حديث (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)
حديث (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)
2 يوليو 2022
ما هي الأُضحيّة وما دليل مشروعيتها؟
ما هي الأُضحيّة وما دليل مشروعيتها؟
15 يوليو 2022
حديث (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)
حديث (إِذَا دَخَلَتْ الْعَشْر وَأَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يُضَحِّي فَلَا يَمَسَّ مِنْ شَعْرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا)
2 يوليو 2022
ما هي الأُضحيّة وما دليل مشروعيتها؟
ما هي الأُضحيّة وما دليل مشروعيتها؟
15 يوليو 2022

الْبِدْعَةُ

الْبِدْعَةُ

الْبِدْعَةُ (1)

الْبِدْعَةُ لُغَةً مَا أُحْدِثَ عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَشَرْعًا الْمُحْدَثُ الَّذِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ وَلا الْحَدِيثُ وَتَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) أَيْ مَرْدُودٌ، فالشَّىْءُ الْمُحْدَثُ الَّذِي لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ وَلا حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ هَذَا يُقَالُ لَهُ بِدْعَةٌ، ثُمَّ هَذَا الأَمْرُ يَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يُخَالِفُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقِسْمٌ لا يُخَالِفُهُ بَلْ يُوَافِقُهُ فِي نَظَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَالْقِسْمُ الأَوَّلُ وَهُوَ مَا أُحْدِثَ وَكَانَ مُخَالِفًا لِلْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ يُسَمَّى بِدْعَةَ ضَلالَةٍ وَهُوَ إِمَّا اعْتِقَادِيٌّ وَإِمَّا عَمَلِيٌّ، فَالِاعْتِقَادِيُّ كَعَقِيدَةِ الْمُشَبِّهَةِ الْقُدَمَاءِ وَالْمُحْدَثِينَ مِنَ الْكَرَّامِيَّةِ مِنَ الْمُشَبِّهَةِ الْقُدَمَاءِ وَالْوَهَّابِيَّةِ مِنَ الْمُحْدَثِينَ وَالْمُعْتَزِلَةِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْهُمْ وَالْمُتَأَخِّرِينَ كَأَتْبَاعِ سَيِّدِ قُطُب الْمُسَمَّيْنَ الْجَمَاعَةَ الإِسْلامِيَّةَ فَإِنَّ مِنَ الْخَوَارِجِ الْقُدَمَاءِ كَانَ أُنَاسٌ يُقَالُ لَهُمُ الْبَيْهَسِيَّةُ يَقُولُونَ إِذَا حَكَمَ الْمَلِكُ بِغَيْرِ الشَّرْعِ كَفَرَ وَكَفَرَتِ الرَّعِيَّةُ مَنْ تَابَعَهُ فِي الْحُكْمِ وَمَنْ لَمْ يُتَابِعْهُ، وَفِرْقَةُ سَيِّدِ قُطُب أَحَيَوْا فِي هَذَا الْعَصْرِ هَذِهِ الْعَقِيدَةَ الْمُبْتَدَعَةَ فَاعْتَقَدُوا أَنَّ مَنْ حَكَمَ بِغَيْرِ الشَّرْعِ وَلَوْ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ كَفَرَ وَالرَّعِيَّةُ الَّتِي تَعِيشُ تَحْتَ حُكْمِهِ كَفَرَتْ وَلا يَسْتَثْنُونَ أَحَدًا إِلَّا مَنْ قَامَ لِيَثُورَ عَلَيْهِ وَعَلَى ذَلِكَ يَسْتَحِلُّونَ قَتْلَ غَيْرِهِمْ كَمَا تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَعْمَالُهُمْ فِي مِصْرَ وَالْجَزَائِرِ وَالشِّيشَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَكُلٌّ مِنْ هَؤُلاءِ يَتَعَلَقُّونَ بِآيَاتٍ فَهِمُوهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا وَظَنُّوا أَنَّ مَا هُمْ عَلَيْهِ حَقٌّ مُوَافِقٌ لِلْقُرْءَانِ وَلَمْ يَدْرُوا أَنَّ الْقُرْءَانَ ذُو وُجُوهٍ كَمَا قَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَأْتِي الْكَلِمَةُ الْوَاحِدَةُ لِمَعْنَيَيْنِ وَلِأَكْثَرَ مِنْ حَيْثُ لُغَةُ الْعَرَبِ فَبَعْضُ هَذِهِ الْمَعَانِي يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْقُرْءَانِ بِهِ وَالْبَعْضُ الآخَرُ لا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْقُرْءَانِ بِهِ، فَهَؤُلاءِ الْفِرَقُ أَخَذُوا بِالْمَعَانِي الَّتِي لا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مُرَادَةً أَيْ مَرْضِيَّةً لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، وَأَمَّا الْعَمَلِيَّةُ فَهِيَ مِثْلُ بِدْعَةِ الْمُتَشَبِّهِينَ بِالصُّوفِيَّةِ صُورَةً بِلا حَقِيقَةٍ فَإِنَّهُمْ حَرَّفُوا اسْمَ اللَّهِ فِي مَجَالِسِ الذِّكْرِ يَقُولُونَ ءَاه وَيَعْتَبِرُونَ ءَاه اسْمًا لِلَّهِ حَتَّى إِنَّ بَعْضَهُمْ غَلا فَقَالَ ءَاه أَقْرَبُ لِلْفُتُوحِ مِنْ اللَّه، فَإِنَّ هَذَا الْعَمَلَ مُبْتَدَعٌ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ الْقُدَمَاءِ، قَالَ بَعْضُ هَذِهِ الْفِرْقَةِ الشَّاذِلِيَّةِ هَذَا التَّحْرِيفُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ شَيْخِ الطَّرِيقَةِ أَبِي الْحَسَنِ الشَّاذِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنَّمَا أَحْدَثَهُ شَاذِلِيَّةُ فَاس، وَمِنَ الْبِدْعَةِ الْعَمَلِيَّةِ الْمُحْدَثَةِ عَلَى خِلافِ الْقُرْءَانِ وَالْحَدِيثِ مُعَاقَبَةُ مَنْ طَبَعَ كِتَابًا أَلَّفَهُ غَيْرُهُ بِدُونِ إِذْنِهِ بِالتَّغْرِيمِ أَوِ الْحَبْسِ يَكْتُبُونَ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي يَطْبَعُهَا الْمُؤَلِّفُ أَوْ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْمُؤَلِّفُ حُقُوقُ الطَّبْعِ مَحْفُوظَةٌ لِلْمُؤَلِّفِ أَوِ النَّاشِرِ وَهَذِهِ الْبِدْعَةُ مُخَالِفَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنَ السَّلَفِ وَلا مِنَ الْخَلَفِ إِنَّمَا أُحْدِثَتْ مُنْذُ نَحْوِ مِائَتَيْ سَنَةٍ تَخْمِينًا اتِّبَاعًا لِلأُورُوبِيِّينَ، وَلَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ السَّلَفُ أَحْوَجَ لِلْعَمَلِ بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَتْعَبُونَ عِنْدَ تَأْلِيفِهِمْ تَعَبًا كَبِيرًا، كَانَ الْمُؤَلِّفُ يَسْتَعْمِلُ الْقَلَمَ الَّذِي يَبْرِيهِ بِيَدِهِ كُلَّمَا انْكَسَرَ قَلَمٌ يَبْرِي غَيْرَهُ حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَتَكَوَّمُ عِنْدَهُمْ مِنْ بُرَايَةِ الأَقْلامِ شَىْءٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَعْمَلُونَ الْحِبْرَ بِأَيْدِيهِمْ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَفْعَلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ هَذَا الْحَجْرَ، كَانُوا لا يَعْتَرِضُونَ عَلَى مَنِ اسْتَنْسَخَ نُسُخًا مِنْ مُؤَلَّفَاتِهِمْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَقَدِ احْتَجَّ بَعْضُ هَؤُلاءِ الْمُبْتَدِعِينَ مِنْ أَهْلِ عَصْرِنَا هَذَا بِأَنَّهُ أَتْعَبَ أَفْكَارَهُ فِي تَأْلِيفِهِ.
وَأَمَّا مَا أَحْدَثَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِمَّا لا يُخَالِفُ الْقُرْءَانَ وَالْحَدِيثَ كَإِحْدَاثِ الْمَحَارِيبِ الْمُجَوَّفَةِ وَالْمَآذِنِ وَشَكْلِ الْقُرءَانِ وَنَقْطِهِ فَإِنَّهُ أَحْدَثَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِمَّنْ كَانَ فِي الْقَرْنِ الأَوَّلِ كَعُمَرَ بنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَابْنِ يَعْمَرَ وَطُرُقِ أَهْلِ اللَّهِ الْقَادِرِيَّةِ وَالرِّفَاعِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا وَعَمَلِ الْمَوْلِدِ فَهَذِهِ سُنَّةٌ حَسَنَةٌ تَدْخُلُ تَحْتَ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا لا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ) وَمَنْ عَدَّ هَذِهِ بِدْعَةَ ضَلالَةٍ فَهُوَ جَاهِلٌ لا يُعْتَدُّ بِكَلامِهِ وَقَدْ يَحْتَجُّ بَعْضُ هَؤُلاءِ بِحَدِيثِ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ إِحْدَاثُ مَا لَيْسَ مِنَ الدِّينِ أَيْ مَا لا يُوَافِقُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ، هَؤُلاءِ يُقَالُ لَهُمُ الْمَسَاجِدُ مَسْجِدُ الرَّسُولِ وَغَيْرُهُ مَا كَانَ لَهُ مِحْرَابٌ مُجَوَّفٌ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلا كَانَ لَهُ مِئْذَنَةٌ وَقَدْ أُحْدِثَ فِي ءَاخِرِ الْقَرْنِ الأَوَّلِ أَحْدَثَ ذَلِكَ الْخَلِيفَةُ الرَّاشِدُ عُمَرُ بنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَأَقَرَّهُ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ وَأَنْتُمْ لا تَعْتَرِضُونَ عَلَى ذَلِكَ بَلْ تُوَافِقُونَ فَكَيْفَ تُنْكِرُونَ الطَّرِيقَةَ وَالْمَوْلِدَ وَأَمْثَالَ ذَلِكَ بِدَعْوَى أَنَّ هَذَا لَمْ يُذْكَرْ فِي الْقُرْءَانِ أَوِ الْحَدِيثِ تُقِرُّونَ مَا أَعْجَبَكُمْ وَتَنْفُونَ مَا لَمْ يُعْجِبْكُمْ بِلا دَلِيلٍ، وَحَدِيثُ (مَنْ سَنَّ) إِلَخ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَمَّا الْحَدِيثُ الآخَرُ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) فَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
الْقِسْمُ الأَوَّلُ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ وَتُسَمَّى السُّنَّةَ الْحَسَنَةَ، وَهِيَ الْمُحْدَثُ الَّذِي يُوَافِقُ الْقُرْءَانَ وَالسُّنَّةَ.
