لا بد لكل واحد منا أن يرحل عن هذه الدنيا الزائلة الفانية
3 يونيو 2018الرضا والتسليم بقضاء الله تعالى
7 يونيو 2018لا شك أن الآخرة خير وأبقى لا شك أن نعيم الجنة أفضل لا شك أن نعيم الآخرة للبقاء وأن نعيم الدنيا للزوال
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضدَ ولا ندَّ له، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وقائدنا وقرّة أعيننا محمدا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا من أنبيائه، صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله.
أمّا بعدُ عبادَ اللهِ ، فإنِّي أوصيكُمْ ونَفْسِي بتقوَى اللهِ العليِّ القديرِ، وبالتمَسُّكِ بنهجِ سيّدِ المرسلينَ سيِّدِنا محمّدٍ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، فقد قال الله تعالى [وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَىءٍ فَمَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلا تَعْقِلُونَ] (القصص:60) وقال سبحانه [وَالآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى] (الأعلى:17).
إخوة الإيمان والإسلام، لا شك أن الآخرة خير وأبقى لا شك أن نعيم الجنة أفضل لا شك أن نعيم الآخرة للبقاء وأن نعيم الدنيا للزوال فاعمل يا أخي للآخرة ولا تعلق قلبك بالدنيا ومالها ولا تعص الله لأجلها وإياك أن تمد يدك إلى الحرام.
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم قالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ (يا ابْنَ ءادَمَ تَفَرَّغْ لِعِبَادَتي أَمْلأْ صَدرَكَ غِنًى وَأَسُدَّ فَقْرَكَ وَإِلا تَفْعَلْ مَلَأتُ يَدَكَ شُغْلاً وَلَمْ أَسُدَّ فَقْرَكَ). رواه أحمد والترمذي وابن ماجه والحاكم وحسنه السيوطي.
فَمَنِ اشْتَغَلَ بِطَاعَةِ اللهِ مَلأ اللهُ قَلْبَهُ غِنًى مَعْنَوِيًّا وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا مِنْ حَيْثُ الْمَالُ.
فالفطن الذكي من دان نفسه وعمل لما بعد الموت وعمل بخصال الخير التي حث عليها رسول الله صَلَّى اللهُ عليهِ وسلم.
فعَنْ سيدنا عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّ السيدة فَاطِمَةَ رضي الله عنها شَكَتْ مَا تَلْقَى مِنْ أثر الرَّحَى فِي يَدِهَا (ففي الماضي كانوا يطحنون ويعجنون في البيوت ليس كاليوم) فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْأَلُهُ خَادِمًا فَلَمْ تَجِدْهُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِعَائِشَةَ رضي الله عنها فَلَمَّا جَاءَ أَخْبَرَتْهُ، قَالَ علي: فَجَاءَنَا وَقَدْ أَخَذْنَا مَضَاجِعَنَا فَذَهَبْتُ أَقُومُ فَقَالَ (مَكَانَكَ) فَجَلَسَ بَيْنَنَا حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِي فَقَالَ (أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ؟ (أي جاريةٍ لأن لفظ الخادم يطلق على الذكر والانثى) أَلا أَدُلُّكُمَا عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ؟ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَسَبِّحَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وَاحْمَدَا ثَلاثًا وَثَلاثِينَ وكَبِّرَا أربعا وَثَلاثِينَ فَهَو خَيْرٌ لَكُمَا مِنْ خَادِمٍ). رواه البخاري ومسلم والبيهقي.
تعرفون لماذا قال لهما هذا؟ لأن الآخرة خير وأبقى.
وقال بعض المفسرين (يحصُلُ لها بسببِ هذه الأذكارِ قوةٌ فتقدِرُ على الخدمةِ أكثرَ مما يقدِرُ الخادمُ).
والله قادر على كل شىء لا يعجزه شىءٌ أبدا، أليس ورد في الحديث الشريف أنه تحصل مجاعةٌ أيامَ الدجال، وأن الأتقياء يشبعون بالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ وَيُجْرَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ مُجْرَى الطَّعَامِ؟ بلى. رواه ابن ماجه.
فحلوةٌ هي الأسرةُ المتوكلةُ على الله، فاليومَ والحال ُكما تعرفون، عَجَزَ الكثيرُ من الرجال عن جَلْبِ الخادمِ للبيت، وزوجتُه صابرةٌ تعملُ في بيتِه ليلا ونهارا، فحريٌّ بهما أن يشكرا الله َتعالى على ما أنعم به عليهما، وحريٌّ بكلٍ منهما أن يذكِّرَ الآخرَ بما ينفعه في الآخرة ، وحريٌّ بهما أن يتعاونا على الخير، كقيام الليل مثلا.
قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عليهِ وسلَّم (قالت أمُّ سليمانَ بنِ داودَ لسليمانَ: يا بُنَيَّ، لا تُكْثِرِ النومَ بالليل، فإنَّ كثرةَ النومِ بالليل تتركُ الإنسانَ فقيًرا يومَ القيامة) رواه النسائي وابن ماجه والبيهقي.
فقُمْ في الليل وأيقِظِ امرأتكَ للصلاةِ، فالأنفاسُ معدودةٌ، والعمُرُ لا بد أن ينقضيَ وقد قَالَ رَسولُ الله صَلَّى الله عليهِ وسلَّم (رحم اللهُ رجلا قامَ من الليل فصلى وأيقظَ امرأتَه فصلتْ، فإنْ أبتْ نضحَ في وجهها الماء (أي رشَّهُ رشًّا خفيفا)) وقال عليه الصلاة والسلام (رحِم الله امرأةً قامتْ من الليل فصلتْ وأيقظتْ زوجَها فصلى، فإنْ أبى نضحتْ في وجهِه الماءَ). رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلى ذِكْرٍ طَاهِرًا فَيَتَعارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلُ اللهَ تعالى خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنيا والآخِرَةِ إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ) رَواهُ أحمدُ وأَبو دَاودَ وحسَّنَهُ الحافِظُ السِّيوطيُّ. وَمَعْنَى يَتَعارَّ يَسْتَيْقِظَ أَثْنَاءَ تَقَلُّبِهِ في الْفِرَاشِ.
اللهُمَّ أَعِنّا عَلى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ اللهُمَّ أَنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ السَّلامُ تبَارَكْتَ يا ذَا الْجَلالِ والإكْرَامِ
هذا وأستغفر الله لي ولكم