في مَحَبَّةِ سَيِّدِنا محمَّدٍ
3 يوليو 2018بَعْضُ ما يَجْلُبُهُ الحُجّاجُ مَعَهُمْ والتحذير من الكتب التي شحنت بعبارات التكفير والتضليل للمسلمين
3 يوليو 2018حارِبُوا الشَّيْطانَ بِبَعْضِكُم
إِنَّ الحَمْدَ للهِ نحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ وَنَتُوبُ إِلَيْهِ، ونَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنا ومِنْ سَيِّئاتِ أَعْمالِنا، مَن يَهْدِ اللهُ فَلَا مُضِلَ لَهُ، ومَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَه، وأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ولا شَبِيهَ لَه ولا مَثِيلَ لَهُ ولا كَيْفَ ولا شَكْلَ ولا صُورَةَ ولا أَعْضاءَ لَه، خَلَقَ الْمَكانَ ولا يَحْتاجُ إِلَيْه، فَهُوَ مَوْجُودٌ أَزَلاً وأَبَدًا بِلا مَكان، خَلَقَ العَرْشَ إِظْهارًا لِقُدْرَتِهِ ولَمْ يَتَّخِذْهُ مَكانًا لِذاتِه، تَنَزَّهَ رَبّي سُبْحانَهُ وتَعالى عَنِ القُعُودِ والجُلُوسِ والاِسْتِقْرارِ والصُّعُودِ والنُّزُولِ والاِتِّصالِ والاِنْفِصال، خَلَقَ الأَجْسامَ اللَّطِيفَةَ كَالنُّورِ والهَواءِ، والأَجْسامَ الكَثِيفَةَ كَالبَشَرِ والحَجَرِ والشَّجَر، فَرَبُّنا لَيْسَ حَجْمًا، ولا يُوصَفُ بِصِفاتِ الأَجْسام، كَالأَلْوانِ والحَرَكاتِ والسَّكَناتِ، فَالحَمْدُ للهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ والأَرْضَ وجَعَلَ الظُّلُماتِ والنُّور.
وأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وحَبِيبَنا وعَظِيمَنا وقائِدَنا وقُرَّةَ أَعْيُنِنا محمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ ونَبِيُّهُ وصَفِيُّهُ وحَبِيبُهُ، بَلَّغَ الرِّسالَةَ وأَدَّى الأَمانَةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فَجَزاهُ اللهُ عَنّا خَيْرَ ما جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيائِه، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى سِيِّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِهِ وأَصْحابِهِ الطَّيِّبِينَ الطاهِرِينَ وسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمّا بَعْدُ عِبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونَفْسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ القائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِهِ ﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُواْ بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَٱتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ١٠﴾(سورة الحجرات).
وعَنْ أَبِي رُقَيَّةَ تَمِيمِ بْنِ أَوْسٍ الدّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قالَ الدِّينُ النَّصِيحَةُ، قُلْنا لِمَنْ قالَ للهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ اهـ (رواه مسلم)، وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ بايَعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيه وسَلَّمَ عَلى إِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ. اهـ (متّفق عليه)، ويَقُولُ الإِمامُ الرِّفاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وأَرْضاهُ حارِبُوا الشَّيْطانَ بِبَعْضِكُمْ، بِنَصِيحَةِ بَعْضِكُمْ، بِخُلُقِ بَعْضِكُمْ، بِحالِ بَعْضِكُمْ، بِقَالِ بَعْضِكُمْ. اهـ
إِخْوَةَ الإِيمانِ، لا شَكَّ أَنَّ كَلامَ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وحَبِيبِ رَبِّ العالَمِينَ خَيْرٌ لَنا ونَفْعٌ عَظِيمٌ لِأُمَّتِنا وأَهْلِنا وأَحِبَّتِنا وأَصْدِقائِنا، الدِّينُ النَّصِيحَةُ، فَمَهْما عَرَفْتَ مِنْ هَفْوَةٍ لِمُسْلِمٍ بِحُجَّةٍ لا شَكَّ فِيها فَانْصَحْهُ في السِّرِّ، ولا يَخْدَعَنَّكَ الشَّيْطانُ فَيَدْعُوَكَ إِلى اغْتِيابِه، إِذا عَرَفْتَ أَنَّ أَخاكَ الْمُسْلِمَ ابْتَلاهُ اللهُ تَعالى بِمَعْصِيَةٍ، بِزَلَّةٍ مِنَ الزَّلاَّتِ، بادِرْ إِلى نُصْحِهِ ولَيْسَ إِلى فَضْحِه، فَهَذا الصَّحابِيُّ الجَلِيلُ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلّى اللهُ علَيه وسلَّم عَلى إِقامِ الصَّلاةِ وإِيتاءِ الزَّكاةِ والنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ.
فَيا أَيُّها الأَحِبَّةُ الكِرامُ، يا إِخْوَةَ العَقِيدَةِ لِيَسْأَلْ كُلُّ واحِدٍ مِنْكُمْ نَفْسَهُ أَيْنَ أَنا مِنَ النَّصِيحَةِ الَّتِي حَثَّ عَلَيْها دِينُنا الإِسْلامُ العَظِيمُ وهَذا إِمامُنا الرِّفاعِيُّ الكَبِيرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ حارِبُوا الشَّيْطانَ بِبَعْضِكُم، وأَرْشَدَنا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَيْفَ نُحارِبُ الشَّيْطانَ بِبَعْضِنا فَقالَ بِنَصِيحَةِ بَعْضِكُم، بِخُلُقِ بَعْضِكُم، بِحالِ بَعْضِكُم، بِقالِ بَعْضِكُم، فَكُنْ عَوْنًا لِأَخِيكَ عَلى شَيْطانِه، ولا تَكُنْ عَوْنًا لِلشَّيْطانِ عَلَى أَخِيكَ، فَقَدْ قالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ المُؤْمِنُ مِرْءَاةُ أَخِيهِ المُؤْمِنِ اهـ (أخرجه أبو داود بإسناد حسن).
