عاشوراء وقصّة استشهاد سيّدنا الحُسيْن رضي الله عنه
30 نوفمبر 2016لماذا سُمِّيَ هذا بهذا
1 ديسمبر 2016وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له، {وللهِ المَثَلُ الأَعلَى} الآية . (سورة النحل/60 ).
أيْ ولله الوصف الذي لا يشبه وصف غيره فلا يوصف ربنا عز وجل بصفات المخلوقين من التغير والتطور والحلول في الأماكن والسكنى فوق العرش، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا .
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، جاء صلى الله عليه وسلم بالهدى ودينِ الحقِّ وثبت ثباتًا يتضاءلُ أمامَه ثباتُ الجبال الراسيات. فيا ربنا يارب الكون، يا من رفعت السماء بلا عمد وأنزلت القرءان على سيدنا محمد صلِّ وسلِّم وبارك وأنعِم على سيدنا محمد وعلى ءال سيدنا محمد وعلى أصحاب سيدنا محمد الطيبين الطاهرين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه: { لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْءانَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } (الحشر/21).
فبعد هذه الآية العظيمة فلنستمع بإصغاء جيد وبخشوع لِما وردَ في كتاب الله العظيم في سورة النحل:{ وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } (سورة النحل/78) .
إنّ الله سبحانه وتعالى يخبرنا بأنه أخرجنا من بطون أمهاتنا لا نعلم شيئًا أي غير عالمين شيئًا من حقِّ المنعم الذي خَلَقَنا في البطون، ومقصودُ الآيةِ أنّ اللهَ تعالى أبانَ نِعَمَهُ عليهم حيث أخرجهم جُهّالاً بالأشياء وخلقَ لهم الآلاتِ التي يتوَصّلون بها إلى العِلْمِ
فتفكّر أخي المسلم في نفسِك، في كل ما أنت فيه من النِّعَم، فالله تعالى هو الذي أنعم عليك بجسدك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بصحتك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بمالك، الله تعالى هو الذي أنعم عليك بعلمك، والله تعالى هو الذي أنعم عليك بقلبك وبسمعك وبصرِك. { وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
أي وما رَكَّبَ فيكم السمع والأبصار والأفئدة إلا ءالاتٍ لإزالة الجهل الذي وُلِدتُم عليه واجتلابِ العِلْمِ والعمل به من شكر المنعِم وعبادتِه والقيام بحقوقه.
وإن أعظم نعمة مَنَّ اللهُ تعالى عليك بها أخي المؤمن هي نعمة الإيمان، “فمن أُعطي الإيمانَ ومُنِعَ الدنيا كأنما ما مُنِعَ شيئًا ومن أُعطي الدنيا ومُنِعَ الإيمانَ كأنما ما أُعطي شيئًا” . فإن أعظم نعمةٍ مَنّ الله علينا بها هي نعمة الإيمان.
وإنّ أعظم حقوق الله على عباده هو توحيده تعالى وأن لا يُشركَ به شئٌ لأن الإشراك بالله هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. قال تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } الآية. (سورة النساء/47) .
تفكّر في نفسك، تفكّر في مخلوقات الله وازدَدْ إقبالاً إلى طاعة ربِّك. قال تعالى: { أَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } (سورة النحل/79) .
ألَم يرَوْا إلى الطيرِ مُسخَّراتٍ أي مُذَلّلاتٍ للطيرانِ بما خلقَ الله لها من الأجنحة والأسباب المواتية لذلك في جو السماء وهو الهواء المتباعدُ من الأرض في سِمْتِ العلوِّ ما يُمسكُهُنَّ أي في قَبْضِهِنَّ وبَسْطِهِنّ وَوُقُوفِهِنَّ إلا الله بقدرته، إن في ذلك لآياتٍ لقوم يؤمنون بأن الخلقَ لا غنى به عنِ الخالق، فهذا الطائر الذي يُحلِّقُ في السماء لا يستغني عن الله طرفةَ عين،وكل واحد منا مهما وصل إلى ما قد يصل إليه من العِلْمِ أو المال أو الجاه أو السلطان لا يستغني عن الله طرفة عين، فنحن وما نملك مِلْكٌ لله وأجسامنا وأعمالنا خَلْقٌ لله، فاتق الله تعالى بجسمِك وبمالك، واشكر ربَّك على ما أنت فيه مَن النِعمِ وتذكّر أن نعيم الدنيا إلى زوال وما عند الله خير وأبقى.
فيا عَجَبًا كيفَ يُعصى الإله وفي كلِّ تحريكةٍ ءايةٌ
وفي كلِ شىء له ءايــــةٌ أم كيف يجحده الجاحدُ
وفي كلِ تسكينةً شاهدُ تدلُ على أنـه واحــــدُ
إخوة الإيمان، إن الله تعالى يقول في القرءان العظيم: { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ اللهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ {96} مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (النحل/96-97) .
فاثبت أخي المسلمَ على عقيدةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، العقيدةِ الحقّةِ عقيدةِ الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين هذه العقيدةِ الحقّةِ الصافية الخالية من الشوائب والخرافات، واسمعوا معي إلى ما قاله الشيخ عبدُ المجيدِ المغربيُّ، وهو من علماءِ طرابلس الفيحاء [المتوفى سنة 1352هـ (ألفٍ وثلاثمائةٍ واثنتينِ وخمسين) أي منذ 77 سنة في رسالته المنهاج في المعراج صحيفة 24 ] ما نصه: “إنّ الله تعالى لا يحويه مكان ولا تحصرُه جهةٌ، لا فوقٌ ولا تحتٌ، كان الله تعالى في الأزل ولم يكن شىءٌ منَ الكائناتِ والأمكنةِ والجهاتِ على الإطلاق”.
اللهمَ إنا نسألك علمًا نافعًا وقلبًا خاشعًا ولسانًا ذاكرًا وجسدًا على البلاء صابرًا يا أرحم الراحمين ، ونسألك حسن الحال وحسن الختام إنك على كل شىء قدير.
هذا وأستغفر الله لي ولكم