معنى (اغفِرْ ليْ مَا قَدَّمتُ ومَا أَخَّرْتُ)
11 يونيو 2018التبـرّك
23 يونيو 2018تربية الأولاد وتحصينهم من الانحراف والفساد
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا شكل ولا صورة له ولا جسد ولا أعضاء له ولا حيز ولا مكان له ولا كمية ولا كيفية له ولا جوارح ولا أدواتَ له هو الله الخالق القادر المنـزه عن صفات خلقه وهو القائل عن نفسه ﴿ليس كمثله شىء وهو السميع البصير﴾.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه بلّغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأُمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًّا من أنبيائه، الصلاة والسلام عليك سيدي يا علمَ الهدى يا رسولَ الله أنت طبُّ القلوب ودواؤُها وعافيةُ الأبدانِ وشفاؤُها ونورُ الأبصار وضياؤُها.
اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك وأعظِمْ على سيدِنا محمد الذي تنحلُّ به العُقَد وتنفرج به الكُرَب وتُقضَى به الحوائج وتُنالُ به الرغائبُ وحسنُ الخواتيم ويُستَسقَى الغمامُ بوجهه الكريم وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
وبعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأوصيكم ونفسي بعلم الدين، فعلم الدين هو حياة الإسلام، يجب الاهتمام به تعلُّمًا وتعليمًا للكبار وللصغار، أوصيكم بأهلكم خيرا، بأولادكم خيرا، يقول ربّنا سبحانه وتعالى في محكم التنزيل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
فوقايةُ النفسِ والأهلِ من نار جهنّمَ تكونُ بتعلّمِ أمورِ الدين وتعليمِ الأهلِ ذلك، فإنَّ مَن لم يتعلمْ علمَ الدينِ يتخبّطُ في الجهل ولا يَعرفُ الحلالَ والحرام فيقعُ فيما لا يُرضي اللهَ تبارك وتعالى، وقد يقعُ في الكفر والعياذ بالله فيَسخَطُ اللهُ عليه ويكونُ مآلُهُ في الآخرةِ إن ماتَ على الكفرِ أن يدخلَ النارَ خالدًا فيها لا تلحقُه شفاعةُ شافعٍ وليس له نصيرٌ ولا يرحمُه اللهُ وما ذاكَ إلا لأنه أهملَ تعلّمَ علمِ الدِّين من أهل المعرفةِ الصادقين.
فمِن هنا كان دورُ الأهلِ في تنشئةِ أولادِهم تنشِئةً إسلاميّةً صحيحة. فحِرصُكَ على أمورِ معيشتِهم في الدُّنيا ليس أولى مِن حرصِك على ما ينفعُهم في الآخرة، فالأَولى أن تتابعَهم وأن تحثَّهم على ما ينفعُهم في الآخرة.
ولا شكَّ إخوةَ الإيمانِ أنّ مِن علماءِ أهلِ السنّة والجماعة مَن ألّفَ وكتبَ الدُّرَرَ عن تربية الأولاد وعمّا يجبُ على وليِّ الصبيّ والصبية كأمرِهِمَا بالصلاة وهم أبناءُ سَبْعٍ، وتعليمِهما يجبُ كذا ويحرمُ كذا، كحُرمة السَّرِقةِ والزنا واللواط، فقد قال عليه الصلاة والسلام (مُروا أولادَكم بالصلاةِ وهم أبناءُ سَبْع) رواه أبو داود، وقال الحافظُ الفقيه ابنُ الجوزيِّ في كتابه حفظُ العِلم ( إنَّ الولدَ إن صارَ مُمَيِّـزًا فإنّ أولَ ما يُعلّمُ شىءٌ في العقيدة ثم شىءٌ في الطهارةِ ثم شىء من القرءان).
واليومَ أطرحُ أمورا على مِنبرِ الجمعة، أمورًا قدِ انتشرت في مجتمعاتِنا والتي قد تكونُ سببًا كبيرًا في انحرافِ وفسادِ كثيرٍ منَ الشبابِ اليومَ بل وقد تُوصِلُ البعضَ إلى الكفر والعياذ بالله.
