الرَّدُّ العِلمي عَلَى ضَلَالَاتِ محمد راتب النابلسي-7
الرَّدُّ العِلمي عَلَى ضَلَالَاتِ محمد راتب النابلسي-7
6 سبتمبر 2018
قصّة إسلام نحو أربعين ألفًا من المغول
قصّة إسلام نحو أربعين ألفًا من المغول
8 سبتمبر 2018
الرَّدُّ العِلمي عَلَى ضَلَالَاتِ محمد راتب النابلسي-7
الرَّدُّ العِلمي عَلَى ضَلَالَاتِ محمد راتب النابلسي-7
6 سبتمبر 2018
قصّة إسلام نحو أربعين ألفًا من المغول
قصّة إسلام نحو أربعين ألفًا من المغول
8 سبتمبر 2018

لنَغْنَمْ لَيْلَةَ القَدْرِ

لنَغْنَمْ لَيْلَةَ القَدْرِ

إِنَّ الحمْدَ لله نَحْمَدُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورُ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِ الله فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَلاَ مَثِيلَ وَلاَ شَبِيهَ وَلاَ ضِدَّ وَلاَ نِدَّ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَحَبِيبَنَا وَعَظِيمَنَا وَقَائِدَنَا وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَحَبِيبُهُ مَنْ بَعَثَهُ الله رَحْمَةً لِلْعَالَـمِينَ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا بَلَّغَ الرِّسَالَةَ وَأَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَّةَ وَجَاهَدَ فِي الله حَقَّ جِهَادِهِ فَجَزَاهُ الله عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا مِنْ أَنْبِيَائِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى ءَالِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

أَمّا بَعْدُ عِبَادَ الله، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى الله العَلِيِّ القَدِيرِ القَائِلِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي ليلَةِ القَدْرِ ١ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ ٢ لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألفِ شَهْرٍ٣ تَنَزَّلُ الملائِكَةُ والرُّوحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِ أمْرٍ ٤ سَلامٌ هِيَ حَتى مَطْلَعِ الفَجْرِ ٥ ﴾ سورة القدر.

وَيَقُولُ الحبِيبُ الـمُصْطَفَى صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ لِسِتٍّ مَضَيْنَ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الإِنْجِيلُ لِثَلاَثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الزَّبُورُ لِثَمَانِ عَشْرَة خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ وَأُنْزِلَ الفُرْقَانُ لأرْبَعٍ وَعِشْرينَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ). اهـ الجامع الصغير، فَكَمْ هُوَ عَظِيمٌ شَهْرُ رَمَضَان، وَكَمْ هِيَ عَظِيمَةٌ لَيَالِي رَمَضَانَ. وَكَلاَمُنَا اليَوْمَ عَنْ لَيْلَةِ اللَّيِالِي لَيْلَةِ القَدْرِ العَظِيمَةِ.

يَقُولُ الله تعالى ﴿ إِنّا أنْزَلْنَاهُ في لَيْلَةِ القَدْر ١﴾ سورة القدر، أُنْزِلَ القُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الـمَحْفُوظِ إِلَى بَيْتِ العِزَّةِ وَهُوَ بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ القَدْرِ وَكَانَتْ تِلْكَ السَّنَةُ فِي لَيْلَةِ الرَّابِعِ وَالعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ. ثُـمَّ صَارَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَشَيْئًا عَلَى حَسَبِ مَا يُؤْمَرُ مِنَ الله عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَسَبِ الأَسْبَابِ وَالْحَوَادِثِ إِلَى أَنْ تَـمَّ نُزُولُهُ فِي نَحْوِ عِشْرِينَ سَنَةً.

﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ ٢﴾ سورة القدر، أَيْ وَمَا أَعْلَمَكَ يَا مُحَمَّد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَيْلَةُ القَدْرِ، وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ التَّعْظِيمِ وَالتَّشْوِيقِ إِلَى خَبَرِهَا تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا.

وَلَيْلَةُ القَدْرِ قَدْ تَكُونُ فِي أَيِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيِالِي رَمَضَانَ وَلَكِنِ الغَالِبُ أَنَّهَا تَكُونُ فِي العَشْرِالأَوَاخِرِ مِنْهُ فَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ (الْتَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ). اهـ رَوَاهُ مُسِلِمٌ، وَالحكْمَةُ مِنْ إِخْفَائِهَا لِيَتَحَقَّقَ اجْتِهَادُ العِبَادِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ كُلِّهَا طَمَعًا مِنْهُمْ فِي إِدْرَاكِهَا كَمَا أَخْفَى الله سَاعَةَ الإجَابَةِ فِي يَوْمِ الجمُعَةِ.

﴿لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ ألفِ شَهْرٍ ٣﴾ سورة القدر، أَيْ أَنَّ العِبَادَةَ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ أَفْضَلُ مِنَ العِبَادَةِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ القَدْرِ وَهِيِ ثَـمَانُونَ سَنَةً وَثَلاَثَةُ أَعْوَام وَثُلُثُ عَامٍ. ﴿تَنَزّلُ الملائِكَةُ والرُّوحُ فيها بِإذْنِ رَبِّهِم مِنْ كُلِ أمْرٍ ٤﴾ سورة القدر، أَيْ فِي لَيْلَةِ القَدْرِ يَنْزِلُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ مَعَ جَمْعٍ كَبِيرٍ مِنَ الـمَلاَئِكَةِ فَيْنْزِلُونَ بِكُلِّ أَمْرٍ قَضَاهُ الله فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنْ أَرْزَاقِ العِبَادِ وَءَاجَالِهِمْ إِلَى قَابِل أَيْ إِلَى السَّنَةِ القَابِلَةِ لأَنَّ لَيْلَة القَدْرِ هِيَ اللَّيْلَة التي يَتِمُّ فِيهَا تَقْسِيمُ القَضَايَا التي تَحْدُثُ للعَالم مِنْ تِلْكَ اللَّيْلَةِ إِلَى مِثْلِهَا فِي العَامِ القَابِلِ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي الحدِيثِ الذِي رُوِيَ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ القَدْرِ نَزَلَ جِبْرِيل فِي كَبْكَبَة ـ أَيْ جَمَاعَةٍ ـ مِنَ الـمَلاَئِكَةِ يُصَلُّونَ وَيُسَلِّمُونَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ قَائِمٍ أَوْ قَاعِدٍ يَذْكُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ فَيَنْزِلُونَ مِنْ لَدُن غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ). اهـ رواه البهيقي في شعب الإيـمان، وَالـمَلاَئِكَةُ إِخْوَةَ الإيـمَانِ أَجْسَامٌ نُورَانِيَّةٌ لاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ وَلاَ يَنَامُونَ وَلاَ يَتَنَاكَحُونَ لَيْسُوا ذُكُورًا وَلاَ إِنَاثًا لاَ يَعْصُونَ الله مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ.

﴿سَلامٌ هِيَ حَتى مَطْلَعِ الفَجْرِ ٥ ﴾ سورة القدر، أَيْ أَنَّهَا خَيْرٌ وَبَرَكَةٌ إِلَى طُلُوعِ الفَجْرِ، فَلَيْلَةُ القَدْرِ سَلاَمٌ وَخَيْرٌ عَلَى أَوْلِيَاءِ الله وَأَهْلِ طَاعَتِهِ الـمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَسْتَطِيعُ الشَّيْطَانُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا سُوءًا أَوْ أَذَى، وَتِلْكَ السَّلاَمَةُ تَدُومُ إِلَى مَطْلَعِ الفَجْرِ. وَرَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَّ أُمَّتَهُ عَلَى قِيَامِ لَيْلَةِ القَدْرِ قَائِلاً (مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيـمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ). اهـ رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، وَمِنْ عَلاَمَاتِ رُؤْيَةِ لَيْلَةِ القَدْرِ رُؤْيَةُ نُورٍ خَلَقَهُ الله غَيْرَ نُورِ الشَّمْسِ وَالقَمَرِ وَالكَهْرُبَاءِ أَوْ رُؤْيَةُ الأَشْجَارِ سَاجِدَةً. وَمِنْ عَلاَمَاتِهَا طُلُوعُ الشَّمْسِ صَبِيحَتَهَا لَطِيفَةً، أَوْ سَمَاعُ صَوْتِ الـمَلاَئِكَةِ وَمُصَافَحَتُهُمْ، أَوْ رُؤْيَتُهُمُ عَلَى أَشْكَالِهِمْ الأَصْلِيَّةَ ذَوِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاع، فَإِنْ تَشَكَّلُوا بِشَكْلِ بَنِي ءَادَمَ فَإِنَّهُمْ يَكُونُونَ بِصُوَرِ الذُّكُورِ مِنْ غَيْرِ ءَالَةِ الذُّكُورَةِ لاَ بِصُوَرِ الإنَاثِ.

وَمَنْ حَصَلَ لَهُ رُؤْيَةُ شَىءٍ مِنْ عَلاَمَاتِ لَيْلَةِ القَدْرِ يَقَظَةً فَقَدْ حَصَلَ لَهُ رُؤْيَةُ لَيْلَةِ القَدْرِ، وَمَنْ رَءَاهَا فِي الـمَنَامِ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى خَيْرٍ لَكِنَّهُ أَقَلُّ مِنْ رُؤْيَتِهَا يَقَظَةً، وَمَنْ لَمْ يَرَهَا مَنَامًا وَلاَ يَقَظَةً وَاجْتَهَدَ فِي القِيَامِ وَالطَّاعَةِ وَصَادَفَ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَالَ مِنْ عَظِيمِ بَرَكَاتِهَا.

وَقَدْ سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهَا إِذَا رَأَتْ لَيْلَةِ القَدْرِ بِـمَ تَدْعُو قَالَ لَهَا (قُولِي اللّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفْوَ فَاعْفُ عَنّي). اهـ رواه ابن ماجه وغيره، فَهَلُمُّوا إِخْوَةَ الإيـمَانِ للاجْتِهَادِ بِالطَّاعَةِ فِي هَذِهِ اللَّيَالِي العَظِيمَةِ الـمُبَارَكَةِ الـمُتَبَقِيَّةِ مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ قِيَامٍ وَذِكْرٍ وَتِلاَوَةٍ، وَأُذَكِّرُكُمْ مَنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَلْيَشْتَغِلْ بِالقَضَاءِ فَدَيْنُ الله أَحَقُّ بِالوَفَاءِ.

هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *