بيان من هو المنافق في العمل والمنافق في الإيمان
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مَعنَاهُ المنافِقُ في العَمَل أيِ الْمُرائِي، عَلامَةُ الإنسَانِ الذي يَعمَلُ الرّياءَ، أمّا المنَافِقُ الذي يُظهِرُ الإسلامَ ويُضمِرُ الكُفرَ ذاكَ لَيسَ المرادُ بهِ هَذا، ذَاك في هَذِه الخِصَال أشَدّ، معَ أنّه أشَدُّ الحَديثُ فُسِّرَ بالمنَافِقِ في العَمَل، مَعنَاه يَغلِبُ علَيهِ الكَذِبُ في كَلامِه والإخْلَافُ في الوَعْدِ والخِيَانَةُ، المنَافِقُ في العَمَلِ والمنَافِقُ في الإيمانِ يَشتَركَانِ في هَذِه الصِّفَات، إذَا حَدَّثَ كَذَبَ أي إذَا تَكَلَّمَ يَكثُرُ في كَلامِه، ليسَ المرادُ الذي يَحصُلُ مِنهُ بنُدرَة، قَدْ يَحصُل هَذا مِن بَعضِ الطَّيّبِين بنُدْرَة.فمَعنَى الحديثِ إذَا غَلَب علَيه هذا فهوَ منَافِق في العمَل ليسَ منَافِقًا في الإيمانِ، لأنّ النّفَاق في الإيمانِ كُفرٌ كالكُفر العلَنيّ، لأنّ الكافرَ على وَجْهَين كافرٌ مُعلِنٌ لا يدّعِي الإسلام وكافرٌ يتَظاهَر بالإسلام ويُبطِنُ الكفرَ كالذي يَشُكُّ في صِحَّةِ الإسلام لكنْ لا يُظهِرُ ذلكَ، أمّا الذي يَحصُل منه الأمورُ المذكُورَةُ في الحديثِ بنُدرَة فإنّه لا يكونُ كذَلك، وفي لفظٍ (أربَعٌ مَن كُنَّ فيهِ كَانَ مُنافِقًا خَالِصًا (1) ومَن كانَت فيهِ خَصلَةٌ مِنهُنَّ كَانَت فيهِ خَصلَةٌ مِنَ النّفَاقِ حتّى يَدَعَها إذا حَدَّثَ كذَبَ وإذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وإذا عَاهَدَ غَدَر (2) وإذا خَاصَمَ فجَرَ (3)) رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والترمذي وأحمد.
(1) أي نفَاقَ عَملٍ لا نِفَاقَ إيمانٍ.
(2) أي نقَضَ العَهدَ.
(3) أي مَالَ في الخصُومَةِ عن الحَقّ.