الْقِسْمُ الثَّانِي الْبِدْعَةُ السَّيِّئَةُ وَتُسَمَّى السُّنَّةَ السَّيِّئَةَ، وَهِيَ الْمُحْدَثُ الَّذِي يُخَالِفُ الْقُرْءَانَ وَالْحَدِيثَ.
وَهَذَا التَّقْسِيمُ مَفْهُومٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَرِيرِ بنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَىْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ بَعْدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَىْءٌ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
والدَّلِيلُ الْقُرْءَانِيُّ عَلَى أَنَّ الْبِدْعَةَ مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾ [سُورَةَ الْحَدِيد 27] فَفِي هَذِهِ الآيَةِ مَدْحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أُمَّةِ عِيسَى لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ رَحْمَةٍ وَرَأْفَةٍ وَلِأَنَّهُمُ ابْتَدَعُوا الرَّهْبَانِيَّةَ وَهِيَ الِانْقِطَاعُ عَنِ الشَّهَوَاتِ الْمُبَاحَةِ زِيَادَةً عَلَى تَجَنُّبِ الْمُحَرَّمَاتِ حَتَّى إِنَّهُمُ انْقَطَعُوا عَنِ الزِّوَاجِ وَتَرَكُوا اللَّذَائِذَ مِنَ الْمَطْعُومَاتِ وَالثِّيَابِ الْفَاخِرَةِ وَأَقْبَلُوا عَلَى الآخِرَةِ إِقْبَالًا تَامًّا، فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾ فِيهِ مَدْحٌ لَهُمْ عَلَى مَا ابْتَدَعُوا أَيْ مِمَّا لَمْ يُنَصَّ لَهُمْ عَلَيْهِ فِي الإِنْجِيلِ وَلا قَالَ لَهُمُ الْمَسِيحُ بِنَصٍّ مِنْهُ افْعَلُوا كَذَا، إِنَّمَا هُمْ أَرَادُوا الْمُبَالَغَةَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالتَّجَرُّدَ لِطَاعَتِهِ بِتَرْكِ الِاشْتِغَالِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالزِّوَاجِ وَنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ وَالأَهْلِ، ثُمَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ مَدَحَهُمُ اللَّهُ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِ عِيسَى عَلَى الإِسْلامِ مَعَ التَّمَسُّكِ بِشَرِيعَةِ عِيسَى كَانُوا يَبْنُونَ الصَّوَامِعَ أَيْ بُيُوتًا خَفِيفَةً مِنْ طِينٍ أَوْ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الْمَوَاضِعِ الْمُنْعَزِلَةِ عَنِ الْبَلَدِ لِيَتَجَرَّدُوا لِلْعِبَادَةِ، ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ أُنَاسٌ قَلَّدُوا أُولَئِكَ مَعَ الشِّرْكِ أَيْ مَعَ عِبَادَةِ عِيسَى وَأُمِّهِ وَتَشَبَّهُوا بِأُولَئِكَ بِالِانْقِطَاعِ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَالْعُكُوفِ فِي الصَّوَامِعِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾ [سُورَةَ الْحَدِيد 27] لِأَنَّ هَؤُلاءِ مَا الْتَزَمُوا بِالرَّهْبَّانِيَّةِ الْمُوَافِقَةِ لِشَرْعِ عِيسَى كَمَا الْتَزَمَ أُولَئِكَ السَّابِقُونَ، فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذِهِ الآيَةِ أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لا يُخَالِفُ الشَّرْعَ بَلْ يُوَافِقُهُ لَيْسَ بِدْعَةً مَذْمُومَةً بَلْ يُثَابُ فَاعِلُهُ وَيُسَمَّى سُنَّةً حَسَنَةً وَسُنَّةَ خَيْرٍ، وَيُسَمَّى بِدْعَةً حَسَنَةً أَوْ بِدْعَةً مُسْتَحَبَّةً، وَفِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ) إِشْعَارٌ بِأَنَّ مَنْ أَحْدَثَ مَا هُوَ مِنْهُ أَيْ مَا هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ فَلَيْسَ مَرْدُودًا، كَمَا أَحْدَثَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي التَّلْبِيَةِ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ، وَتَلْبِيَةُ رَسُولِ اللَّهِ هِيَ (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لا شَرِيكَ لَكَ) فَزَادَ عُمَرُ (لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ وَسَعْدَيْكَ، الْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، وَالْعَمَلُ وَالرَّغْبَاءُ إِلَيْكَ)، فَلَمْ يَعِبْ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ لِأَنَّهُ زَادَ عَلَى تَلْبِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ شَيْئًا يُوَافِقُهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ زَادُوا أَشْيَاءَ مُوَافِقَةً لِلشَّرْعِ كَكِتَابَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِ الرَّسُولِ عَقِبَهُ فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَكْتُبْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ اسْمِ مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِهِ إِلَى هِرَقْلَ وَفِي كِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى وَغَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ جَرَى عَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى كِتَابَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ اسْمِهِ حَتَّى إِنَّ هَؤُلاءِ الَّذِينَ يُنْكِرُونَ عَلَى النَّاسِ الْبِدَعَ الْحَسَنَةَ مِنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ وَالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ جَهْرَةً عَقِبَ الأَذَانِ يَعْمَلُونَ هَذِهِ الْبِدْعَةَ أَيْ كِتَابَةَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ اسْمِ مُحَمَّدٍ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ فَمَا لَهُمْ يُنَاقِضُونَ أَنْفُسَهُمْ يَقُولُونَ مَا لَمْ يَفْعَلْهُ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ يَأْمُرْ بِهِ نَصًّا بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ، وَهُمْ مُرْتَكِبُونَ مَا يَعِيبُونَهُ عَلَى النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الدَّلِيلُ مِنَ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ الْبِدْعَةَ مِنْهَا مَا هُوَ حَسَنٌ فَهُوَ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا) فَإِنْ قِيلَ هَذَا مَعْنَاهُ مَنْ سَنَّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ أَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلا، فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ (لا تَثْبُتُ الْخُصُوصِيَّةُ إِلَّا بِدَلِيلٍ) وَهُنَا الدَّلِيلُ يُعْطِي خِلافَ مَا يَدَّعُونَ حَيْثُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ)، وَلَمْ يَقُلْ مَنْ سَنَّ فِي حَيَاتِي وَلا قَالَ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَنَا عَمِلْتُهُ فَأَحْيَاهُ، وَلَمْ يَكُنِ الإِسْلامُ مَقْصُورًا عَلَى الزَّمَنِ الَّذِي كَانَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ، فَبَطَلَ زَعْمُهُمْ، فَإِنْ قَالُوا الْحَدِيثُ سَبَبُهُ أَنَّ أُنَاسًا فُقَرَاءَ شَدِيدِي الْفَقْرِ يَلْبَسُونَ النِّمَارَ (2) جَاؤُوا فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا رَأَى مِنْ بُؤْسِهِمْ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ حَتَّى جَمَعُوا لَهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا فَتَهَلَّلَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا) فَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ الْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لا بِخُصُوصِ السَّبَبِ كَمَا ذَكَرَ الأُصُولِيُّونَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي فِيهِ (وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ) فَلا يَدْخُلُ فِيهِ الْبِدْعَةُ الْحَسَنَةُ، لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْعَامِّ الْمَخْصُوصِ، أَيْ أَنَّ لَفْظَهُ عَامٌّ وَلَكِنَّهُ مَخْصُوصٌ بِالْبِدْعَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ بِدَلِيلِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ (مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا) الْحَدِيثَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ أَحَادِيثَ رَسُولِ اللَّهِ تَتَعَاضَدُ وَلا تَتَنَاقَضُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ بِمَعْنًى مَأْخُوذٍ مِنْ دَلِيلٍ نَقْلِيٍّ أَوْ دَلِيلٍ عَقْلِيٍّ مَقْبُولٌ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ، فَلَوْ تُرِكَ ذَلِكَ لَضَاعَ كَثِيرٌ مِنَ الأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَحَصَلَ تَنَاقُضٌ بَيْنَ النُّصُوصِ، فَأَهْلُ الْعِلْمِ هُمُ الَّذِينَ يَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا الْعُمُومَ مَخْصُوصٌ بِدَلِيلٍ ءَاخَرَ عَقْلِيٍّ أَوْ نَقْلِيٍّ.
وَكَذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّ الْبِدْعَةَ تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ) فَأَفْهَمَ رَسُولُ اللَّهِ بِقَوْلِهِ (مَا لَيْسَ مِنْهُ) أَنَّ الْمُحْدَثَ إِنَّمَا يَكُونُ رَدًّا أَيْ مَرْدُودًا إِذَا كَانَ عَلَى خِلافِ الشَّرِيعَةِ، وَأَنَّ الْمُحْدَثَ الْمُوَافِقَ لِلشَّرِيعَةِ لَيْسَ مَرْدُودًا.
فَمِنَ الْقِسْمِ الأَوَّلِ الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ، وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ مَلِكُ إِرْبِلَ فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ الْهِجْرِيِّ، وَتَنْقِيطُ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ الْمُصْحَفَ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالتَّقْوَى، وَأَقَرَّ ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ مِنْ مُحَدِّثِينَ وَغَيْرِهِمْ وَاسْتَحْسَنُوهُ وَلَمْ يَكُنْ مُنَقَّطًا عِنْدَمَا أَمْلَى الرَّسُولُ عَلَى كَتَبَةِ الْوَحْيِ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ لَمَّا كَتَبَ الْمَصَاحِفَ الْخَمْسَةَ أَوِ السِّتَّةَ لَمْ تَكُنْ مُنَقَّطَةً، وَمُنْذُ ذَلِكَ التَّنْقِيطِ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ عَلَى ذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ، فَهَلْ يُقَالُ فِي هَذَا إِنَّهُ بِدْعَةُ ضَلالَةٍ لِأَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَفْعَلْهُ؟ فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ فَلْيَتْرُكُوا هَذِهِ الْمَصَاحِفَ الْمُنَقَّطَةَ أَوْ لِيَكْشِطُوا هَذَا التَّنْقِيطَ مِنَ الْمَصَاحِفِ حَتَّى تَعُودَ مُجَرَّدَةً كَمَا فِي أَيَّامِ عُثْمَانَ، قَالَ أَبُو بَكْرِ بنُ أَبِي دَاوُدَ صَاحِبِ السُّنَنِ فِي كِتَابِهِ الْمَصَاحِف (أَوَّلُ مَنْ نَقَطَ الْمَصَاحِفَ يَحْيَى بنُ يَعْمَرَ) وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ رَوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ، وهَذَا الَّذِي ذُكِرَ هُنَا بَعْضُ الأَمْثِلَةِ عَنِ الْبِدْعَةِ الْحَسَنَةِ وَيَتَبَيَّنُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ خَالَفَ هَذَا فَهُوَ شَاذٌّ مُكَابِرٌ لِأَنَّ مُؤَدَّى كَلامِهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ الَّذِينَ بَشَرَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ بِالْجَنَّةِ كَعُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ كَانُوا عَلَى ضَلالٍ، فَعُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى صَلاةِ التَّرَاوِيحِ فِي رَمَضَانَ وَكَانُوا فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ يُصَلُّونَهَا فُرَادَى وَقَاَلَ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ (نِعْمَتِ الْبِدْعَةُ هَذِهِ) وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.
وَعُثْمَانُ بنُ عَفَّانَ أَحْدَثَ أَذَانًا ثَانِيًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الأَذَانُ الثَّانِي فِي أَيَّامِ رَسُولِ اللَّهِ، وَمَا زَالَ النَّاسُ عَلَى هَذَا الأَذَانِ الثَّانِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ أَحْدَثَ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ خُبَيْبُ بنُ عَدِيٍّ صَلاةَ رَكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ، فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ (فَكَانَ خُبَيْبٌ أَوَّلَ مَنْ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ عِنْدَ الْقَتْلِ)، وَمِنَ الْمُحْدَثَاتِ الْمُوَافِقَةِ لِلشَّرِيعَةِ أَيْضًا تَنْقِيطُ التَّابِعِيِّ الْجَلِيلِ يَحْيَى بنِ يَعْمَرَ الْمُصْحَفَ، فَالصَّحَابَةُ الَّذِينَ كَتَبُوا الْوَحْيَ الَّذِي أَمْلاهُ عَلَيْهِمُ الرَّسُولُ كَانُوا يَكْتُبُونَ الْبَاءَ وَالتَّاءَ وَنَحْوَهُمَا بِلا نَقْطٍ، فَالْمُحْدَثَاتُ الَّتِي تُوَافِقُ الشَّرِيعَةَ كَانَتْ فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَوَافَقَ عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا، وَمِنْ هَذِهِ الْمُحْدَثَاتِ الِاحْتِفَالُ بِمَوْلِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي أَحْدَثَهُ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ فِي أَوَائِلِ السِّتِّمِائَةِ لِلْهِجْرَةِ وَكَانَ عَالِمًا تَقِيًّا شُجَاعًا وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ الْعُلَمَاءُ وَالصُّوفِيَّةُ الصَّادِقُونَ فِي مَشَارِقِ الأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَحْمَدُ بنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلانِيُّ وَتِلْمِيذُهُ الْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ وَكَذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيُّ، وَلِلْحَافِظِ السُّيُوطِيِّ رِسَالَةٌ سَمَّاهَا حُسْنُ الْمَقْصِدِ فِي عَمَلِ الْمَوْلِدِ.
