تبرك سيّدنا عبد الله بن عمر بالآثار النبوية وتقرير كبار حفاظ وأيمة المالكية لذلك
28 يوليو 2023قول مُفْتِي الْـمَالِكِيَّةِ فِي الْـمَدِينَةِ الْـمُنَوَّرَةِ الإِمَامُ مُحَمَّد الْخِضْر الْجَكْنِي الْشَّنْقِيطِي (وَلَـمْ تَزَلْ الْـمُسْلِمُونَ مِنْ لَدُنْ عَصْرِ الْصَّحَابَةِ إِلَى الآنَ يَتَبَرَّكُونَ بِآثَارِ الْصَّالِحِينَ لَـمْ يُخَالِف فِي ذَلِكَ إِلاَّ الْخَوَارِج دَمَّرَهُم اللهُ)
28 يوليو 2023استنباط أيمة المالكية من حديث وادي السرر في الموطأ (الْتَّبَرُّك بِمَوَاضِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْصَّالِحِينَ وَمَقَامَاتِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ)
تَصْحِيحُ الـمَفَاهِيمِ
جَاءَ فِي مُوَطَّأ الإِمَام مَالِك (249) (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ الدِّيلِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِمْرَانَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ عَدَلَ إِلَيَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ، فَقَالَ مَا أَنْزَلَكَ تَحْتَ هَذِهِ السَّرْحَةِ؟ فَقُلْتُ أَرَدْتُ ظِلَّهَا، فَقَالَ هَلْ غَيْرُ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ لَا، مَا أَنْزَلَنِي إِلَّا ذَلِكَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ (إِذَا كُنْتَ بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ مِنْ مِنًى وَنَفَخَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، فَإِنَّ هُنَاكَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ السُّرَرُ، بِهِ شَجَرَةٌ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا)). انْتَهَى
قَالَ الْإِمَامُ الْـمُحَدِّثُ الْعَلاَّمَةُ مُحَمَّد عَبْد الْبَاقِي الزُّرْقَانِي الْـمَالِكِي (ت 1122هـ) (وَأَنَا نَازِلٌ تَحْتَ سَرْحَةٍ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا رَاءٌ سَاكِنَةٌ، شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا شِعْبٌ…بِهِ شَجَرَةٌ سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا أَيْ وُلِدُوا تَحْتَهَا، فَقُطِعَ سُرَّهُمْ، بِالضَّمِّ، وَهُوَ مَا تَقْطَعُهُ الْقَابِلَةُ مِنْ سُرَّةِ الصَّبِيِّ، كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا، فَقَوْلُ السُّيُوطِيِّ أَيْ قَمَعَتْ سُرَّتَهُمْ إِذْ وُلِدُوا تَحْتَهَا، مَجَازٌ، سُمِّيَ السُّرُّ سُرَّةً لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ، وَقَالَ مَالِكٌ بُشِّرُوا تَحْتَهَا بِمَا يَسُرُّهُمْ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَهُوَ مِنَ السُّرُورِ، أَيْ تَنَبَّئُوا تَحْتَهَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَسُّرُوا بِذَلِكَ وَبِهِ أَقُولُ، وَفِيهِ الْتَّبَرُّكُ بِمَوَاضِعِ الْنَّبِيِّينَ) (1).
وَقَالَ الحَافِظ ابْنُ عَبْد البَّر الْـمَالِكِي (ت 463هـ) (وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى الْتَّبَرُّكِ بِمَوَاضِعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْصَّالِحِينَ وَمَقَامَاتِهِمْ وَمَسَاكِنِهِمْ وَإِلَى هَذَا قَصَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بِحَدِيثِهِ هَذَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ) (2).
وَقَالَ الْإِمَام الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيد الْبَاجِي الْـمَالِكِي (ت 494هـ) (وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ فَإِنَّ هُنَاكَ وَادِيًا يُقَالُ لَهُ السُّرَرُ، بِهِ سَرْحَةٌ، سُرَّ تَحْتَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا” يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْوَادِي يُسَمَّى السُّرَرَ لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَعْلَمَ بِذَلِكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَآلِهِ] وَسَلَّمَ فِيمَا يَظْهَرُ إلَيَّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لِفَضْلِ الذِّكْرِ عِنْدَهَا لِمَنْ مَرَّ بِهَا وَرَجَاءِ إجَابَةِ الْدُّعَاءِ وَتَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ عِنْدَهَا) (3).
(1) شَرْح الإِمَام الزُّرْقَانِي عَلَى مُوَطَّأِ الْإِمَامِ مَالِك (2 /283)، الْـمَطْبَعَة الْخَيْرِيَّة.
(2) التَّمْهيد لِلْحَافِظ ابن عَبْد البَر (13 /67)، النَّاشر وَزَارَة الأَوْقَاف وَالشُّؤُون الإسْلاَمِيَّة الـمَمْلَكَة الـمَغْربِيَّة.
(3) الْـمُنْتَقَى شَرْح مُوَطَّأ مَالِك لِلْقَاضِي أَبِي الْوَلِيد الْبَاجِي (4 /158)، تَحْقِيق مُحَمَّد عَبْد الْقَادِر أَحْمَد عَطَا، دَار الْكُتُب الْعِلْمِيَّة بَيْرُوت لُبْنَان، الْطَّبْعَة الْأُوْلَى 1420هـ-1999م.