لا يُقال للصبيّ أي الذي هو دون البلوغ (حرام عليك) أو (الله يُعذبُك بالنار)
9 نوفمبر 2016لا يجوز تأخير الإسلام لأجل الغُسل ولو لحظة
9 نوفمبر 2016التحذير من قول إنَّ النبي صلّى على مُنَافِقٍ مع عِلْمه بنفاقه
التحذير من قول إنَّ النبي صلّى على مُنَافِقٍ مع عِلْمه بنفاقه
اعلم رحِمكَ الله أنَّ مِمَّا يجبُ التّحذيرُ مِنه ما يُوجَدُ في بَعضِ المؤلفات مِن قَولهِم إنَّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم صَلّى على عبدِ اللهِ بنِ أُبيِّ بنِ سَلُول وهوَ يَعلَمُ أنّه مُنافِقٌ كَافِرٌ، وقائلُ هذا الكلام كأنّه يقولُ إنّ الرسولَ دعا بالمغفِرةِ لمن أَخبَرَ اللهُ أنّه لا يَغفِرُ لهُ وهذا الكلامُ صَريح في تكذيب الشريعة والعياذُ بالله، والصّوابُ في هذِه المسئلَةِ أنّ الرسولَ صَلى الله عليه وسلم اعتقد أنّهُ ذَهبَ عنه الكُفْرَ الذي كانَ فيه وصَارَ مُسلمًا حَقيقةً فصَلّى عَليه ثمّ أعلَمَه اللهُ بحَالِه وأنزَل (ولا تُصَلِّ على أحَدٍ مِنهُم مَاتَ أبدًا ولا تَقُم على قَبْرِه) التوبة 84.
وَهُنا مَسْأَلَةٌ مُهِمَّة أَنَّ الرَّسُول لا يَجُوزُ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَيِّت كافِر وَهُوَ يَعْلمهُ أَنَّهُ ماتَ كافِرًا، مُسْتَحِيل عَلَى الرَّسُولِ أَنْ يَفْعَلَ ذلِك، فِي بَعْضِ الكُتُب مَذْكُور أَنَّ الرَّسُول صَلَّى عَلَى الـمنافِق عَبْدِ الله بنِ أُبَيْ بنِ سَلُول وَهُوَ يَعْتَقِدُهُ مُنافِقًا، هٰذا كُفُر، مَذْكُورَة فِي بَعْض الكُتُب الـمنسوبَة لِبَعْضِ عُلماءِ أَهْلِ السُّنة والجماعَة، ليسَ كُلّ ما فِي الكُتُب يَكُونُ صَحِيحًا، لا يَجُوزُ للشَّخْص أَنْ يَعْتَمِدَ فِي تَحْصِيلِ عِلـم الدّين عَلَى الـمطالَعَةِ فِي الكُتُب لِنَفْسِهِ دُونَ مُعَلم ثِقَة يَتَلَقَّى مِنْهُ مِنْ طَرِيقِ الـمشافَهَة، الطّريقُ الصَّحيح والسَّيْرُ الصحيح هو التَّلَقِّي بِالـمشافَهَة مِنْ أَهْلِ العِلم الثِّقات الذينَ تَلَقَّوْا بِالسَّماع مُشافَهَةً مِنَ الذينَ سَبَقُوهُم، وَهكذا بِسِلْسِلَة تَتَصِل بأَصْحابِ النَّبِيّ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
هُوَ حَقِيقَة ما حَصَلَ أَنَّ الرّسُول رَأَى مِنْ عَبْدِ الله بنِ أُبَيْ بنِ سَلُول أَشْياء كانَت السبَب فِي أَنْ ظَنَّ الرّسُول أَنَّهُ أَسْلم وأَنَّ النِّفاقَ زالَ عَنْهُ، طَلَبَ رِداءً مِنَ الرَّسُولِ صَلى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِيَكُونَ كَفَنًا لَهُ، ظَهَرَت مِنْهُ عَلامات فَظَنَّ الرّسُول مِنْ هذه الأُمُور أَنَّ النِّفاقَ زالَ عَنْهُ، فَلما ماتَ صَلّى عَلَيْهِ، بَعْدَ ذلِكَ نَزَلَت عَلَيْهِ الآيَة (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ (84)) سورة التوبة، فَعَرَفَ الرّسُولُ أَنَّهُ كانَ ما زالَ عَلَى النِّفاق، قَبْلَ ذلِكَ ما كانَ يَعْرِف، وَإِلّا كَيْفَ يُصَلّي عَلَيْهِ وَيُقالُ فِي صلاة الجنازة اللهمَّ اغْفِر لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، لا يَجوز عَلَى الرّسُول أَنْ يَقُول عَنْ شَخْص كافِر، ماتَ عَلَى الكُفُر اللهمَّ اغْفِر لَهُ، اللهُمَّ ارْحَمْهُ، وفي ذلكَ دليلٌ على حُرمةِ التّرحُّمِ على مَن عُلِمَ مَوتُه على الكُفرِ، فإن قيلَ إن كانتِ الصّلاةُ على الكافرِ لا تجوزُ كيفَ صَلّى رسولُ اللهِ على المنافِق فالجوابُ أنّ الرسولَ حِينَ صَلّى علَيه كانَ ظنَّه أنّه رجَع عن نفَاقِه ثم نزلت الآيةُ التي بيَّنت بأنّه ماتَ كافِرًا، الذي يقولُ إنّ الرسولَ صلّى علَيه وهوَ يَعتقِدُ أنّه على الكُفرِ كفَر والعياذُ بالله.