وَمِنَ الْقِسْمِ الثَّانِي الْمُحْدَثَاتُ فِي الِاعْتِقَادِ كَبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الَّذِينَ خَرَجُوا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْمُعْتَقَدِ، وَكِتَابَةِ (ص) أَوْ (صَلْعَمْ) (3) بَعْدَ اسْمِ النَّبِيِّ بَدَلَ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَقَدْ نَصَّ الْمُحَدِّثُونَ فِي كُتُبِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ كِتَابَةَ الصَّادِ مُجَرَّدَةً مَكْرُوهٌ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يُحَرِّمُوهَا بَلْ فَعَلُوهَا، قَالَ النَّوَوِيُّ فِي كِتَابِ تَهْذِيبِ الأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ مَا نَصُّهُ قَالَ الإِمَامُ الشَّيْخُ الْمُجْمَعُ عَلَى إِمَامَتِهِ وَجَلالَتِهِ وَتَمَكُّنِهِ فِي أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَبَرَاعَتِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ بنُ عَبْدِ السَّلامِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ فِي ءَاخِرِ كِتَابِ الْقَوَاعِدِ الْبِدْعَةُ مُنْقَسِمَةٌ إِلَى وَاجِبَةٍ وَمُحَرَّمَةٍ وَمَنْدُوبَةٍ وَمَكْرُوهَةٍ وَمُبَاحَةٍ، قَالَ وَالطَّرِيقُ فِي ذَلِكَ أَنْ تُعْرَضَ الْبِدْعَةُ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ فَإِنْ دَخَلَتْ فِي قَوَاعِدِ الإِيجَابِ فَهِيَ وَاجِبَةٌ، أَوْ فِي قَوَاعِدِ التَّحْرِيمِ فَمُحَرَّمَةٌ، أَوِ النَّدْبِ فَمَنْدُوبَةٌ، أَوِ الْمَكْرُوهِ فَمَكْرُوهَةٌ، أَوِ الْمُبَاحِ فَمُبَاحَةٌ انْتَهَى كَلامُ النَّوَوِيِّ.
وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ عَلَى الدُّرِّ الْمُخْتَارِ مَا نَصُّهُ (فَقَدْ تَكُونُ الْبِدْعَةُ وَاجِبَةً كَنَصْبِ الأَدِلَّةِ لِلرَّدِّ عَلَى أَهْلِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ، وَتَعَلُّمِ النَّحْوِ الْمُفْهِمِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَمَنْدُوبَةً كَإِحْدَاثِ نَحْوِ رِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ وَكُلِّ إِحْسَانٍ لَمْ يَكُنْ فِي الصَّدْرِ الأَوَّلِ، وَمَكْرُوهَةً كَزَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ، وَمُبَاحَةً كَالتَّوَسُّعِ بِلَذِيذِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالثِّيَابِ) قُلْتُ إِنَّ التَّوَسُّعَ بِلَذِيذِ الْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ وَالثِّيَابِ مَكْرُوهٌ.
وَكَذَلِكَ الأَكْلُ بِالْمَلاعِقِ فَإِنَّهُ فِي أَيَّامِ الصَّحَابَةِ مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ بِهَا وَكَانُوا يَأْكُلُونَ عَلَى الأَرْضِ مَا كَانُوا يَأْكُلُونَ قَاعِدِينَ عَلَى الْكَرَاسِي وَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِدَعِ الْمُبَاحَةِ، وَكِتَابَةُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ كِتَابَةِ اسْمِ النَّبِيِّ لَمْ تَكُنْ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا كَتَبَ كِتَابًا إِلَى (هِرَقْلَ كَتَبَ فِيهِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ) مِنْ دُونِ كِتَابَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَقِبَ اسْمِ النَّبِيِّ كَمَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي أَوَّلِ صَحِيحِهِ، فَمَا لِلْوَهَّابِيَّةِ لا يُنْكِرُونَ هَذَا بَلْ يَفْعَلُونَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ غَيْرُهُمْ وَيُنْكِرُونَ أَشْيَاءَ كَالْمَوْلِدِ وَالطَّرِيقَةِ بِدَعْوَى أَنَّ الرَّسُولَ لَمْ يَفْعَلْهُ، فَظَهَرَ أَنَّهُمْ مُتَحَكِّمُونَ بِآرَائِهِمْ فَمَا اسْتَحْسَنَتْهُ نُفُوسُهُمْ أَقَرُّوهُ وَمَا لَمْ تَسْتَحْسِنْهُ نُفُوسُهُمْ أَنْكَرُوهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِيزَانٌ شَرْعِيٌّ، وَقَدْ تَكُونُ الْبِدْعَةُ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ كَبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْعَبْدَ يَخْلُقُ أَفْعَالَهُ، وَالْخَوَارِجِ الْقَائِلِينَ بِكُفْرِ مَنْ سِوَاهُمْ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ نَحْوِ هَذِهِ الْفِرَقِ الضَّالَّةِ.
