعة، أما الكفر فكأخذ الثانوية القائلين بألوهية النور والظلمة من قوله تعالى (ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ) أن النور أحد الإلهين وإسمه (الله) ولم ينظروا إلى استحالة كون النور إلهًا لأنه مُتغير حادث يُوجَد ويُعدَم، والإله يستحيل عليه التغير والحدوث، ويجب له القِدم والبقاء).
وردّ الإمام السنوسي على المُشبّهة الذين نسبوا لله تعالى جهة فوق (نعوذ بالله تعالى من ضلالهم) فقال رحمه الله في كتابه العقيدة الوسطى وشرحها ما نصه (ولم يقل أحد بالجهة من أهل السنة وإنما قال بها طائفة من المبتدعة وهم الحشوية والكرّامية …تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) هذا علم أهل السنة والجماعة الذي ضلّ عنه أدعياء السلفية حيث تمسكوا بظاهر ما تشابه من الكتاب والسُنة فوقعوا في تشبيه الخالق بالمخلوق، هذه مصيبتهم التي يَسعون إلى بثها اليوم بنشاط ظاهر، فالحذر الحذر.
فيا أخي المسلم إن سمعت أو قرأت ءاية في القرءان ظاهرُها مخالف للآيات المحكمات فلا تَتَسرَّعَنَّ إن لم تكن سمعتَ تفسيرها ممن هو أهل لذلك وقُلْ لها معنى يليق بالله ورُدَّها إلى الآيات المحكمات ولا تأخذْ بظاهرها الذي قد يتبادر معناه إلى ذهنك ممَّا يُوهِمُ تشبيهَ الله بخلقهِ، ورضي الله عن السيد أحمدَ الرفاعي الكبيرِ القائلِ (صونوا عقائدَكُمْ مِنَ التمسُّكِ بظاهر ما تشابه مِن القرءان والسنة فإن ذلك مِن أصول الكفر).
والله أعلم وأحكم.