من عجائب ما حصل في الهجرة النبوية
9 سبتمبر 2018سُنةُ الله في الدعاةِ لدينه
10 سبتمبر 2018الثَّبَاتُ عَلَى الطَّاعَةِ وَالتَّوْبَةِ وَمَجَالِس العِلْمِ وَالفَضَائِل بَعْدَ رَمَضَانَ
الحَمْدُ للهِ ثُمَّ الحمدُ لله، الحمدُ للهِ بِجَمِيعِ مَحَامِدِهِ كُلِّهَا مَا عَلِمْنَا مِنْهَا وَمَا لَمْ نَعْلَمْ عَدَدَ خَلْقِهِ كُلِّهِمْ مَا عَلِمْنَا مِنْهُمْ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ الوَاحِدُ الأَحَدُ الفَرْدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، تَقَدَّسَ رَبِّي عَنِ الأَمْثَالِ والأَكْفَاءِ وَتَنَزَّهَ عَنِ الزَّوَالِ وَالفَنَاءِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَلاَ يُشْبِهُهُ شَىء، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَاوَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةَ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ سَيِّدِ البَشَرِ وَفَخْرِ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ مَا أَقْبَلَ لَيْلٌ وَأَدْبَرَ وَأَضَاءَ صُبْحٌ وَأَسْفَرَ.
أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِيَ بِتَقْوَى الله العَلِيِّ القَدِيرِ القَائِلِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ نُورُهْمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَٱغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ٨﴾ سُورَةُ التحريـم.
إِخْوَانِي لَقَدْ وَدَّعْنَا مُنْذُ أَيَّامٍ شَهْرَ رَمَضَانَ الكَرِيـمَ، شَهْرَ الخيْرِ وَالبَرَكَاتِ وَالتَّوْبَةِ والطَّاعَاتِ فَبَعْدَ وَدَاعِ شَهْرِ التَّوْبَةِ اثْبُتُوا عَلَى التَّوْبَةِ، بَعْدَ وَدَاعِ شَهْرِ الطَّاعَةِ اثْبُتُوا عَلَى الطَّاعَةِ.
فَكَمْ هُوَ جَمِيلٌ ثَبَاتُكَ يَا ثَابِت، ثَابِتٌ البُنَانِيُّ هَذَا أَيُّهَا الأَحِبَّةُ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ وَكَانَ رَأْسًا فِي العِلْمِ وَالعَمَلِ جَاءَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ القُرْءَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَكَانَ يَصُومُ الدَّهْرَ، وَكَانَ يَقُولُ كَابَدْتُ الصَّلاَةَ عِشْرِينَ سَنَةً وَتَنَعَّمْتُ بِهَا عِشْرِينَ، هَذَا ثَابِتٌ إِخْوَةَ الإيـمَانِ وَرَدَ عَنِ الَّذِي أَلْحَدَهُ فِي قَبْرِهِ أَيْ أَدْخَلَهُ فِي قَبْرِهِ أَنَّهُ قَالَ (أَنَا وَالذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ أَدْخَلْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ لَحْدَهُ فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ اللَّبِنَ سَقَطَتْ لَبِنَةٌ يَعْنِي حَجَرٌ فَإِذَا بِهِ يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ، قَالَ فَقُلْتُ لِلَّذِي مَعِي أَلاَ تَرَى ؟ قالَ اسْكُتْ، فَلَمَّا سَوَّيْنَا عَلَيْهِ التُّرَابَ وَفَرَغَنْا أَتَيْنَا ابْنَتَهُ فَقُلْنَا لَهَا مَا كَانَ عَمَلُ ثَابِتٍ، مَاذَا كَانَ يَفْعَلُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا؟ قَالَتْ وَمَا رَأَيْتُمْ؟ فَأَخْبَرْنَاهَا، فَقَالَتْ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ خَمْسِينَ سَنَةً فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ قَالَ فِي دُعَائِهِ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ أَعْطَيْتَ أَحَدًا الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ فَأَعْطِنِيهَا، فَمَا كَانَ اللهُ لِيَرُدَّ ذَلِكَ الدُّعَاءَ) رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ.