وَمِنَ الْبِدَعِ الْحَسَنَةِ الَّتِي لَمْ تُذْكَرْ فِي الْمَتْنِ الطُّرُقُ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ الصَّالِحِينَ وَمِنْهَا الطُّرُقُ الَّتِي أَحْدَثَهَا بَعْضُ أَهْلِ اللَّهِ كَالرِّفَاعِيَّةِ وَالْقَادِرِيَّةِ وَهِيَ نَحْوُ أَرْبَعِينَ، فَهَذِهِ الطُّرُقُ أَصْلُهَا بِدَعٌ حَسَنَةٌ، وَلَكِنْ شَذَّ بَعْضُ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَيْهَا وَهَذَا لا يَقْدَحُ فِي أَصْلِهَا.
فَمِنْ أَيْنَ لِهَؤُلاءِ الْمُتَنَطِّعِينَ الْمُشَوِّشِينَ أَنْ يَقُولُوا عَنْ عَمَلِ الْمَوْلِدِ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ وَعَنِ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ جَهْرًا عَقِبَ الأَذَانِ إِنَّهُ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ بِدَعْوَى أَنَّ الرَّسُولَ مَا فَعَلَهُ وَالصَّحَابَةَ لَمْ يَفْعَلُوهُ، والْمُرَادُ بِالْمُتَنَطِّعِينَ هُنَا الْوَهَّابِيَّةُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ، وَالْمُتَنَطِّعُونَ هُمُ الَّذِينَ يَتَكَلَّفُونَ وَيَفْعَلُونَ وَيَقُولُونَ مَا لا فَائِدَةَ فِيهِ، فَإِنَّهُمْ قَدْ حَرَّفُوا الشَّرِيعَةَ فَكَانَ مِنْ بِدَعِهِمُ الَّتِي سَنَّهَا لَهُمْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ تَحْرِيمُ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ جَهْرًا مِنَ الْمُؤَذِّنِ عَقِبَ الأَذَانِ، وَهُمْ يُبَالِغُونَ فِي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ أَحَدُهُمْ فِي الشَّامِ فِي جَامِعِ الدَّقَّاقِ حِينَ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَذَا حَرَامٌ هَذَا كَالَّذِي يَنْكِحُ أُمَّهُ، بَلْ أَمَرَ زَعِيمُهُمْ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِقَتْلِ الْمُؤَذِّنِ الأَعْمَى الَّذِي صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ عَقِبَ الأَذَانِ جَهْرًا.
وَالْجَوَابُ نَقُولُ بِعَوْنِ اللَّهِ: ثَبَتَ حَدِيثَانِ أَحَدُهُمَا حَدِيثُ مُسْلِمٍ (إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَمَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ) وَحَدِيثُ (مَنْ ذَكَرَنِي فَلْيُصَلِّ عَلَيَّ) أَخْرَجَهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى وَالْحَافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْقَوْلِ الْبَدِيعِ فِي الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ الشَّفِيعِ، وَقَالَ لا بَأْسَ بِإِسْنَادِهِ، فَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُؤَذِّنَ وَالْمُسْتَمِعَ كِلَيْهِمَا مَطْلُوبٌ مِنْهُ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ، وَهَذَا يَحْصُلُ بِالسِّرِّ وَالْجَهْرِ، فَمَاذَا تَقُولُ الْوَهَّابِيَّةُ بَعْدَ هَذَا؟
وَمِنْهُ تَحْرِيفُ اسْمِ اللَّهِ إِلَى ءَاهٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الطُّرُقِ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ، مِنَ الْبِدَعِ الْمُحَرَّمَةِ تَحْرِيفُ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ كَالَّذِينَ يُحَرِّفُونَ اسْمَ اللَّهِ إِلَى ءَاه فَإِنَّ ءَاه لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ بِالِاتِّفَاقِ بَلْ هُوَ لَفْظٌ مِنْ أَلْفَاظِ الأَنِينِ، وَالأَنِينُ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ، وَمَا يَرْوِيهِ بَعْضُهُمْ حَدِيثًا وَفِيهِ أَنَّ الرَّسُولَ قَالَ عَنْ مَرِيضٍ يَئِنُّ (دَعُوهُ يَئِنُّ فَإِنَّ الأَنِينَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ) فَهُوَ مَكْذُوبٌ عَلَى الرَّسُولِ وَلا يَصِحُّ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ، قَالَ تَعَالَى ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ سُورَةَ الأَعْرَاف 180.
