الشتاء بستان الطاعة وميدان العبادة وربيع المؤمن
9 أغسطس 2018التَّحْذِيرُ مِنْ مَسَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (الجُزْءُ الثَّانيْ)
13 أغسطس 2018التَّحْذِيرُ مِنْ مَسَبَّةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ (الجُزْءُ الأَوّلُ)
التحذير من مسبة الله عز وجل
شتمُ ومسبّة الله كفر صريح لا تأويل له والعياذ بالله تعالى
الجزء الأول:
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ندّ ولا ضدّ له، جلّ ربي لا يشبه شيئًا ولا يشبهه شىءٌ ولا يحل في شىء ولا ينحل منه شىء، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.
وأشهد أنّ سيّدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمّدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمّة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه.
اللهمّ صلِ على سيدنا محمد صلاة تقضي بها حاجاتنا وتفرج بها كرباتنا وتكفينا بها شر أعدائنا وسلِّم عليه وعلى ءاله سلامًا كثيرًا.
أما بعد إخوة الإيمان، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير ألا فاتقوه وخافوه، يقول الله تعالى في القرآن العظيم (مَن كَانَ عَدُوًّا للهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ) (سورة البقرة 98).
إخوة الإيمان والإسلام، إن موضوع خطبتنا اليوم ينبغي أن نخرج به إلى الناس لنتكلم به في البيوت، لنتكلم به في المدارس، في الجامعات، لنتكلم به في الشوارع والطرقات بين الكبير والصغير، بين الرجال والشباب والنساء وهو التحذير من كفر صريح وكبير جدًا ألا وهو شتم الله أو مسبة الله عز وجل والعياذ بالله تعالى، فهذا الأمر الذي فيه ذمٌّ وافتراء ونقص وازدراء وإساءة لله تقشعر منه الأبدان وترتجف منه القلوب وتذرف منه العيون من خشية الله الواحد القهار، قال الله تعالى (وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) (سورة التوبة 65-66).
وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (سورة فاطر 15).
فالله عز وجل لا يضره كفر الكافرين ولكنه أنزل على قلب حبيبه محمد صلى الله عليه وسلم (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) (سورة ءال عمران 109).
فمن هذا الباب، من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نطلق هذه الصرخة اليوم صرخة عالية مُدويّةً احذروا وحذّروا من مسبّة الله، من مسبّة الخالق البارىء سبحانه وتعالى، فالشتم قبيح الكلام، فوالله ثم والله إن عذاب الله ليس بأمر هين، وقد ينْزل عذابًا على هؤلاء الناس في الدنيا قبل الآخرة.
كان رجل اسمه حمار بن مالك عاش أربعين سنةً على الإسلام ثم الله تعالى أهلك أبناءه كانوا قد خرجوا للصيد أنزل صاعقةً فقتلتهم، هذا حمار بن مالك غضب من ربه والعياذ بالله فقال لا أعبده بعد ذلك لأنه قتل أبنائي، هذا كفر، ثم ما عاش بعد ذلك طويلاً، الله أرسل نارًا في أسفل الوادي أحرقت الوادي ومن فيه هو ومن معه، هو كان زعيمًا على تلك الناحية أحرقته النار هو ومن معه والأشجار والزرع، أكلت النار كل الوادي، لو صبر كان جزاؤه الجنة، لو صبر على المصيبة التي نزلت به بموت أولاده كان جزاؤه الجنة، لكن بسبب الغضب كفر بقوله لا أعبد الله والعياذ بالله، هذا الرجل سمّاه العرب حمار الجوف، هو اسمه حمار بن مالك لكن هم سمّوه حمار الجوف، من شدة كفره صار مثلاً، صاروا يقولون أكفر من حمار الجوف، والجوف بلدة في الجزيرة العربية هذا قبل بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم بآلاف السنين.
قال الله عزّ وجلّ (يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ) الآية (سورة التوبة 74).
إخوة الإيمان لقد حذّر الله في القرءان الكريم من الكفر وحذّر منه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والصحابة وأهل العلم ونحن اقتداء بهم نحذّر ونذكر بعض الأمثلة لمسيس الحاجة.
فالحذر الحذر، فإن من سبّ الله كقول بعض السفهاء (يلعن ربك) والعياذ بالله من الكفر، وكقول البعض (ابن الله) والعياذ بالله من الكفر، وكقول البعض (يلعن الذي خلقك) والعياذ بالله من الكفر، وكقول البعض (يلعن ربّ ربّك) والعياذ بالله من الكفر وهذا لا تأويل له، هذا خروج عن دين الله ولو كان غاضبًا أو مازحًا فهذا لا ينجيه من الكفر، وإن مات على هذا فهو خالد في نار جهنم لا يخرج منها أبدًا، قال تعالى (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا) (سورة الأحزاب 64-65).
واعلموا أنّ ناقل الكفر بلا استحسان له ولا رضًى به لا يكفر بدلالة قوله تعالى (وقالت اليهود عزير ابن الله).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [قال الله تعالى: شتمني ابن ءادم ولم يكن له ذلك، وفسر ذلك بقوله: وأما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولدا] رواه البخاري.
لذلك بادر بسرعة وبهمة عاليه إلى من سمعته تلفظ بنحو هذه الألفاظ البشعة الشنيعة، وأمره بالرجوع إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
فيا حماة الدين يا حراس العقيدة إن هذا الأمر خطير بل هو خطير جدًا جدًا لذلك عليكم بالخروج إلى الناس بما سمعتم اليوم من التحذير من مسبة الله، من مسبة الخالق البارئ سبحانه وتعالى، فالكفر هو رأس الذنوب، والله لا يغفر لمن مات على الكفر، قال الله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ) (سورة محمد 34).
والكفر هو أشد الظلم، قال تعالى (وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (سورة البقرة 254).
إخوة الإيمان، يا حماة الدين وحراس العقيدة لا تقصّروا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فاحذروا وحذروا من الكفر بأنواعه كمسبة الله أو الاعتراض على الله أو غير ذلك من الألفاظ البشعة الشنيعة (كقول بعضهم يا بو رب) فلا تسكتوا عن مثل هذا بل عليكم بالنصح والبيان، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الإيمان) أي أقل ما يلزم الإنسان عند العجز عن القهر والأمر. رواه مسلم.
اللهمّ عفوك ورضاك يا رب الكون، يا ربّ العالمين اغفر لنا وارحمنا وارزقنا همة عالية لنصرة دينك، يا رب العالمين أنت القوي ونحن الضعفاء فلا ملجأ لنا إلا إليك، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا، يا أرحم الراحمين ارحمنا.
هذا وأستغفرُ اللهَ لي ولكم.