يجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ أن يؤمِنَ بأن كلّ ما يجري في الْكَوْنِ من خيرٍ أو شر حُلْوٍ أو مُر كُلُّ ذلك بِخَلْقِ اللهِ ومشيئَتِهِ
يجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ أن يؤمِنَ بأن كلّ ما يجري في الْكَوْنِ من خيرٍ أو شر حُلْوٍ أو مُر كُلُّ ذلك بِخَلْقِ اللهِ ومشيئَتِهِ
2 نوفمبر 2016
المؤمنون في الآخرة يَرَوْن ربهم وهو بلا مكان ولا جهة ولا شبيه ولا مثيل له والرد على المعتزلة
المؤمنون في الآخرة يَرَوْن ربهم وهو بلا مكان ولا جهة ولا شبيه ولا مثيل له والرد على المعتزلة
2 نوفمبر 2016
يجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ أن يؤمِنَ بأن كلّ ما يجري في الْكَوْنِ من خيرٍ أو شر حُلْوٍ أو مُر كُلُّ ذلك بِخَلْقِ اللهِ ومشيئَتِهِ
يجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ أن يؤمِنَ بأن كلّ ما يجري في الْكَوْنِ من خيرٍ أو شر حُلْوٍ أو مُر كُلُّ ذلك بِخَلْقِ اللهِ ومشيئَتِهِ
2 نوفمبر 2016
المؤمنون في الآخرة يَرَوْن ربهم وهو بلا مكان ولا جهة ولا شبيه ولا مثيل له والرد على المعتزلة
المؤمنون في الآخرة يَرَوْن ربهم وهو بلا مكان ولا جهة ولا شبيه ولا مثيل له والرد على المعتزلة
2 نوفمبر 2016

بيان أنَّ الله خالق العباد وأعمالهم

بيان أنَّ الله خالق العباد وأعمالهم

بيان أنَّ الله خالق العباد وأعمالهم

قال اللهُ تعالى في محكمِ كتابِهِ في ذمِّ المشركين (أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ) سورة الرعد ءاية 16.

لقد أمرَ اللهُ نبيّه المصطفى في هذه الآيةِ أن يُنْكِرَ على المشركينَ الذين كانوا يعبدونَ الأصنامَ مِنْ دونِ اللهِ ويُبَيِّنُ لهم أنَّ اللهَ هو خالقُ كلِّ شىءٍ وأنَّهُ الواحدُ الذي لا شريكَ له ولامثيل له ولا نظيرَ له ولا خالقَ لشىءٍ من الأشياءِ إلا هو القهَّارُ أي الغالبُ لكلِّ ماعداهُ الذي كلُّ ماسواه تحت قدرتِهِ مقهورٌ له سبحانه وتعالى.

قال في زاد المسير (أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاء) قال ابن الأنباري معناه أجعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه، فتشابه خلق الله بخلق هؤلاء؟ وهذا استفهام إنكار، والمعنى ليس الأمر على هذا بل إذا فكّروا علموا أن الله هو المنفرد بالخلق وغيره لايخلق شيئًا، قوله تعالى (قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
قال الزجاج (قُل ذلك وبيِّنه بما أخبرت به من الدلالة في هذه السورة مما يدل على أنه خالق كل شىء). اهـ

وفي المدخل لأبي عبد الله محمد العبدري الفاسي المالكي الشهير بابن الحاج (ت ٧٣٧ هـ) وَآكَدُ مَا عَلَى الْمَرِيضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قُوَّةُ الْيَقِينِ وَالتَّصْدِيقُ فَيَمْشِي عَلَى قَاعِدَةِ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي أَنَّ الْأَشْيَاءَ لَا تُؤَثِّرُ بِذَوَاتِهَا، وَلَا بِخَاصِّيَّةٍ فِيهَا بَلْ بِمَحْضِ اعْتِقَادِهِ بِأَنَّهُ لَا فَاعِلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ إلَّا اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِشَيْءٍ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ فِي شَيْءٍ، فَالدَّوَاءُ لَا يَنْفَعُ بِنَفْسِهِ بَلْ الشِّفَاءُ وَغَيْرُهُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَخْلُقُهُ عِنْدَهُ إنْ شَاءَ وَيَمْنَعُهُ إنْ شَاءَ، وَيُمْرِضُ بِهِ إنْ شَاءَ، وَمِثْلُهُ الْخُبْزُ لَا يُشْبِعُ بِنَفْسِهِ، وَالْمَاءُ لَا يَرْوِي، وَالنَّارُ لَا تُحْرِقُ وَالسِّكِّينُ لَا تَقْطَعُ، فَلَوْ شَاءَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا يُشْبِعَ بِالْخُبْزِ لَفَعَلَ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ لَا يَرْوِيَ بِالْمَاءِ لَفَعَلَ (1).