وقد قَالَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (الْمُحْدَثَاتُ مِنَ الأُمُورِ ضَرْبَانِ، أَحَدُهُمَا مَا أُحْدِثَ مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا أَوْ أَثَرًا فَهَذِهِ الْبِدْعَةُ الضَّلالَةُ، وَالثَّانِيَةُ مَا أُحْدِثَ مِنَ الْخَيْرِ وَلا يُخَالِفُ كِتَابًا أَوْ سُنَّةً أَوْ إِجْمَاعًا وَهَذِهِ مُحْدَثَةٌ غَيْرُ مَذْمُومَةٍ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِالإِسْنَادِ الصَّحِيحِ فِي كِتَابِهِ مَنَاقِبُ الشَّافِعِيِّ، قَوْلُهُ (مِمَّا يُخَالِفُ كِتَابًا) أَيِ الْقُرْءَانَ، وَقَوْلُهُ (أَوْ سُنَّةً) أَيِ الْحَدِيثَ، وَقَوْلُهُ (أَوْ إِجْمَاعًا) أَيْ إِجْمَاعَ مُجْتَهِدِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، وَالإِجْمَاعُ مَعْنَاهُ اتِّفَاقُ مُجْتَهِدِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَى أَمْرٍ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ، فَغَيْرُ الْمُجْتَهِدِينَ هُنَا لا عِبْرَةَ بِهِمْ فَإِنَّ الإِجْمَاعَ يَثْبُتُ بِالْمُجْتَهِدِينَ، فَالْمُجْتَهِدُونَ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ إِذَا اتَّفَقُوا عَلَى شَىْءٍ فَهُوَ إِجْمَاعٌ حُجَّةٌ كَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ الَّذِي يَلِيهِ إِنِ اتَّفَقَ مُجْتَهِدُو ذَلِكَ الْعَصْرِ عَلَى شَىْءٍ هَذَا يُعَدُّ إِجْمَاعًا، كَذَلِكَ الَّذِينَ بَعْدَهُمْ، وَقَدْ يُخَالِفُ أَحَدُ الْمُجْتَهِدِينَ قَوْلَ الْجُمْهُورِ وَلا يَكُونُ قَوْلُهُ مُعْتَبَرًا فَقَدْ قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ:

وَلَيْسَ كُلُّ خِلافٍ جَاءَ مُعْتَبَرًا *** إِلَّا خِلافٌ لَهُ حَظٌّ مِنَ النَّظَرِ

وَقَوْلُهُ (أَوْ أَثَرًا) أَيْ أَثَرَ الصَّحَابَةِ، أَيْ مَا ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ عِنْدَهُمْ وَكَلامُ الشَّافِعِيِّ هَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ تَقْسِيمِ الْبِدْعَةِ إِلَى قِسْمَيْنِ.

(1) وفي المدخل لأبي عبد الله محمد العبدري الفاسي المالكي الشهير بابن الحاج (المتوفى 737 هـ) فَصْلٌ فِي اخْتِلَافِ الْعَوَائِدِ فِي التَّسْحِيرِ، سُؤَالٌ وَارِدٌ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ التَّسْحِيرَ مِنْ الْبِدَعِ الْمُسْتَحَبَّاتِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْبِدَعَ قَدْ قَسَّمَهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ بِدْعَةٌ وَاجِبَةٌ وَهِيَ مِثْلُ كَتْبِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى لِأَنَّ الْعِلْمَ كَانَ فِي صُدُورِهِمْ وَكَشَكْلِ الْمُصْحَفِ وَنَقْطِهِ، الْبِدْعَةُ الثَّانِيَةُ بِدْعَةٌ مُسْتَحَبَّةٌ قَالُوا مِثْلُ بِنَاءِ الْقَنَاطِرِ وَتَنْظِيفِ الطُّرُقِ لِسُلُوكِهَا وَتَهْيِئِ الْجُسُورِ وَبِنَاءِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، الْبِدْعَةُ الثَّالِثَةُ وَهِيَ الْمُبَاحَةُ كَالْمُنْخُلِ وَالْأُشْنَانِ وَمَا شَاكَلَهُمَا، الْبِدْعَةُ الرَّابِعَةُ وَهِيَ الْمَكْرُوهَةُ مِثْلُ الْأَكْلُ عَلَى الْخُوَانِ وَمَا أَشْبَهَ، الْبِدْعَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ الْمُحَرَّمَةُ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تَنْحَصِرَ.
(2) النِّمَارُ شَىْءٌ يُعْمَلُ مِنْ صُوفٍ وَشَعَرٍ خَرَقُوا وَسَطَهُ وَأَدْخَلُوهُ عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَيْسَ مَعَهُ شَىْءٌ غَيْرُهُ يَلْبَسُونَهُ، وَهُوَ شَىْءٌ يُلْبَسُ لِلْبَرْدِ عَادَةً.
(3) كِتَابَةُ (صَلْعَمْ) بَعْدَ اسْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَحُ مِنْ كِتَابَةِ (ص).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *