الرّد على شبهة الوهابية في تمسّكهم بالآية {إياك نعبد وإياك نستعين} لتحريم الاستعانة والتوسل
9 يناير 2018سُورَةُ النَّازِعَاتِ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا بِإِجْمَاعِهِمْ وَهِىَ سِتٌّ وَأَرْبَعُونَ ءَايَةً
9 يناير 2018صِفَاتُ اللَّهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ
صِفَاتُ اللَّهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ
الصِّفَاتُ الثَّلاثَ عَشْرَةَ هِيَ الصِفَاتُ الْقَائِمَةُ بِذَاتِ اللَّهِ بِالِاتِّفَاقِ، وَمَعْنَى الْقَائِمَةِ بِذَاتِ اللَّهِ أَيْ الثَابِتَةِ لَهُ وَلَيْسَ الْمَعْنَى أَنَّهَا حَالَّةٌ بِذَاتِ اللَّهِ. فَمَنْ نَفَى صِفَةً مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ فَهُوَ كَافِرٌ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَخْطُرْ عَلَى بَالِهِ أَنَّ لِلَّهِ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً لِجَهْلِهِ وَلَمْ يَنْفِ وَلَمْ يَشُكَّ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا ومَا مَرَّتْ عَلَى بَالِهِ بِالْمَرَّةِ لَكِنَّهُ اعْتَقَدَ مَعْنَى الشَّهَادَتَيْنِ فَهُوَ مُسْلِمٌ.
وَهَذِهِ الصِّفَاتُ الثَّلاثَ عَشْرَةَ الْوَاجِبَةُ لِلَّهِ تَجِبُ مَعْرِفَتُهَا عَلَى الْمُكَلَّفِ وَلا يَجِبُ حِفْظُ أَلْفَاظِهَا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ، وَهِيَ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَقِّ أَيْ لَيْسَتْ حَادِثَةً فِي ذَاتِ اللَّهِ بَلْ هِيَ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ أَزَلًا وَأَبَدًا فَلا تَتَغَيَّرُ وَلا تَزِيدُ وَلا تَنْقُصُ كَصِفَاتِ الْخَلْقِ.
وَأَلْحَقَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ بِصِفَاتِ الْمَعَانِي السَّبْعَةِ الَّتِي هِيَ الْحَيَاةُ وَالْقُدْرَةُ وَالإِرَادَةُ وَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ وَالْعِلْمُ وَالْكَلامُ الْبَقَاءَ، فَالْبَقَاءُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي عِنْدَهُمْ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ، وَهَذَا مَا عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ وَأَكْثَرُ أَتْبَاعِهِ، وَالآخَرُونَ عَدُّوا الْبَقَاءَ مِنَ الصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ (1)، وَمَا عَدَا هَذِهِ الثَّلاثَ عَشْرَةَ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ السُّنَّةِ إِنَّهَا حَادِثَةٌ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ قَائِمَةً بِذَاتِ اللَّهِ، وَقَالَ بَعْضٌ إِنَّهَا أَزَلِيَّةٌ قَدِيمَةٌ أَبَدِيَّةٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ، وَذَلِكَ كَالإِحْيَاءِ وَالإِمَاتَةِ وَالرَّزْقِ وَالإِسْعَادِ وَالإِشْقَاءِ، فَالْمُحْيَا وَالْمُمَاتُ وَالْمَرْزُوقُ وَالسَّعِيدُ وَالشَّقِيُّ مُحْدَثُونَ، وَإِحْيَاءُ اللَّهِ الَّذِي هُوَ فِعْلُهُ وَإِمَاتَتُهُ وَرَزْقُهُ لِلْعَبْدِ وَإِسْعَادُهُ لِبَعْضِ خَلْقِهِ وَإِشْقَاؤُهُ لِبَعْضِهِمْ صِفَاتٌ أَزَلِيَّةٌ، وَعَلَى هَذَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ وَالْبُخَارِيُّ وَبَعْضُ قُدَمَاءِ الأَشَاعِرَةِ، أَمَّا جُمْهُورُ الأَشَاعِرَةِ فَالصِّفَاتُ الأَزَلِيَّةُ الأَبَدِيَّةُ الْقَائِمَةُ بِذَاتِ اللَّهِ هِيَ عِنْدَهُمْ بِضْعَ عَشْرَةَ صِفَةً الْمَذْكُورَةُ ءَانِفًا.
الْحَاصِلُ أَنَّ فِعْلَ اللَّهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْبُخَارِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا: صِفَتُهُ فِي الأَزَلِ وَالْمَفْعُولُ حَادِثٌ، وَيُوَافِقُ هَؤُلاءِ قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا﴾ [سُورَةَ النِّسَاء 96] أَيْ لَمْ يَزَلْ غَفُورًا رَحِيمًا أَيْ أَنَّ مَغْفِرَتَهُ وَرَحْمَتَهُ أَزَلِيَّتَانِ.
وَقد جَرَتْ عَادَةُ الْعُلَمَاءِ الْمُؤَلِّفِينَ فِي الْعَقِيدَةِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى قَوْلِهِمْ إِنَّ الْوَاجِبَ الْعَيْنِيَّ الْمَفْرُوضَ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (أَيِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ) أَنْ يَعْرِفَ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً: الْوُجُودَ، وَالْقِدَمَ، وَالْمُخَالَفَةَ لِلْحَوَادِثِ، وَالْوَحْدَانِيَّةَ، وَالْقِيَامَ بِنَفْسِهِ، وَالْبَقَاءَ، وَالْقُدْرَةَ، وَالإِرَادَةَ، وَالْحَيَاةَ، وَالْعِلْمَ، وَالْكَلامَ، وَالسَّمْعَ، وَالْبَصَرَ، وَأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَى اللَّهِ مَا يُنَافِي هَذِهِ الصِّفَاتِ. وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ الصِّفَاتُ ذُكِرَتْ كَثِيرًا فِي النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ قَالَ الْعُلَمَاءُ يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا وُجُوبًا عَيْنِيًّا (أَيْ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ بِعَيْنِهِ)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ بِوُجُوبِ مَعْرِفَةِ عِشْرِينَ صِفَةً، فَزَادُوا سَبْعَ صِفَاتٍ مَعْنَوِيَّةٍ، قَالُوا وَكَوْنُهُ تَعَالَى قَادِرًا وَمُرِيدًا وَحَيًّا وَعَالِمًا وَمُتَكَلِّمًا وَسَمِيعًا وَبَصِيرًا، وَالطَّرِيقَةُ الأُولَى هِيَ الرَّاجِحَةُ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْقُدْرَةِ لَهُ كَوْنُهُ قَادِرًا وَهَكَذَا الْبَقِيَّةُ.
فَعِنْدَ الأَشَاعِرَةِ صِفَاتُ اللَّهِ الَّتِي يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا عَيْنًا ثَلاثَ عَشْرَةَ صِفَةً، وَأَمَّا عِنْدَ الْمَاتُرِيدِيَّةِ فَصِفَاتُ اللَّهِ لا تُحْصَرُ بِعَدَدٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ صِفَاتِ الأَفْعَالِ عِنْدَهُمْ صِفَاتٌ قَائِمَةٌ بِذَاتِ اللَّهِ.
(1) السَّلْبِيَّةُ مَعْنَاهَا الَّتِي تَنْفِي عَنِ اللَّهِ مَا لا يَلِيقُ بِهِ، الْوَحْدَانِيَّةُ تَنْفِي عَنِ اللَّهِ التَّعَدُّدَ وَالْمِثْلَ، وَالْقِدَمُ يَنْفِي عَنِ اللَّهِ الْحُدُوثَ، وَالْبَقَاءُ يَنْفِي عَنِ اللَّهِ طُرُوءَ الْعَدَمِ عَلَيْهِ، وَالْمُخَالَفَةُ لِلْحَوَادِثِ تَنْفِي عَنِ اللَّهِ الشَّبِيهَ وَالْمِثْلَ، وَالْقِيَامُ بِالنَّفْسِ يَنْفِي عَنِ اللَّهِ الْحَاجَةَ إِلَى الْغَيْرِ، لِهَذَا سَمَّوْا هَؤُلاءِ صِفَاتٍ سَلْبِيَّةً أَيْ تَنْفِي عَنِ اللَّهِ مَا لا يَلِيقُ بِهِ أَمَّا الْوُجُودُ فَيُسَمُّونَهُ صِفَةً نَفْسِيَّةً لِأَنَّ الذَّاتَ لا يُتَعَقَّلُ بِدُونِ هَذِهِ الصِّفَةِ.
2 Comments
شكرا على الإفادة ولكن أرجو تزويد المعلومات وتقريرها بالأدلة من القرآن والسنة لأن غيركم يردون عليكم كثيرا أنكم لا تملكون الدليل إنما تتكلمون بالرأي وأنكم تعتقدون العمل بالعقل إذا خالف النص
جزاك الله خيرا