عمرُ بنُ الخطّاب لما قالَ للرّسولِ كيفَ تُصَلّي علَيه وهو كافرٌ، مَعناه ما هوَ الذي حدَث فيه حتى قُمتَ تُصَلّي عَليه وقَد سَبقَ لهُ ما سَبق، قولُ عمرَ استِكشَافٌ عن الحقِيقةِ فَقط، عبدُ الله بنُ أُبيّ بنِ سَلُول كانَ مُنافِقًا والمنافقُ هوَ الذي يُبطِنُ الكُفرَ ويتَظاهَرُ بالإسلام، فإنّه معَ ما ظَهرَ مِنهُ مِن النّفاقِ كانَ يتشَهدُ ويُصلّي خلفَ الرسولِ، ولما سئل أنتَ قلتَ كذا أي ليُخرجنّ الأعزُّ منها الأذلّ، أنكَر، قال لم أقل، ومُرادُه بالأعزّ نفسَه وبالأذلّ الرسول.
الرسولُ كانَ يُجري عليه أحكامَ المسلم لأنّه لم يعتَرف بل بقي متَظاهِرًا بالإسلام ولم يَثبُت عندَ رَسولِ الله بقَولِ ثِقَتَينِ عَدلَينِ أنّهُ قالَ ذلك، وعندَما ماتَ عبدُ اللهِ بنُ أُبَيّ المنَافِقُ الرّسولُ كانَ يظُنُّ أنّه زالَ عنه النّفاقُ لأنّه كانَ يتَشهَّدُ أمَامَ الرّسول ويُصَلّي خَلفَه، بناءً على هذا الظّنّ صلّى عليه، هذا هوَ الصّوابُ كما قالَ الحافظُ ابنُ حجَر وغَيره، وأما مَن قالَ إنّ الرسولَ كانَ يَعلَم أنه بعدُ مُنافقٌ كافرٌ ثم صَلّى علَيه فقَد جعَلَ الرسولَ متلاعِبًا بالدّين، جعَله كأنّه يقولُ في صلاتِه عَليه اللهم اغفر لمنْ لا تَغفِرُ لهُ.
ففي شرح صحيح البخارى للفقيه الحافظ أبي الحسن علي بن خلف بن عبد الملك ابن بطال المالكي (المتوفى 449 هـ) أبواب تقصير الصلاة، باب ما يكره من الصلاة على المنافقين والاستغفار للمشركين، في ذكر لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ بْنُ سَلُولَ، قال (فرض على جميع المؤمنين متعين على كل واحد منهم ألا يدعو للمشركين ولا يُستغفر لهم إذا ماتوا على شركهم لقوله تعالى (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) (التوبة 113).
ثم يُقال لهم أيضًا إذا كان أبو حنيفةَ قال (مَن صَلّى مُحْدِثًا (أي على غير طهارة) مُتَعمِّدًا كفَر) فكيفَ بمن صَلى على الكافِرِ معَ عِلمِه بكُفرِه، أبو حنيفة اعتبَرَهُ استَخَفَّ بِالصلاةِ، أمَّا لو اسَتحَلَّ الصلاةَ بِلا وضوء كفر عند الجميع، فإيّاكُم وشَوَاذَّ الكَلام.