قَالَ الإمام الْقُرْطُبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ (فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَعْتَقِدَ أَنْ لَا شَافِيَ عَلَى الْإِطْلَاقِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ (لَا شَافِيَ إلَّا أَنْتَ) فَيَعْتَقِدَ الشِّفَاءَ لَهُ وَبِهِ وَمِنْهُ، وَأَنَّ الْأَدْوِيَةَ الْمُسْتَعْمَلَةَ لَا تُوجِبُ شِفَاءً، وَإِنَّمَا هِيَ أَسْبَابٌ وَوَسَائِطُ يَخْلُقُ اللَّهُ عِنْدَهَا فِعْلَهُ، وَهِيَ الصِّحَّةُ الَّتِي لَا يَخْلُقُهَا أَحَدٌ سِوَاهُ فَكَيْفَ يَنْسِبُهَا عَاقِلٌ إلَى جَمَادٍ مِنْ الْأَدْوِيَةِ أَوْ سِوَاهَا؟، وَلَوْ شَاءَ رَبُّك لَخَلَقَ الشِّفَاءَ بِدُونِ سَبَبٍ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الدُّنْيَا دَارَ أَسْبَابٍ جَرَتْ السُّنَّةُ فِيهَا بِمُقْتَضَى الْحِكْمَةِ عَلَى تَعَلُّقِ الْأَحْكَامِ بِالْأَسْبَابِ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ وَأَوْضَحَهُ بِقَوْلِهِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ (بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، وَاَللَّهُ يَشْفِيكَ) فَبَيَّنَ أَنَّ الرُّقْيَةَ مِنْهُ وَهِيَ سَبَبٌ لِفِعْلِ اللَّهِ وَهُوَ الشِّفَاءُ (2).

إنَّ من أصولِ عقائدِ الإسلامِ اعتقادَ أنَّ الله خالُقنا أي مُخْرِجُنا من العدمِ إلى الوجودِ وخالقُ أعمالِنا أي الذي يُبْرِزُها من العدم إلى الوجود، وقد رُوِيَ عن إمامِ الصوفيةِ العارفينَ الجنيدِ البغداديِّ أنه سُئل مرة عن التوحيدِ فقال (إنه لا مُكَوِّنَ لشىءٍ منَ الأشياءِ من الأعيانِ والأعمالِ خالقٍ لها إلا اللهُ تعالى) والأعيانُ إخوةَ الإيمان هي كلُّ ما لَهُ حجمٌ صغيرًا كانَ أو كبيرًا أما الأعمالُ فالمرادُ بها أعمالُ العبادِ ما كان خيرًا وما كان شرًا فيجبُ علينا أيها الأحبةُ اعتقادُ أنَّ كلَّ ما دخلَ في الوجودِ مِنَ الأعيانِ أي الأحجامِ والأعمالِ وُجِدَ بِخَلْقِ اللهِ سبحانه وتعالى كما قالَ الله عَزَّ وجلَّ في مُحْكَمِ كتابِهِ (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) سورة الصافات ءاية 96.

فهذه الآيةُ صريحةٌ في ما ذكرنا فنحن أيها الأحبةُ لا نَخْلُقُ شيئًا لا ذواتِنا ولا أعمالَنا إنما نحن وأعمالُنا بخلقِ اللهِ تعالى ولا فرقَ في ذلك إخوة الإيمانِ بين أعمالِنا الاختياريةِ كالأكلِ والشربِ والصلاةِ وبينَ الأعمالِ الاضطرايةِ كالارتعاشِ مِنَ البردِ بلْ كُلُّ ذلكِ بِخَلْقِهِ سبحانَهُ، قال تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) سورة الأنعام ءاية 162 – 163.

أخبرَ اللهُ تعالى بأنَّ صلاةَ العبدِ ونُسُكَهُ أي ما يَذْبَحُهُ تقربًا إلى الله تعالى كالأضحيةِ ومَحْيَاهُ ومماتهُ مِلكٌ له وخَلْقٌ له لايشاركُهُ فيه غيرُهُ فأعلمَنا أنه لافرقَ في ذلكَ بين الأعمالِ الاختياريةِ كالصلاةِ والنُّسُكِ وبينَ ما يَتَّصِفُ به العبدُ مما ليس باختيارِهِ كالحياةِ والموتِ، إنما تتميزُ الأعمالُ الاختياريةُ أي التي تقعُ باختيارِ العبادِ فيكتسبُها الناسُ بأنها هي التي عليها يُحَاسَبُ الإنسانُ ويُؤَاخَذُ فيما كانَ منها خيرًا يُثابُ عليهِ وما كان شرًّا يُؤَاخَذُ عليه كما قال الله تعالى (لَهَا مَا كَسَبَتْ) سورة البقرة ءاية 286 أي منَ الخيرِ أي تنتفعُ بذلكَ (وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) سورة البقرة ءاية 286 أي وعليها وَبَالُ ما اكتسبتْهُ من الشرِ أي تستحقُّ العقوبةَ على ذلكَ، والكسبُ إخوةَ الإيمانِ هو توجيهُ العبدِ قصدَهُ وإرادتَهُ نَحْوَ العَمَلِ فيخلقُهُ الله عندَ ذلكَ فالعبادُ أيها الأحبةُ كاسبونَ لأعمالِهِمْ واللهُ خالقٌ للعبادِ وخالقٌ لأعمالِهِمْ وخالقٌ لِنِيَّاتِهِم وقصودِهِمْ لاخالقَ إلا هُوَ سبحانَهُ وتعالى الذي لا شريكَ لَهُ.

إنَّ من يعقدُ قلبَهُ على انَّ الله هو خالقُ كلِّ شىءٍ وأنه لا ضارَّ ولا نافعَ على الحقيقةِ إلا هوَ ويُكْثِرُ مِنْ شُهودِ ذلكَ بقلبِهِ حتى يصيرَ مُسْتَشْعِرًا لذلكَ بقلبِهِ دائمًا تَهُونُ عليه مصائبُ الدنيا وتهونُ عليه الشدائدُ ويذهبُ عنه الخوفُ من العبادِ ويصيرُ من أهلِ اليقينِ.

(1) المدخل للعلامة ابن الحاج المالكي (119/4).
(2) نفسه (121-120/4).

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *