الِاسْتِوَاءُ فِي قَوْله تَعَالَى (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ) مَعْنَاهُ اسْتَوْلَى قَالَهُ الْوَاحِدِيُّ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ
2 نوفمبر 2016العليُّ يراد به علوُّ القدر والمنزلــة لا علوُّ المكان لأن الله منزه عن التحيز
2 نوفمبر 2016إنَّ لكلمة استوى أكثر من خمسة عشر معنى فمن فسر استوى بالاستيلاء والقهر جاء بما يوافق لغة العرب ولم يأت بما يخالف لغة العرب ولا الشريعة المطهرة
قال القاضي أبو بكر بن العربي محمد بن عبد الله بن محمد الإشبيلي المالكي الحافظ عالم أهل الأندلس ومسندهم (إنَّ لكلمة استوى أكثر من خمسة عشر معنى فمن فسر استوى بالاستيلاء والقهر جاء بما يوافق لغة العرب ولم يأت بما يخالف لغة العرب ولا الشريعة المطهرة). انتهى
وقال القاضي ما نصه (إن الله سبحانه منزه عن الحركـة والانتقال لأنه لا يحويه مكان كما لا يشتمل عليه زمان، ولا يشغل حيزا كما لا يدنو إلى مسافة بشىء، متقدس الذا ت عن الآفات منزه عن التغيير، وهذه عقيدة مستقرة في القلوب ثابتة بواضح الدليل).
ونقول:
الله تعالى قال (الرحمن على العرش استوى) (طه 5)، الاستواء هنا ليس معناه جلس ولا معناه اعتدل عن اعوجاج ولا معناه أن الله استقرّ على شيء فصار محمولاً والعياذ بالله، هذا كله صفة المخلوق لا صفة الخالق، فالخالق ليس كمثله شيء كما وصف نفسه في كتابه العزيز، وأهل السنة قالوا ما قاله الإمام مالك رضي الله عنه (وكيف عنه مرفوع)، ومثله قول أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (والكيف غير معقول) أي لا يجوز على الله تعالى، رواهما الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري.
أما الجلوس والاستقرار فهما صفة البشر والبهيمة وهما غير لائقين بالله الواحد القهار سبحانه استوى كما أخبر لا كما يخطر للبشر، جلّ عن الشبيه والنظير، استواء لا عن اعوجاج ولا اعتدال ولا جلوس ولا مقدار ولا تكييف، وهو قول الإمام مالك بالإسناد الصحيح المتصل رواه البيهقي وغيره قال (والكيف غير معقول) أي في حق الله تعالى، ولكنه صفة كمال لله الواحد القهار.
قال الله تعالى (والله غالب على أمره) (يوسف 21)، وقال عز وجلّ (وهو القاهر فوق عباده) (الأنعام 18)، فمن قال إن الله جالس على العرش لم يعرف الله تعالى، قال الله عز وجل (فإن الله غنيّ عن العالمين) (آل عمران 97) وهل فات هؤلاء المشبهة أن الله خالق العرش؟! وهل يحتاج ربنا إلى عرش وهو الملك القدوس قبل خلق العرش! أهل السنة قالوا (بلا كيف) كما رواه الترمذي عن أئمة السلف رضي الله عنهم، معناه تنزيه الله عن الكيفية مطلقاً، وليس معناه كما يقول المشبهة أتباع ابن تيمية إن الله له كيف لكننا لا نعرف هذا الكيف، كلامهم هذا فساد في العقيدة.
لا يوجد إسناد لما يزعمونه أن الإمام مالكاً قال (والكيف مجهول)، هذه الكلمة لا إسناد لها عن الإمام مالك رضي الله عنه ولا عن غيره من السلف الأكابر، ولكن التيميّين (اتباع ابن تيمية) يغشون العوام بهذه الكلمة وينسبونها بلا إسناد إلى الإمام مالك يريدون أن يضلوا الناس نعوذ بالله، والردّ عليهم ما قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتاب الوصية عن الله تعالى (وهو (أي الله) حافظ العرش وغير العرش من غير احتياج، فلو كان محتاجًا لَمَا قَدرَ على إيجاد العالم وتدبيره وحفظه كالمخلوقين، ولو كان في مكان محتاجًا للجلوس والقرار فقبل خلق العرش أين كان الله)!ومعنى كلام أبي حنيفة أن الله كان قبل العرش موجوداً، فعلى زعمكم الفاسد أين كان الله قبل العرش وهو سبحانه خالق له!.
أبو حنيفة توفي سنة 150 للهجرة، ومالك توفي سنة 179 للهجرة، هذان من أئمة السلف، كذلك الطحاوي قال (ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر) الطحاوي توفي سنة 321 للهجرة ويحكي في عقيدته إجماع السلف على تنزيه الله عن الجهة، قال رحمه الله (ولا تحويه الجهات الستّ كسائر المبتدَعات (أي المخلوقات)) هذا كله إجماع، والأمة لا تُجمع على ضلالة، أما ابن تيمية فتوفي سنة 728 للهجرة، أي أنه ليس سلفياً لا من حيث الزمن ولا من حيث الاعتقاد، وقد قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه (الله تعالى موجود بلا كيف ولا مكان).