تنزيه الله عن الجسمية والمكان (من كتاب إتحاف السادة المتقين بشرح إحياء علوم الدين تصنيف خاتمة اللغويين وعمدة المحققين والمدققين الإمام الحافظ مرتضى الزبيدي الحنفي الأشعري الماتريدي)
2 يوليو 2018في مَحَبَّةِ سَيِّدِنا محمَّدٍ
3 يوليو 2018ءَافَاتُ الخَمْرِ وَالمُخَدِّرَاتِ
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَلاَ شَبِيهَ وَلاَ مِثْلَ وَلاَ نِدَّ لَهُ، وَلاَ حَدَّ وَلاَ جُثَّةَ وَلاَ أَعْضَاءَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ، مَنْ بَعَثَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ هَادِياً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً. اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَزِيزِ القَائِلِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ سورة المائدة(90)، وَقَالَ تَبارَكَ وَتَعَالى ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ﴾ سورة النساء (29)، فَأَفْهَمَتْنَا الآيَةُ الأُولَى تَحْرِيمَ الخَمْرِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا وَأَفْهَمَتْنَا الآيَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ كُلَّ مَا يُؤَدِّي بِالإِنْسَانِ إِلَى الهَلاَكِ فَهُوَ حَرَامٌ أَنْ يَتَعَاطَاهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ كُلِّ مُسْكِرٍ وَمُفْتِرٍ اهـ فَالمُخَدِّرَاتُ تَدْخُلُ تَحْتَ كَلِمَةِ مُفْتِرٍ وَهُوَ مَا يُحْدِثُ فِي الجِسْمِ وَالعَيْنِ أَثَراً ضَارًّا.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ لَقَدْ تَفَشَّتْ فِي مُجْتَمَعَاتِ المُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ لاَ سِيَّمَا بَيْنَ الشَّبَابِ ءَافَةٌ مُهْلِكَةٌ ءَافَةٌ مُدَمِّرَةٌ أَلاَ وَهِيَ تَعَاطِي المُخَدِّرَاتِ وَالإِدْمَانُ عَلَى شُرْبِ الخَمْرِ. إِنَّ هَذِهِ الآفَةَ لَوْ تُرِكَتْ يَا إِخْوَةَ الإِيمَانِ قَدْ تَصِلُ إِلَى بَيْتِ أَيِّ واحدٍ مِنْكُمْ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَلاَ يَتَوَقَّعُ. فَيَا أَيُّهَا الأَبُ..يَا أَيُّهَا المُعَلِّمُ..يَا أَيُّهَا المُؤَدِّبُ..يَا أَيُّهَا الأُسْتاذُ..يَا أَيُّهَا المُرَبِّي تَذَكَّرْ حَدِيثَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ اهـ يَا أَيُّهَا الأَبُ أَيْنَ ابْنُكَ؟ هَلْ تَسْأَلُ عَنْ أَحْوَالِهِ وَمَنْ يُصَاحِبُ وَمَعَ مَنْ يَسْهَرُ؟ أَمْ أَنَّكَ تَقْتَصِرُ عَلَى السُّؤَالِ عَنْ طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ فَحَسْبُ. يَا أَيُّهَا الأَبُ هَلْ عَلَّمْتَ وَلَدَكَ وَحَصَّنْتَهُ قَبْلَ فَوَاتِ الأَوَانِ؟ يَا أَيُّهَا الأَبُ عِنْدَمَا تَرَى وَلَدَكَ يَرْجِعُ السَّاعَةَ الثَّالِثَةَ لَيْلاً وَقَدِ احْمَرَّتْ عَيْنَاهُ وَاسْوَدَّ مَا تَحْتَهُمَا وَذَهَبَتْ قُوَّتُهُ وَزَادَ كَسَلُهُ وَثَقُلَ نَوْمُهُ وَقَلَّتْ حَرَكَتُهُ وَهِمَّتُهُ مَا هُوَ مَوْقِفُكَ حِينَئِذٍ يَا تُرَى؟ لاَ تَنْتَظِرْ حَتَّى تَقَعَ الفَأْسُ فِي الرَّأْسِ وَانْظُرْ وَلَدَكَ مَنْ يُخَالِلْ فَالمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ وَانْظُرْ وَلَدَكَ مَنْ يُصَاحِبُ وَقَدْ قِيلَ الصَّاحِبُ سَاحِبٌ إِمَّا إِلَى الجَنَّةِ وَإِمَّا إِلَى النَّارِ.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ المُعَوَّلُ عَلَيْكُمْ كَبِيرٌ فَلاَ تُخَيِّبُوا ءَامَالَنَا فِيكُمْ.
يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ أَخْرِجُوا هَذِهِ السُّمُومَ مِنْ بَيْنِكُمْ..أَخْرِجُوهَا مِنْ مَجَالِسِكُمْ وَجَامِعَاتِكُمْ وَمَدَارِسِكُمْ وَاجْتِمَاعَاتِكُمْ وَزَوَايَاكُمْ وَبُيُوتِكُمْ..
إِيَّاكُمْ وَالمُخَدِّرَاتِ وَشُرْبَ الخَمْرِ فَإِنَّهَا مُتْلِفَةٌ مُهْلِكَةٌ.. حَارِبُوا هَذِهِ الأَمْرَاضَ الخَطِيرَةَ وَلاَ تَسْكُتُوا عَنْهَا يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ. فَإِنْ قَالَ لَكَ قَائِلٌ أَنَا أَتَعَاطَى هَذِهِ المُخَدِّرَاتِ لِأَنَّهَا تُقَوِّينِي وَتُعْطِينِي قُوَّةً فِي التَّرْكِيزِ فَقُلْ لَهُ هَذَا مَا تُسَوِّلُهُ لَكَ نَفْسُكَ وَيُزَيِّنُهُ لَكَ شَيْطَانُكَ لِتَسْلُكَ هَذَا الطَّرِيقَ الهَدَّامَ.. لاَ يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ إِيَّاكُمْ يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ.
يَا أَيُّهَا المُدْمِنُ عَلَى المُخَدِّرَاتِ اسْتَيْقِظْ فَإِنَّكَ تَقْتُلُ نَفْسَكَ إِنَّكَ تُهْلِكُ نَفْسَكَ إِنَّكَ تُحْرِقُ قَلْبَ أَبِيكَ وَأُمِّكَ عَلَيْكَ..أَبُوكَ لَمْ يُرْسِلْكَ إِلَى الجَامِعَةِ لِتَتَعَاطَى المُخَدِّرَاتِ وَشُرْبَ الخَمْرِ فَاسْتَيْقِظْ..وَأُمُّكَ لَمْ تَسْهَرِ اللَّيَالِي الطَّوِيلَةَ تَرْعَاكَ حَتَّى إِذَا كَبِرْتَ كَانَتْ هَذِهِ عَاقِبَتُكَ فَاسْتَيْقِظْ.
يَا شَبَابَ الإِسْلاَمِ يَبْدَأُ الأَمْرُ بِحَبَّةٍ أَوْ شرْبَةٍ أَوْ إِبْرَةٍ فَانْتَبِهْ أَخِي الشَّابُّ قَدْ يُعْطِيكَهَا صَاحِبُكَ وَأَنْتَ لاَ تَدْرِي مَا فِيهَا فَلاَ تَأْخُذْ أَخِي الشَّابُّ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الْمَجْهُولَةِ بِالنِّسْبَةِ لَكَ.وَقَدْ يَقُولُ لَكَ أَنْتَ مَكْرُوبٌ مَهْمُومٌ فَخُذْ هَذَا أَوِ اشْرَبْ هَذَا فَتَذْهَبَ كُلُّ مَشَاكِلِكَ..هَذِهِ المُخَدِّرَاتُ وَهَذَا الخَمْرُ لَيْسَ الحَلَّ لِمَشَاكِلِكَ بَلْ هِيَ بِدَايَةٌ لِمَشَاكِلَ مَا عَهِدْتَهَا مِنْ قَبْلُ.
كَيْفَ تَعْصِي اللهَ الَّذِي خَلَقَكَ وَأَنْعَمَ عَلَيْكَ بِكُلِّ نِعْمَةٍ هِيَ فِيكَ .. يَا أَخِي الشَّابُّ إِنْ تَعَلَّقْتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالمُخَدِّرَاتِ وَالخَمْرِ مِنْ أَيْنَ سَتَأْتِي بِالمَالِ لِشِرَاءِ هَذِهِ الأَشْيَاءِ؟ قَدْ تَسْرِقُ مَالَ أَبِيكَ وَقَدْ تَبِيعُ مَتَاعَ أَهْلِكَ أَوْ تَفْعَلُ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ المَسَائِلِ الفَاسِدَةِ الَّتِي سَتَنْجَرُّ إِلَيْهَا لِتَصِلَ إِلَى مُرَادِكَ بَلْ إِنَّكَ قَدْ تُقَبِّلُ الأَقْدَامَ وَتَبِيعُ نَفْسَكَ لِتَحْصُلَ عَلَى الحُقْنَةِ الوَاحِدَةِ وَتَقَعُ فِي غَيَاهِبِ الذُّلِّ ذُلِّ المَعْصِيَةِ وَذُلِّ الاِنْقِيَادِ لِلأَرَاذِلِ هَلْ هَذَا مَا تُرِيدُهُ لِنَفْسِكَ أَخِي الشَّابُّ؟
إِنَّكَ إِنْ تَعَاطَيْتَ هَذِهِ المُخَدِّرَاتِ أَوْ شَرِبْتَ الخَمْرَ قَدْ تَقْتُلُ شَخْصاً بِسَيَّارَتِكَ أَوْ تَضْرِبُهُ لِأَنَّهُ أَزْعَجَكَ أَوْ تُؤْذِي أَهْلَكَ أَوْ وَلَدَكَ أَوْ إِخْوَتَكَ وَقَدْ تَسُبُّ أُمَّكَ وَأَبَاكَ أَوْ تَضْرِبُهُمَا وَقَدْ تَصِلُ إِلَى قَتْلِهِمَا أَوْ تَقْتُلُ نَفْسَكَ.هَلْ هَذَا الَّذِي تُرِيدُهُ لِنَفْسِكَ أَخِي الشَّابُّ..هَلْ هَذَا الَّذِي تُرِيدُهُ يَا أَيُّهَا الوَالِدُ لِوَلَدِكَ..وَهَلْ هَذَا الَّذِي تُرِيدُهُ أَخِي المُسْلِمُ لِإِخْوَتِكَ وَأَصْحَابِكَ؟
عَلَيْكُمْ بِتَحْصِينِ أَنْفُسِكُمْ وَأَهْلِيكُمْ وَإِخْوَانِكُمْ وَأَصْدِقَائِكُمْ مِنْ هَذِهِ المَخَاِطِر بِالعِلْمِ وَالوَعْيِ وَالنَّصِيحَةِ وَبِتَثْبِيتِ تَقْوَى اللهِ فِي القُلُوبِ.
إِلَى مَتَى سَنَظَلُّ نَسْمَعُ بِشَابٍّ مَاتَ بِسَبَبِ تَعَاطِيهِ جُرْعَةً زَائِدَةً مِنَ المُخَدِّرَاتِ..إِلَى مَتَى سَنَظَلُّ نَسْمَعُ بِشَابٍّ قَضَى فِي حَادِثِ سَيَّارَةٍ لِأَنَّهُ كَانَ يَقُودُ السَّيَّارَةَ وَهُوَ سَكْرَانٌ..إِلَى مَتَى سَيَسْكُتُ الشَّابُّ عَنْ صَاحِبِهِ المُتَعَاطِي لِلْمُخَدِّرَاتِ وَالخَمْرِ وَلاَ يُحَذِّرُهُ وَلاَ يَنْصَحُهُ .. إِلَى مَتَى سَتَبْقَى هَذِهِ الحُبُوبُ تَنْتَشِرُ بَيْنَ طُلاَّبِ المَدَارِسِ وَالجَامِعَاتِ.
لاَ شَكَّ أَنَّ لِلأَهْلِ دَوْراً وَلِلْمَدْرَسَةِ دَوْراً وَلِلْجَامِعَةِ دَوْراً وَأَنْتُمْ أَيُّهَا الشَّبَابُ لَكُمْ دَوْرُكُمْ بِالاِمْتِنَاعِ عَنْ هَذِهِ المُهْلِكَاتِ وَلَكُمْ دَوْرُكُمْ فِي نُصْحِ إِخْوَانِكُمْ وَأَصْدِقَائِكُمْ وَأَقْرِبَائِكُمْ بِالحِكْمَةِ وَالرِّفْقِ وَاللِّينِ وَالتَّحْذِيرِ مِنْ عَوَاقِبِهَا وَبَيَانِ فَسَادِهَا وَحُرْمَتِهَا فِي دِينِ اللهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِماً أَوْ مَظْلُوماً) قِيلَ يَا رَسُولَ اللهِ أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُوماً أَفَرَأَيْتَ إِنْ كانَ ظَالِماً كَيْفَ أَنْصُرُهُ قَالَ (تَحْجِزُهُ أَوْ تَمْنَعُهُ عَنِ الظُّلْمِ فَذَلِكَ نَصْرُهُ) رواه البخاري. اهـ
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.