أَلَيْسَ الواحِدُ يَنْظُرُ في الْمِرْءاةِ لِيُزِيلَ ما لا يُعْجِبُهُ، فَإِذا نَظَرَ في الْمِرْءاةِ ورَأَى شَيْئًا في وَجْهِهِ لا يُعْجِبُهُ ماذا يَفْعَلُ يُزِيلُهُ، وهَكَذا كُنْ مَعَ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ إِذا رَأَيْتَ عَلَيْهِ أَمْرًا لا يُرْضِي اللهَ تَعالى لا تَتْرُكْهُ عَلى ما هُوَ عَلَيْه، وتَذَكَّرْ قَوْلَ اللهِ تَعالى في ذَمِّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ ﴿كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ٧٦﴾(سورة المائدة).
ثُمَّ هَذا الأَمْرُ يا أَحْبابَنا لا بُدَّ فِيهِ أَوَّلاً مِنَ العِلْمِ الشَّرْعِيِّ، لا بُدَّ فِيهِ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ، لِأَنَّهُ بِعِلْمِ الدِّينِ تَعْرِفُ الحَلالَ مِنَ الحَرامِ، فَتَعْرِفُ مَنْ تَعَدَّى الحُدُودَ، وتَعْرِفُ مَنِ الْتَزَمَ الحُدُود، بِعِلْمِ الدِّينِ تَعْرِفُ كَيْفَ تَنْصَحُ، وماذا تَقُولُ حِينَ تَنْصَحُ، بِعِلْمِ الدِّينِ تَعْرِفُ كَيْفَ تَتَكَلَّمُ، ولِماذا تَتَكَلَّمُ وبِماذا تَتَكَلَّمُ، وإِنْ سَكَتَّ لِماذا تَسْكُتُ. فَسَلْ نَفْسَكَ أَيْنَ أَنا مِنْ مَجالِسِ عِلْمِ الدِّينِ وأَيْنَ أَنا مِنَ الأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ والنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ورَبُّنا تَبارَكَ وتَعالى يَقُولُ ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾(سورة ءال عمران).
سَلْ نَفْسَكَ أَيْنَ أَنا مِنْ نَصِيحَةِ الشَّبابِ الْمُقَصِّرِينَ في أَمْرِ الصَّلاة، كَيْفَ نَنْصَحُهُمْ ونُحارِبُ شَيْطانَهُم، لا شَكَّ بِالأُسْلُوبِ الحَسَنِ والْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، فَالرِّفاعِيُّ قالَ حارِبُوا الشَّيْطانَ بِخُلُقِ بَعْضِكُم.
فَاعْلَمُوا عِبادَ اللهِ أَنَّ بِلادًا قَدْ فُتِحَت، بِالأَخْلاقِ الإِسْلامِيَّة، فُتِحَتْ بِالأَخْلاقِ الْمُحَمَّدِيَّة، الَّتِي حَثَّ عَلَيْها الشَّرْعُ وذَلِكَ أَنَّ تُجّارًا مِنْ أَهْلِ اليَمَنِ كانُوا يَذْهَبُونَ بِتِجاراتِهِمْ إِلى بِلادِ أَنْدُونِيسْيا ومالِيزْيا فَكانَ أَهْلُ تِلْكَ البِلادِ يَرَوْنَ صِدْقَ هَؤُلاءِ التُّجّارِالْمُسْلِمِينَ وحُسْنَ أَخْلاقِهِمْ وأَمانَتَهُمْ وما هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الحِلْمِ والكَرَمِ والإِحْسانِ وحُسْنِ الْمُعامَلَة، وعَرَفُوا أَنَّ هَذِهِ الأَخْلاقَ السامِيَةَ إِنَّما هِيَ مِمّا أَمَرَهُمْ بِهِ دِينُهُمْ مِمّا جاءَ عَلى لِسانِ نَبِيِّهِمْ فَصارَ النّاسُ يَدْخُلُونَ في الإِسْلامِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى انْتَشَرَ الإِسْلامُ في تِلْكَ البِلاد.
حارِبُوا الشَّيْطانَ بِقالِ بَعْضِكُم، فَلْتَكُنِ الكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي قالَ عَنْها رَسُولُ اللهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَدَقَةٌ عَلى لِسانِكَ دَوْمًا ولا تَمْنَعْ إِخْوانَكَ نَصِيحَتَكَ لَعَلَّ اللهَ يَفْتَحُ بِها قُلُوبَ قَوْمٍ غافِلِينَ فَيُصْلِحُ حالَهُمْ فَكَمْ مِنْ أُناسٍ كانَ سَبَبُ انْتِقالِهِمْ مِنَ الغَفْلَةِ إِلى الصَّلاحِ كَلِمَةً سَمِعُوها، جَعَلَنِي اللهُ وإِيّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَه.
هَذا وأَسْتَغْفِرُ اللهَ لي ولَكُم.