فيا أيّها الأبُ تابعْ ولَدَكَ على تعلُّمِ علمِ الدِّين وماذا أنهى منَ المتونِ الشّرْعيّةِ ليكونَ عندَه ميزانٌ شرعيّ.
فأيُّ واحدٍ منَّا قبلَ أن يشتريَ لولدِه سَيارةً أو يأذنَ له بقيادةِ السَّيارة يتأكدُ من أنه يُتقِنُ القيادةَ جيّدًا خوفا عليه، حِرصًا عليه، فبالله عليكم أليسَ مِن بابِ أَولى أن تتأكدَ مِن ولدِك أنه عندَه الميزانُ الشَّرعيُّ حِرصًا على دِينه؟ ثم مَن يُصاحبُ ومعَ مَنْ يمشي ويسهرُ في الليالي؟ هل هؤلاء بِطانةُ خَيرٍ تدلُّهُ على الخير، تُذكِّرُة بالصلاة، تقولُ له هذا حلالٌ وهذا حرام؟ أم هؤلاءِ رُفَقَاءُ السُّوءِ الذينَ يصحَبونَه إلى الحرامِ ويدفعونَ به نزولا لينزلَ وينزلَ وينزلَ حتى يصلَ إلى الحضيضِ فتستحِي بعدَ ذلك أن تقولَ هذا ولدِي.
فيا أيُّها الأبُ إن تابعتَ ولدَك ماذا يفعلُ على الإنترنت أو بماذا يستعملُه أو بماذا يستعملُ الهاتفَ أو مَن يصاحبُ أو ماذا يشاهدُ في الليلِ على الفضائيات، هذا ليس تعقيدًا ولا تخلُّفًا بل من بابِ حرصِك على أولادِك ذكورا وإناثا، هذا من باب عنايتِك بهم. وإلا لا أستبعدُ أنّ مِنَ الآباءِ اليومَ بعدَ سماعِهم هذه الخطبةَ أن تبكيَ قلوبُهم قبلَ أن تظهرَ الدُّموعُ في أعيُنِهم حُزنًا على ما ءالَتْ إليه أوضاعُ بعضِ أولادِهم منَ الانحرافِ والضّيَاع، ولكنْ طالما أنفاسُك في صدرِك لا تَملّ ولا تخجلْ، ولا تلتفتْ إلى كلامِ الجهالِ الذين لا فَهم لهم ولا عبرةَ بكلامهم، اثبُت على النصيحةِ والمتابعةِ والتربية والعناية بمجالسِ علمِ الدينِ لكَ ولأولادِك وأهلِ بيتك.
يا إخوةَ الإسلام والإيمان، يا إخوةَ العقيدة، إننا نُحسِّنُ الظنَّ بكم وبأولادِكم ولكنْ لا تُخالفونَا الرأيَ أن مجتمعَنا يحتاجُ إلى مثلِ هذا الكلامِ من حينٍ إلى ءاخر، فأيُّ شيءٍ دورُ خطباءِ الجمُعة؟ أليس دورُهم تعليمَ العقيدةِ والتحذيرَ منَ الضلالِ والأمرَ بالمعروف والنهيَ عنِ المنكر وتوعيةَ الناس وتنبيهَهُم إلى الأخطار المُحدِقة بهم؟ بَلَى والله.
هذا دورُ خطباءِ المنابر، وانطلاقا منْ هذا الدورِ أحببنا أن نُسلِّطَ الضوءَ اليومَ على مثلِ هذه الأمورِ التي ذكرنا عسى أن تُثمرَ هذه الخطبةُ بجهودِكم بإذنِ الله تعالى ثمارا طيّبةً إذا ما خرجتُم بها، أي بهذه النصائحِ إلى غيركم.
والله يفعل ما يريد، واللهَ نسأل القَبول والتوفيق.
هذا وأستغفر الله لي ولكم