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ هَذَا الرَّجُلُ الصَّالِحُ ثَبَتَ عَلَى صَلاَةِ النَّافِلَةِ، صَلاَةِ التَّطَوُّعِ خَمْسِينَ سَنَةً وَيَدْعُو اللهَ تَعَالَى أَنْ يَرْزُقَهُ الصَّلاَةَ فِي قَبْرِهِ فَأَكْرَمَهُ اللهُ بِذَلِكَ. وَمِنَ النَّاسِ اليَوْمَ مَنْ يَتَكَاسَلُونَ عَنْ تَأْدِيَةِ الفَرِيضَةِ، مِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ فَقَطْ وَبَعْدَ رَمَضَانَ يَنْقَطِعُ عَن الصَّلاَةِ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تَعَالَى. وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي لَيْلَةِ الإسْرَاءِ وَالـمِعْرَاجِ رَأَى قَوْمًا تُرْضَخُ رُؤُوسُهُمْ أَيْ تُكْسَرُ رُؤُوسُهُمْ ثُـمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَت فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ تَتَثَاقَلُ رُؤُوسُهُمْ عَنْ تَأْدِيَةِ الصَّلاَةِ.
فَيَا أَخِي الـمُسْلِمَ، مَا هِيَ إِلاَّ سَاعَاتٌ أَوْ دَقِائِقُ أَو أَقَلُّ تَمْضِي عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا ثُـمَّ يَنْتَهِي بِهِ الأَمْرُ إِلَى القَبْرِ. تُرَى أَلَيْسَ الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِـمَا بَعْدَ الـمَوْتِ؟ بَلَى وَاللهِ. أَلَيْسَ الكَيِّسُ الفَطِنُ الذَّكِيُّ هُوَ الَّذِي حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ فِي الآخِرَةِ؟ بَلَى وَاللهِ. فَالغَفْلَةُ لاَ تَنْفَعُ، وَمَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ. فَكَمْ هِيَ عَظِيمَةٌ فَرْحَةُ العَبْدِ الـمُؤْمِنِ الصَّالِحِ بِـمَا قَامَ بِهِ مِنَ الخيْرَاتِ فِي رَمَضَانَ، وَكَمْ هُوَ عَظِيمٌ ثَبَاتُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ رَمَضَانَ مِنَ الإمْسَاكِ عَنِ الكَلاَمِ الذِي لاَ يُرْضِي اللهَ، مِنَ الاِبْتِعَادِ عَمَّا حَرَّمَ اللهُ، وَكَذَلِكَ مِنَ الثَّبَاتِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ مِنْ صَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَتَعَلُّمٍ. فَاثْبُتْ أَخِي الـمُؤْمِنَ عَلَى حُضُورِ مَجَالِسِ العِلْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ وَلاَ تَتَوَقَّفْ عَنِ الاِسْتِمَاعِ لِلْخَيْرِ فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لاَ يَشْبَعُ مُؤْمِنٌ مِنْ .خَيْرٍ يَسْمَعُهُ حَتَّى يَكُونَ مُنْتَهَاهُ الجنَّةَ). اهـ
إِخْوَانِي، يَـمُرُّ عَلَى الإنْسَانِ أَحْيَانًا أَوْقَاتٌ يَكُونُ فِيهَا مِنَ الغَافِلِينَ ثُـمَّ يَتَيَقَّظُ وَيَنْتَبِهُ فَيَطْرُقُ بَابَ التَّوْبَةِ إِلَى اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَبَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مَا لَمْ تَصِلِ الرُّوحُ إِلَى الحُلْقُومِ أَيْ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، وَمَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَمَا لَمْ يَرَ مَلَكَ الـمَوْتِ عَزْرَائِيلَ.
فَهَنِيئًا لِـمَنْ تَابَ إِلَى الله تَوْبَةً نَصُوحًا فَالفَرْحَةُ بِعِيدِ الفِطْرِ عَظِيمَةٌ وَكَبِيرَةٌ وَلَكِنَّ الفَرْحَةَ عَظِيمَةٌ جِدًّا حِينَمَا يَجِدُ الـمُؤْمِنُ التَّقِيُّ الطَّيِّبُ الطَّاهِرُ الصَّالِحُ فِي صَحِيفَةِ أَعْمَالِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ مَا يَسُرُّهُ بَيْنَمَا هُنَاكَ ءَاخَرُونَ خَاسِرُونَ هَالِكُونَ، وَهُوَ مَعَ الـمُؤْمِنِينَ عَلَى سُرُرٍ مَتَقَابِلِينَ يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقِ الجَنَّةِ، يُطْعَمُونَ مِنْ طَعَامِهَا، يَجْتَمِعُونَ بِسَيِّدِ العَالَـمِينَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُبَّكَ وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكُ وَالعَمَلَ الَّذِي يُبَلِّغُنَا حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْفُسِنَا وَمِنْ أَهْلِنَا وَمِنَ الـمَاءِ البَارِدِ.
هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لِي وَلَكُم.